تستمر الأوضاع في كشمير نحو الأسوأ، في ظل صمتٍ دولي وتعتيمٍ إعلامي. فالضحايا تتزايد يوماً بعد يوم، والأمور باتت تخرج عن السيطرة. وهو ما يجعل المراقبين يُحذِّرون من إمكانية إنجرار الأوضاع الى حربٍ بين البلدين باكستان والهند، والتي سبق أن خاضت حرباً حول مصير الإقليم. فماذا في آخر تطورات الأوضاع الأمنية في كشمير؟ وكيف يمكن توصيف حقيقة الواقع؟ وما هي أسباب ذلك؟
الأوضاع الأمنية المتدهورة في الأيام الأخيرة
شهدت كشمير مظاهرات ضد السلطات الهندية اثر قتل قوات الأمن عدداً من المطالبين بالإستقلال وبمنح أهالي كشمير حق تحديد المصير. وشهدت البلاد في الأسبوعين الماضيين، عدداً من المظاهرات الشعبية في الجزء الخاضع للإدارة الهندية، حيث طالب المُحتجون بإنهاء السيطرة الهندية على كشمير ومنحها الإستقلال. وكانت الإحتجاجات قد تصاعدت، إثر مقتل عدد من القيادات الشابة المطالبة بالإستقلال على يد القوات الأمنية. ومع خروج المظاهرات فرضت قوات الأمن الهندية حظراً للتجوال. فيما شهدت الأوضاع الأمنيّة خصوصاً في الأيام الأخيرة، وتحديداً يوم الخميس، تطوّراتٍ خطيرة بعد عمليات القتل الممنهج والمتعمّد من قبل قوات الأمن والجيش الهندي والتي بلغت ذروتها بعد أن وصل عدد المدنيين الذين لقوا مصرعهم إلى 40 مدنياً وأكثر من 3000 جريح.
حقائق حول خطورة الواقع
تعتبر هذه المجزرة التي حصلت منذ أيام، الأسوأ من نوعها، والتي تشهدها منطقة كشمير المُسلمة منذ العديد من السنوات. فيما يمكن توصيف المشكلة بالنقاط التالية:
– ترفض السلطات الهندية الحديث عن مستقبل المنطقة، وتقرير مصيرها. على الرغم من وجود مواثيق وقوانين أصدرتها الأمم المتحدة، تطالب بحق كشمير في تقرير مصيرها، عبر إجراء استفتاءٍ عام يختار خلاله الكشميريون مستقبلهم في البقاء مع الهند أو الإنضمام إلى باكستان.
– وهنا فإن الخوف يكمن في المناحي التي قد تأخذها الأمور، خصوصاً بعد أن باتت المسألة رهن خيارات كلٍ من الهند وباكستان، والتي تتنازع على المنطقة حيث أن التاريخ يُثبت خوض البلدين حربين بسبب الصراع على كشمير، وذلك قبل دخول الهدنة بينهما حيز التنفيذ.
– فيما لا بد من الإشارة الى وجود تعتيمٍ إعلامي، وصمتٍ دولي، خصوصاً أن القضية خلافية منذ أكثر من سبعين عاماً.
أسباب الأحداث المُتكررة
إن أهم سؤالٍ يمكن أن يُطرح، هو حول الأسباب. وهنا نُشير للتالي:
أولاً: نهج الحكومة المُتطرف
إنعكست سياسة الحكومة الهندوسية المنتخبة منذ عام 2014، برئاسة رئيس الوزراء ناريندا مودي، على الواقع العملي بين أبناء المنطقة والسلطة. في حين كانت تتمتع السياسة بالتطرف، حيث تم السماح لقوات الأمن، بممارسة القتل المُتعمد والإعدام، دون العودة للقضاء. وهو ما يجعل سياسة التطرف تزداد وتستشري ضد أبناء المنطقة، مع مرور الزمن. فيما كانت مكافحة الإرهاب هي المُبرر. لكن الأهم، كان استخدام القوات الهندية للقناصة، وهو ما يُعبِّر عن حجم التعمُّد في القتل.
ثانياً: إرتفاع التظاهرات نتيجة القمع والعنف
أدت عمليات العنف والقمع، لا سيما بعد أن أصبحت حال الواقع الكشميري، لخروج طلاب جامعة كشمير إلى الشوارع والإحتجاج ضد الظلم الواقع ضدهم، لا سيما بعد أن تم قتل عدد من طلاب الجامعات. فيما يطغى على التظاهرات عنصر الشباب، وهو الأمر الذي يُؤخذ بعين الإعتبار. كما أن أغلب القتلى الذين سقطوا في الأيام الأخيرة هم من طلاب الجامعات، لا سيما بعد قُتل القائد “برهان واني”. وهو الأمر الذي شجَّع الخروج للتظاهرات. لكن البارز كان إتهام الحكومة الهندية للمتظاهرين، بأنهم عملاء للمخابرات الباكستانية.
ثالثاً: فصل الإقليم عن العالم
بات الإقليم يفتقد إلى كافة وسائل التواصل الرائجة، لا سيما خدمات الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي. وهي السياسة التي تخدم التعتيم الإعلامي، ومنع وصول الصوت الكشميري الى العالم. فيما قامت السلطات بإعتقال أغلب القادة الداعين إلى الإستقلال، كما فرضت الإقامة الجبرية على آخرين، كالسيد علي كيلاني ومير واعض عمر فاروق، والذين أعلنوا أنهم أرسلوا رسالة الى الأمم المتحدة للنظر بوضع الإقليم الأمر الذي يضعهم تحت الخطر الكبير. فيما جرى غلق الصحف واعتقال الصحافيين المتعاطفين مع حركة الإستقلال.
لا شك أن الواقع الذي تعيشه كشمير، هو إمتدادٌ لأزمة إقليم بات عمرها سبعين عاماً. فيما يسود الإقليمَ واقعٌ من المعاناة، باتت تتجاوز مسألة الحقوق المدنية والحريات الطبيعية، لتصل الى تهديد الحياة بالقتل. وهو ما يجعلنا نختصر واقع كشمير، بأنه عبارةٌ عن واقعٍ من الخطر، يُصاحبه تعتيمٌ إعلامي وصمتٌ دولي.