الحكومة الأفغانية تلتزم جانب الصمت إزاء الظلم الذي يواجهه الشيعة في أفغانستان ورغم علمها بسلمية نشاطات رجال الدين الشيعة لكنها تبادر إلى زجهم في السجون بذريعة إقرار الأمن وفي الوقت ذاته لا تعير أهمية لعمليات الاغتيال التي يتعرضون لها من قبل الزمر الإرهابية.
وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء أن ولاية هرات الأفغانية تعاني في هذه الأيام من أوضاع متأزمة تمثلت في استهداف أتباع أهل البيت (ع) ولا سيما رجال الدين الشيعة حيث اعتقل العديد منهم فيما اغتيل البعض الآخر.
قبل عامين اغتيل المجاهد البارز سماحة الشيخ عزيز الله نجفي في ولاية هرات وفي يوم الجمعة الماضي تعرض سماحة السيد يونس علوي لعملية اغتيال من قبل مسلحين مجهولين، وفي الحين ذاته اعتقلت القوات الحكومية سماحة الشيخ قربان غلام بور الذي يعتبر أحد العلماء الناشطين على الساحة الأفغانية في ولاية هرات بالتحديد الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول تزامن الاغتيالات مع الاعتقالات رغم حاجة أفغانستان الماسة إلى الاستقرار وعدم إثارة الاضطرابات.
هذه العمليات المشبوهة تتزامن اليوم مع تزايد النشاطات الإرهابية في أفغانستان من قبل الزمر الوهابية التكفيرية بدعم لا محدود بعض الأنظمة الرجعية العربية وعلى رأسها النظامان السعودي والقطري، وفي السياق ذاته صرح المساعد الأول في البرلمان الأفغاني قبل أيام لقناة البي بي سي بوجود مساعي لكبح الحركات الإرهابية في مختلف مناطق أفغانستان وليس في ولاية ننكرهار فحسب، وقبل ذلك أفشى هذا المسؤول عن معلومات تفيد بأن بعض المسؤولين في الحكومة الأفغانية على ارتباط وثيق مع زمرة داعش الإرهابية ويقدمون لها الدعم السياسي وراء الكواليس.
وقبل مدة نشر موقع “بينوا” أن المناطق الخاضعة لسلطة زمرة داعش التكفيرية الوهابية في النواحي الشرقية من أفغانستان تتعرض بين الفينة والأخرى لهجمات جوية لكن الضحية هم السكنة المحليون وليس الدواعش وهذه الأحداث تجري وسط صمت إعلامي حكومي مشهود بحيث إن وسائل الإعلام التابعة للحكومة لا تبث أخباراً أو صوراً عما يجري، والمثير للجدل أن العديد من المسؤولين الحكوميين وجهت لهم تهم حول تعاونهم مع الدواعش ولا سيما المدعو حنيف اتمر، لكن الحكومة أيضاً تلتزم جانب الصمت إزاء ذلك.
وهناك اكثير من التساؤلات حول عدم اتخاذ قوات الأمن الأفغانية أية إجراءات ملحوظة تجاه الدواعش والمسؤولين السياسيين الذين يقدمون الدعم لهم في الوقت الذي تتخذ أقسى الإجراءات في تعاملها مع الشيعة وعلمائهم حيث يتم اعتقالهم وزجهم في السجون بكل سهولة ودون أي مسوغ قانوني!
والمثير للجدل أيضاً أن أبناء الشعب الأفغاني الأوفياء لوطنهم يمقتون اسم قطر والسعودية ويعتبرانهما العدو اللدود لبلدهم ولكن مع ذلك نجد أقزام الوهابية القطرية السعودية يصولون ويجولون غربي أفغانستان في إطار زمر تكفيرية تحت مسميات عديدة أبرزها تنظيم داعش حيث يحرقون الحرث والنسل ولا يفرقون بين مسلم وغير مسلم ولا بين شيعي وسني لكونهم استهدفوا أهل السنة الأحرار وغير الموالين لنظامي قطر والسعودية واغتالوا علماءهم إلى جانب اغتيالهم علماء الشيعة، ففي مدينة “شيندند” انتفض الناس ضد الفكر الوهابي التكفيري إثر اغتيال مولوي محمد هاشم أحد أبرز علماء أهل السنة هناك مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات جادة إزاء هذه العمليات الإجرامية.
وإثر عملية الاغتيال هذه نقل عن والي ولاية هرات جيلاني فرهاد أنه صرح قائلاً: هذا العالم البارز كان يزاول نشاطاته حفاظاً على وحدة الشعب وانسجامه لكن الوهابيين اغتالوه رمياً بالرصاص في المسجد الجامع بمدينة شيندند.
وما يثير الشكوك حول النشاطات المشبوهة لنظامي الدوحة والرياض هو تلك الرحلات المكوكية المتواصلة لمشايخ الوهابية في غرب أفغانستان ولا سيما ولاية هرات حيث يروم هؤلاء تحقيق أهداف شيطانية تستهدف الشعب الأفغاني بكل طوائفه في ظل استثمارات ومشاريع بمسميات عديدة ولكن مهمتهم الأساسية هي تعزيز بنية المد الوهابي التكفيري هناك وإثارة الفتن الطائفية الأمر الذي أثار سخط أهالي هرات معتبرين أن شيوخ الوهابية العرب هم الذين تسببوا في ويلات الشعب الأفغاني وأراقوا دمائه مطالبين الحكومة بطردهم وعدم فسح المجال لهم لإفساد فكر الشباب وإزهاق الأرواح.
الحكومة الأفغانية بدورها تزعم أنها تعمل على استتباب الأمن في البلاد والرئيس محمد أشرف غني دعا العلماء في بلده للتعاون مع الحكومة بغية تحقيق هذا الهدف لكن حكومته في الوقت ذاته تلتزم الصمت إزاء ما يواجهه الشيعة هناك ولا سيما علماؤهم الذين يتعرضون لعمليات اغتيال ممنهجة، وما زاد الطين بلة أن قوات الأمن بدورهم يقومون باعتقالات غير مبررة لرجال الدين الشيعة وسط تساؤل شعبي عن السبب الكامن وراء هذه الإجراءات المشبوهة الأمر الذي ينم عن أن الحكومة ما زالت تعاني من نقص في منظومتها الإدارية.