الرئيسية / شخصيات أسلامية / الحقيقة الوجوديّة والخلقة النورانيّة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

الحقيقة الوجوديّة والخلقة النورانيّة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم

الأخلاق الحكوميّة

العبوديّة والطاعة المحضة لله:

عندما تريدون ذكر اسم رسول الله أثناء التشهّد في الصلاة وعندما تريدون احترامه تقولون “وأشهد أنّ محمدًا عبده“, فإنّكم تذكرون العبوديّة أوّلًا ثمّ تقولون بعد ذلك “ورسوله“. العبوديّة أعلى من الرسالة، العبوديّة أساس وجوهر العمل[1].

 

الأساس هو العبوديّة لله:

تتجلّى قيمة والد فاطمة (صلوات الله عليهم) عند الله في العبوديّة، مع الإشارة إلى أنّ فاطمة هي مبدأ ومنبع فضائل كافّة المعصومين، لكنها وأمير المؤمنين  عليهما السلام (بمثابة) قطراتٌ من بحر وجود الرسول. “أشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله“, في البداية كانت عبوديّته ثم كانت رسالته وقد أُعطي مقام الرسالة له – وهو مقامٌ عالٍ – بسبب العبوديّة, فالله تعالى يعرف صنيعة يديه ومخلوقه[2].

 

الدعوة إلى الحقّ والحقيقة:

إنّ العمل المهمّ لرسول الله، هو الدعوة إلى الحقّ والحقيقة والجهاد في سبيل هذه الدعوة. لم يكن الرسول الأكرم مشوَّشًا في مواجهة العالم المظلم في زمانه, سواء عندما كان وحيدًا في مكة، أو عندما كان يحيط به قلّة من المسلمين في مواجهة قادة العرب المتكبّرين وصناديد قريش

وكبارهم مع ما امتازوا به من خلقيّات خشنة وأيدٍ مقتدرة، أو عندما كان في مقابلة عامة الناس الذين لم يكن لديهم نصيب من المعرفة، فلم يخف! كان يتحدّث بكلامه الحقّ، ويكرّر، ويوضّح ويتحمّل الإهانات ويتقبّل الصعوبات والآلام, حتّى تمكّن من إدخال الإسلام إلى جمعٍ كثير. لم يضعف الرسول لحظة واحدة في ساحة الدعوة والجهاد، وكان يتقدّم بقوّة بالمجتمع الإسلاميّ ليوصله إلى أوجّ العزّة والقوّة[3].

 

الجهاد في سبيل الدعوة إلى الحقّ:

لقد بدأ هذا المخلوق الإلهي الفريد، وهذا الإنسان الكامل الذي وصل إلى هذه المرحلة من الكمال قبل نزول الوحي الإلهي، ومنذ اللحظات الأولى للبعثة، جهادًا مركّبًا وصعبًا من كافّة الجهات فأمضى فيه ثلاثًا وعشرين سنة في غاية الصعوبة. كان جهادًا في داخله، وجهادًا مع الناس الذين كانوا لا يمتلكون أيَّ إدراك للحقيقة وجهادًا مع تلك الأجواء المظلمة بالمطلق… لقد ملأت صفحة التاريخ المظلمة، جوانب الحياة البشريّة. وقد بدأ جهاد الرسول مع تلك القدرة العظيمة والسعي المتواصل الذي لا توقف فيه منذ الساعات الأولى للبعثة وتلقّي الوحي الإلهي فكان ينزل الوحي الإلهي على قلبه المقدّس كالماء الزلال الذي ينزل على الأرض المستعدّة فيضفي عليه قوّةً, ليستعمل كافّة قواه لإيجاد تحوّل كبير في هذه الدنيا, وقد نجح في ذلك[4].

إنّ سيرة الأنبياء منذ البداية، هي الحركة والإقدام، ومنذ البداية، كانت تتحقّق تلك الشعارات الموجودة على ألسنتهم وفي أعمالهم. هذا ما حصل بالضبط في حياة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. منذ اللحظة الأولى، بدأ ذاك التعليم والتزكية وتلك الحركة في سبيل إقامة القسط. لذلك بدأ الصدام والمعارضة منذ اللحظة الأولى, منذ ذاك الزمان الذي بدأ فيه الرسول نشر دعوته على مستوى واسع استجابةً ل: ﴿وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ﴾[5]، واستمرّ الأمر إلى الوقت الذي شملت فيه الدعوة كافّة الناس وباتت علنيّة، وإلى زمان التحرّك نحو النظام الاجتماعي – الذي هو نظام العدل – وإقامته[6].

 

الوفاء بالعهود:

من جملة أخلاقه الحكوميّة أنّه كان وفيًا للعهد. لم ينقض عهدًا على الإطلاق. لم توفِ قريش بعهودها معه إلّا أنّه لم يقابلها بالمِثل. كذلك لم يوفِ اليهود بعهودهم مراتٍ عديدة, أمّا هو فلم يفعل ذلك[7].

لم ينقض الرسول العهد في أيّ من هذه القضايا. حتّى إنّ الأعداء يذعنون أنّ الرسول لم ينقض العهد في هذه القضايا, همُ الذين كانوا ينقضون العهد.

