الأساليب القمعية التي مارسها النظام البعثي المجرم لخنق صوت الحق الهادر من حناجر الأحرار وفوهات بنادق الثوار فلم تنفعه، جعلت من راية الحق أكثر ارتفاعًا وأشد ثباتًا بسواعد المجاهدين العراقيين الذين انتشروا في أرض الرافدين — من الفاو الى زاخو، ففي جميع تلك البقاع روّى رجال بدر بدمائهم الزكية أرض العراق من أجل الحرية والكرامة، ومن أجل إنقاذ المقدسات من أيدي الجناة المجرمين. ومن أولئك الرجال الأحرار الذين واصلوا درب التضحيات هو الشهيد عبدالحسين المظفر.
ولد عام 1957م في محافظة البصرة، قضاء المدينة، ونشأ وتربى في أحضان أسرة سالكة نهج الإسلام وخط أهل بيت العصمة والطهارة عليهمالسلام.
لم يكمل دراسته الابتدائية إذ تركها وهو في الصف الرابع بسبب الظروف المعيشية القاسية ليعمل خبازًا من أجل الكسب الحلال وتهيئة العيش الكريم لأسرته.
استدعي إلى الخدمة العسكرية الإلزامية، وعوضا عن تسريحه لانهائها، الا أنه بسبب الحرب التي شنها صدام على الجمهورية الإسلامية، سيق إلى خطوط الجبهة الأمامية في قاطع الشوش المحتل من قبل قوات صدام العسكرية.
بتاريخ 27/03/1982م، شنت قوات الجمهورية الإسلامية هجومًا واسعًا على قطعات الجيش العراقي فوقع في أسرها.
عمل في معسكرات الأسر على هداية الكثير من الأسرى المخدوعين بشعارات حزب البعث الكافر، والمغرر بهم، وعاش فترة من الغليان الداخلي والحماس الثوري من أجل الالتحاق بصفوف المجاهدين حيث كان كثير الإلحاح على المسؤولين ليتيحوا له الفرصة للدفاع عن المحرومين والمظلومين من أبناء الشعب العراقي، إلى أن تحققت أمنيته في ذلك عندما التحق بقوافل قوات بدر بتاريخ 21/09/1987م ضمن الدورة الرابعة للمتطوعين من معسكرات الأسر، وبعد إتمام الدورة التدريبية في معسكر الحر الرياحي، انضم إلى لواء الإمام علي عليهالسلام.
اشترك في عمليات تحرير مدينة حلبچة وشهد مآسي أهلها الذين تعرضوا لضربة كيماوية ظالمة من قبل نظام صدام الكافر أودت بحياة الآلاف من أبنائها المظلومين، كما نفذ العديد من المهام الجهادية كان آخرها تحرير مرتفعات شاخ شميران الواقعة جنوب شرق دربندخان في قاطع السليمانية،حيث أبلى بلاءًا حسنًا في صد الهجوم العفلقي الذي كان يهدف استعادة قمة بمو من أيدي المجاهدين، فضرب أبوتراب أروع الأمثلة في الصبر والثبات، إلى أن قطعت ساقه اليسرى وجرح في ظهره من جراء القصف المدفعي، فأخذ نزف الدم منه مأخذه حتى فاضت روحه الطاهرة، ليرحل إلى ربه شهيدًا، مضرجا بدم الشهادة الزاكي بتاريخ 27/6/1988م.
تم تشييع جثمانه الطاهر تشييعًا مهيبًا ووري الثرى في مقبرة الشهداء في قم المقدسة( ).
من وصيته رحمهالله:
اخترت هذا الطريق — طريق الشهادة — لأنه طريق العزة والسعادة الأبدية. إني طلقت الدنيا وعشقت الآخرة.
سلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيًّا