الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / الأخوة في الإسلام‏ :ب معنى الأخوة

الأخوة في الإسلام‏ :ب معنى الأخوة

ربما يكون للوهلة الأولى معنى الأخوة واضحاً ويعتبر من أصعب الصعوبات توضيح الواضحات ولكن الأمر ليس كذلك حينما تنظر إلى طائفة من الأحاديث المباركة التي رسمت أبعاد المعنى وأسس المبنى وعمق الارتباط بين الاسم والمسمى في حدود حثّت الشريعة الغراء على المحافظة عليها وحذّرت من تجاوزها كالنزاهة عن الخيانة وغيرها ويكفي شاهداً لهذا المعنى الرفيع ما ورد في سبب تسمية الأخوان والأصدقاء كما في الحديث عن الصادق عليه السلام: »إنما سمّوا إخواناً لنزاهتهم عن الخيانة وسمّوا أصدقاء لأنهم تصادقوا حقوق المودّة«(1).
فلذلك يكون الانحراف عن هذه الجادة نقضاً لعهد الأخوة وخروجاً على مكانتها وابطالاً لمعناها.

ج أقسام الأخوة:
1 الأخوّة النّسبية: وهي العلقة بين إنسانين من خلال اشتراكهما في أب أو أم أو فيهما تولّداً، ولها اثار شرعية عديدة كالإرث وحرمة التزويج وغير ذلك.
2 الأخوّة الرضاعية: وهي عبارة عن الربط القائم بين إنسانين من خلال الإرتضاع من امرأة واحدة ولها اثار شرعية أيضاً كحرمة التزويج وغيرها ولكنها أضيق من النسبية لأن الأخوين من الرضاعة لا يتوارثان.
3 الأخوّة الدينية: وهي عبارة عن الاشتراك بين شخصين في الدين والإيمان كما في قوله سبحانه: »إنما المؤمنون إخوة«(1).
وعن أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام: »فإنهم )الناس( صنفان: إما أخٍ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق«(2)، بمعنى أن الذي يوجد الشراكة بين الإخوان هو الإيمان الذي بمنزلة الأب النَّسَبي تشبيهاً له به وإن تباعدت أوطانهم وتغايرت ألوانهم واختلفت لغاتهم.

د ميزان الأخوة:
أكدت الأحاديث الشريفة أن الأساس والميزان الذي ينبغي قيام الأخوة عليه لا بد أن يكون إلهيّاً وان من كانت أخوته في غير ذات الله تعالى فهي عداوة كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام: »الناس أخوان فمن كانت أخوته في غير ذات الله فهي عداوة وذلك قوله عز وجل: »الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين«(3).
ولذلك لا يجدر بنا أن نُواخي على أساس مصالحنا الدنيوية ومكاسبنا التجارية، وليس غريباً أن ينتهي الأمر بالفراق أو القطيعة حينما تنقضي المصالح وتكون الصحبة مشؤمة ونبوء بالحرمان.
عن أمير المؤمنين عليه السلام: »من اخى في الله غنم، ومن اخى في الدنيا حُرِم«(1).
وعنه »كل مودة مبنية على غير ذات الله ضلال والاعتماد عليها محال«(2).
وعنه أيضاً: »من لم تكن مودته في الله فاحذره، فإن مودته لئيمة وصحبته مشؤمة«(3).

ه اختيار الأخ:
كيف أختار أخاً لي؟ وما هي الخطوة الأولى التي ينبغي اتباعها؟
هنا نطرق باب أمير المؤمنين عليه السلام لنأخذ الجواب حيث يقول: »قدّم الإختبار في اتخاذ الإخوان، فإن الإختبار معيار يفرّق بين الأخيار والأشرار«(4).
ويقول عليه السلام أيضاً: »قدّم الإختبار وأجد الاستظهار في اختيار الإخوان وإلا ألجأك الإضطرار إلى مقارنة الأشرار«(5).
إذن الإختبار ثم الإختيار وذلك حتى لا يدخل الإنسان في علاقة مشينة ولا يضع ثقته حيث لا يجب أن توضع، فيأتمن الاخر على أسراره ويطلعه على شؤونه بالرغم من عدم وضوح حقيقته لديه، وبهذا يقع في مقارنة الأشرار لأنه لم يقم العلاقة على نور ومشى في الظلام، وهنا نسأل ما هي عناصر الاختبار الذي هو الخطوة الأولى؟
وهي التي سيأتي بيانها في السلسلة الاتية ونقدِّم لها الحديث عن مولانا الصادق عليه السلام: »اختبروا أخوانكم بخصلتين فإن كانتا فيهم وإلا فاعزب ثم اعزب ثم اعزب محافظة على الصلوات في مواقيتها، والبرّ بالأخوان في العسر واليسر«(1).
والحمد لله ربّ العالمين.

الهوامش‏
(1) تنبيه الخواطر، ج‏2، ص‏179.
(2) بحار الأنوار، ج‏74، ص‏279، ح‏1.
(3) ثواب الأعمال، ج‏1، ص‏182، ح‏1.
(4) الكافي، ج‏2، ص‏166، ح‏3.
(5) النوادر للراوندي، ص‏8.
(6) كنز العمال، 26442.
(1) البحار، ج‏71، ص‏180.
(1) الحجرات، اية 10.
(2) البحار، ج‏33، ص‏600.
(3) كنز الفوائد، ص‏34.
(1) غرر الحكم، ح‏77740.
(2) م. ن. ح 6915.
(3) م. ن. ح 8978.
(4) ميزان الحكمة، ح‏283.
(5) م. ن. ح‏284
(1) ميزان الحكمة، ح‏286.

6

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...