لم يتخلّف عن عهوده ومعاهداته مع الناس والمجموعات التي كان يقيم معها عهدًا، حتّى مع أعدائه وحتّى مع كفّار مكة. لم ينقض الرسول

عهده واتّفاقه معهم, هم الذين كانوا ينقضون, أمّا الرسول فكان يقدّم جوابًا قاطعًا. لذلك كان يعلم الجميع أنّهم عندما يعقدون اتفاقًا مع هذا الشخص، يمكن الوثوق به[8].

 

تأسيس الحكومة الإسلاميّة

بادر الرسول عند قدومه المدينة، إلى تأسيس الحكومة. ماذا تعني الحكومة؟ لم يذهب ويجلس في زاوية، ثمّ يقول للناس: بما أنّ أذى كفار قريش بات بعيدًا، فلهم الخيار في المجيء والحضور إليه إذا ما واجهتهم مسألة ما – أو أن يقول لهم: إذا أردتم تعلّم الصلاة، اذهبوا إلى فلان أو تعالوا إليّ لأعلّمكم. في البداية أسّس حكومة ورئاسة, هذا هو العمل الأوّل في الإسلام. ثمّ مباشرةً، بدأت هذه الحكومة ممارسة أعمالها القادرة: الحرب، الجهاد، وبعد ذلك إرسال الرسائل إلى هذا الجانب وذاك، وحلّ وفصل الأمور الأخرى. في مقابل هذه الحقيقة، فمن ذا الذي كان بإمكانه تقديم مفهوم مغاير لمفهوم اتحاد الدين والسياسة في الإسلام[9].

لم يأتِ أنبياء الله، ﴿إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ[10]. لقد جاء النبيّ ليطيعه الناس. لم يأتِ النبيّ ليستمع إلى صاحب مسألة وليتحدّث بعدد من المسائل التي يستمع إليها البعض ولا يستمع آخرون. قد تصل الأمور إلى الحرب في سبيل تثبيت هذا الفكر الإلهي, ﴿رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ[11]. كم تعرفون من الأنبياء الذين, ﴿قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾ كان هناك أنبياء، إلا أنّنا لا نعرفهم ولا خبر لدينا عنهم. من أُولى المطالب التي وضعها الرسول في برنامجه منذ دخوله المدينة وتأسيس الحكومة الإسلاميّة، هو مطلب إظهار قوة الحكومة, وهذا يعني أنّ النبيّ عندما دخل، دخل حاكمًا, مع أنّ الناس لم يكونوا قد دعوه للحاكميّة, بل دعوه لقبول دينه. إنّ الخلفيّة الحكوميّة التي أرادها الرسول عبارة عن المحبّة والعقيدة والإيمان. هكذا حكومة، هي أكثر الحكومات قوّةً ورفعةً. أوجد الرسول حصارًا (طوقًا) أمنيًّا حول المدينة بالاعتماد على هؤلاء الناس. أنتم تعلمون أنّ القتل والإغارة من جملة الأمور التي كانت بسيطة وسهلة عند القبائل العربية. بدأ الرسول منذ العام الأول, في البداية كانت السرايا، ثم الغزوات الفلانيّة وكان يوجّه اللوم إلى الأشخاص اللامبالين اتجاه هذه الحركة أو الذين كان الخوف يتسلّل إليهم، ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ﴾[12].

في يوم من الأيام قيل لهم لا تخطئوا. أين؟ في مكة. كان ذاك اليوم، يوم “كفّوا أيديكم“, ولكن عندما دخلتم المدينة اليوم، وأسّستم حكومة، هو يوم يجب فيه أن تعمل كلّ قواكم ومن جملتها قواكم الجسميّة (العضلات) وقوّة الحرب والتضحيات لإضفاء طابع القدرة على حاكميّة الإسلام. إنّ حاكميّة الإسلام هي من المعارف الإسلاميّة العالية[13].

 

الاهتمام الجديّ بتأمين مصالح المسلمين

الأخلاق الحكوميّة لذاك العظيم هي: اليقظة في مقابل وساوس الأعداء، والتواضع أمام المؤمنين والإطاعة المحضة والعبوديّة بالمعنى الحقيقي في مقابل أوامر الله والسرعة في العمل والتحرّك نحو مصالح المسلمين. هذه خلاصة عن شخصيّة ذاك العظيم[14].

ما من شيء يقرّبكم من الجنّة ويباعدكم عن النار إلّا وقد نهيتكم عنه وأمرتكم به[15]. لقد أوضح الرسول الأكرم كافّة الأمور التي تؤدّي بالإنسان والمجتمع الإنساني إلى السعادة. لم يوضّح ذلك فقط، بل عمل به أيضًا. في زمان الرسول، جرى تأسيس الحكومة الإسلاميّة، والمجتمع الإسلامي، وتمّ تطبيق الاقتصاد الإسلاميّ وأقيم الجهاد الإسلامي، وأُخذت الزكاة الإسلاميّة, أصبح البلد إسلاميًّا والنظام إسلاميًّا.

وأمّا مهندس هذا النظام وقائد هذا القطار في هذا الخطّ، فهو النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والشخص الذي كان يخلفه[16].

