الوقت- رغم مرور أكثر من عامين على بدء العدوان السعودي على اليمن وبدعم من دول إقليمية وغربية على رأسها أمريكا أخفقت الرياض في تحقيق أهدافها المعلنة من وراء شن هذا العدوان وفي مقدمتها الحاق الهزيمة بالثوار اليمنيين بقيادة حركة أنصار الله، وإعادة الرئيس المستقيل والموالي لها “عبد ربه منصور هادي” إلى سدة الحكم بذريعة إعادة الشرعية إلى اليمن.
ولم يكن يخطر في بال الملك السعودي “سلمان بن عبد العزيز” عندما أصدر أوامره في آذار/مارس عام 2015 بشن هجوم عسكري بري وجوي واسع على اليمن أن يتحول هذا البلد إلى مستنقع لقواته؛ بل كان يظن أنه يتمكن من الحاق الهزيمة بالجيش اليمني واللجان الشعبية التي تقودها حركة أنصار الله في بضعة أيام أو بضعة أسابيع في أسوأ الأحوال، لكن خابت ظنونه بعد أن تمكن اليمنيون من الصمود والحاق خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات في صفوف القوات السعودية والقوات الحليفة لها رغم الفارق الكبير بالإمكانات العسكرية والاقتصادية بين الجانبين.
ومنذ بداية العدوان على اليمن سعت السعودية وحلفاؤها وبعد تيقنهم من عدم إمكانية هزيمة الجيش اليمني برياً إلى تكثيف القصف الجوي والمدفعي لتدمير البنى التحتية في اليمن، وقد شمل هذا القصف حتى المستشفيات والمدارس ومحطات الطاقة الكهربائية والمياه الصالحة للشرب ومستودعات الأغذية والأدوية، فضلاً عن إزهاق أرواح عدد كبير من اليمنيين معظمهم من المدنيين وجرح وتشريد عشرات الآلاف من مناطقهم بعد أن تعرضت أحياؤهم السكنية إلى غارات وحشية من الجانب السعودي وحلفائه.
ومنذ الأيام الأولى لهذا العدوان لجأت السعودية إلى الاستعانة بالمقاتلات الأمريكية والبريطانية والإماراتية لقصف اليمن على مدار الساعة والاستفادة كذلك من الطيارين الأجانب الذين تستأجرهم لهذا الغرض.
وطيلة السنتين الماضيتين لم تنفك أمريكا وبريطانيا وفرنسا ودول أخرى عن تزويد السعودية بمختلف المقاتلات الحديثة وباقي الأسلحة المتطورة لدعمها في عدوانها المتواصل على اليمن، ظناً منهم أنهم سيتمكنون من الحاق الهزيمة بهذا البلد، لكن ظنونهم وأحلامهم ذهبت أدراج الرياح.
وكانت السعودية وحلفاؤها يتصورون بأن مواصلة القصف الجوي ستقلب المعادلات الميدانية لصالحهم بمرور الوقت، لكن هذا التصور خاب أيضاً بفضل القوة الصاروخية التي تتمتع بها القوات اليمنية والتي تمكنت من تدمير الكثير من المواقع العسكرية والاقتصادية المهمة والحيوية في عمق الأراضي السعودية.
وهذا الفشل دفع السعودية إلى التفكير بإقناع أمريكا بالوقوف إلى جانبها بشكل مباشر وعلني في العدوان على اليمن بحجة محاربة “تنظيم القاعدة” في هذا البلد، وقد حصل ذلك خلال الزيارة الأخيرة لولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي “محمد بن سلمان” إلى واشنطن، وكذلك خلال زيارة وزير الدفاع الأمريكي “جيمس ماتيس” إلى الرياض الأسبوع الماضي.
كما سعت السعودية إلى إشراك قوات باكستانية برية في عدوانها على اليمن، ما يعزز الاعتقاد بأن القوات البرية السعودية لم تعد قادرة على مواجهة القوات اليمنية، كما تعكس هذه التطورات مدى تخبط القيادة السعودية باتخاذ القرارات العسكرية والسياسية وإخفاقها في تحقيق أهدافها من وراء شن العدون على اليمن.
ويمكن الإشارة إلى أبرز جوانب هذا الإخفاق بما يلي:
– فشل القوات البرية السعودية في التوغل داخل الأراضي اليمنية.
– فشل الجماعات الموالية للسعودية “المرتزقة” والمدعومة من قبلها في تحقيق أهدافها العسكرية داخل اليمن.
– الإخفاق في اختراق العملية السياسية في اليمن خصوصاً بعد تشكيل حكومة الإنقاذ الوطني في هذا البلد بالاتفاق بين حركة أنصار الله وحزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس الأسبق “علي عبد الله صالح” وأطراف سياسية أخرى.
– الإخفاق في إقناع المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية بغض الطرف عن الجرائم التي ترتكبها السعودية وحلفاؤها في اليمن ومن بينها قتل المدنيين واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً ومن بينها القنابل العنقودية في عدوانها المتواصل على هذا البلد.
هذه الإخفاقات وغيرها دعت السعودية إلى التفكير بشكل جدي بإقناع أمريكا ودول غربية أخرى بدعمها مباشرة لإنقاذها من ورطتها في اليمن، إلاّ أن التجارب أثبتت أن الشعب اليمني وقواه المسلحة أقوى من أن تتمكن أي قوة أجنبية من كسر صمودهم وإصرارهم على دحر العدوان رغم الحصار الشامل الذي تواجهه بلادهم والهجمة الشرسة التي تستهدف أمنهم واستقرارهم وحقهم في الحياة الحرة الكريمة بعيداً عن تسلط أو تدخل اجنبي.
ويعتقد المراقبون بأن السعودية وصلت إلى طريق مسدود في اليمن ولم يبقَ أمامها سوى الإذعان إلى الحلول السياسية والجلوس إلى طاولة المفاوضات والتخلي عن غطرستها وفرض الشروط غير المنطقية وغير المعقولة التي ترفضها جميع القوى الوطنية في اليمن وفي مقدمتها حركة أنصار الله.