كان واضحا منذ اليوم الاول ان الفشل والشلل، هو الحصيلة الطبيعية لنظام المحاصصة الطائفية في العراق، وان ما نشهده اليوم من دمار وخراب وقتل وتفجير وفساد وسرقات ومحسوبية، هو وليد طبيعي لهذا الفشل والشلل، فما يحصل الان في العراق كان يمكن استشرافه منذ اليوم الاول، عندما تم وضع اللبنات الاولى للنظام السياسي العراقي، بعد سقوط الطاغية عام 2003.
ان فرض المحتل الامريكي ذئاب البعث على العملية السياسية، والاحياء للعراقيين بانه تم، تدجينها”، وان بالامكان، من خلال ذلك، ارضاء الساخطين من سقوط الطاغية ونظام البعث الفاشي، لمنعهم من تخريب العملية السياسية، عبر دسهم دسا فيها، لم يكن من قلة خبرة المحتل الامريكي، او من سذاجته، او لحبه للعملية السياسية وحرصه على مستقبل العراق والعراقيين، فسياسة الفرض التي مارسها المحتل الامريكي، جاءت لدق اسفين في العملية السياسية، بل ودق اسفين في وحدة اراضي العراق.
المحتل الامريكي يعرف قبل غيره، ان من المحال “تدجين” البعثيين، وجعلهم ينخرطون في عملية سياسية ديمقراطية، فمثل هذا الفعل لايتفق مع طباع هؤلاء الناس، فهي طباع سادية اجرامية في غاية الوحشية، تنفجر حقدا وضغينة على الانسان والحياة كلما سنحت الفرصة لذلك، ما مجزرة سبايكر الرهيبة، وما تفجير الشاحنة المفخخة باطنان من المتفجرات في سوق جميلة قبل ايام وقتل وجرح نحو 1000 انسان دون ادنى جريرة، الا تجسيدا لجانب من هذه الطباع الخبيثة والفاسدة.
الامريكيون يعرفون اكثر من غيرهم، ان 90 بالمائة من “داعش” هم بعثيون من فدائي صدام و ضباط سابقين في جيش الطاغية صدام و حرسه الوطني وعناصر استخباراته، وهؤلاء يمثلون الجناح العسكري للبعثيين الذين تقول امريكا انها “دجنتهم” ليكونوا مثل باقي البشر ويؤمنوا بالعمل السياسي واللعبة الديمقراطية.
هذا الثنائي غير المقدس “البعثيون داخل العملية السياسية، والبعثيون الذين اطلقوا لحاهم واصبحوا دواعش”، هم من اهم اسباب الفساد والدمار الذي حل بالعراق، الى جانب اسباب اخرى معروفة لسنا بصددها الان، ويمكن مراجعة البيانات الخاصة بالمجرم عزة الدوري، ومدحه ل”داعش”، واعتباره “فتح الموصل” من اكبر الفتوح الاسلامية منذ صدر الاسلام وحتى اليوم، وكذلك تصريحات ابنة السفاح رغد، بعد غزو البعثيين “الدواعش” غرب العراق، وتهديدها العراقيين، من انها ستأتي الى العراق بعد “تحريره”، لقراءة القاتحة على قبر ابيها الطاغية، شاكرة “عمها” المجرم عزت الدوري، ورجال ابيها من البعثيين من “الدواعش” والتكفيريين والطائفيين، على “انتصاراتهم” الكبرى.
صحيح ان الخطة الاصلاحية لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، لمحاربة الفساد والمفسدين، لقيت تاييدا واسعاً من قبل المرجعية والاحزاب والشارع العراقي، الا اننا نرى، ان هذه الخطة قد تصطدم بعقبات في غاية الخطورة، الا انها تتزامن مع تنفيذ خطة اخرى، تعمل عليها حكومة العبادي، بكل ما تملك من قوة وامكانات، تتمثل في اجثثاث الوجود البعثي الطائفي الشوفيني المقيت في الاردن، والذي يتغذى من اموال العراقيين، والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، سرقتها المجرمة رغد ابنة السفاح صدام حسين، والتي اشترت بها ذمم الكثيرين في الاردن وخارج الاردن، ومولت كل الانشطة المعادية للشعب العراقي، والرامية الى ضرب العملية السياسية وافشالها، عبر جيوش جرارة من البعثيين الارهابيين ينشطون في المناطق الغربية في العراق، تحت يافطات “القاعدة” و “داعش” و “رجال الطريقة النقشبندية” و “احزاب سياسية”، بالاضافة الى تمويليها لفضائيات مثل “الشرقية” و “البغدادية” وغيرهما، بالاضافة الى الصحف والمجالات، ورعاية التظاهرات والتجمعات والاندية في الاردن وغيرها، مستغلة الوضع الاقتصادي الصعب للشعب الاردني.
