المقدمة
قال الله تعالى : « انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده واوحينا الى ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وعيسى وايوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا داوود زبورا ، ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما » [1]
بعث الله تبارك وتعالى الانبياء والرسل والاولياء مبشرين ومنذرين وبعث معهم الكتب والشرائع ، مبشرين لمن اطاعهم بالجنة ، ومنذرين لمن عصاهم بالنار ، وانزل الكتب والشرائع ليحكموا بين الناس بالحق والعدل.
الله سبحانه خلق الانسان بطبيعته وفطرته امة واحدة ، يرتبط بعضه ببعض ، ويحتاج بعضه الى البعض ، في المعاش والامور الدنيوية والاخروية ، ولا يستغني بعضه عن بعض ، وكان لابد لهم من الاختلاف في امورهم المعاشية والاجتماعية والسياسية والحكومية ، وعلى هذا الاساس بعث الله تعالى من رحمته بهم الرسل والانبياء والاولياء مبشرين ومنذرين ، يبشرونهم بالخير والسعادة في الدنيا والآخرة اذا التزموا بما امرهم وعلمهم الانبياء والرسل ، واكتفى بما لديهم من الحق ولم يعتد على غيره ، وينذروهم ويحذروهم من المخالفة وخيبة الامل واذا اتبعوا شهواتهم يكون مصيرهم عذاب الآخرة ونار جهنم.
[1] النساء : 163.
وعلى هذا الاساس اوحى الله تبارك وتعالى الى الانبياء والرسل وخاتم الانبياء محمد 6 ، واتى داود زبورا ، وكلم موسى 7 تكليما وبعثهم الى الناس لينذروهم ويبشروهم ويعلموهم طريق الحق والهداية ، لان الله تبارك وتعالى لم يترك البشر دون مرشد وقائد ، ودون ان يعلمهم واجباتهم وتكاليفهم الشرعية ، ولكي يتم الحجة عليهم فلا يبقى لهم عذر او حجة.
وروي عن ابي ذر رضي الله عنه : انه سأل النبي 6 عن عدد الانبياء فاجابه النبي 6 بان عددهم يبلغ « مائة واربعا وعشرين الفا ، فسأل ابو ذر رضي الله عنه عن عدد الرسل ، قال رسول الله 6 : عددهم هو ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا والباقون كلهم انبياء …
وقال ابو ذر رضي الله عنه عن رسول الله 6 : ان عدد الكتب السماوية التي نزلت على الانبياء والرسل هي : « مئة واربع كتاب » نزل عشرة منها على آدم 7 ، وخمسون منها نزل على شيث ، وثلاثون منها على ادريس ، وعشرة كتب على ابراهيم ، واربع كتب وهي : التوراة ، والانجيل ، والزبور ، والقرآن. [1] « نزلت على اولي العزم ، وهم : نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليهم وسلم اجمعين ».
ولقد كان نزول الوحي على الانبياء يتم بصورة مختلفة ، فمرة ينزل بالوحي توسط ملك من الملائكة المكلفين به ، واحيانا يلقي الوحي على النبي 7 بواسطة الالهام القلبي ، واخرى ينزل بصورة صوت يسمعه النبي ، « اي ان الله يخلق الامواج الصوتية في الفضاء او الاجسام فيسمعها انبياؤه وبهذه الواسطة كان يتم التخاطب بينهم وبين الله سبحانه وتعالى.
[1] مجمع البيان : ج 1 ص 476 عنه الامثل ج 3 ص 477
عزيزي القارئ : بين يديك الجزء الثاني من كتاب « سلسلة حكم ومواعظ من حياة الانبياء والاوصياء : » وذلك بعد الانتهاء من طباعة القسم الاول الذي كان مختص بالانبياء اولي العزم :.
وفي هذا القسم الثاني ذكرنا وباختصار ايضا ، عن حياة بعض الانبياء العظام : الذين ذكر القرآن المجيد بعضا منهم ومن قصصهم وحياتهم ، وذلك حسب موقعهم الاجتماعي في الامة ، وما حدثت لهم من مواقف مهمة تحمل في طياتها مواعظ وحكم وعبر ودروس مختلفة وبنائة كي نتعض بها لما فيه الخير والصلاح لنا ولاجيالنا القادمة في السير على نهجهم والعمل بارشاداتهم وتوصياتهم الحكيمة انشاء الله تعالى.
