الرئيسية / من / طرائف الحكم / فاطمة ( عليها السلام ) حجة الله الكبرى

فاطمة ( عليها السلام ) حجة الله الكبرى

إذن بعد الامتحان والاختيار والمشارطة من الله تعالى بترك حب الدنيا والزهد فيها
وبعد العلم من الله بهم بأنهم أوفياء كانت النتيجة النهائية لهذا الامتحان والاختبار
وهي :
1 – الاستخلاص والاصطفاء .
2 – القبول من الله تعالى لهم .
3 – الذكر العلي والثناء الجلي للأنبياء ” أي قدم إليهم ذلك ” .
4 – إنزال الوحي عليهم .
5 – كانوا الحجج على الخلق من قبل الله تعالى .
أما لماذا الاستخلاص والاصطفاء وتقديم هذه الأمور للأنبياء ( عليهم السلام ) ؟ فنقول :
إن هذا كله لكي يكون :
* إقامة للدين ” إقامة لدينك ” أي تقديم وإقامة النظام والأكمل للبشرية .
* ولئلا يزول الحق عن مقره ويغلب الباطل على أهله .
* ولئلا يقول أحد لولا أرسلت إلينا رسولا منذرا وأقمت لنا علما هاديا فنتبع
آياتك من قبل إن نذل ونخزى .
هكذا كان الامتحان والاختبار بالنسبة للأنبياء بحيث زهدوا في حب الدنيا فكانوا من
المقربين لدى الله تعالى .
أما ما علاقة هذه الأمور بكون فاطمة حجة على الأئمة ؟
فنقول : نحن عندما نزور الأئمة ( عليهم السلام ) بالزيارة الجامعة الكبيرة المروي عن الإمام
الهادي ( عليه السلام ) باعتبار أنها جامعة لكل الفضائل والدرجات والمقامات للأئمة ( عليهم السلام ) لا نزور
بها فاطمة ( عليها السلام ) ؟ لماذا ؟ لأنها لها زيارة مخصوصة وهي زيارتها يوم الأحد من كل
أسبوع حيث تقول هذه الزيارة ” السلام عليك يا ممتحنة امتحنك الذي خلقك قبل
أن يخلقك وكنت لما امتحنك صابرة ” .
إذ نفهم من هذه الزيارة المخصوصة امتحان الزهراء ( عليها السلام ) قبل خلقها ، لإظهار مقامها
حيث امتحنها فكان لها المقام السامي فأصبحت الصابرة ، والمعروف أن الامتحان
يمتحن به الإنسان ليعرف مدى استعداداته وقابلياته ” عند الامتحان يكرم المرء أو
يهان ” وكذلك عرف الامتحان ليكون لزيادة منزلة ولأسباب أخرى ، وهذا ما جرى
مع فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) حيث امتحنها الله تعالى لكي تكون حاملة لشئ اقتضت إرادة
السماء وذلك نتيجة لنجاحها في الامتحان حيث استحقت لقب الصابرة ، أما ماهية هذا
الامتحان وعلى أي موضوع جرى امتحان الزهراء ( عليها السلام ) من قبل الله تعالى فهذا
ما نتركه إلى بحث آخر إن شاء الله .
ولكن المهم فيما نحن فيه هو أن الله تعالى وجدها صابرة وهذا من المقامات العالية
فنحن نعلم ، أن من ألقابها الصابرة ، والصبر مقام سامي ، أما معرفة علو شأن هذا المقام
فهذا نراه من خلال القرآن الكريم ، حيث أثبت الله تعالى الثواب لكثير من الفضائل
الموجودة في القرآن أما الصبر والصابر فأن أجرهم غير محدود وهذا ما نجده في قوله
تعالى * ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) * يعني أنه لا يوجد أجر محدود
للصابر وللصبر بل أجره مفتوح وهذا يؤدي إلى أن الصبر يكون في أعلى مقامات
الفضائل الأخلاقية ، ومن هنا كان الصبر أم الأخلاق بل هو أفضلها وأحسنها في كل
شئ فما من شئ إلا ومقرون الصبر معه فالصلاة مقرون بالصبر عليها والطاعة
كذلك والإيمان لا بد من الصبر عليه لإثباته على النفس الإنسانية ولذلك جعل الصبر
من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد كما ورد في الحديث الشريف ذلك ، فإذا كان الصبر
هكذا مقامه فإنه سوف يكون الأساس لكثير من الأخلاق ، فلذا كان الزهد فرع من
الأصل والأم الذي هو الصبر وليس العكس صحيح فالزاهد لا يكون زاهدا حتى
يصبر ويصبر نفسه على ترك الدنيا وزخرفها وأموالها وكل شئ يؤدي به إلى الزهد ،
ومن هنا كان بيت القصيد وهو أن الزهراء حجة على الأنبياء من جهة صبرها في عالم
الغيب والشهادة وصبرها في الدنيا على ما جرى عليها من المحن والظلم ، وكذلك كانت
الحجة على الأنبياء كما شهدت الكثير من الروايات الشريفة ، وكما سيأتي بعد قليل
