قوات الجيش العراقي تلاحق الإرهابيين في أنفاق تحت الموصل .. #قادمون_يانينوى
9 نوفمبر,2016
تقاريـــر
1,107 زيارة
قال ضابط المخابرات العراقي هذا ملوحاً بذراعه وكأنه يمسح الهواء من حيث هو واقف، في القرية المسيحية القديمة، حتى الافق. كانت مهمة النقيب العراقي هي التفتيش عن الانفاق التي حفرها ارهابيو {داعش}.
دق الارض بقدمه وأكمل: {هنا .. عثرنا على واحد .. ثم على ثلاثة .. وهي الان ستة. هنا بالضبط. وفي ذلك المكان يوجد المزيد والمزيد}.
القرى التي استعادتها قوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي من قبضة «داعش» خلال الاسابيع الثلاثة الماضية كانت تتخللها الانفاق مثلما تتخلل النخاريب خلية النحل، وكثير منها ملغم بالمتفجرات.
يقول القادة في القوات العراقية ان الايام الثلاثة الماضية شهدت اصعب المعارك خلال هجوم مدينة الموصل، وقد زاد الامور سوءاً تلك الانفاق الكثيفة التي كانت تتيح لارهابيي «داعش» أن يظهروا وكأنما من العدم ليضربوا ثم ينسحبوا عائدين الى مواضعهم الخفية.
يقول المتحدث باسم الجيش العراقي العميد يحيى رسول: «لقد كانت معارك في منتهى العنف، لاسيما في يومي الجمعة والسبت مع توغل القوات اعمق داخل المدينة التي بقيت في يد «داعش» طيلة سنتين.
إنها معركة من بيت الى بيت.» بينما القوات العراقية الخاصة تخوض معاركها لانتزاع الاحياء الشرقية من الموصل يقول القادة ان الانفاق المنتشرة في كل مكان، بالاضافة الى الفتحات التي تمر عبر جدران المباني، تسمح لارهابيي «داعش» المختبئين بأن يتحركوا بسرعة لنصب الكمائن للقوات المتقدمة ثم الهرب والاختباء.
يقول قائد احدى الوحدات المدرعة مستذكراً أنه كان يقود دبابته الابرامز في الجانب الشرقي من الموصل حين رأى دزينة من عناصر العدو يهرولون في الشارع امام مدفعه، ولم يلبثوا أن اختفوا داخل الارض. يقول العقيد فلاح العبيدي من قوات مكافحة الارهاب العراقية: «كأننا نخوض حربين في مدينتين.
فهنا لدينا حرب شوارع، وهناك لدينا مدينة تحت الارض حيث يختبئون.» ثم يتابع قائلا: «من الصعب الان القول ان منطقة ما قد تحررت تماماً، فرغم سيطرتنا على وجه الارض قد يتمكن الدواعش من العودة والظهور من تحت الارض مثل الجرذان.» يقول العبيدي وقادة آخرون انهم كانوا يدركون أن القتال وسط المدنيين والدروع البشرية في الموصل سيكون صعباً، ولكن الانفاق تعقد الاوضاع وتزيدها سوءاً.» يصف الضباط ساحة المعركة بأنها اقرب الى الكرة منها الى السطح المنبسط لأن التهديد يأتيك من الجوانب ومن فوق ومن تحت. ويقول الصحفيون المرافقون للقوات العراقية الخاصة في تقاريرهم ان ارهابيي «داعش» يظهرون من داخل الانفاق بعد أن تكون المنطقة قد أمنت ليطلقوا النار على القوات.
لا يعلم احد عدد الانفاق، لأن مقاتلي «داعش» حفروا شبكة انفاق واسعة جداً في الفلوجة، التي استعادتها القوات العراقية في شهر حزيران. هذا التكتيك لم تبتكره «داعش»، لأن الانفاق استخدمت في الحروب منذ آلاف السنين، وهو تكتيك يتمتع بمزايا خاصة في حروب العصابات غير المتناظرة مع القوات النظامية. هنا ايضاً، في بلدة كريملاش، اكتشفت عناصر من المقاومة المسيحية انفاقاً ضيقة محفورة في الارض كان ارهابيو «داعش» يستخدمونها للاختباء من رصد طائرات الاستكشاف وقذائف المدفعية والضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.
وجدت الانفاق ايضاً في تلة تتربع فوق الموقع الاثري التاريخي لمدينة اشورية قديمة، كما استولت «داعش» على دير القديسة بربارا وهناك حفروا ايضاً مخترقين ارضية الكنيسة. هذه القرية تمثل موقع المعركة التي دارت بين الاسكندر الاعظم والملك الفارسي دارا في العام 331 قبل الميلاد. بعض الانفاق يمتد لمئات الامتار، والتراب المستخرج منها متكتل مرصوص تشوبه كسارة الحجر. الممرات مضاءة بالمصابيح الكهربائية، وفي احد الانفاق في قرية شاقولي عثر على مخادع للنوم تحت الارض تناثرت فيها الفرش والبطانيات، وبعض الغرف غطيت جدرانها بورق ملون.
عثرت القوات العراقية ايضاً على مخابئ للاسلحة تحت الارض ومطابخ صغيرة ومستودعات طعام وغرف كدست فيها المتفجرات. على ارض احد الانفاق كان هناك بصل متناثر وباذنجان وسكر مسكوب، وكانت هناك صحون لم تغسل ومقال فيها بقايا فاصولياء متيبسة.
لكي تخفي «داعش» اثار الحفر عن اعين طائرات الاستكشاف المسيرة والاقمار الاصطناعية كانت تلجأ عادة الى إخفاء تراب الحفر. ففي البيوت القريبة من مداخل الانفاق وجدت غرف ممتلئة بالتراب من ارضها حتى السقف. اطول نفق تم اكتشافه حتى الان يقارب امتداده عشرة كيلومترات وهو يقع على اطراف الموصل،
كما يقول القادة العراقيون، وقد نفذه ارهابيو «داعش» وربما يكونون قد استخدموا المدنيين جبراً في نقل التراب. يقول العراقيون ان حفاري الانفاق قد استخدموا في حفرها اجهزة مصممة في الاصل لأعمال التعدين وشق المناجم ونقب آبار النفط. أحد اكبر اجهزة الحفر هذه عثر عليه مركبا على آلية نصف مجنزرة في نفق خارج بلدة «جديدة المفتي» الواقعة عند اطراف الموصل. يقول ضابط المخابرات العراقي،
الذي يعمل ضمن الفرقة المدرعة التاسعة في الجيش العراقي والذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب دقة موقفه، ان رجاله لا يتمكنون من كشف جميع مداخل ومخارج الانفاق بسبب المفخخات والمتفجرات. لذلك يلجأون كلما عثروا على حفرة مريبة الى القاء قنبلة يدوية في الظلام ثم يلحقونها بإطارات مشتعلة. رغم هذا لا يمكنهم الاطمئنان الى أن عناصر «داعش» لن يعودوا لمباغتتهم.
*عن صحيفة واشنطن بوست
2016-11-09