حقائق قرآنية (الإحساس الجمالي في القرآن)
9 مايو,2017
القرآن الكريم
995 زيارة
الفصل الثالث لفتات قرآنية
ليلة القدر مولد القرآن
[حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِندِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ [([41])
كانت ليلة القدر المباركة وما تزال ليلةً لولادة القرآن الكريم، فقد أنزله مرةً ثم أنزله مرات، ولهذه الليلة كل الفخر على سائر الليالي. ولم يكن شهر رمضان ربيع القرآن، إلاّ لأن فيه ليلة القدر، ليلة قال عنها ربنا عز وجل«إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ»أي أن فيها تتنزل الملائكة تنزيلاً بالبركة على الإنسانية جميعاً، لأن فيها ولد القرآن؛ الكتاب ذو البركة والرحمة والعطاء والعناية الإلهية. ففي هذه الليلة يبارك الله للناس بالعطاء والرحمة أيضاً، وذلك لشرف القرآن الكريم.
وكان لابد -لدى الحديث عن القرآن- أن نتحدث عمن أُنزل عليه القرآن ألا ترى أن ربنا سبحانه وتعالى يحدثنا في سورة الدخان عن الكتاب وعمن أُنزل عليه الكتاب، تبعاً إلى أن رسالة السماء لم تنزل في قراطيس، ولم تنزل كما ينزل المطر، وإنما نزلت على قلب؛ قلب كبير يستطيع استقبال ملك الوحي جبرائيل عليه السلام والأمانة التي جاء بها دفعةً واحدةً. هذا الاستقبال الأعظم الذي يصفه الله في موقع آخر بقوله:«لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءَانَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ»([42])
فكان قلب رسول الله صلى الله عليه وآله أقوى بما لا يوصف من الجبال والأرض والسماوات.
فالله الذي يقول عن نفسه المقدسة واصفاً«إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ»يقول فيما بعد«إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ»فكان الوعاء متناسباً كل التناسب مع ما يحتوي.
وهنا تتصل ليلة القدر بمبدأ الولاية، لأن القرآن الذي أُنزل على قلب الرسول صلى الله عليه وآله كان لابد له من الانتقال إلى قلب آخر مماثل فيما بعد الرسول، وكان لابد من إمام ووصي شرعي مختار من قل منزل القرآن نفسه. وكما كان الرسول قرآنا ناطقاً يمشي في الأسواق بين الناس، فكذلك كان الإمام رجلاً يحمل صفات الرسول وصفات القرآن ليشهد على الناس بالقرآن ، فكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه ااسلام وهو وليد الكعبة وشهيد المحراب في ليلة القدر أيضاً.
فأين نحن من ليلة القدر؟ وأين نحن من القرآن الناطق؟ واين نحن من الولاية؛ ولاية الله والرسول والإمام؟
فلتنظر نفس إلى ما قدمت وليعمد كل واحدٍ منا إلى إعادة حساباته، ولينظر المسلم إلى نفسه وطريقة حياته. ومن أجل ذلك علينا بفتح القرآن واعتباره ميزاناً لصحيفة اعمالنا، فقد جاء في الحديث الشريف المروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، حيث قال: عباد الله، زنوا انفسكم قبل أن توزنوا، وحاسبوها قبل ان تحاسبوا ([43])
__________________________
([41]) الدخان/ 1-5.
([42]) الحشر/ 21.
([43]) بحار الانوار، ج4، ص310.
2017-05-09