ليالي بيشاور – 26حوارات في العقيدة الاسلامية
15 فبراير,2018
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
1,469 زيارة
” النذر عندنا “
قلت : العقل السليم والمنطق السليم يقضيان بأن أحدا لو أراد أن يعرف عقائد قوم ، فيجب أن لا ينظر إلى أقوال وأفعال جهالهم ، وإنما ينظر إلى مقال وأفعال علماء القوم .
وأنتم إذا أردتم التحقيق عن الشيعة ومعتقداتهم ، فعليكم أن تنظروا إلى كتب علمائهم ومحققيهم ، فتعرفوا الشيعة من خلال أقوال فقهائهم وأعمالهم .
فإذا شاهدتم بعض العوام منا قد نذر لأحد الأئمة (ع) أو لأحد أبناء الأئمة (ع) أو أحد الصالحين ، عن جهل بالمسألة ، فلا تحسبوه من معتقدات الشيعة ، فإن كل مذهب وملة يوجد هناك عوام يجهلون مسائل دينهم ، وهذا ليس عندنا فحسب .
وأنتم إذا لم تكونوا مغرضين ، ولم تكونا بصدد خلق المعائب والأباطيل على الشيعة ، فراجعوا كتب فقهائهم وانظروا إلى سيرة المؤمنين منهم العارفين للمسائل الدينية .
فان التوحيد الخاص والمصفى من كل شائبة لا يكون إلا عند الشيعة الإمامية .
وأرجو منكم أن تراجعوا كتابي : شرح اللمعة ، وشرائع الإسلام ، وأي كتاب آخر يضم المسائل الفقهية ، وحتى الرسائل العلمية لفقهائنا المعاصرين ، وهم مراجع الشيعة في مسائل دينهم .
راجعوا في هذه الكتب ” باب النذر ” فتجدون إجماع فقهائنا : أن النذر بهذا الشكل ” لله علي أن : أفعل كذا وكذا، أو : أترك كذا وكذا ” فيذكر بدل الجملة الأخيرة ، نذره إيجابا كان أو سلبا فإذا تعذر عليه إجراء الصيغة باللغة العربية أو صعب عليه ذلك ، فيترجم مفهومه إلى لغته ويجريه بلسانه .
وأما إذا نوى النذر لغير الله سبحانه أو أشرك معه آخر ، سواء كان نبيا أو إماما أو غيره ، فالنذر باطل .
وإذا نذر على الصورة الأخيرة عالما بالمسألة ، فإن عمله حرام وشرك بالله عز وجل ، فقد قال تعالى : ( ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )(19).
فيجب على العلماء أن يعلموا الجاهلين ويبينوا لهم كل مسائل الدين ، ومنها مسائل النذر ، فالنذر يكون لله وحده لا شريك له ، ولكن الناذر يكون مخيرا في تعيين مصرف النذر ، فمثلا :
له أن يقول : لله علي نذر أن أذبح شاة عند مرقد النبي (ص) أو عند مرقد الإمام علي (ع) أو غيرهما أو يقول : لله علي نذر أن أذبح شاة وأطعم لحمها السادة الشرفاء ، أو الفقراء ، أو العلماء … إلى آخره .
أو يقول : لله علي نذر أن أعطي ثوبا لفلان بالتعيين ، أو لعالم ، على غير تعيين .
فكل هذه الصيغ في النذر صحيحة ، ولكن إذا لم يذكر الله كأن يقول : نذرت للنبي أو الإمام أو الفقيه أو الفقير أو اليتيم … إلى آخره ، كل هذه الصيغ باطلة غير صحيحة .
وكذلك إذا ذكر الله سبحانه مع آخر … كأن يقول : نذرت لله وللنبي ، أو نذرت لله ولفلان … فهو باطل وغير صحيح وكان آثما إن كان عالما بالمسألة فنذره باطل وهو غير آثم .
فالواجب علينا وعلى كل فقيه وعالم أن يبلغ مسائل الدين ويكتب أحكامه الإلهية ويعرضها على العوام ليتعلموا ويعملوا بها .
ويجب على العوام أيضا استماع المسائل الدينية وتعلمها والعمل بها ، فإذا ما تعلموا ولم يعملوا بتكاليفهم كما ينبغي ، فالإشكال يرد عليهم لا على دينهم ومذهبهم .
وكم من أهل السنة والجماعة يشربون الخمر ويلعبون القمار ويرتكبون الفاحشة ، فهل هذا دليل على أن مذهبهم يجيز لهم تلك المعاصي والذنوب ؟! وهل الأشكال يرد على مذهبهم أم عليهم ؟!
حوارات اسلامية ليالي بيشاور 2018-02-15