الرئيسية / شخصيات أسلامية / ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

في المذحجيين
من أنصار الحسين ( عليه السلام )
هاني بن عروة المرادي
هو هاني بن عروة بن نمران بن عمرو بن قعاس بن عبد يغوث بن مخدش بن
حصر بن غنم بن مالك بن عوف بن منبه بن غطيف بن مراد بن مذحج ، أبو يحيى
المذحجي المرادي الغطيفي . كان هاني صحابيا كأبيه عروة ، وكان معمرا ، وكان هو
وأبوه من وجوه الشيعة . وحضر مع أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حروبه الثلاث ، وهو القاتل
يوم الجمل :
يا لك حربا حثها جمالها * يقودها لنقصها ضلالها
هذا علي حوله أقيالها
قال ابن سعد في الطبقات : إن عمره كان يوم قتل بضعا وتسعين ( 1 ) . وذكر بعضهم
أن عمره كان ثلاثا وثمانين ( 2 ) . وكان يتوكأ على عصا بها زج ، وهي التي ضربه بها
ابن زياد .
وروى المسعودي في مروج الذهب : أنه كان شيخ مراد وزعيمها ، يركب في
أربعة آلاف دارع ، وثمانية آلاف راجل ، فإذا تلاها أحلافها من كندة ركب في
ثلاثين ألف دارع ( 1 ) .
وذكر المبرد في الكامل وغيره في غيره أن عروة خرج مع حجر بن عدي ، وأراد
قتله معاوية فشفع فيه زياد ابن أبيه ، وأن هانيا أجار كثير بن شهاب المذحجي حين
أختان مال خراسان وهرب منها ، وطلبه معاوية فاستتر عند هاني ، فنذر معاوية دم
هاني فحضر مجلسه ومعاوية لا يعرفه ، فلما نهض الناس ثبت مكانه فسأله معاوية
عن أمره ؟ فقال : أنا هاني بن عروة صرت في جوارك . فقال له معاوية : إن هذا اليوم
ليس بيوم يقول فيه أبوك :
أرجل جمتي واجر ذيلي * وتحمي شكتي أفق كميت
أمشي ( 2 ) في سراة بني غطيف * إذا ما سامني ضيم أبيت
فقال له هاني : أنا اليوم أعز مني ذلك اليوم ، فقال : بم ذاك ؟ قال : بالإسلام ، فقال :
أين كثير ؟ قال : عندي في عسكرك ، فقال : أنظر إلى ما اختانه فخذ منه بعضا وسوغه
بعضا ( 3 ) .
وقال الطبري : لما أخبر معقل عين ابن زياد بخبر شريك ومسلم وأنه عند هاني
طلب ابن زياد هانيا فأتى به وما يظنه أنه يقتله ، فدخل عليه فقال له :
أتتك بحائن رجلاه تسعى
فقال : وما ذاك أيها الأمير ؟ فجعل يسأله عن الأحداث التي وقعت في داره وهو
ينكرها ، فأخرج إليه معقلا ، فلما رآه عرف أنه عين فاعترف بها ، وقال لابن زياد : إن
مسلما نزل علي وأنا أخرجه من داري . فقال ابن زياد : ألم تكن عندك لي يد في
فعل أبي زياد بأبيك وحفظه من معاوية ؟ فقال له : ولتكن لك عندي يد أخرى بأن
تحفظ من نزل بي ، وأنا زعيم لك أن أخرجه من المصر ، فضربه ابن زياد بسوطه
حتى هشم أنفه ، وأمر به إلى السجن ( 1 ) .
وروى أبو مخنف : إن ابن زياد لما أبلغه معقل بخبر هاني أرسل إليه محمد بن
الأشعث ، وأسماء بن خارجة وقال لهما : أتياني بهاني آمنا . فقالا : وهل أحدث
حدثا ؟ قال : لا . فأتياه به وقد رجل غدير تيه يوم الجمعة فدخل عليه ، فقال ابن زياد له :
أما تعلم أن أبي قتل هذه الشيعة غير أبيك ؟ وأحسن صحبتك وكتب إلى أمير الكوفة
يوصيه بك ، أفكان جزائي أن خبأت في بيتك رجلا ليقتلني ؟ ! وذكر له ما أراده
شريك من مسلم وما امتنع لأجله مسلم ، فقال هاني : ما فعلت . فأخرج ابن زياد
عينه ، فلما رآه هاني علم أن وضح له الخبر ، فقال : أيها الأمير ، قد كان الذي بلغك ولن
أضيع يدك عندي أنت آمن وأهلك ، فسر حيث شئت ، فكبا عبيد الله ومهران قائم على
رأسه وبيد هاني معكزة بها زج يتوكأ عليها ، فقال مهران : واذلاه ! أهذا يؤمنك وأهلك ! ؟