رواية مهمة تثبت هذه الفضيلة للزهراء ، وهذا أيضا ما أثبتته الشواهد فنحن نجد أن
الكثير من الأنبياء كانوا يدعون الله تعالى أن يطول عمرهم وهذا بخلاف فاطمة
الزهراء ( عليها السلام ) حيث كانت مستبشرة عندما أخبرها النبي الأعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنها أول
أهله لحوقا به وهذا ما ذكره العلامة الأردبيلي ( رحمهم الله ) في فضيلتها من جهة كونها تحب
الموت ولا تكرهه حيث قال العلامة الأردبيلي ما نصه :
إن الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة على النفور منه ، محبة للحياة ،
مايلة إليها ، حتى الأنبياء ( عليهم السلام ) على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من
الله تعالى ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم
أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه . وقصة آدم ( عليه السلام ) مع طول عمره
وامتداد أيام حياته معلومة .
قيل : أنه وهب داود ( عليه السلام ) حيث عرضت عليه ذريته أربعين سنة من عمره فلما استوفى
أيامه وحانت منيته وانقضت مدة أجله وحم حمامه جاءه ملك الموت يقبض نفسه
التي هي وديعة عنده فلم تطب بذلك نفسه وجزع وقال : أن الله عرفني مدة عمري
وقد بقيت منه أربعون سنة ، فقال : إنك وهبتها ابنك داود فأنكر أن يكون ذلك ، قال
النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : فجد فجهدت ذريته .
ونوح ( عليه السلام ) كان أطول الأنبياء ، أخبر الله تعالى عنه أنه لبث في قومه ألف سنة إلا
خمسين عاما فلما دنا أجله قيل له : كيف رأيت الدنيا ؟ فقال : كدار ذات بابين دخلت في
باب وخرجت من باب . وهذا يدل بمفهومه على أنه لم يرد الموت ولم يؤثر مفارقته .
وإبراهيم ( عليه السلام ) : روي أنه سأل الله تعالى أن لا يميته حتى يسأله ( عليه السلام ) فلما استكمل أيامه
التي قدرت له خرج فرأى ملكا على صورة شيخ فان كبير قد أعجزه الضعف وظهر
عليه الخراف ” أي فساد العقل من الكبر ” ، ولعابه يجري على لحيته وطعامه وشرابه
يخرجان من سبيله عن غير اختياره ، فقال له : يا شيخ كم عمرك ؟ فأخبره بعمر يزيد
على عمر إبراهيم بسنة ، فاسترجع وقال : أنا أصير بعد سنة إلى هذه الحال فسأل
الموت . فهؤلاء الأنبياء ممن عرفت شرفهم وعلاء شأنهم وارتفاع مكانهم ومحلهم في
الآخرة وقد عرفوا ذلك وأبت طباعهم البشرية إلا الرغبة في الحياة . وفاطمة ( عليها السلام ) امرأة
حديثة عهد بصبي ذات أولاد صغار وبعل كريم لم تقض من الدنيا إربا ” أي حاجة “
وهي في غضارة عمرها وعنفوان شبابها يعرفها أبوها أنها سريعة اللحاق به فتسلوا
موت أبيها ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتضحك طيبة نفسها بفراق الدنيا وفراق بنيها وبعلها ، فرحة بالموت
مايلة إليه مستبشرة بهجومه مسترسلة عند قدومه وهذا أمر عظيم لا تحيطه الألسن
بصفته ولا تهتدي القلوب إلى معرفته وما ذاك إلا لأمر علمه الله من أهل البيت الكريم
وسرا وجب لهم مزية التقديم فخصهم بباهر معجزاته وأظهر عليهم آثار علائمه
وسماته وأيدهم ببراهينه والصادقة ودلالاته ، والله أعلم حيث يجعل رسالته ( 1 ) .
جوهرة القدس من الكنز الخفي * بدت فأبدت عاليات الأحرف
وقد تجلى في سماء العظمة * من عالم الأسماء أسمى كلمة
بل هي أم الكلمات المحكمة * في غيب ذاتها نكات مبهمة
أم الأئمة العقول الغر بل * أم أبيها وهو علة العلل ( 1 )
أليس ذلك من الفضائل العالية حيث كانت الزهراء ( عليها السلام ) حجة على الأنبياء باعتبار
صبرها وفضلها . أما كونها ( عليها السلام ) حجة على الأئمة كما هي حجة على الأنبياء فهذا
ما يتبين لنا من خلال عدة أحاديث مأثورة عن أهل بيت العصمة ( عليهم السلام ) ،

شاهد أيضاً

20-21-22-23-24 صلوات الليالي ودعوات الايّام في شهر رمضان

صلوات اللّيلة العشرين والحادِية والعشرين والثّانِيَة والعِشرين والثّالِثَة والعِشرين والرّابعة والعِشرين: في كُل مِن هذه ...