لا يجوز أن تهدم مساجد الشيعة في البحرين” بهذه العبارة صدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما حلفاءه في الحكومة البحرينية . فهذه الكلمات المحدودة العدد البالغة الأثر، تثبت للعالم كلّه صدقية بعض الحقائق المرة التي يعايشها أهل البحرين الأحرار يوميا ً منذ أن بدأت حركتهم السلمية المطالبة بالإصلاح. فأوباما ليس محللا ً سياسيا ً و لا مستشارا ً عسكريا ً. إنه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية و هي الدولة ذات النفوذ الأقوى في العالم. و أن يؤكد أوباما هذه الحقيقة فإن الأمر سوف يأخذ اتجاها ً آخر و يترتب عليه إجراءات أخرى في الأيام القليلة القادمة.
فعملية إزالة المساجد الشيعية لمجرد أنها شيعية و في بلد مسلم كالبحرين يعد تمييزا ً دينيا ً بحق المواطنين هناك. و يستدعي هذا الأمر تدخلا ً دوليا ً عاجلا ً لوقف هذه الانتهاكات التي صرّح بها و أكّدها الرئيس الأمريكي نفسه. فليس من المعقول أن يكون الأمر اشتبه على أوباما و العالم يعرف جيدا ً أن الأسطول الأمريكي الخامس موجود في البحرين. كما أن الرئيس أوباما تطرق في خطابه إلى محاولات إيرانية للتدخل في تحرك الشارع البحريني فلماذا نصدق أوباما في مكان و نشبه عليه في أماكن أخرى من الخطاب؟ و هل يعقل أن يطرح رئيس أمريكا في خطاب مهم حول استراتيجية جديدة تجاه الشرق الأوسط بعض الحقائق الغير مؤكدة؟
إذا ً فالقضية خرجت عن مجرد أن ما يجري بحق المساجد في البحرين هو مجرد أعمال للصيانة أو إزالة لبعض المخالفات لتتحول إلى قضية حرية ممارسة العبادة. فكيف إذا كانت هذه العبادة لمسلمين شيعة في بلد مسلم كالبحرين هم الغالبية فيه.
إن تصريح الرئيس أوباما لا يعد فقط ضغطا ً أمريكيا ً على الحكومة البحرينية فحسب بل هو رسالة واضحة إلى كل من يدعم هذه التحركات الجائرة ضد الشعب البحريني بأن هذا الأمر لم يعد مقبولا ً لا امريكيا ً و لا عالميا ً.
و حقيقة الأمر أن الرئيس أوباما لم يكن يتصور أن تصل درجة القمع في البحرين إلى ما وصلت إليه الآن. لكنه اختار قضية المساجد على اعتبار أنها أخف وقعا ً من قضايا أخرى كالاعتداء على أعراض بعض النساء و التعذيب في السجون.
و بغض النظر عن تجنب أوباما لهذه الأمور فإن هذا سوف يؤسس إلى تحرك جديد تقوم به المنظمات الحقوقية و الإنسانية في البحرين و خارجها. هذا التحرك سوف يؤكد و بالدلائل الواضحة و الدامغة أن ما يجري في البحرين ليس فقط مجرد إظهار للقوة في سبيل إعادة النظام و إنما هو أمر يتعداه ليصبح في عداد الجرائم ضد الإنسانية. و لا يخفى على احد بأن قضية الشعب البحريني تناقش اليوم في محكمة العدل الدولية (لاهاي). و لا يعتقد أحد بأن أموال النفط قد تنجح في التغطية على هذه الجرائم فالعالم الغربي و صحافته بدأوا يضجون من فظاعة الصور و الروايات و الوقائع التي تجري داخل البحرين و حتى قسوة الأحكام الصادرة بحق المعارضين. و هذا كله صار يشكل عبئا ً على الإدارة الأمريكية التي وجدت نفسها مضطرة للضغط على البحرين و حلفائها لتغيير الاسلوب المتبع و العودة إلى طاولة الحوار و ليس أي حوار بل الحوار الحقيقي.
إن خطاب الرئيس أوباما لم يأت بجديد بحسب بعض الكتاب و أصحاب الأقلام العربية لأن وقع الكلمات عن المساجد الشيعية التي تعرضت للهدم كان أقوى من ان يتم استيعابها بل إن معظم الصحف و المواقع الإلكترونية العربية تجاهلتها. أما الشعب البحريني فقد كان هذا التصريح بمثابة دعم لهم في قضيتهم العادلة و المطالبة بالإصلاح. و الغريب أن يتحدث اوباما عن هدم المساجد في حين يصمت ملايين العرب و المسلمين عن هذا الأمر. فهل كان أوباما أكثر إسلاما ً من ملايين المسلمين أم أنه شيعي و ذو أصول إيرانية ؟!
لابس عنده ضمير ووجدان انساني وغيرطائفي عفن