الرئيسية / فقه الولاية / كيف تبدأين رحلة التكليف؟

كيف تبدأين رحلة التكليف؟

هدية

 

إلى البرعم

الذي تفتَّحَ فتاةً

ليس ألطفَ منها

موجودٌ في هذا العالم

في رحلة تكليفها

نهدي هذا الكتاب.

 

 

تحية

 

ها هي ساعات العمر يتلألأ في فجرها الضياء ويتنفَّس صبحُ الطهارة عبيراً ندياً تمتلئ منه القلوب حبوراً، فتنشدُ مترنمةً:

إلهي في صبح عمري وأوائل لحظات تكليفي أتوجَّه إليك بالشكر لأنك نظرت من علياء قدسك إليَّ وجعلتني محلاً لطاعتك وأهلاً لتكليفك.

فيتوجَّهُ إليها من فضاء الرحمة صوت الدعوة القدسية:

يا فتاتي هلمِّي إلى ساحة عطفي وحناني.

حقاً إنَّها لحظات خالدةٌ في الذاكرة والوجدان.

إلهي، أحقاً أصبحت أنا، الفتاة التي كانت ترتع في ملاعب الصبا والطفولة منذ أشهرٍ وسنوات قليلة، فتاةً مكلفةً، لفعلي حساب وعلى كلامي عتاب وللحظات عيني كتاب؟

هل حقاً أصبحت أخوض غمار الحياة بمسؤولية تامة؟

نعم يا فتاتي العزيزة

 

أنتِ الآن في محضر اللَّه تعالى كما كنت دوماً وأنت صغيرة، ولكن مع فارقٍ جوهري، أنك أصبحتِ أَمام تجربةٍ من أجمل تجارب حياتك نعدك أنها ستكون الأهم أيضاً.

قد بدأت رحلة تكليفك وهديتنا إليك في هذه المناسبة هي ببساطة هذا الكتاب.

فهذا الموجود اللطيف الذي تحملينه برقةٍ بين يديك الآن سيكون في هذه التجربة الجديدة صديقك الأوفى الذي سوف يحمل لك في سفرك من طفولة البراءة إلى شباب الطهر والإستقامة كلَّ مالذ وطاب من غذاء العقل والروح. سيحمل لك إلى جانب أزاهير المعرفة الضرورية فواكه بساتين الإسلام المعطرة بأريج فكر أهل البيت عليهم الصلاة والسلام.

فتعالي، يا طاهرة، للننتقل سويةً بين وريقاته لنقطف تلك الأزاهير ونأكل تلك الثمار فنسمو إلى سماءات التقوى والهدى والعبودية للَّه الذي أحبنا كثيراً فعبدناه حباً وكرامةً.

 

 

 

 

كيف تبدأين رحلة التكليف؟

 

رحم اللَّه أمرءاً عرف من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟

الإمام علي عليه السلام

 

 

الرؤية الكونية

 

ندعوك لتجولي ببصرك الوادع في الكائنات من حولك، إنك ترينها وتلمسينها وتشمينها، تشعرين بها من خلال حواسك، ولكن هناك سؤال يطرحُ نفسَه:

هل إنَّ ما نشعر به هو كلُّ شيء أم أنَّ هناك أشياء أخرى لا نشعر بها وهي موجودةٌ حقاً ؟

إنَّه سؤال مهم من مجموعة أسئلةٍ كبرى من قبيل:

1- مَنْ أوجدني وأوجد مخلوقات هذا العالم؟

2- كيف ينبغي أن أعيش لأصل إلى السعادة؟

3- إلى أين أصل بعد هذا العالم؟

 

 

هذه أسئلة كبرى، لا تحتمل الإجابة عنها التأجيل ولا الإهمال، لأنَّها تتعلَّقُ بأساس وجودك.

والإجابة عنها، عند الإعتقاد بصحتها، تسمَّى “العقيدة” أو “الرؤية الكونية”.

 

الرؤية الكونية: إلهية /غير إلهية

 

فمرةً يرسل الله وحياً إلى أنبيائه ليجيب عن هذه الأسئلة فتكون ثمرة الأجوبة رؤية كونية إلهية.

ومرةً أخرى تقدَّمُ عقولٌ إنسانية محدودة إجابات متنوعة فتكون ثمراتها رؤىً كونية غير إلهية متعددة.

 

إنَّ الرؤية الكونية لكل إنسان لها تأثير أساسي في بناء شخصيته

الإمام الخامنئي دام ظله

 

 

 

 

أساس وأصل كافة العقائد هو التوحيد، فهو أهم وأعظم عقائدنا، وعلى أساسه نعتقد أنَّ اللَّه تعالى هو وحده خالق هذا العالم وكافة عوالم الوجود

الإمام الخميني قدس سره

 

الرؤية الكونية الإلهية في القرآن الكريم تشرح لنا الوجود على الشكل التالي:

 

1- إنَّ مصدر هذا الوجود هو اللَّه تعالى. واللَّه الواحد الأحد هو خالقنا وخالق كل شيء. هو ربنا الذي يهدينا، وهو الإله المستحق للعبادة، وليس كمثله شيء له كل الكمالات التي يمكن أن نتصورها.