كل الجرائم التي ترتكب بحق الشعب العراقي منذ 2003 هناك اثر واثر كبير جدا، لابنة السفاح والاموال التي سرقتها من الشعب العراقي، فكل قطرة دم اريقت على ارض الرافدين، لابنة السفاح دور في اراقتها، ولم ينقطع الدور التخريبي التدميري للمجرمة رغد، التي نقل اليها السفاح كل طباعه المرضية والسادية، وهوسه بالقتل والانتقام والتلذذ بمشاهد الجثث الممزقة والجماجم المهشمة والمدن المدمرة، فكانت نسخة طبق الاصل عن والدها المجرم الكبير، ومن الخطأ جدا ان تتجاهل الحكومة العراقية، دور هذه المجرمة فيما يحدث من ويلات في العراق، بينما هي تحظى بكل الرعاية في عمان، بفضل الاموال التي سرقتها من الشعب العراقي.
حتى التظاهرات العفوية التي تشهدها بعض المدن العراقية ضد الفساد وشحة الخدمات وانقطاع الكهرباء، وهي تظاهرات لاقت اذنا صاغية من قبل الحكومة العراقية، بعد ان ايدتها المرجعية الدينية العليا في النجف الاشرف، حتى هذه التظاهرات، تسعى ابنتا السفاح، رغد وحلا، الى حرفها واستغلالها من اجل ضرب النظام السياسي القائم حاليا، على امل اعادة الحياة الى نظام البعث السادي من القبر، والانتقام من الشعب العراقي.
في الوقت الذي ينتفض العراقيون في وجه الفساد، ودعما للحشد الشعبي الذي يقف بالمرصاد لعصابات “البعث الداعشي” ومن تمولهم انطلاقا من الاردن، ذكرت مصادر مطلعة في العاصمة الأردنية، ان اجتماعا عقد في الطابق السابع في فندق “حياة ريجنسي”، يوم الخميس الماضي 13 اب / اغسطس، ضم كل من مالك قناة الشرقية، سعد البزاز، ومالك قناة البغدادية، عون الخشلوك، وجمال الكربولي، والفريق المتقاعد هشام التكريتي، وحسن الكاشف ممثل عن ابنتي السفاح صدام حسين رغد وحلا، إضافة إلى الأردني سليم الطراونة، معاون فرع المخابرات الأردنية في عمان، ورجل سعودي يدعى الحربي، مكلف بمتابعة الملف الأمني العراقي لدى المخابرات السعودية، ومسؤول إماراتي يدعى النعيمي، و لواء بعثي متقاعد قدم من بغداد، واتفقوا على ترك خلافاتهم والتوجه لدعم ما أسموه “الثورة الشعبية” في العراق لإرباك الوضع السياسي والأمني، تزامنا مع تمويلهم لتفجيرات بالمفخخات في بغداد.
لقد بات لازما على الحكومة العراقية ان توقف اسرة الطاغية السفاح صدام وخاصة ابنته رغد، عند حدها، والا تكتفي بالضغط على الحكومة الاردنية لمنع تدفق الاموال العراقية المسروقة الى عصابات “البعث الداعشي” لتقتل العراقيين وتثير الفتن بينهم، بل لابد من الضغط على الاردن، وهناك الكثير من الاوراق التي تمتلكها الحكومة العراقية في هذا الشأن، لتسليم البعثيين المجرمين وفي مقدمتهم المجرمة رغد، لتقديمهم الى القضاء العراقي، لينالوا العقاب الذي يستحقوه، او على الاقل طرد هذه العائلة المجرمة من الاردن، لوقف نزيف الدم العراقي، وفي حال رفض الاردن مطالب العراق، عندها يمكن ان تتخذ الحكومة العراقية مواقف وفقا للقانون الدولي، لحماية امن الشعب العراقي، الذي يذبح ليل نهار على يد عصابات “البعث الداعشي” التي تمولها رغد، فالدم العراقي ليس ارخص من الدم التركي، عندما ارسلت تركيا جيشها الى الحدود مع سوريا لغزوها، تحت ذريعة وجود الزعيم الكردي عبدالله اوجلان في سوريا، رغم الفارق بين الحالتين، بينما تركيا اليوم تحتضن، كما الاردن، المئات بل الالاف من البعثيين الملطخة ايديهم بدماء الشعب العراقي والمطلوبين للعدالة العراقية.
نقلاً عن موقع شفقنا