أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن صمود سورية ووقوف حلفائها الى جانبها مدة خمس سنوات من الحرب الكونية عليها وارتداد الارهاب على الدول التي دعمته أدى إلى تغير الموقف الدولي تجاه سورية.
وأشار السيد نصر الله في مقابلة مع قناة المنار مساء أمس إلى أن تداعيات الفشل ونتائجه بدأت تظهر على أولئك الذين خاضوا الحرب الكونية ضد سورية وجلبوا إليها “الإرهابيين” من كل انحاء العالم وقدموا لهم الدعم الاعلامي والمالي واللوجستي وأقاموا لهم غرف عمليات في دول اقليمية لافتا إلى فشل استراتيجية الولايات المتحدة في محاربة تنظيم “داعش”.
وقال السيد نصر الله: “من التداعيات التي اثرت على التبدل في الموقف الدولي تجاه سورية عودة هؤلاء الارهابيين التكفيريين الذين جاؤوا إليها نحو فرنسا وألمانيا وبلجيكا وبريطانيا وغيرها حيث بدؤوا بتنفيذ عمليات فيها إضافة إلى تدفق اللاجئين بمئات الآلاف إلى أوروبا التي تتكلم عن القيم وحقوق الانسان”.
وأوضح السيد نصر الله أن حل أزمة اللاجئين إما ان يكون عبر استيعابهم واما القبول بحل سياسي وإيقاف الحرب على سورية وهذا هو العلاج الحقيقي.
ولفت السيد نصر الله الى أنه من أهم العوامل أيضا في مسألة التحولات نحو حل الازمة في سورية الاتفاق النووي الايراني مع مجموعة “خمسة زائد واحد” حين تأكد الامريكيون والاوروبيون أنه ليس بإمكانهم مساومة إيران وإبعادها عن حليفتها سورية واقرارهم بأن المفاوضات كانت نووية فقط.
وبين السيد نصر الله أن التصعيد في الموقف الروسي السياسي والعسكري نحو سورية دفع الاوروبيين والامريكيين الى تغيير مواقفهم تجاهها وهذا شمل الاتراك أيضا بعد أن لمس اردوغان خلال وجوده في موسكو جدية الموقف الروسي.
ورأى السيد نصر الله أن دوافع القرار الروسي بتوسيع حضوره العسكري في سورية لكونها الحليف الوحيد لروسيا في المنطقة وإذا فقدتها تفقد المنطقة عدا أن هناك علاقة تاريخية بين البلدين منذ حقبة الاتحاد السوفييتي مبينا أن فشل التحالف الدولي في محاربة تنظيم “داعش” الارهابي دفع الروس إلى الحضور بشكل مباشر وزيادة الدعم الذي سيكون مؤثرا في مسار المعركة القادمة بشكل أكيد.
وأضاف نصر الله: إن طبيعة المعركة القائمة في سورية وأهدافها والمشروع الذي يتم العمل عليه وأخطاره على سورية ولبنان وفلسطين والعراق وحتى منطقة الخليج تجعل دخول العامل الروسي أو أي عامل آخر إيجابيا ومساندا وتترتب عليه نتائج كبيرة.
وبين السيد نصر الله أن هناك مباحثات تجري منذ عدة أشهر لتشكيل تحالف إيراني عراقي سوري روسي على مستويات مختلفة لمواجهة كل حالات الارهاب الموجودة في المنطقة حيث إن هناك جزءا كبيرا من الارهابيين الذين يقاتلون في سورية وخصوصا في الشمال من دول قريبة لروسيا التي تخشى عودتهم وهو الامر الذي يهدد أمنها القومي.
واعتبر السيد نصر الله أن “الموقف الروسي والإيراني حاسم جدا فيما يتعلق بمسألة الرئيس السوري بشار الأسد وأن التطورات الميدانية تركت تأثيرها على الموقف الدولي بشكل عام” لافتا الى أن ايران هدفها بقاء سورية في محور المقاومة وألا تسقط في يد المجموعات التكفيرية وليس ما يحاول الاعلام الخليجي تسويقه بأن ايران تتدخل في الشؤون الداخلية السورية.