 

الصبر على المشقّات وتحمّلها

هنا تحمّل الرسول الأعظم مع أصحابه المخلصين، ثلاثة عشر سنة من المشقّات والمرارات حتّى تجذّرت غرسة الإسلام. وهنا حصلت بيعة العقبة مع أهل يثرب والهجرة المباركة إلى مدينة الرسول وتأسّست الحكومة الإسلاميّة بعد سنوات من المعاناة اليوميّة في شُعَبِ أبي طالب، وبعد تعذيب الأصحاب أمثال بلال وعمار وياسر وسمية وعبد الله بن مسعود والآخرين وبعد رحلة طويلة وشاقّة وعديمة النتائج للرسول بين قبائل مكّة والطائف[17].

… أحاطت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الكثير من التهديدات من كافّة الجوانب. فاضطرب بعضُ الناس وانهار آخرون واشتكى البعض، ولام آخرون الرسول ودعوه للصلح, أمّا الرسول فلم يضعف للحظة واحدة في ساحة الدعوة والجهاد وتقدّم بالمجتمع الإسلاميّ بقوّة ليصل به إلى قمّة العزّة والقوّة. حيث تمكّن هذا النظام والمجتمع في السنوات اللاحقة أن يصبح القوة الأولى على مستوى العالم ببركة صمود الرسول في ساحات الحرب والدعوة[18].

إيجاد النظام في المجتمع

كانت إدارته الاجتماعيّة والعسكريّة في أعلى مستوياتها، فكان يلاحق كافّة الأمور. طبعًا كان المجتمع صغيرًا, المدينة وأطرافها، وبعد ذلك أضيف إليه مكّة ومدينة أو مدينتان أخريان, إلّا أنّه كان مهتمًّا بأمور الناس وكان منظّمًا ومرتّبًا. وقد أجرى في ذاك المجتمع البدوي، والإدارة والحساب والمحاسبة والتحفيز والتنبيّه بين الناس. هذه هي الحياة الاجتماعيّة للرسول التي يجب أن نقتدي بها جميعًا، من مسؤولي البلد وأفراد الشعب[19].

 

العمل لإيجاد العدل بين الناس

النقطة الأخرى في الدعوة الإسلاميّة، عبارة عن إيجاد العدل بين الناس. من جملة خصوصيّات الجاهليّة، أنّها نظامٌ ظالم. كان الظلم، عرفًا رائجًا… فعمل الإسلام على النقطة المقابلة، جاء بالعدل, ﴿إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ[20]. فهو من خصوصيّات المجتمع الإسلاميّ والعدل وليس مجرد شعار، بل يجب على المجتمع الإسلاميّ أن يتحرّك نحو العدل، وإذا كان العدل مفقودًا عليه أن يوجده. فإذا ما كان في العالم نقطتان متقابلتان إحداهما العدل والأخرى الظلم، وكلتاهما غير إسلاميّة، فالإسلام يُظهر موافقته على نقطة العدل تلك، حتّى لو كانت غير إسلاميّة. الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي أرسل المهاجرين إلى

الحبشة، أي إنّه هو الذي أرسلهم ليكونوا في حماية ملكٍ (غير مسلم)، وذلك بسبب العدل. بعبارةٍ أخرى أبعد الناس عن البيئة التي يعيشون فيها وعن مكان حياتهم بسبب الظلم الذي كان يمارَس عليهم[21].

خلاصة معنى ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾[22] أن يعيش الناس في بيئةٍ عادلة ومجتمعٍ عادل ونظامٍ عادل, لهذا الأمر جاء الرسول, جاء لإيجاد عالَمٍ عادل ومجتمع ونظام عادلَين. طبعًا في النظام العادل يجد البشر الفرصة للوصول إلى التكامل والتعالي, ﴿لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾. ويقول بعد ذلك: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ[23]. هل يكفي مجرّد الحديث والموعظة وأن نقول للناس تعالوا لإقامة نظامٍ عادل؟ لو فرضنا أنّ النّاس تمكّنوا من إقامة نظام عادل، فهل سيسمح الذئاب والسارقون والمجرمون ببقاء هذا النظام العادل؟ لذلك أنزلنا الحديد. لماذا أنزلنا الحديد؟ عندما نرجع إلى كتب الحديث، نجد الإمام عليه السلام عندما فَسّر الآية، ووصل إلى ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ﴾، قال “السلاح“, السيف، السهم، الأسلحة التي تُصنع من الحديد. يتحدّث الله تعالى عن السلاح، إلى جانب الحديث عن دعوة النبوة, يتحدّث عن الأسلحة والقوة القاهرة، إلى جانب الموعظة التي فرضها على الأنبياء، وإلى جانب تأسيس النظام التوحيدي والإلهي.