له الحياة الحقيقية ومنها يعطي الحياة للموجودات هو العالم الحقيقي وكل علم منه، هو القادر ولا أحد له القدرة سواه وكل قدرة تأتي من قدرته.

ومن أهم صفاته، بعد الوحدة، أنَّه عادلٌ أي أنه لا يظلم أحداً، ولا يمنع شيئاً من الحصول على الكمال الذي يسعى إليه.

 

 


2- إنَّ اللَّه سبحانه وتعالى قد أرسل الأنبياء عليهم السلام ليقوموا بمهمة عظيمة، وهي هداية الناس إلى الطريق المستقيم. وقد اختارهم لأنَّهم منزهون عن ارتكاب المعاصي والآثام ويملكون نفوساً سامية.

جميع الأنبياء قاموا بتبليغ الدين الإلهي الواحد، وهو الإسلام.

آخر الأنبياء وأعظمهم كان سيد المرسلين محمد فهو الذي بلَّغ الإسلام كاملاً وتاماً للناس.

ثم جاء بعده اثنا عشر إماماً ليكملوا هذه المهمة المقدسة أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام وآخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي غاب بسبب ابتعاد الناس عن الدين الإلهي وتركهم للجهاد وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وسوف يظهر في آخر الزمان ليقيم دولة الحق والعدل.

 

لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم لطوَّل اللَّه ذلك اليوم حتى يبعث اللَّه فيه رجلاً من أهل بيتي

الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم

 

 

 

﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ *  حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ *  ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ *  كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾( قرآن كريم )

 

3- إنَّ اللَّه سيبعث الناس بعد موتهم للحساب، وسوف يجزي المسيء والمحسن في يومٍ يسمَّى بيوم القيامة، حيث يدخل الكافر والمسيء إلى النار فيما سيدخل المؤمن والمحسن إلى الجنة.

فعالم الدنيا ليس كل شيء بل إن الآخرة هي الحياة الحقيقية وهناك ستظهر كل الحقائق كما هي ويخلد الناس إما في الجنة والنعيم وإما في النار والجحيم كلٌّ بحسب عقائده وأعماله في الدنيا.

هذه هي، عزيزتي، أصول الدين وبعض متفرعاتها، فما عليك إلا التفكير فيها ملياً والتأكد من صحتها خلال حياتك بالعلم والدليل العقلي من خلال الكتب والعلماء ثم الاعتقاد بها حتى تكون حياتك ومسيرك وحشرك على أساسها.

 

 

 


الأحكام الشرعية

 

أيتها البرعم المتفتح في بستان الحياة لقد صار لأعمالك قانون وميزان يضمن أن تسير وفق البرنامج الإلهي.

وهو عبارة عن الأحكام الشرعية التي جعلها الإسلام على شكل واجبات ومحرمات ومستحبات ومكروهات ومباحات والتي يعتبر اللَّه امتثالها. الطريق الوحيد للفوز في الآخرة، فأنت يا عزيزتي مكلَّفةٌ بالعمل على أساسها، ولذلك يقال لكِ “مُكلَّفة”.

فهلِّمي نقرأ في الجدول التالي عناوينها الأساسية:

 

القرين الناصح هو العمل الصالح

 الإمام علي عليه السلام

 

 

 

 

 

﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء …﴾

(إبراهيم:24) قرآن كريم

 

الواجبات

الأعمال التي يجب القيام بها *** ولا يجوز تركها / مثل: الصلوات اليومية، الحجاب،الصدقً

المحرمات

الأعمال التي لا يجوز القيام بها ويجب تركها / مثل: الغناء، عقوق الوالدين، الكذب.

المستحبات

الأعمال التي نستحق الثواب على فعلها ويجوز تركها / مثل: السلام على الناس، الصدقة،الدعاء.

المكروهات

الأعمال التي نستحق الثواب على تركها ويجوز فعلها / مثل: الكلام في المسجد بغير ذكر الله، والنوم بين طلوع الفجر وطلوع الشمس

المباحات

الأعمال التي لا نستحق العقاب ولا الثواب على فعلها وعلى تركها /مثل: المشي، الضحك، الأكل والشرب.

 

 


أهمُّ ما أنتِ مكلفةٌ به هو:

1- التقليد.

2- التولي والتبري.

3- عدم ارتكاب الذنوب.

4- أداء التكاليف.

 

﴿لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ..﴾

 (البقرة:286) قرآن كريم

 

 

 

من كان من الفقهاء حافظاً لدينه صائناً لنفسه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه

الإمام العسكري عليه السلام.

11781734_963522127045315_335643534340378104_n

 

https://t.me/wilayahinfo

 

5

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...