الوقت- كان من المقرر أن تشهد العاصمة العراقية بغداد في الخامس عشر من تموز الجاري مؤتمراً بحضور شخصيات سنية بارزة بهدف زرع الوحدة والانسجام بين ممثلي أهل السنة في مرحلة ما بعد داعش في العراق، إلا أن أسبابا عديدة حالت دون نجاح ذلك.
فقد تم تأجيل المؤتمر لأسباب عديدة في مقدمتها الشقاقات والتباعد بين الزعماء السياسيين السنة وبصورة خاصة الخلاف مع أعضاء كتلة “اتحاد القوى” ، بالإضافة إلى رفض الحكومة المركزية العراقية والسلطة القضائية العراقية مشاركة بعض الشخصيات المطلوبة للقضاء؛ فيما أعلن اتحاد القوى العراقية بصفته المشرف على إقامة المؤتمر تأجيل المؤتمر حتى إشعار آخر مدعيا أن التأجيل كان بسبب إقامة الجيش العراقي استعراضا عسكريا في ذات يوم المؤتمر، أي السبت 15 تموز.
وكانت التحضيرات لإقامة المؤتمر قد انطلقت منذ قرابة الشهر بدعم من بعض البلدان الإقليمية، فيما كان من المقرر أن تشارك في المؤتمر بعض الشخصيات السنية البارزة المتهمة بالارهاب أو الصادرة بحقها أوامر إلقاء قبض بعد ادانتها بدعم الارهاب، إلا أن رفض الحكومة المركزية لمشاركة هؤلاء جعل السياسيين السنة يعلنون إقامة مؤتمر آخر في محافظة أربيل العراقية بمشاركة رافع العيساوي، خميس الخنجر، سعد البزاز وأثيل النجيفي.
وكانت الأحزاب والتيارات السنية قد عقدت مؤتمرات سابقة خارج بغداد في عمان، أربيل، الدوحة، جنيف واسطنبول؛ كما سعت لإقامة مؤتمرات أخرى في فرنسا والسعودية إلا أنها فشلت بسبب ضغوط الحكومة العراقية والجالية العراقية في فرنسا وأوروبا.
ومن اللافت للنظر أن الخلافات بين المشاركين في مؤتمر بغداد استعرت قبل انطلاقه، لتتحول إلى تراشق إعلامي وسجال وتبادل للاتهامات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ثم تطور الأمر إلى قيام بعض الشخصيات وزعماء القبائل بعقد مؤتمر موازٍ يوم الخميس في فندق بابل، بمشاركة شيوخ عشائر وشخصيات سياسية اطلق عليه اسم “مؤتمر بغداد الوطني”.
واعلن المؤتمرون يوم الخميس -الذين كان أغلبهم من المعتدلين- رفضهم للطائفية والممارسات العنصرية وحذفوا عبارة ” أهل السنة” من اسم المؤتمر، مطالبين بالمضي نحو المواطنة. وبعد ذلك شهدت العراق عقد مؤتمرين يوم الجمعة أحدهما في بغداد وبالتحديد في منزل رئيس البرلمان، سليم الجبوري بمشاركة كل من أسامة النجيفي، صالح المطلك، أياد السامرائي، ظافر العاني، جمال الكربولي واحمد المساري؛ أما المؤتمر الثاني فكان في أربيل بمشاركة رافع العيساوي وأثيل النجيفي وهما مطلوبان للقضاء العراقي.
أسباب الخلاف بين السياسيين السنة
أقام السياسيون السنة العراقيين عشرات المؤتمرات كان الفشل هو القاسم المشترك بينها، حيث لم تؤدِ هذه المؤتمرات سوى إلى زيادة حدة التوتر بين المؤتمرين، وفيما يلي نتطرق إلى أهم أسباب فشل هذه المؤتمرات:
التبعية للخارج
تعتبر تبعية السياسيين السنة في العراق للأطراف الخارجية مثل السعودية، تركيا، قطر والامارات من أهم أسباب الخلافات بينهم؛ حيث يؤدي اختلاف أهداف هذه البلدان ومصالحها إلى خلافات بين اللاعبين السياسيين العراقيين.
وأرخى الخلاف السعودي القطري بظلاله على العلاقات بين السياسيين السنة العراقيين بوضوح حيث أدى إلى استعار الخلافات بينهم. وفي هذا الصدد تراجعت السعودية عن دعمها لمؤتمر بغداد في ظل خلافها مع قطر وتركيا، وبالتالي انسحب “خميس الخنجر” من مؤتمر بغداد مدعيا أن رائحة الطائفية تفوح من هذا المؤتمر، رغم ان”الخنجر” كان قد لعب دورا كبيرا في تمويل مؤتمرات أهل السنة في الخارج ودعمها بأموال سعودية.
غياب المرجعيات السياسية والدينية
يعد غياب المرجعيات السياسية والدينية من أهل السنّة أحد أسباب تفرق كلمة السياسيين السنة العراقيين، وهذا ما يؤدي إلى تصاعد الخلافات بينهم ويمهد الطريق لزيادة تأثير النفوذ الخارجي على هذه المجموعة.
نتائج مؤتمرات أهل السنة خارج بغداد
ترفض مجموعة من أهل السنة جميع أشكال التدخل الخارجي في ملف أهل السنة في العراق، ويرون أن هذا التدخل حجة للتأثير على الشؤون الداخلية في العراق. ويرون أن تدخل الأطراف الخارجية يؤدي الى شق صف السياسيين واستقطابهم وفقا لمقاربات الاطراف الخارجية. وفي هذا السياق دعا المشاركون في “مؤتمر بغداد الوطني” الخميس الماضي الى أن يكون الدعم الأجنبي لإعادة إعمار العراق عن طريق الحكومة العراقية حصرا، فيما رأى المؤتمرون أن نتائج مؤتمرات أهل السنة خارج بغداد وخاصة مخرجات مؤتمر اسطنبول حيال الزعماء السياسيين المستقبلين لاغية.
زعامة أهل السنة سياسيا في عراق ما بعد داعش
تحاول البلدان الداعمة للسياسيين السنة ايكال زعامة السنة في العراق الى السياسيين المرتبطين بها وهذا ما يؤدي الى مفاقمة الخلافات بين التيارات السياسية السنية؛ فيما يلعب الدعم المالي السعودي دورا كبيرا في دق اسفين الفرقة بين التيارات السنية العراقية الى درجة أن بعض الساسة السنة اتهموا المؤسسين لمؤتمر بغداد بالسعي للاستحواذ على الأموال والمناصب عن طريق اقامة هذا المؤتمر في بغداد.
الولاية الاخبارية