فقال عبيد الله : خذه ، فأخذ بضفيرتي هاني وقنع وجهه ، فأخذ ابن زياد المعكزة
فضرب بها وجه هاني ، وندر الزج فارتز بالجدار ، ثم ضرب وجهه حتى هشم أنفه
وجبينه ، وسمع الناس الهيعة ، فأطافت مذحج بالدار فخرج إليهم شريح القاضي ،
فقال : ما به بأس ، وإنما حبسه أميره ، وهو حي صحيح . فقالوا : لا بأس بحبس
الأمير ، وجاءت أرباع مسلم بن عقيل فأطافوا بالقصر ، فخذلهم الناس ( 2 ) كما تقدم .
وبقي هاني عنده إلى أن قبض على مسلم فقتلهما وجرهما بالأسواق .
وفي ذلك يقول عبد الله بن الزبير الأسدي :
إذا كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هاني بالسوق وابن عقيل
إلى بطل قد هشم السيف وجهه * وآخر يهوي من طمار قتيل
ترى جسدا قد غير الموت لونه * ونضح دم قد سال كل مسيل
أيركب أسماء الهماليج آمنا * وقد طلبته مذحج بذحول
تطيف حواليه مراد وكلهم * على رقبة من سائل ومسول
وكان قتل هاني يوم التروية سنة ستين مع مسلم بن عقيل ، ولكن مسلما قتله
بكير بن حمران كما مر ، ورماه من القصر ، وهاني أخرج إلى السوق التي يباع بها
الغنم مكتوفا فجعل يقول : وامذحجاه ولا مذحج لي اليوم ، وامذحجاه وأين مني
مذحج ؟ فلما رأى أن أحدا لا ينصره جذب يده فنزعها من الكتاف ثم قال : أما من
عصى أو سكين أو حجر يجاحش به رجل عن نفسه ، فتواثبوا عليه وشدوه وثاقا ،
ثم قيل له مد عنقك ، فقال : ما أنا بها جد سخي ، وما أنا معينكم على نفسي ، فضربه
رشيد التركي مولى عبيد الله فلم يصنع به شيئا . فقال هاني : إلى الله المعاد ، اللهم إلى
رحمتك ورضوانك ، ثم ضربه أخرى فقتله ، ثم أمر ابن زياد برأسيهما فسيرهما إلى
يزيد مع هاني الوادعي والزبير التميمي . كما تقدم في ترجمة مسلم .
قال أهل السير : ولما ورد نعيه ونعي مسلم إلى الحسين ( عليه السلام ) جعل يقول : ” رحمة
الله عليهما ” يكرر ذلك ثم دمعت عينه .
وقال الطبري : لما كان يوم خازر نظر عبد الرحمن بن حصين المرادي لرشيد
فقال : قتلني الله إن لم أصله فأقتله أو أقتل دونه ! فحمل عليه بالرمح فطعنه وقتله
ورجع إلى موقعه ( 1 ) .
( ضبط الغريب )
مما وقع في هذه الترجمة :
( غطيف ) : بالغين المعجمة والطاء المهملة والياء المثناة تحت والفاء مصغرا .
( مذحج ) : كمجلس قبيلة معروفة .
( بضع ) : بكسر الباء وسكون الضاد المعجمتين والعين المهملة وهو ما بين الاثنين
والعشرة في المذكر وبضعة كذلك في المؤنث . قيل : ولا يقال على ما فوق العشرة ،
وقيل : يقال ولا يقال على ما فوقها ، فعلى الثاني يقال : بضع عشرة وبضع وعشرون
ولا بضع ومائة دون الأول . فأما نيف فهو من واحد إلى عشرة في المذكر والمؤنث .
( أرجل ) : أسرح . ( جمتي ) : الجمة بالضم شعر الرأس . ( شكتي ) : الشكة بالكسر
السلاح .
( أتتك بحائن رجلاه تسعى ) : الحائن الميت من الحين بفتح الحاء وهو الموت ،
وهذا مثل معروف أول من قاله المحرق لوافد البراجم .
( عبد الله بن الزبير ) : بفتح الزاء المعجمة غير مصغر من بني أسد بن خزيمة كان
يتشيع .
( الهماليج ) : جمع هملاج وهو البرذون . ( يجاحش ) : يدافع .
( خازر ) : – بالخاء والزاء المعجمتين ثم الراء – نهر بين موصل وإربل كانت به
الوقعة التي قتل بها إبراهيم بن مالك الأشتر عبيد الله بن زياد في أيام المختار سنة
ست وستين .

شاهد أيضاً

ابصار العين في انصار الحسين عليه وعليهم السلام

الفائدة السادسة عشرة قتلت مع الحسين في يوم الطف امرأة واحدة وهي أم وهب النمرية ...