الرئيسية / كلامكم نور / دراسات في نهج البلاغة

دراسات في نهج البلاغة

عبادته عليه السلام

يقول ابن أبي الحديد: “وأمّا العبادة، فكان أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوماً، ومنه تعلّم الناس صلاة الليل، وملازمة الأوراد وقيام النافلة، وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على ورده أن يبسط له نطع(بساط) بين الصفّين ليلة الهرير، فيُصلّي عليه ورده، والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صماخيه(أذنيه) يميناً وشمالاً، فلا يرتاع لذلك، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته! وما ظنّك برجل كانت جبهته كثفنة البعير لطول سجوده. وأنت إذا

________________________________________
27- راجع: شرح نهج البلاغة, ابن أبي الحديد, ج 7, ص 48.

تأمّلت دعواته ومناجاته، ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله، وما يتضمّنه من الخضوع لهيبته، والخشوع لعزّته، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص، وفهمت من أيّ قلب خَرَجَتْ، وعلى أيّ لسان جَرَتْ!”28.

الإمام عليه السلام صوت العدالة الإنسانيّة

كانت إقامة العدالة شعار الإمام ونهجه وخطّه الثابت الّذي ما حاد عنه وما ابتغى غيره وهو القائل:

“الذليل عندي عزيز حتّى آخذ الحقّ له. والقويّ عندي ضعيف حتّى آخذ الحقّ منه”29.

وروي أنّه وقبل شهادته كان يوصي بقاتله ويوصي بالأمّة ويأمر بالعدل وعدم التشفّي، حيث يقول عليه السلام: “يا بني عبد المطّلب لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضاً تقولون قُتل أمير المؤمنين، ألا لا تقتلنّ بي إلّا قاتلي. انظروا إذا أنا متّ من ضربته هذه فاضربوه ضربة بضربة، ولا يُمثّل بالرجل فإنّّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “إيّاكم والمُثلة ولو بالكلب العقور”30.

جهاد الإمام عليه السلام وشجاعته

يقول ابن أبي الحديد: “وأمّا الشجاعة: فإنّه أنسى الناس فيها ذكر من كان قبله، ومحا اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة تُضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الّذي ما فرّ قطّ، ولا ارتاع من كتيبة، ولا بارز أحداً إلّا قتله، ولا ضرب ضربة قطّ فاحتاجت الأولى إلى ثانية، وفي الحديث “كانت ضرباته وتراً”، ولمّا دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح

________________________________________
28- م. س، شرح نهج البلاغة, ج 1, ص 27.
29- م. ن, ج 1, ص 89.
30- نهج البلاغة, ج 3, ص 77- 78.

الناس من الحرب بقتل أحدهما، قال له عمرو بن العاص: لقد أنصفك، فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلّا اليوم! أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنّه الشجاع المطرق! أراك طمعت في إمارة الشام بعدي!

وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته، فأمّا قتلاه فافتخار رهطهم بأنّه عليه السلام قتلَهم أظهر وأكثر، قالت أخت عمرو بن عبد ودّ ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله بكيته أبداً ما دمت في الأبد
لكنّ قاتله من لا نظير له وكان يُدعى أبوه بيضة البلد 31

(أي ليس مثله في الشرف)

وأمّا جهاده فهو سيّد المجاهدين ويكفيه شرفاً قول جبرائيل عليه السلام بين السماء والأرض لمّا ثبت عليه السلام بين يدَي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في معركة أُحد:

لا سيف إلّا ذو الفقار ولا فتى إلّا علي

وفي كلام له عليه السلام في حبّ الشهادة: “إنّ أكرم الموت القتل. والّذي نفس ابن أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من ميتة على الفراش”33.

شاهد أيضاً

مركز السيدة زينب الطبي يستخدم احدث الاجهزة المختصة في مجال فحص العيون

استخدم مركز السيدة زينب (عليها السلام) الطبي التابع لقسم الشؤون الطبية في العتبة الحسينية المقدسة ...