المداراة

عاش الناس معه عشر سنوات ليل نهار, ذهبوا إلى منزله وزارهم في منازلهم، وكانوا معًا في المسجد وفي الطريق، وسافروا معًا وناموا وجاعوا وفرحوا… إنّ هؤلاء الناس الذين عاشوا معه عشر سنوات، كانت تتعمّق في قلوبهم محبّته والاعتقاد به يومًا بعد يوم. عندما تخفّى أبو سفيان، أثناء فتح مكة، ودخل معسكر النبيّ بحماية وتشجيع من العباس – عم النبيّ – ليحصل على الأمان، شاهد النبيّ يتوضّأ صباحًا، والناس مجتمعون حوله لالتقاط قطرات الماء التي تنزل من وجهه ويديه! قال حينها: إنّه رأى كسرى وقيصر – الملكين الكبيرين والقويّين في العالم – إلّا أنّه لم يشاهد فيهما هذه العزّة[24].

المشهد الآخر من حياة الرسول، سلوكه وتصرّفه مع الناس. لم ينس على الإطلاق الخُلق والطبع الشعبي والمحبّة والرفق بالناس والسعي إلى إرساء العدل بينهم. كان يعيش كما الناس وبينهم، كان يجلس وينهض معهم، كان صديقًا ورفيقًا للغلمان وطبقات المجتمع المتدنّية، كان يتناول الطعام معهم ويجالسهم، ويُظهر لهم المحبة والمداراة. لم تغيّره السلطة ولا الثروة الوطنية. لم يختلف سلوكه في المرحلة الصعبة عنه في مرحلة انتهاء الصعوبات. كان مع الناس ومن الناس في كافّة الأحوال! كان يرفق بهم ويريد لهم العدل[25].

الدعوة إلى الولاية

إنّ الشخص الذي يجري الحديث عنه في هذا اليوم (عيد الغدير), أي الوجود المقدّس لأمير المؤمنين، مولى المتّقين عليه السلام، كان قدوة وشخصيّة ممتازة في قسمَي الولاية, الولاية على نفسه وإخضاعها وهذا هو الجزء الأساس، وفي القدوة التي قدّمها فيما يتعلّق بالحكومة الإسلاميّة والولاية الإلهية. و إنّ النموذج الأتمّ والأسوة (الساطعة) في التاريخ لكلّ من أراد معرفة الولاية الإلهيّة، يكمن هنا. إنّ الذي يجب أن يُطرح كدرسٍ لنا اليوم… هو أن نبذل جهودًا حقيقيّة وأن نجاهدَ في هذين القسمَين من الولاية اللّذين لمع فيهما مولانا ومحبوبنا عليّ بن أبي طالب عليه السلام حيث يمكن أن تكون كلّ كلمة من كلامه وكلّ حركة من حركاته درسًا لكلّ إنسان… وفي باب الولاية ساحتان أساسيّتان:

الأولى: ساحة النفس الإنسانيّة، حيث يمكن للإنسان أن يجعل للإرادة الإلهيّة ولاية على نفسه فيُدخل نفسه في ولاية الله، هذه هي الخطوة الأولى والأساسيّة وما لم يتحقّق ذلك لن تتحقّق الخطوة الثانية.

الثانية: هي إدخال بيئة الحياة في ولاية الله أي أن يتحرّك المجتمع بالولاية الإلهيّة بحيث لا يمكن لأيّ ولاية -من ولاية المال، وولاية القوم والقبيلة، وولاية القوّة، وولاية السنن والآداب والعادات الخاطئة – أن تشكّل مانعًا عن ولاية الله أو أن تقدّم نفسها في مقابل ولاية الله[26].

لقد أدّى نبيّ الإسلام الأكرم إحدى أهمّ الواجبات اتّباعًا لأمر الله وعملًا بآيات القرآن الصريحة, ﴿وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ﴾[27], إنّ مسألة تنصيب أمير المؤمنين عليه السلام بالولاية والخلافة هي على درجة كبيرة من الأهمية بحيث إنّك إن لم تفعل ذلك، فلم تبلّغ رسالته! فإمّا أن يكون المقصود هنا أنّك لم تبلّغ الرسالة في هذه القضية على وجه الخصوص, لأنّ الله تعالى قد أمر ﴿بَلِّغْ﴾ وإمّا أن تكون المسألة أكبر من ذلك. وهي إيجاد خدشٍ في أصل رسالة الرسول من خلال عدم القيام بهذا العمل حيث تصبح القواعد متزلزلة – هذا الاحتمال موجود – وكأنّه لم يبلّغ أصل الرسالة. والمحتمَل أن يكون هذا هو المعنى، وفي هذا الحال تكون القضيّة شديدة الأهميّة. هذا يعني أن يصبح موضوع تأسيس الحكومة، وأمر الولاية وإدارة البلد جزءًا من النصوص الأساسيّة للدين وأنّ الرسول امتثل – مع كلّ عظمته – واهتمّ بإبلاغ الرسالة أمام أعين الناس، بأسلوبٍ وشكلٍ وكأنّه لم يُبلّغ أيّ أمرٍ واجب بهذا النحو, لا الصلاة، ولا الزكاة، ولا الصيام، ولا الحج[28].

