تُنشئ السعودية تحالفاً تُطلق عليه الصبغة الإسلامية ويقول وزير خارجيتها إنه سيحارب الإرهاب في أي مكان وأن الأرهاب ليس “داعش” فقط، تُنشئ إئتلافاً للمعارضات السورية وفي أساسه تنظيمات مسلّحة تعتبرها دول كثيرة إرهابية، وترسله إلى جنيف ليفجّر المباحثات التي كان يؤمل منها فتح أبواب موصدة أمام الحل السياسي.
يفضي ذلك إلى خطوة غير مسبوقة في خطورتها فتعلن الرياض أنها مستعدة للتدخل برياً داخل سوريا بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.
لم يتأخر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كثيراً ليلاقي الموقف السعودي الجديد عشية التطورات العاصفة في الشمال السوري في صالح الجيش السوري وحلفائه ، هو يقول إنّ الوضع في سوريا ممكن أن يتغيّر في أية لحظة، و أن أنقرة مستعدة لأي تطور يطرأ على الوضع في سوريا.
الدولتان القلقتان من إسقاط ما بنتاه على مدى سنوات أربع في شمال سوريا باتتا على مشارف فقدان اليد الطولى في الساحة السورية ، وصار لزاما التحرّك مباشرة لإنقاذ ماتبقى من دور وأهداف.
الخبراء والمحللون الأجانب والعرب الذين صاغوا أوصافاً كثيرة للدور المتهوّر للسعودية منذ إعلان “عاصفة الحزم” في اليمن يجدون اليوم ترجمة لرؤاهم عما باتت السعودية قادرة على القيام به من أفعال تضع الشرق الأوسط وبالتالي العالم على حافة صراع دموي واسع ومن دون سقف، تجاريها في ذلك أنقرة التي أوكلت مهمة استفزاز روسيا والتلويح عملياً بغزو الأراضي السورية على حد ما بيّنت موسكو في اليومين الماضيين.
لا يمكن التغاضي هنا عن “العزف الإسرائيلي” ونغماته المتناسقة مع الرياض وأنقرة.. الحكومة الإسرائيلية تراقب بدقة التقدّم العسكري الوازن في مناطق إستراتيجية على حدودها الشمالية مع سوريا و في شمال سوريا حيث “الأعداء” ينجزون خططاً إستراتيجية.
الثلاثي الإسرائيلي – السعودية – التركي يتحفز عسكرياً، فيما الولايات المتحدة ،على مايبدو، تقود أمر العمليات السياسية الضاغط بقوة ضد التغيّر الجذري في الميدان السوري، وربما بدأت الأركان العسكرية تنسيق خيارات عسكرية بعيداً عن الضوء.
كل ذلك خطير ومُقلق بالطبع وإلا لما سمعت تلك اللهجة العالية النبرة على لسان قادة في الجيش الإيراني وهم يحذّرون من إقدام السعودية على خطوة إنتحارية ، ليخرج وزير الخارجية السوري وليد المعلّم متوعداً بإعادة مَن يفكّر بغزو بلاده بالتوابيت الخشبية، الكرملين بعث بطائرات سوخوي 35 المتطورة إلى سوريا، فيما القادة العسكريون يراقبون تعابير الجنود الأتراك بالقرب من سوريا.
هو غليان حقيقي ووواقعي يقترب من لحظة الطوفان إذا ما استمرت الدول الراعية للحرب على سوريا بزج المزيد من الحطب تحت القِدر، لا سيما أن الثلاجة المؤمل منها تبريد الأجواء عبر مباحثات جنيف تعطّلت محركاتها في لحظة واحدة. هنا يعرف الذين يهدّدون بالتدخل العسكري البري في سوريا أنهم لن يدخلوا إلى أرض صديقة مهما بلغ تعاطف المجموعات المسلّحة، المتطرّفة وغير المتطرّفة، وأن هناك مَن لن يُدير ظهره ، مهما كانت الظروف، كروسيا إيران والمقاومة وكآخرين لن يتأخروا عن التحرّك لحظة حصول غزو لسوريا.
السؤال المركزي هو هل قرّر المحور السعودي التركي ومن ورائه صقور أوروبا والولايات المتحدة إشعال اللون الأحمر أمام المعركة الحاسمة التي تخوضها دمشق بدعم مباشر من موسكو وإيران؟ وهل الهدف هو الضغط لوقف مسار إنهيار المجموعات المسلّحة وتحصيل تنازلات أم أن القرار اتُّخِذ لتحويل مسار الحرب مهما كانت الكلفة كارثية؟