في جمل من أحواله وأخلاقه (صلى الله عليه وآله وسلم)
من كتاب النبوة عن علي (عليه السلام) قال: ما صافح رسول الله أحدا قط فنزع (صلى الله عليه وآله وسلم) يده حتى يكون هو الذي ينزع يده، وما فاوضه أحد قط في حاجة أو حديث فانصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف، وما نازعه أحد الحديث فيسكت حتى يكون هو الذي يسكت، وما رئي مقدما رجله بين يدي جليس له قط، ولا خير بين أمرين إلا أخذ بأشدهما، وما انتصر لنفسه من مظلمة حتى ينتهك محارم الله فيكون حينئذ غضبه لله تبارك وتعالى، وما أكل متكئا قط حتى فارق الدنيا، وما سئل شيئا قط فقال لا، وما رد سائل حاجة قط إلا بها أو بميسور من القول، وكان أخف الناس صلاة في تمام، وكان أقصر الناس خطبة وأقلهم هذرا (1)، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل، وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل مما يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده (2) وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمص الماء مصا ولا يعبه عبا (3)، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وإعطائه، فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل اموره: في لبسه وتنعله وترجله، وكان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا تكلم تكلم وترا وإذا استأذن استأذن ثلاثا، وكان كلامه فصلا يتبينه كل من سمعه، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت: أفلج الثنيتين وليس بأفلج (4)، وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلم أحدا بشئ يكرهه، وكان إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقا، وكان لا يذم ذواقا ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحابه الحديث عنده، وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده (صلى الله عليه وآله وسلم).
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا رئي في الليلة الظلماء
ـــــــــــــــ
(1) هذر في منطقة: تكلم بما لا ينبغي.
(2) جالت يده: أي أخذت من كل جانب.
(3) مص الماء مصا: أي شربه شربا رقيقا مع جذب نفس بخلاف العب فانه شرب الماء بلا تنفس.
(4) الفلج: فرجة بين الثنايا والرباعيات.
شاهد أيضاً
إنما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق-52
نكون في طريق مكة فنريد الاحرام، فلا يكون معنا نخالة نتدلك بها من النورة، فنتدلك ...