 

اتّباع القانون الإلهي

كان صلى الله عليه وآله وسلم شديد المحافظة والرعاية للقانون ولم يسمح لأحد بأن ينقض القانون – سواء كان من جانبه أو من جانب الآخرين – فكان

محكومًا للقوانين. والآيات القرآنية تنطق بهذه المسألة. كان يعمل بشكل دقيق بالقوانين التي يجب على الناس العمل بها ولم يسمح بالتخلّف على الإطلاق. عندما جلبوا الرجال في حرب بني قريظة، فقتلوا الخائنين وأسروا الباقين وأحضروا أموال وثروات بني قريظة تحدّثت بعض نساء النبيّ إليه – ومن جملتهن أمّ المؤمنين زينب بنت جحش، أمّ المؤمنين عائشة، أمّ المؤمنين حفصة – وقلن: أعطنا مقدارًا من هذا الذهب وهذه الثروة التي جُمعت من اليهود لكنّ الرسول لم يلبِ طلبهنّ على رغم محبّته لهنّ وتصرّفه الحَسَنِ معهنّ. ولو أراد النبيّ أن يعطي نساءه من تلك الثروات، لما اعترض المسلمون بيد أنّه لم يكن مستعدًّا لذلك. أصرّت نساءه على ذلك، فابتعد الرسول عنهنّ مدّة شهر. بعد ذلك نزلت الآيات الشريفة في سورة الأحزاب: ﴿يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء[29]، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا[30]. أوضح الرسول لهن: أنّكنّ إذا أردتنّ الحياة معي، فالحياة، حياة زهد، لا مجال فيها لتجاوز القانون[31].

معرفة العدوّ

من جملة النّقاط المهمّة في حياة الرسول، أنّه كان لا يساوي بين الأعداء. بعض الأعداء، كان عداؤهم عميقًا, وإذا وجد الرسول أنّهم لا يشكّلون خطرًا أساسيًّا، كان يتركهم ويتساهل معهم. والبعض الآخر من الأعداء كانوا يشكّلون خطرًا، فكان يراقبهم أمثال عبد الله بن أبي. فقد تآمر عبد الله بن أبي -وهو منافقٌ من الطراز الأوّل- على الرسول, غير أنّ الرسول كان يراقبه فقط، ولم يتدخّل في أعماله وقد بقي حيًّا حتّى نهاية عمر الرسول. توفّي عبد الله بن أبي قبل وقت قصير من وفاة الرسول، إلّا أنّه تحمّله حتّى النهاية. كانت تلك مجموعة من الأعداء الذين كانوا لا يشكّلون تهديدًا حقيقيًّا للحكومة والنظام الإسلاميّين وللمجتمع الإسلاميّ, وأمّا الأعداء الذين كانوا يشكّلون خطرًا، فكان الرسول شديدًا عليهم. فقد أمر هذا الإنسان العطوف الرحيم المتسامح، بقتل الخائنين من بني قريظة – عدّة مئات من الأشخاص – في يومٍ واحد وأخرج بني النضير وبني قينقاع وفتح خيبر, لأنّهم كانوا أعداءً خطرين. تعامل معهم الرسول عندما دخل المدينة – بادئ الأمر- برفقٍ وعطف, إلّا أنّهم قابلوه بالخيانة وطعنوه من الخلف وتآمروا عليه وهدّدوه. تحمّل النبيّ عبد الله بن أبي, وتحمّل يهود المدينة, وتحمّل القرشي الذي آوى إليه أو الذي لا يشكّل خطرًا. وعندما فتح مكة، كان عطوفًا مع بعض الكبار ومن جملتهم أبي سفيان حيث زال خطرهم في حين أنّه قمع بشدّة هذا العدو الغدّار الخطير الذي لا يمكن الوثوق به[32].

أمرنا الإسلام بالمحبّة، والمداراة، واللطف، والتغاضي، والعفو عن العدو، – وليس فقط الصديق – فصديقنا هو منّا, فإذا أحببنا الأصدقاء فنحن لا نؤدّي عملًا مهمًّا بل إنّ القيمة في الرؤية الإسلاميّة والأخلاقيّة تبرز عند محبّة العدو, ونحن نرغب في إحياء هذه القيمة[33].

إنّ معرفة العدوّ، هي خلاصة كافّة تلك المعارف ومتمّمها ومكمّلها. وبدونها يكون قلب وذهن المسلم مخزنًا غير محصّن، وغير مصان أمام اعتداء الخائنين والمغيرين. وفي أعمال الحج نفسها يُعدّ رمي الجمرات رمزًا لمعرفة العدوّ ومحاربته, وقد تلا رسول الإسلام الأكرم آذان البراءة في الحجّ وردّدت حنجرة أمير المؤمنين آيات البراءة[34]، في تلك المراسم. وإذا تخلّص الإسلام والأمّة الإسلاميّة في يومٍ من الأيّام من وجود العدو الجرّار وأصبح هذا الشيء ممكنًا، فحينها سينتفي مسوّغ البراءة حينئذٍ من (المشركين)، ولكن مع وجود الأعداء وعدائهم الحالي، فإنّ الغفلة واللامبالاة بالبراءة هي من جملة الأخطاء الكبيرة[35].

