حوار مع أحد أشجع فرق الإنقاذ في الموصل
17 فبراير,2017
تقاريـــر
1,036 زيارة
حقق متطوعون من أبرز فرق الإنقاذ وأكبرها في الموصل، مركز نينوى شمال العراق، أرقاماً قياسية في التضحية والشجاعة، لدرجة فقد منهم أرواحهم ودماءهم لإرواء ظمأ أناس في الساعات الأولى من نزع أغلال إرهاب “داعش” عنهم، بعد عامين ونصف العام من العنف والعذاب.
وتحدث مصطفى الخطيب، مؤسس الفريق أو حملة “فزعة” التي أطلقها شباب من مدينة الموصل، في حوار أجرته معه مراسلة “سبوتنيك”، عن جهود الفريق في إنقاذ أبناء مدينتهم بسبب بطش تنظيم “داعش”.
وإلى نص الحور…
سبوتنيك: بداية لنتعرف أكثر على فريق فزعة…
مصطفى الخطيب: حملة فزعة أطلقها شباب من الموصل، منذ بدء عمليات “قادمون يا نينوى”، في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بعد أن شعر المتطوعون أن الحكومتين المحلية والمركزية لا توجد لديهما استعدادات حقيقية، ولا خطة مدنية لمساعدة أهالي المحافظة ومركزها من النازحين والجرحى وداخل الأحياء المحررة.
سبوتنيك: ما هي بداية العمل الميداني لفزعة؟
مصطف الخطيب: نحن أول فريق متطوع يدخل مخيمات النزوح منذ استيلاء تنظيم “داعش” على مدينة الموصل، في منتصف عام 2014، نفذنا أكبر حملات للتطوع، لجمع المواد العينية والنقدية وقمنا بتوزيعها على النازحين — فكرة فزعة هي مجموعة من الشباب مقسمين إلى قسمين:
متطوعون، ومتبرعون، عملهم الرئيسي إيصال التبرعات عن طريق المتطوعين إلى النازحين من المحافظة.
بدأت فزعة عملها أولاً في المخيمات، لكن مع بدء العمليات العسكرية وتحرير القرى، تغيرت خطة عملنا إلى التحرك في أربعة محاور هي:
الأول ــ إغاثة النازحين واستقبالهم للقرى المحررة في المحور الشمالي لمدينة الموصل، والثاني والثالث ــ تنفيذ حملات إنسانية إغاثة وإنقاذ في المخيمات القريبة والبعيدة، والرابع هو خاص بالأحياء المحررة من سيطرة التنظيم الإرهابي.
سبوتنيك: وما هي المخيمات وأعداد النازحين، التي تشملها حملات الإغاثة من فزعة؟
مصطفى الخطيب: كل المخيمات نتجه إليها بإغاثات مستمرة وهي “مخيم الخارز الأول والثاني والثالث، ومخيم حسن شامي 1، و2، و3، ومخيم ديبكة” — نزورها باستمرار نجهز فيها النازحين بعضهم بالأدوية، والآخر بالبطانيات والمواد الغذائية، و”تنانير الطين” الخاصة بصناعة الخبز، والماء بشكل مستمر، وفيها أقمنا احتفالية رأس السنة الميلادية مع المنظمات الأخرى.
أما أعداد النازحين، لا يمكن إحصاءهم بسبب لأن النزوح بازدياد وغير متوقف من الموصل.
سبوتنيك: ما أحوال متطوعي فزعة، الجرحى من القصف الداعشي، الذين تعرضوا له أثناء تقديم المساعدات للمدنيين، في الساحل الأيسر للموصل أواخر العام الماضي؟
مصطفى الخطيب: تعرضنا لعملية قصف من قبل تنظيم “داعش”، عند أول دخول لنا للأحياء المحررة في الساحل الأيسر للموصل، وقتل ستة “أربعة متطوعين، ومدنيين اثنين”، وأصيب أكثر من 20 متطوعا بجروح متفاوتة.
القصف شنه تنظيم “داعش”، بأربع قذائف هاون، وكذلك انفجرت علينا عبوة ناسفة، في حي الزهور، أكبر الأحياء السكنية شرقي الموصل، وحينها كنا برفقة قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي أقمنا معها في خطوط الاشتباك ضد الدواعش عند تحرير الأرض.
نقلنا الجرحى إلى المراكز الصحية القريبة، ومنهم نقلوا إلى أربيل “عاصمة إقليم كردستان”، بالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب والقوات الأمنية، وهناك كان باستقبالهم المتطوعون من الفريق في الإقليم، تحركوا إلى المستشفيات وأسعفوا كل المصابين وتمت معالجتهم وحالياً هم بصحة جيدة.
سبوتنيك: عمل فريق فزعة على إغاثة الجرحى من الموصل، والتكفل بهم؟
الخطيب: لدينا باستمرار في إقليم كردستان رصد حالات الجرحى في كل المستشفيات لعلاجهم، في أكثر من سبعة مستشفيات، 3 حكومية، و4 أهلية.
