شاب وسيم، تعلو وجهه هيبةٌ وجمال، يتعثر في مشيته خجلا واستحياءا إذا شاهد مؤمنًا مجاهدًا أكبر منه سنا، إلا أنه كان بطلًا مغوارا في ساحات الوغى لايتعثر ولا يتردد ولا يهاب الموت في سبيل الله، مقدامًا في لهوات الحرب من أجل احقاق الحق وإزهاق الباطل.
ولدعام 1968م في قضاء الحي التابع إلى محافظة واسط.
كان هلال في المدرسة في الصف السادس الابتدائي عندما طرق زبانية صدام باب منزلهم صباحًا؛ وكانت أمه تعد الطعام ، وبقية أبنائها في المدرسة، فخرج أبوهلال مسرعا فقيل له يجب أن تأتوا معنا إلى مركز الشرطة.
تقول الحاجة أم هلال «في بدايات الشهر الرابع لعام 1980م، طرقت الباب وكنت أعد الطعام، فخرج زوجي وإذا بهم رجال الشرطة، فقيل له «تعال معنا إلى المركز» ثم التفت أحدهم إلي، وقال «لكي خمس دقائق، تجمعي فيها حاجياتك»، فقلت له «ماذا أستطيع أن أجمع؟» فجمعت شيئا من الفراش للأطفال، وأوصيت جيراني —بيت مجيد الفراتي— بالاطفال، وخرجنا بذلك الوضع لاندري ماذا يراد بنا فقدكنت قلقة على أطفالي حتى جاء بهم الجيران إلى المركز.
نقلوا إلى مدينة الكوت؛ التي جمعت فيها عشرات الأسر ثم نقلوا في اليوم التالي بواسطة السيارات العسكرية إلى الحدود الإيرانية.
بتلك الطريقة اللا إنسانية كانت تعامل الأسر العراقية وأسرة أبيهلال واحدة من آلاف الأسر التي أبعدت عن ديارها بحجة التبعية الإيرانية.
تقول الحاجة أم هلال «جاءوا بسيارات الجيش الشعبي وأركبوا العوائل بعضها فوق بعض، وفي حالة مزرية ألقوا بنا ليلا على الحدود الإيرانية في منطقة مليئة بالأشواك، وكانت الرياح شديدة والظلام دامس وصراخ الأطفال يتعالى من الخوف، فقد كانت ليلة مأساوية تحكي جزء من جرائم صدام وحزبه، وبعد مسير شاق وصلنا إلى الجانب الإيراني، فاستقبلنا ونقلنا بواسطة السيارات ثم أسكنا في مخيم قبل أن ننقل إلى مدينة جهرم( ).
بقيت تلك المأساة تفور في نفس هلال لما عاناه وعانته أسرته بل وما عاناه الشعب العراقي من ظلم وجرائم من قبل النظام البعثي، فاندفع مع المجاميع الجهادية في شرق البصرة، وأهوار ميسان وهو بعد لم يبلغ الحلم.
التحق بصفوف قوات بدر بتاريخ 07/03/1985م ضمن الدورة الثانيةعشرة. وبعد الانتهاء من الدورة التدريبية بقسميها العسكري والعقائدي انضم إلى فوج الشهيد الصدر.
بتاريخ 23/07/1985م، اشترك في عمليات القدس التي نفذها المجاهدون للسيطرة على النصف الجنوبي لبحيرة أم النعاج وكانت تلك أول عمليات واسعة نفذها لواء بدر — النواة الاولى لقوات بدر، وامتازت تلك العمليات بدقة الاستطلاع والتنفيذ وكان لعامل المباغة واستخدتم مجاميع من الغواصين دور كبير في شل قدرة العدو على المقاومة، فقد تحققت جميع أهداف العمليات على محوريها الشرقي والغربي.
بتاريخ23/10/1985م نفذ المجاهدون عمليات عاشوراء لتحرير النصف الشمالي لبحيرة ام النعاج وكذلك تحرير المناطق والممرات المائية المحيطة بها، فتهاوت مواقع العدو في وقت واحد بعد أن شقت عناصر الاستطلاع في وحدة الاستخبارات طرقا بين كل موقعين من مواقع العدو، فبوغت العدو— بعد أن انطلقت الشرارة الأولى الساعة الثانية بعد منتصف الليل— ولم يبد مقاومة تذكر رغم سعة المنطقة وكثرة قواته فيها، فبعد أقل من ربع ساعة سيطر المجاهدون على كل أهدافهم وكان لأبيسلام دور مشهود فيها وأبدى بطولة فائقة وعرف المجاهدون شجاعة ذلك الفتى وإقدامه.
بتاريخ 01/09/1986م نفذ المجاهدون عمليات بطولية حرروا فيها مرتفعات گردكوه وگردمند في حاج عمران، وقد كان هلال مع مجموعة الصولة التي اقتحمت مواقع العدو فأضاف في تلك العمليات صفحة مشرقة أضيفت لسجله الحافل بالمآثر والبطولات.
اتصف أبوسلام بالإيمان والشجاعة وخدمة إخوته المؤمنين. وعن تلك الصفات يتحدث المجاهد أبوحسن التميمي( ) فيقول «كان الشهيد ذا أخلاق إسلامية عالية، وكان بطلا شجاعا لايدخل الخوف إلى قلبه فتراه كالليث يتقدم نحو المواقع الصدامية.
وعن كرمه وسخائه، يضيف المجاهد أبوحسن «في أحد الأيام كنا نتناول وجبة الغداء في منطقة طاق بستان في كرمانشاه، فدخل علينا طفل مسكين، فقام إليه هلال، وأعطاه طبق الأكل المخصص له، ثم مد يده وأخرج قطعًا من النقود ووضعها في جيب ذلك الطفل.
وعن التزامه يقول والده الحاج بشار «عندما يأتي بإجازة يرفض لبس القمصلة العسكرية، وعندما نقول له الجو بارد، البس قمصلتك! كان يقول هذه مخصصة للعمل الجهادي ولا يجوز لبسها هنا.
شارك بواجبات جهادية في أماكن مختلفة وكانت محطته الأخيرة في فك الحصار عن مرتفعات شاخ شميران عندما حاول العدو السيطرة عليها تمهيدا للهجوم على مدينة حلبچة، ولكنّ هلالًا وإخوته كانوا لهم بالمرصاد، فدارت معركة حامية الوطيس، انتصر فيها المجاهدون وهزم جيش صدام شر هزيمة تاركا أشلاء قتلاه تملأ الوديان والمرتفعات، وللتغطية على فشلهم راح أذناب صدام يقصفون المنطقة، فأصيب أبوسلام بتاريخ 07/04/1988م وسقط على الأرض مخضبا بدم الشهادة فرجعت نفسه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية وليكون عرسه كما أراد وسعى حورية في الجنة.
وهنا ينقل المجاهد أبوحسن التميمي وقد كان حاضرًا عند استشهاده فيقول «عندما سقط هلال شهيدًا امتلأت المنطقة برائحة عطرة.
تم تشييعه تشييعًا مهيبًا في مدينة يزد، ثم نقل إلى مقبرة الشهداء في قم المقدسة ودفن حيث ما أوصى( ).
سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيا