أقر الإتحاد الأوروبي وضع ملصقات على المنتجات المصنعة في المستوطنات التي بنيت في الضفة الغربية والقدس الشرقية ومرتفعات الجولان على أنها سلع منتجة في مستوطنات داخل الأراضي الفلسطينية، للتنويه والإشارة بأن الكيان الاسرائيلي هو محتل لهذه الأراضي. وعلى الرغم من أن الأراضي الفلسطينية هي بأكملها للشعب الفلسطيني سواء ما قبل 67 أو ما بعدها، إلا أن خطوة الإتحاد الاوروبي هذه تعد تقدماً وانتصاراً للمشروع المقاوم في تبين الحقائق وتسليط الضوء على القضية الفلسطينية التي هي حق لشعبها، وبأن الكيان الاسرائيلي كيان مختلق لا أساس ووجود له. وقد كان 525 برلمانياً في الإتحاد قد صوتوا على اقرار القانون فيما امتنع 31 عضواً عن التصويت مقابل 70 برلمانياً فقط صوتوا ضد القرار. فما هي الرسائل التي يحملها هذا القرار بوجه الكيان الاسرائيلي؟
أولاً: قلق الكيان الاسرائيلي يتخطى قانون الاتحاد الأوروبي، فهو ينظر إلى القانون على أنه مقدمة وتهيئة لفرض عقوبات أوسع نطاقاً وأشمل تأثيراً وفعاليةً عليه، خاصة أن الكيان يرصد الحالة المتنفرة العالمية منه، فهو في قلقه يضيف مجموعة من التحولات الافته التي طرأت عليه عالمياً، فعلى المستوى الشعبي الخاص في أوروبا فإن هناك تحركات فردية نحو المقاطعة تمثلت بقرار شركة الإتصالات الفرنسية أورانج والتي أعلنت عن سحب نشاطها على الأراضي الفلسطينة المحتلة، إلى تبني توصية في بريطانيا بدأت منذ العام 2009 بمقاطعة بضائع المستوطنات، هذا إلى المبادرات الفردية لبلدات ومدن لمقاطعات في العديد من الدول الأوروبية والتي تتجه نحو مزيد من التوسع والفعالية.
على صعيد أخر فقد أعلنت شركة البناء أفريقيا-اسرائيل امتناعها عن العمل في بناء المستوطنات، جاء قرار الشركة هذا بعد موجة من الضغوطات والمقاطعة من شركات أخرى لها ومتمولين لإعتبارها تعمل في خدمة الكيان. كما وانضمت إلى المقاطعة في العام 2012 صناديق استثمار تابعة لحكومة نيوزيلندا التي تدير استثمارات بقيمة 20 مليار دولار على الأراضي الفلسطينية المحتلة. علمياً صوتت منظمة السلك الأكاديمي الصغير في الجامعات الحكومية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية والتي تضم آلاف الباحثين الشباب على قرار الإنضمام إلى المقاطعة الأكاديمية للكيان، هذا إلى مقاطعة أكثر من 300 أكاديمي ومحاضر بريطاني جامعات الكيان. أما على الصعيد العسكري فقد ألغت حكومة ولاية ريو جراند دي سول البرازيلية عقداً عسكرياً كبيراً مع شركة إلبِت الإسرائيلية بقيمة 17 مليون دولار. .
ثانياً: هذا القانون كان من المقرر أن يذهب إلى التصويت في العام 2013 ولكن الضغوط الأمريكية حالت دون ذلك، أما اليوم وعلى الرغم من الضغوطات الأمريكية للحيلولة دون التصويت على القرار، ومع وجود تحذير أمريكي للإتحاد الأوروبي من عواقب هكذا قرار إلا أن القرار أخذ مجاله إلى التصويت وصودق عليه، ولهذا ينظر الكيان الاسرائيلي إلى هذا التحول على أنه من مقدمات لانسحاب البساط والقدرة الأمريكية في دعم مشروع الكيان فضلاً عن غيرها من دول الغرب التي كانت حامية له. وهو انعكاس للتبدل في النظرة الغربية إلى مشروعية الكيان الذي بني على أراضي فلسطينية. وبالتالي فهو يعكس موجة اعلامية شعبية وحكومية غاضبة في الغرب حول تصرفات الكيان فضلاً عن أحقية مشروعه، ودليل على يقظة غربية وأن مشروع المقاومة الفلسطينية وحركات التحرر والدول الداعمة لها قد أثمر، فقانون الإتحاد يأخذ شكلاً من أشكال المقاومة الأوروبية ضد هذا الكيان وانضمام سياسته إلى مشروع القضية الفلسطينية، وهي دليلاً على أن لا أمل للكيان الاسرائيلي بطمر هذه القضية المحقة باسترجاع كافة فلسطين على الرغم من الصراعات الاقليمية والمحلية التي يأججها الكيان لحرف أنظار شعوب المنطقة عن القضية الأساس وعدو الأمة الأساس المتمثل بالكيان الاسرائيلي.
ثالثاً: لا شك أيضاً أن هذا القانون سيؤدي إلى وجود اختلال ومشكلات في اقتصاده الذي يعتمد عليه في ضرب حق الشعب الفلسطيني وتمويل مشاريع الفوضى في المنطقة والتي خلق الكيان لأجلها. هذا ومن شأن القانون أن يوجد جواً سياسياً مضطرباً بينه والإتحاد لن يخدم مشروع الكيان التدميري في المنطقة وسيحاصره، وقد برز أولى هذه الإظطرابات في العلاقات من خلال تصريح نتنياهو الأخير حول القانون معتبراً أن الإتحاد الأوروبي عليه أن يشعر بالخجل من قراره بخصوص المنتجات الاسرائيلية، هذا التصريح يدلل على مستوى العلاقات التي وصلت اليه والتي لن تكون من دون رد.
رابعاً: هذا التوجه العالمي نحو ضرورة محاصرة الكيان وفرض عقوبات عليه لا شك أنه سيترك أثره الواضح على المرغبات والمشجعات التي تروج لها الدعاية الصهيونية نحو المهاجرة والإستيطان في الأراضي الفلسطينية، كما أنه كفيل بتهيئة الأرضية والمناخ لإثارة الرعب لدى المستوطنين الإسرائيليين ودفعهم نحو التفكير أكثر بالعودة إلى بلادهم، هذا من شأنه أن يضرب المخطط الإسرائيلي الذي عمل عليه في تغير التركيبة السكانية لفلسطين. مضافاً إلى ذلك فالقانون من شأنه أن يثير موجة احتجاجية لدى المستوطنين بخصوص المنهجية المتبعة من قبل حكومتهم.