 

العمل السياسي الدقيق في مواجهة العدوّ

كان قاطعًا وصريحًا. لم يتحدّث الرسول بكلامٍ يحمل وجهين. طبعًا عندما كان يواجه عدوًا، يؤدّي العمل السياسي بشكل دقيق فيُوقع العدوّ في الخطأ. وفي العديد من الموارد، غافَلَ الرسول العدو – سواء من الناحية العسكريّة، أو

من الناحية السياسيّة – غير أنّه كان مع المؤمنين ومع شعبه، صريحًا وشفافًا ويتحدّث بشكلٍ واضح ولم يتصرّف بنحوٍ سياسي، بل كان ليّنًا في الأماكن الضروريّة, مثال ذلك قضيّة عبد الله بن أبي الذي له قصّة مفصّلة[36].

تحرّك الرسول نحو مكّة قاصدًا العمرة. شاهدوا أنّه يتحرّك نحو مكّة في الشهر الحرام – وهو ليس شهر حرب حيث كانوا يحترمون الشهر الحرام – فماذا يفعلون؟ هل يفتحون الطريق ويسمحون له بالمجيء؟ ماذا سيفعلون إزاء هذا النجاح الذي أصابه، وكيف يمكنهم مواجهته؟ هل يتحرّكون في الشهر الحرام لحربه؟ كيف سيحاربون؟ في النهاية قرّروا وقالوا نذهب ولا ندعه يأتي إلى مكّة وإذا وجدنا مبرّرًا (أو سنحت الفرصة)، فسنقتل المسلمين بأجمعهم. تصرّف الرسول بدرجة عالية من الحنكة والتدبير للجلوس لتوقيع معاهدة معه على الرجوع, على أن يأتي في العام القادم لأداء العمرة, وبالتالي فتح كافّة الأجواء في المنطقة لتبليغ الرسالة. كان اسم ذلك صلحًا, لكنّ الله تعالى يقول في القرآن: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا[37]. إنّ الذين يراجعون المصادر التاريخيّة الصحيحة والدقيقة، سيشاهدون كم كانت قصّة الحديبيّة عجيبة. في العام التالي ذهب الرسول لأداء العمرة وكانت شوكة ذاك العظيم تزداد يومًا بعد يوم. بعد عام من ذلك – أي في السنة الثامنة – وعندما نقض الكفار العهد، ذهب الرسول وفتح مكة، حيث كان فتحًا عظيمًا ينبئ عن

اقتدار الرسول وتمكّنه وقوّته. بناءً على ذلك، اتّسم تعامل الرسول مع العدوّ بالتدبير والحنكة والاقتدار مع ما امتاز به من صبرٍ وتحمّل من دون أن يتطرّق إليه الاضطراب أو التراجع حتّى خطوة واحدة فكان يتحرّك نحو الأمام يومًا بعد يوم ولحظة بعد لحظة[38].

 

إيجاد أجواء الوفاء ومعرفة الحقّ

قرأت في حديث أنّ وفدًا جاء إلى الرسول الأكرم في المدينة، موفَدًا من النجاشيّ – ملك الحبشة – لإيصال رسالة! وهو ما كان متدَاولًا بين الدول. كان النجاشيّ ملكًا على الحبشة، وكان كالكثير من السلاطين والأمراء في ذاك الزمان، مسيحيًّا غير مسلم, وعندما قدّم الوفد من الحبشة، نهض الرسول من مكانه لاستقبالهم. تكلّم الأصحاب وقالوا: “يا رسول الله دعنا نحن نقوم بأمر استقبالهم وشأن ضيافتهم”. فأجابهم الرسول قائلًا إنّه يريد التعويض عن الاحترام والتكريم الذي لاقاه المسلمون عندما هاجروا إلى الحبشة. وهذه إشارة إلى معرفة الحقّ.

… لذلك تشاهدون أنّ الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, لم يوجّه جيشًا إلى الحبشة ولم يذهب إليها، على الرغم من دخوله حروبًا عديدة في حياته مع كفار قريش وخوضه عدّة حروب مع إمبراطورية الروم الشرقيّة -حيث كانت منطقة الشام وفلسطين خاضعة لها آنذاك – وتحرّكه ليشارك في معارك اليرموك ومؤتة وتبوك، ويخوض الجهاد والفتوحات في تلك النقاط!

… ليس صحيحًا أنّ الرسول كان يحارب كلّ ملك لا يقبل الإيمان الإسلامي, لا، فقد أبقى الرسول على معرفة العهد والحقّ (عرفان الجميل) وشكر النجاشي على محبّته، واستمرّ هذا الأمر في مرحلة الحكومة الإسلاميّة والعهد الذي كان الرسول فيه على رأس النظام الإسلامي.

في عهد الحكومة الإسلاميّة، جاءت امرأة إلى المدينة لرؤية الرسول. شاهد الأصحاب أنّ الرسول، قد أظهر الكثير من المحبّة لها، سأل عن أحوالها وأحوال عائلتها وتعاطى معها بمنتهى الاحترام واللطف. وبعد أن رحلت، توجّه الرسول إلى الأصحاب، محاولًا رفع تعجّبهم، موضّحًا أنّ هذه المرأة كانت تأتي إلى منزله في زمان خديجة (مرحلة الضغط والحصار والشدّة في مكة). لا بدّ أنّ ذلك كان في وقت حاصر فيه الجميع أصحاب الرسول، وكانوا لا يزورون السيّدة خديجة – زوجة الرسول الأكرم – فكانت هذه المرأة تتردّد إليها. لم تذكر الرواية أنّ هذه المرأة قد أصبحت مسلمة, لا. من المحتمَل أنّها لم تكن مسلمة، إلّا أنّ الرسول راعى هذا الحقّ لمجرّد وجود هذه الخصوصيّة، فأظهر المحبّة واللطف بعد سنواتٍ طويلة على ذلك[39].