الحكومية هي “الجمهوري، ورزكاري، وغرب أربيل”، يأتي إليها الجرحى من الموصل، والضغط الأكبر على المستشفى الأخير ثم الجمهوري، وبعده الأضعف استقبالا للجرحى هو رزكاري.
الجرحى مقسمين، بسبب العمليات العسكرية ومنها الاشتباكات بين القوات و”داعش”، ومنهم من يتعمد التنظيم الإرهابي قنصهم، وإثر القصف بقذائف الهاون من قبل الدواعش، وكذلك من التفجيرات الناجمة عن العبوات الناسفة والسيارات والبيوت المفخخة.
وهناك حالات إصابة من قصف طيران التحالف الدولي ضد الإرهاب، وتشكل نسبة 1 بالمائة من الجرحى الذين يتم رصدهم — فزعة متكفلة تقريبا بعلاجهم من خلال متبرعين يحضرون للمستشفيات ويدفعون المبالغ بالتنسيق معنا، وحتى الآن ساعدنا أكثر من 250 جريحا من الموصل، منهم من تكفلنا بعملياتهم ونقلهم وجلب إسعاف لهم ومصاريف وملابس ومستلزمات ثانوية ونسائية ووفرنا لهم أطباء.
سبوتنيك: وهل من بين الجرحى حالات تستوجب السفر خارج العراق للعلاج؟
الخطيب: نعم هناك حالات، وافتتحنا بعض الخطوط مع المنظمات الدولية، لكن بصراحة هذه المنظمات غير جادة في التعامل مع شباب الموصل، وتتعامل مع بعض السياسيين غير المرغوب بهم في المدينة.
سبوتنيك: من هذه المنظمات بالضبط؟
الخطيب: عديدة ولا أريد ذكرها كي لا نكون بتماس معها، لكن حتى الآن لا توجد منظمة تعاونت مع شباب الموصل، تتعامل معهم لأخذ الكلام، لكن لنقل الجرحى؟ لا يوجد!.
سبوتنيك: ما هي بصمات فريق فزعة في الساحل الأيسر من الموصل المحرر بالكامل؟
الخطيب: افتتحنا أول “مركز للدم” داخل الأحياء المحررة في حي الزهراء شرقي الموصل — المركز متكامل وتلقى نداءات عبر راديو الغد، والمركز الصحي، ومناشدات عبر مجلس قضاء الموصل، بعدما جهزناه بالمتبرعين بالدم باستمرار وبازدياد وأطلقنا عليه بصورة غير مباشرة “مصرف فزعة”.
مصرف الدم، فيه أكثر من 130 طبيبا متناوبون بالعمل فيه على مدار 24 ساعة، كان فقط مستوصفا صغير جداً، لكننا زودناهم بالأدوية والمستلزمات الطبية وأصبح مستوصف طبي بعدها زودناهم بمصرف دم بأدوية وحجم أكبر بالتنسيق مع صحة نينوى.
وأصبح المركز “مصرف الدم” أكبر مراكز الصحة والطوارئ لاستقبال الجرحى “من العمليات العسكرية” داخل الموصل.
ولدينا حملة أخرى هي عملية نصب آبار للمياه في المناطق المحررة، ونحن أول فريق باستثناء منظمة “UN” التي دخلت قبلنا ووزعت جلكانات “صفائح” ماء على المدنيين، لكن نحن جهزنا آبار ومولدات طاقة خاصة بها، ومكان لحفظ المياه.
وأيضاً نقدم المساعدات للطلاب النازحين من الموصل — الذين مازال ذويهم عالقين ومحتجزين لدى تنظيم “داعش” في الساحل الأيمن.
سبوتنيك: في الختام، هذا الفريق الشجاع، كم شخصا يضم للعمل لأجل أهالي نينوى ومركزها الموصل؟
الخطيب: العدد يتجاوز الـ300 شخص، فقط المدرجة أسماؤهم على قاعدة البيانات للفريق، وضعفهم لم يسعهم التقديم بسبب ارتباطهم بوظائف، ولدينا متطوعين من داخل الموصل، وخارج الأحياء — من كل حي في الموصل لدينا متطوع.
وفزعة والتي يعني اسمها “النجدة، أو سرعة الاستجابة للمنكوب والمحتاج”، هي واحدة من فرق كثيرة وعديدة تضم أعدادا كبيرة من شباب وفتيات ونساء نينوى ومركزها، تهافتوا إليها مع أول دخول للقوات للقضاء على “داعش”، في معركة انطلقت يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وترتقب القوات العراقية انطلاق ساعة الصفر لاستعادة الساحل الأيمن من الموصل ثاني أكبر مدن العراق سكاناً بعد العاصمة بغداد، من قبضة “داعش” بعد اقتلاعه من الساحل الأيسر للمدينة في 24 يناير/كانون الثاني 2017.
أجرت الحوار: نازك محمد
2017-02-17