وقد حاولنا ايضا ان نتناول الحوادث المهمة والمواقف الحكيمة للانبياء الكبار : الذين هم مظهر من مظاهر الصبر والتحمل والشجاعة ، حيث نرى ان الباري عزوجل اشاد بالوجه الطاهر والناصع لهم في قرآنه الكريم ، وبالخصوص في قصصهم القرآنية ، في نزاهتهم وعصمتهم وتقواهم ، ونزههم من كل ذنب وخطيئة ، كبيرة او صغيرة ، وعصمهم منها قبل النبوة وبعدها …
فان استعراض القرآن المجيد لهذه القصص ، يهدف الى تربية الانسان وهدايته الى طريق السعادة والقرآن الكريم ليس كتاب قصصي ، وانما كتاب سماوي منزل من قبل الواحد الاحد ، هدفه ارشاد الناس وتربيتهم وهدايتهم.
القرآن دستور سماوي ونظام متكامل قام على اساس بنّاء وتثبيت قواعد النظام الاسلامي الصحيح وهداية المجتمعات البشرية وادارتها ، في كل زمان ومكان ( ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون
الصالحات ان لهم اجرا كبيرا ) [1].
ان القرآن الكريم هو الطريق الاقوم في كل المستويات وفي كل جوانب الحياة والوجود ، وعلى صعيد كافة القضايا :
والمراد من كلمة « يهدي للتي هي اقوم » في الآية المباركة اعلاه هو:
الاقوم : من وجهة نظر العقائد والافكار ، والعقيدة الاقوم : هي العقيدة الخالية من الخرافات والاوهام ، والتي تدفع الانسان نحو الله.
الاقوم : من وجهة نظر القوانين الاجتماعية ، والاقتصادية ، والعسكرية ، والسياسية ، التي تسود المجتمع ، والتي تربي المجتمع الانساني الجوانب المادية والمعنوية وتدفع الجميع نحو التكامل …
والاقوم : من وجهة النظر العبادية والاخلاقية ، هو كل ما يجعل الانسان في المركز الوسط بين الافراط والتفريط ، ويجعله في موقع الاعتدال بين الاسراف والبخل ، بين الضعف والتعالي.
واخيرا ـ وليس بآخر ـ فان ميزات « الاقوم » بالنسبة للنظم والسلطات الحاكمة ، هو كل ما يدفعها الى اقامة العدل ، والدعوة الى اشاعة الانصاف ، ومواجهة الظلم والظالمين …
ونلاحظ من طرف آخر ـ ومع كل الاسف ـ لم تحفظ قصص الانبياء والمرسلين من ايدي الجهلة والمنافقين والمنحرفين وتجار القصص ، ونساجي قصص الخيال ليتاجروا بها ، حيث دسوا في كتبهم الخرافات التافهة والاقوال الباطلة التي لا تليق بمقام الانبياء والاوصياء المحمودة والمنزه عنها والمطهرة منها.
ودون اي شك فان الكثير من الروايات المروية عن الانبياء : مزيفة
[1] الاسراء : 9.
ومدسوسة رغم ورودها في طيات بعض كتب الحديث المعتبرة ، لان رسالة الانبياء تفرض ان يكون النبي المرسل في اي زمان كان ، بعيدا عن مثل تلك التقولات ، كي ينجذب اليه الناس برغبة وشوق ، وان لا تتوفر فيه اشياء تكون سببا لتنفرهم منه وابتعادهم عنه ، كالامراض والعيوب الجسدية ، والاخلاق السيئة ، والافعال الباطلة ، والجهل بالامور والنسيان وغير ذلك ، لانها تتناقض مثل هذه الامور مع فلسفة الرسالة السماوية.
فالقرآن الكريم يقول في شأن رسول الله 6 :
( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لَانفضوا من حولك ) [1].