 

الترويج للتعلّم

الآن، هنا – مكّة والمدينة – مركز الوحي ومحلّ نزول البركات الإلهيّة على جماعة مؤمنة ومقاومة تمكّنت ببركة الإيمان والعمل بالآيات الإلهيّة،

من النهوض من بين غبار الذلّ الذي رقد عليها, لتأخذ بعين الاعتبار الحريّة اللائقة للإنسان، وترفّع لواء الحريّة للبشريّة ونجاة الإنسان من سلطة إمبراطوريّات القوّة والظلم في ذاك الزمان، ولتؤسّس من خلال النور المعرفي الذي ينبع من القرآن، مركزًا عظيمًا للمعرفة البشريّة ولتتربّع لقرونٍ على منبر العلم والمعرفة البشريّة, ولتكون سخيّةً في تعليم البشريّة، فتقدّم أفضل الآثار العلميّة طيلة قرون متمادية وترسم (تحدّد) مصير عالم البشريّة بعلمها وسياستها وثقافتها, كلّ ذلك من بركات تعاليم الإسلام والحكومة الإسلاميّة الخالصة في عهد الرسول وفترة من صدر الإسلام حيث بقي المسلمون يتذوّقون ثمار ذلك على رغم تسلّط ونموّ الشجرة الخبيثة لحكومات السلطنة والارتداد عن المرحلة التوحيديّة[40].

 

تهيئة الأجواء للعمل والسعي في المجتمع

يجب تذكّر الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم والحديث عنه في الأيّام المخصّصة لاستذكار التعليم والتربية والإنتاج والعمل, لأنّ ذاك العظيم هو معلّم البشر ورافع لواء التعليم والتربية واحترام العمل والسعي[41].

 

الاهتمام بالماديّات للوصول إلى المعنويّات

ليس الهدف العالي للإنسان أن يملأ بطنه بأيّ شكل كان, فهذا أدنى ما يمكن لأيّ حيوانٍ أن يختاره كهدف. يتمثّل الهدف العالي للإنسان في الوصول

إلى الحقّ والوصول إلى قرب الباري تعالى والتخلّق بالأخلاق الإلهيّة. ويلزم الإنسان لتحقيق هكذا أهداف، مجموعة من الأدوات الماديّة والمعنويّة فهو يحتاج إلى الطعام ليتمكّن من التحرّك نحو الهدف. الحياة المريحة لازمة وضروريّة للبشر والإسلام يقود الناس من خلال قوانينه وضوابطه نحو الرفاه والحياة المريحة إلّا أنّ هذه الحياة المريحة ليست هدفًا بحدّ ذاتها[42].

 

نشر أجواء الأخوّة والتعاون

من جملة الأعمال التي قام بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في الأشهر الأولى لدخوله المدينة هو إبرام عقد الأخوة بين المسلمين, أي المؤاخاة بين المسلمين. عندما نقول نحن أخوّة، فهذا ليس مجاملة, بل إنّ المسلمين حقيقةً يتمتّعون بحقّ الأخوّة فيما بينهم وهم يطالبون بعضهم بعضًا كما أنّ الأخْوَة مدينون بعضهم لبعض, ويجب عليهم مراعاة الحقوق المتقابلة بينهم وهذا ما فعله الرسول عمليًّا[43].

 

جعل حياة الناس ممزوجة بالقيم الإسلاميّة

لقد مزج رسول الإسلام البيئة الحياتيّة بالقيم الإسلاميّة لتتكرّس القيم والأخلاق الإسلاميّة بشكلٍ كامل في المجتمع، ولتختلط مع روح وعقائد وحياة الناس[44].

جعل البيئة المحيطة سليمة

الترويج للتفاؤل ودفع سوء الظن:

كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول للنّاس: “لا يبلّغني أحدٌ منكم عن (أحدٍ من) أصحابي شيئًا فإنّي أحبّ أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر”[45]. أي أن أخرج إلى المسلمين بصدرٍ صافٍ وطاهر من دون أيّ نظرة سيّئة. هذا كلام الرسول وأمر به المسلمين. لاحظوا كم ساعد هذا السلوك الرسول الأكرم ليشعر المسلمون بضرورة التعاطي مع المجتمع والبيئة الإسلاميّة من دون سوء ظنٍّ، وعلاوةً على ذلك، لزوم التعاطي بتفاؤل. وفي الروايات أنّه عندما تكون الحاكميّة مع الشرّ والفساد، عليكم إساءة الظن بكلّ شيء, ولكن عندما تكون الحاكميّة بالخير والصلاح في المجتمع، عليكم ترك سوء الظنّ، بل عليكم حسن الظنّ بعضكم ببعض, عليكم الإصغاء بعضكم إلى كلام بعض وقبوله والتغاضي بعضكم عن سيّئات بعض وتوجيه النظر إلى الأمور الجميلة.

كانت عادة المسلمين الحضور إلى الرسول والهمس في أذنه، ومناجاته بحديثٍ خفي وسري وقد نزلت الآية الشريفة التي نهت عن النّجوى في أذنه، لأنّ ذلك سيؤدّي إلى إيجاد سوء الظن عند المسلمين الآخرين[46].

 

[1] من كلام له في لقاء منشدي أهل البيت.(28/5/1382)(19/8/2003) عليهم السلام

[2] من كلام له في لقاء منشدي أهل البيت عليهم السلام (27/7/2005) (5/5/1384).

[3] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (5/7/1370)(27/9/1991).

[4] من كلام له في لقاء مسؤولي النظام وضيوف مؤتمر الوحدة الإسلاميّة (31/5/1385)(22/8/2006).

[5] سورة الشعراء، الآية 214.

[6] من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (29/9/1374)(20/12/1995).

[7] م.ن.

[8] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).

[9] من كلام له في لقاء مسؤولي أمور الحج (13/12/1376)(3/3/2001).

* صحيفة الإمام، ج 8، ص 41: لم يكن هدف الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أن يزيل مشركي مكّة أو مشركي جزيرة العرب، بل كان قصده أن ينشر دين الإسلام، وتكون الحكومة حكومة القرآن، حكومة الإسلام. ولأنّ أولئك شكّلوا مانعًا لتحقّق الحكومة الإسلاميّة وصل الأمر إلى حدّ الحرب والمنازلة. فالمشركون كانوا يعارضون الحكومة الإسلاميّة، والمؤمنون كانوا يواجهونهم. والحروب الكثيرة التي قادها الرسول الأكرم كانت كلّها من أجل هذا المعنى، هو أن يُزيل الموانع عن طريق هذه الإرادة الإلهية. فقد كان هدفه الأعلى هو تحكيم الحكومة الإسلاميّة، أي: حكومة الله والقرآن على الجميع. ولو لم يُعارضوا قيام الحكومة الإسلاميّة لما كان معلومًا أن تقع الحرب. عارضوا وما سمحوا للحكومة الإسلاميّة أن تقوم، فوقعت الحرب.

[10] سورة النساء، الآية 64.

[11] سورة آل عمران، الآية 146.

[12] سورة النساء، الآية 77.

[13] من كلام له في جمع من علماء الشيعة والسنّة في محافظة سيستان وبلوشستان (4/12/1381)(23/2/2003).

[14] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (23/2/1379)(12/5/2000).

[15] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 2، ص 171.

[16] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (19/3/1374)(9/6/1995).

[17]  لنداء إلى حجاج بيت الله الحرام (26/3/1370)(16/6/1991).

[18] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (5/7/1370)(27/9/1991).

[19] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (5/7/1370)(27/9/1991).

[20] سورة النحل، الآية 90.

[21]  من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (10/10/1370)(31/12/1991).

[22] سورة الحديد، الآية 25.

[23] سورة الحديد، الآية 25.

[24] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).

[25] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (7/5/1370)(29/7/1991).

[26] من كلام الإمام القائد في لقاء مسؤولي النظام (19/3/1372)(9/6/1993).

[27] سورة المائدة، الآية 67 ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾.

[28] من كلام له في لقاء مسؤولي النظام (18/2/1375)(7/5/1996).

[29] سورة الأحزاب، الآية 32.

[30] سورة الأحزاب، الآيتان 28 و 29.

[31] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (23/2/1379)(12/5/2000).

* صحيفة الإمام، ج 8، ص 281:

إنّ حكومة رسول الله وحكومة أمير المؤمنين هي حكومة القانون, أي إنّ القانون جاء بها إلى العمل ﴿أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ﴾ هذا هو حكم الله، وهؤلاء واجبوا الإطاعة بحكم القانون. فالحكم إذًا للقانون، وهو الذي يجب أن يحكم في البلاد الإسلاميّة ولا حكومة لغيره.

[32] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (23/2/1379)(12/5/2000).

[33] من كلام له في لقاء قادة ومسؤولي معسكر الأسرى العراقيين (22/10/1362)(12/1/1984).

[34] سورة التوبة، الآية 1، ﴿بَرَاءةٌ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ﴾.

[35] النداء إلى حجاج بيت الله الحرام (12/1/1377)(1/4/1998).

[36] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).

[37] سورة الفتح، الآية 1.

[38] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/2/1380)(18/5/2001).

[39] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368)(20/10/1989).

[40] النداء إلى حجاج بيت الله الحرام (26/3/1370)(16/6/1991).

[41] من كلامه في لقاء المعلمين والعمال (10/2/1382)(30/4/2003).

[42] من كلام له في جمع زوار الحرم الرضوي (29/1/1370)(18/4/1991).

[43] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368)(20/10/1989).

[44] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (28/7/1368)(20/10/1989).

[45] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج16، ص230.

[46] خطبتا صلاة الجمعة في طهران (22/7/1368)(14/10/1989).

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...