ورأى السيد نصر الله أن تركيا بإمكانها أن تخدم مشروع محاربة الارهاب إذا أغلقت حدودها في وجه تنظيم “داعش” ومنعته من بيع النفط.
وحول الوضع في الزبداني أوضح السيد نصر الله أنه وبعد أقل من أسبوعين من بدء المعركة تدهورت أوضاع “المسلحين” وبدؤوا بالاستغاثة وطرحوا معادلة بلدتي الفوعة وكفريا بريف ادلب مقابل الزبداني بريف دمشق وذلك نتيجة الضغط الذي تعرضوا له مشيرا الى أن الأداء الميداني كان يراعي اعطاء فرصة للتفاوض.
وبين السيد نصر الله أن بداية التفاوض كانت من قبل مبعوث الامم المتحدة الى سورية ستافان دي ميستورا الذي طلب خلال زيارته الى طهران حصول وساطة لوقف القصف في الفوعة وكفريا بريف ادلب مقابل وقف القصف في الزبداني بريف دمشق موضحا أن الايراني دوره وسيط فقط فهو لا يتخذ اي قرار وليس مفوضا حتى من حليفه السوري باتخاذ القرار.
ونفى السيد نصر الله أن يكون هناك اشراف ايراني تركي على هذا الموضوع مبينا أن الاتراك لم يكن لهم أي دور في التفاوض الا أنه قد يكون لهم دور سلبي من خلف الستار لأنه حين كان يتم الاتفاق على مجموعة مبادئ يطلب الطرف الآخر تعديلها بحجة أن بقية الاطراف لديه لم توافق.
وأوضح السيد نصر الله أن الجيش السوري في كل الزبداني باستثناء كيلومتر مربع لافتا الى أن المرحلة الاولى من الاتفاق تشمل وقف اطلاق النار وخروج “المسلحين” وجرحاهم من الزبداني الى منطقة ادلب أما المدنيون إن وجدوا فعددهم قليل وهؤلاء يبقون أو يخرجون بإرادتهم وفي المقابل يخرج 10 الاف مدني من الفوعة وكفريا اي النساء من مختلف الاعمار ومن الذكور ما دون 18 وما فوق 50 عاما اضافة الى الجرحى باتجاه المناطق الامنة مؤكدا أن كل الادعاءات عن تغيير ديموغرافي غير صحيح.
وبين السيد نصر الله أنه بعد تنفيذ المرحلة الاولى يكون هناك هدنة لمدة ستة اشهر تشمل بقين وسرغايا ومضايا ومنطقة الزبداني بريف دمشق وفي إدلب تشمل كفريا والفوعة والبلدات المحيطة بهما مثل بنش وتفتناز حيث يتم فتح الطريق للإغاثة موضحا أنه يوجد في الاتفاق تعهد بألا يقطع الطريق على الامدادات الغذائية والطبية وأن الامم المتحدة هي التي تضمن التنفيذ.
ولفت السيد نصر الله الى أنه في المرحلة الثانية يوجد نقاش له علاقة ببقية الموجودين في الفوعة وكفريا وبالوضع في مضايا وبقية منطقة الزبداني اضافة إلى موضوع المعتقلين لدى الطرفين وهذا ستتم معالجته من خلال التفاوض.
وبين السيد نصر الله أن صمود أهالي الفوعة وكفريا والثبات في معركة الزبداني هو الذي أوصل الى هذه النتيجة بعد أن فشلت المفاوضات الاولى والثانية مؤكدا أن الارقام التي يتم تداولها في وسائل الاعلام عن شهداء حزب الله في الزبداني غير صحيحة وأن كلفة المعركة طبيعية وأقل من المتوقع لأن عدد “المقاتلين” داخل مدينة الزبداني كبير.
وأعاد السيد نصر الله التأكيد على أن المقاومة اللبنانية ستكون حيث يجب أن تكون في الدفاع أو الهجوم لأن هذه معركة لا تتجزأ لافتا الى أن معركة الزبداني لها خصوصية لأنها قريبة من الحدود اللبنانية.
