04/ منشأ الوهابية
قال العلامة جميل صدقي الزهاوي :
” الوهابية فرقة منسوبة إلى محمد بن عبد الوهاب ، وابتداء ظهور محمد هذا كان
سنة 1143 ه ) ، وإنما اشتهر أمره بعد الخمسين فأظهر عقيدته الزائفة في نجد ،
وساعده على إظهارها محمد بن سعود أمير الدرعية بلاد مسيلمة الكذاب مجبرا
أهلها على متابعة ابن عبد الوهاب هذا ، فتابعوه ، وما زال ينخدع له في هذا الأمر
حي بعد حي من أحياء العرب حتى عمت فتنته ، وكبرت شهرته ، واستفحل أمره
فخافته البادية ، وكان يقول للناس :
ما أدعوكم إلا إلى التوحيد ، وترك الشرك بالله تعالى في عبادته ، وكانوا يمشون
خلفه حيثما مشى حتى أتسع له الملك ” .
ولادة محمد بن عبد الوهاب
لقد ولد سنة ( 1111 ه ) وتوفي سنة ( 1207 ه ) .
وكان في ابتداء أمره من طلبة العلم ، يتردد على مكة والمدينة لأخذه من
علمائها .
وممن أخذ عنه في المدينة : الشيخ محمد بن سليمان الكردي ، والشيخ
محمد حياة السندي ، وكان الشيخان المذكوران وغيرهما من المشايخ الذين أخذ
عنهم يتفرسون فيه الغواية والإلحاد ، ويقولون :
” سيضل الله تعالى هذا ، ويضل به من أشقاه من عباده ” فكان الأمر كذلك ،
وكذا كان أبوه عبد الوهاب ( وهو من العلماء الصالحين ) يتفرس فيه الإلحاد ، ويحذر
الناس منه ، وكذلك أخوه الشيخ سليمان . . . ( 1 ) .
دراسته
ذكر محمود شكري الآلوسي :
أن ابن عبد الوهاب نشأ في بلد العينية من بلاد نجد فقرأ على أبيه الفقه على
مذهب أحمد بن حنبل ، وكان من صغره يتكلم بكلمات لا يعرفها المسلمون ،
وينكر عليهم أكثر الذي اتفقوا على فعله ، لكنه لم يساعده على ذلك أحد ، فسافر
من العينية إلى مكة ثم إلى المدينة ، فأخذ الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف ، وشدد
النكير على الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم عند قبره ، ثم رحل إلى نجد ، ثم
إلى البصرة يريد الشام . فلما ورد البصرة أقام فيها مدة ، وأخذ فيها عن الشيخ محمد
المجموعي ، وأنكر على أهلها أشياء كثيرة فأخرجوه منها فخرج هاربا ، ثم جاء بعد
عدوة تحولات إلى بلد حريملة من نجد وكان أبوه بها فلازمه ، وقرأ عليه ، وأظهر
الإنكار على مسلمي نجد في عقائدهم ، فنهاه أبوه فلم ينته حتى وقع بينهما نزاع ،
ووقع بينه وبين المسلمين في حريملة جدال كثير ، فأقام على ذلك سنتين حتى توفي
أبوه سنة ( 1153 ه ) ، فاجترأ على إظهار عقائده ، والإنكار على المسلمين فيما
أطبقوا عليه ، وتبعه حثالة من
الناس ( 1 ) .
عقيدته
تنحصر عقيدته في أربعة أمور :
1 – تشبيه الله سبحانه وتعالى بخلقه .
2 – توحيد الألوهية ، والربوبية .
3 – عدم توقيره النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
4 – تكفير المسلمين ( 1 ) .
قال أبو حامد بن مرزوق في مقدمة كتابه عن التوسل بالنبي وبالصالحين :
” فهذه خلاصة علمية في عقائد محمد بن عبد الوهاب ومقلديه جمعت أكثر
درها المنقول والمعقول من تحقيق علماء الإسلام الأعلام ، وشيدت صرحها بتاريخ
الإسلام ، ودعمتها بكثير من آيات الكتاب الحكيم ، وسنته عليه الصلاة والسلام ،
فجاءت بحمد الله حصنا منيعا لا يرام ” .
وقد رد بعض أتباع الأئمة الأربعة عليه وعلى مقلديه بتآليف كثيرة جيدة ،
وممن رد عليه من الحنابلة : أخوه سليمان بن عبد الوهاب .
ومن حنابلة الشام : آل الشطي ، والشيخ عبد القدومي النابلسي في رحلته ،
وكلها مطبوعة ، في ناحيتين : زيارة النبي صلى الله عليه وسلم ، والتوسل به
وبالصالحين من أمته ، وقالوا : إنه مع مقلديه من الخوارج .
وممن نص على هذا : العلامة المحقق السيد محمد أمين بن عابدين في حاشيته
” رد المحتار على الدر المختار ” في باب البغاة ، والشيخ
الصاوي المصري في حاشيته على الجلالين ، لتكفيره أهل ( لا إله إلا الله محمد رسول
الله ) برأيه .
ولا ش ” أن التكفير سمة الخوارج وكل المبتدعة الذين يكفرون مخالفي رأيهم
من أهل القبيلة ، ولا تفيد هذه الخلاصة من مرق إلى الجهة الأخرى ، لأن العلماء
قالوا :
” إن البدعة إذا رسخت في قلب لا يرجع صاحبها عنها ، ولو رأى ألف دليل
واضح وضوح الشمس يبطلها إلا إذا أدركته عناية الله ، وإنما هي عاصمة إن شاء
الله تعالى من لم يدخل في بدعهم ” ( 1 ) .
ونشرت مجلة المرشد البغدادية الصادرة عام 1346 ه – 1927 م ) ما يلي :
” الوهابية فرقة حديثة التكوين وجدت منذ قرنين ، أو أقل ، وقائدها الأول محمد
بن عبد الوهاب من علماء نجد ، قام بالدعوة إلى مذهبه في بلاده ، وأيدته السلطة
السعودية آنئذ ، وكانت أهم مباديه بادئ بدء هدم القبور التي يتوجه المسلمون إليها
لطلب الحوائج ، وتقديم النذور ، والقرابين والحكم على أولئك المتوجهين بالكفر ،
والشرك ، وقد نشر دعوته في كتبه ، ورسائله ” .
( مجلة المرشد / العدد 10 / المجلد 2 / ص 388 )
وذكر إسماعيل باشا البغدادي تحت عنوان : الوهابي فقال :
” محمد عبد الوهاب بن سليمان بن سليمان بن علي بن أحمد بن راشد بن يزيد
بن مشرف النجدي ، الحنبلي الوهابي الذي تنسب إليه الطائفة الوهابية ،
ولد سنة ( 1115 ) ( 1 ) وتوفي سنة ( 1206 ) ست ومأتين وألف . من تأليفه :
كتاب في مسائل خالف فيها الرسول صلى الله عليه وسلم . . الخ .
( هدية العارفين 2 / 350 ط بيروت )