هذه الآية وغيرها دليل على ان النبي يجب ان لا يكون بحالة تجعل المحيطين به يتنفرون منه ويبتعدون عنه وكذلك بقية الانبياء الكبار مثل : آدم ، ونوح ، وابراهيم ، وموسى ، وعيسى ، وايوب ، ويوسف ، ويعقوب ، وغيرهم الكثير الذين قدوتهم وسيدهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وعليهم اجمعين.
وعلى سبيل المثال نرى في تلك الروايات والقصص الكاذبة والخرافات التفاهة ، التي لا تليق بمقام الانبياء ما ورد في بعض كتب الحديث والتفسير حول قصة النبي ايوب 7 القول : بان الدود غطى جسم النبي اثناء فترة مرضه وتعفن جسده بحيث ان اهل القرية ضاقوا به ذرعا واخرجوه من قريتهم ورموه على المزبلة.
او ما روي عن النبي داود 7 انه كان في محرابه يصلي ويعبد الله ، فاذا بطائر ـ مذهب ـ قد وقع بين يديه ، فاعجبه فقام لياخذه فطار الطائر فوقع على حائط جيرانه ـ اوريا بن حنان ـ فصعد النبي داود 7 الحائط ليأخذ الطير ، واذا
[1] آل عمران : 159.
بامراة اوريا جالسة عارية تغتسل ، فنظر اليها داود فافتتن بها … الخ.
هذه القصة المؤلمة التي نسجها المنحرفون نقلها احد الاشخاص على الامام الرضا 7 وطلب منه صحة نسبة هذه الحادثة الى النبي داود 7 :
ضرب الامام 7 على جبهته وقال : انا لله وانا اليه راجعون ، لقد نسبتم نبيا من انبياء الله على التهاون بصلاته حين خرج بأثر الطائر ثم بالفاحشة ثم بالقتل.
وفي قصة يوسف 7 بانه عندما همت به وهم بها ، جلس معها مجلس الرجل من المرأة … والى غير ذلك من الاقوال الباطلة التي يندى لها جبين الانسان العادي فكيف بالانبياء والصلحاء ، وقد ورد الكثير من هذه القصص في كتب التوراة والانجيل المحرفة ، ومع شديد الاسف قام البعض وحمل هذه الروايات الزائفة وحررها في كتبنا المعتبرة ..
فعلى من يبحث ويحقق ويفسر في القرآن المجيد من علماء ومفسرين وفقهاء ان يقفوا امام هذه القصص الخرافية التي تسيء الى مقام العصمة والطهارة للانبياء والاوصياء والرسل ، وسد كافة الابواب امامها ، حتى لا تنتشر وتصل الى ايدي الاجيال القادمة وشباب المستقبل ….
وكخطوة اولى قمت بتدوين حياة بعض الانبياء العظام وحكمهم ومواعظهم وبشكل مختصر ، وانتخبت الصحيح والمعتبر مع قلة المصادر الموجودة لدينا وعلى عجالة من اجل ان يصل الكتاب هذا الى ايدي اساتذتي واخواني المبلغين والخطباء في ايام التبليغ من شهر رمضان المبارك.
اسال الله العلي القدير ان يوفقني ، ويوفق الآخرين من كتابة حياة الانبياء وقصصهم بشكل مفصل خاليا من الاوهام والانحراف ….
والحمد لله رب العالمين.
المؤلف
إقامة الليلة الأولى من مراسم العزاء بذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) بحضور الإمام الخامنئي
الإمام الخامنئي في رسالة إلى رياضية إيرانية: تصميمك وجهدك أفضل من الذهب يا ابنتي
الامام الخامنئي يعزي بوفاة نجل حجة الاسلام كاظم صديقي
الإمام الخامنئي: لا تعاون مع أمريكا ما دامت تدعم الكيان الصهيوني وتتدخل عسكرياً في المنطقة
من أنتم أساساً ؟! حتى ترسموا ما يجب وما لا يجب للدول التي تملك الصناعة النووية
الإمام الخامنئي: الشعب الإيراني أجبر العدو على التراجع

ياراحلا من بيننا وانت مغفور الذنوب ( أنا على العهد )

الولاية الاخبارية موقع اخباري وثقافي لمن يسلك الطريق الی الله