ورأى السيد نصر الله أن فرص الحل السياسي تكبر في سورية والمحور الآخر وصل الى مرحلة من اليأس في تحقيق حسم عسكري وهذا بدا واضحا بعد فشل ما أسموه “عاصفة الجنوب” لافتا الى أن المشكلة الحقيقية التي كانت تمنع الحل السياسي هي التدخل الخارجي.
وأشار السيد نصر الله الى أن “اسرائيل” هي المستفيد الاول مما يجري في المنطقة والتشتت في العالم العربي لتثبيت الاستيطان والهيمنة وتهويد القدس مبينا أن انتصار سورية في معركتها على الارهاب سيزيد من قوة محور المقاومة ويشكل تهديدا استراتيجيا لـ “إسرائيل”.
ولفت السيد نصر الله الى أن الكيان الاسرائيلي يستغل ظروفا أو معطيات معينة ويجري اختبارات ليحقق مشروعه على المدى المتوسط أو البعيد لهدم المسجد الاقصى وقال: “نحن جزء من المعنيين من هذه الامة بهذا المقدس وبالتالي في مواجهة التهديد الجدي ولحظات الخطر سنكون جزءا من اي حراك حقيقي يخلق معادلة تحمي هذا المسجد”.
وفي الشأن اللبناني رأى السيد نصر الله أن هناك فرصا لنجاح طاولة الحوار التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في ظل المشهد الاقليمي وتطوراته لكن الامر يحتاج الى مزيد من الوقت والعمل والفرصة متاحة في كل الملفات بما فيها ملف رئاسة الجمهورية.
وأكد السيد نصر الله أن ايران لا تتدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية وتدعم ما يتفق عليه اللبنانيون على عكس السعودية التي تتدخل عبر جماعتها.
وقال السيد نصر الله “إن لبنان بحاجة لرئيس قوي ووطني يحمل مواصفات معينة وهي تنطبق حاليا على العمادميشال عون وتوصيفنا له أنه رجل مستقل عن كل التيارات في لبنان لا يرتبط بأي دولة أو سفارة أو محور أو أي جهة على الإطلاق وهو يملك شجاعة اتخاذ القرار حسب قناعاته ويشكل ضمانة حقيقية وطالما أنه مرشح فنحن معه ونؤيده من دون سقف زمني”.
وأوضح السيد نصر الله إن إجراء انتخابات نيابية وفقا لقانون جديد قائم على اساس النسبية هو سبيل الحل وتطور الحياة السياسية في لبنان والذي لا يريد أن يعالج مشاكل البلد هو من يرفض الانتخابات النيابية على قاعدة القانون النسبي.
وأضاف السيد نصر الله “إننا في حزب الله وقفنا على الحياد الإيجابي من الحراك الشعبي في لبنان منذ البداية وبالنسبة لنا أي شريحة في لبنان تطرح مطالب محقة وتتظاهر لتحقيقها هذا جيد ولا نعارضها ونميل الى عدم الدخول في الحراك المطلبي لانه سيعطل اهدافه وسيصادره بسبب عقلية السلطة وسنبقى في الحكومة لنساهم في الاستقرار السياسي والأمني ونمنع اتخاذ قرارات خطيرة على البلد”.
وحول الاوضاع في اليمن رأى السيد نصر الله أن معركة مأرب والخسائر الكبيرة التي Hصابت العدوان السعودي بعد فشل هجومه قد يفتح الباب بشكل كبير Hمام الحل السياسي مبينا أن النظام السعودي يعطل الحل السياسي لأنه يريد شروطا أفضل للتفاوض.
وفي الشأن البحريني لفت السيد نصر الله الى أن الشعب البحريني سيواصل المطالبة بحقوقه المشروعة موءكدا أنه لابد على السلطات البحرينية من الدعوة الى الحوار الوطني والتفاهم مع الشعب واعطائه حقوقه أما الرهان على تراجع البحرينيين عن مطالبهم فهو خاسر.