15
عليها، ويخصصها بإسقاط العقاب ، ولا يقدح في ذلك خلاف المعتزلة، لحدوثه بعد انعقاد الاجماع بخلافه .
وآيات الوعيد كلها وآيات الوعيد(1) مشترطة بالعفو ومخصصة بآيات العفو وعموم آيات الوعد، ولثبوت ثواب المطيع وفساد التخالط ، وكون ذلك موجبا لتخصيصها بالكفار ان كان وعيدها دواماً أو كون عقابها منقطعا إن كان عاماً، من حيث كان القول بعمومها للعصاة ودوام عقابها ينافي ماسلف من الأدلة .
والمؤمن : هو المصدق بجملة المعارف عن برهانها، حسب ما خاطب به من لسان العرب ، المعلوم كون الايمان – فيه – تصديقا، والكفر اسم لمن جحد المعارف أو شك فيها أو اعتقدها عن تقليد أو نظر لغير وجهه .
والفسق إسم لمن فعل قبيحا ، أو أخل بواجب من جهة العقل أو السمع ، لكونه خارجاً بذلك عن طاعة مكلفه سبحانه .
والفاسق في اللغة : هوالخارج ، [و](2) في عرف الشريعة هوالخارج عن طاعته سبحانه .
ومن جمع بين إيمان وفسق ، مؤمن على الاطلاق فاسق بما اتاه من القبيح ، لثبوت كل واحد منهما، ومن ثبت إيمانه لا يجوزأن يكفر« لدوام ثواب الإيمان وعقاب الكفر وفساد اجتماعهما لمكلف واحد، وثبوت المستحق منهما وعدم سقوطه بندم أو تحابط .
و قوله تعالى : (إن الذين آمنوا ثم كفروا)(3) مختص بمن أظهر الايمان أو اعتقده لغير وجهه ، دون من ثبت إيمانه ، كقوله تعالى : (فتحرير رقبة مؤمنة)(4) يعني مظاهرة(5) للإيمان باتفاق ، ومدح المقطوع على إيمانه مطلق مقطوع بالثواب ، والمظهر مشترط بكون الباطن مطابقاً للظاهر واقعا موقعه .
و ذم الكافر ولعنه مطلق ، مقطوع له بالعقاب الدائم .
____________
1 – كذا، والظاهر أن الصواب : الوعد.
2 – أثبتناه ليستقيم السياق .
3 – النساء 4 : 137 .
4 – النساء 4 : 92 .
5 – كذا، والظاهر انّ الصواب : مظهرة.
===============
وذم الفاسق مشترط الا بعفا(1) عن مستحقه ابتداءاً أو عند شفاعة ، وإذا ظهر كفر ممن كان على الإيمان ، وجب الحكم على ما مضى منه على المظاهرة (به النفاق)(2)، أو كونه حاصلاً عن تقليد، أو عن نظر لغير وجهه ، لما بيناه من الأدلة الموجبة لذلك .
ولابد من انقطاع التكليف ، والا انتقض الغرض المجرى به إليه من التعريض للثواب ، ولا يعلم بالعقل كيفية انقطاعه وحال (3) أيضاً أو جنسه وكيفية فعله ، وإنما يعلم ذلك بالسمع .
وقد حصل العلم من دينه صلى اللّه عليه ضرورةً، ونطق القران بأن اللّه تعالى آخر بعد فناء كل شيء ، كما كان أولاً قبل وجود شيء ، حسب ما أخبرسبحانه من قوله : ( هو الأول والآخر ) (4) ينشؤهم بعد ذلكُ ويحشرهم ليوم لاريب فيه ، مستحق الثواب خالصاً والعقاب الدائم ، ليوصل كلاً منهما إلى مستحقه على الوجه الذي نص عليه تعالى، ومن اجتمع له الاستحقاقان فإن(5) يستوفي منه سبحانه ما يستحقه من العقاب ، أو يعفو عنه ابتداءاً، أو عند شفاعة، ثم يوصله إلى ثواب إيمانه وطاعاته الدائم والمولم (6) به تعالى أو بغيره ، ليوصله إلى ما يستحقه من العوض عليه تعالى أوعلى غيره ، ثم يدخله الجنة إن كان من أهلها أو النار، أو يبقيه ، أو يحرمه إن كان ممن لا يستحقها من البهائم والأطفال والمجانين ومن لا يستحق العوض ، ليتفضل عليه .
وهذا – اجمع – جائز من طريق العقل لتعلقه بمبتدئهم تعالى، والنشأة الثانية أهون من الأولى، وهي واجبة لما بيناه من وجوب ايصال كل مستحق إلى مستحقه من ثواب أو عقاب أو عوض .
ولا تكليف على أهل الآخرة باجماع ، ولأن العلم بحضور المستحق من الثواب والعقاب وفعله عقيب الطاعة والمعصية ملج ، والالجاء ينافي التكليف ، وأهل الآخرة
____________
1 – كذا، والظاهر ان الصواب : باعفاء.
2 – كذا، والظاهر أن الصواب : بالنفاق .
3 – كذا، والظاهر أن الصواب : وحاله.
4 – الحد يد 57 : 3 .
5 – كذا، والظاهر أن الصواب : فإنه .
6 – كذا .