سيد الشهداء (عليه السلام) كان يعلم أنه بعد استشهاده سيملأ العدو كل محافل المجتمع حينذاك والعالم بالإعلام المضاد له.
الإمام الحسين (عليه السلام) لم يكن الشخص الذي يجهل زمنه، أو يجهل العدو وسط هذه الظروف، ولديه الإيمان والأمل.
الحسين بن علي (عليه السلام) لديه ذلك الإيمان بحركة مظلوميته وغربته التي هزمت العدو في النهاية، سواء على المدى القصير، أو على المدى الطويل أيضاً، وهذا ما حدث.
من الخطأ أن يتصور أحد أن الإمام الحسين (عليه السلام) هُزم، فالقتل في جبهة القتال لا يعني الهزيمة.
لم ينهزم ذلك القتيل، إن الذي لم يصل إلى هدفه هو المهزوم.. إن هدف أعداء الإمام الحسين (عليه السلام) هو إزالة الإسلام وآثار النبوة من الأرض، لقد هُزموا لأنهم لم يحققوا ذلك، هدف الإمام الحسين (عليه السلام) هو إيجاد الصدع في كل ترتيبات أعداء الإسلام الذين تصرفوا بكل مكان حسب رغباتهم.. الإسلام، ونداء المظلومية، الإسلام وأحقية الإسلام ستملأ كل مكان، وبالنهاية سينهزم عدو الإسلام.. هذا ما قد حدث على المدى القصير، وانتصر الإمام الحسين (عليه السلام) على المدى الطويل أيضاً.
على المدى القصير من خلال صورة الإمام الحسين المظلوم (عليه السلام) وشهادته وأسر حرم هذا العظيم، واضطراب نظام حكومة بني أمية.
وبعد هذه الحادثة تواتر في العالم الإسلامي وقوع حوادث.. في المدينة المنورة، في مكة، وبالنهاية أدت إلى هلاك سلالة آل أبي سفيان بعد (3-4 سنوات).. سلالة آل أبي سفيان اندثرت كلياً ومحيت من الوجود.
من كان يتصور أن هذا العدو الذي أوصل الإمام الحسين المظلوم إلى الشهادة في كربلاء سيغلب؟ وعلى المدى الطويل حيث انتصر الإمام الحسين (عليه السلام) أيضاً، تفحّصوا تاريخ الإسلام وانظروا كم أضاء الدين العالم، وكم أصبح للإسلام من نفوذ، الشعوب الإسلامية أصبحت جلية مشعة، العلوم الإسلامية ارتقت، الفقه الإسلامي ارتقى، وأخيراً بعد مرور عدة قرون.. راية الإسلام ترفرف فوق أعلى سطوح العالم.
هل أن يزيد وعائلة يزيد كانوا يرضون بأن يشع الإسلام هكذا؟ إنهم أرادوا أن يمحوا ذكر الإسلام، أن لا يتركوا أثراً واسماً يبقى من القرآن ونبي الإسلام كما ترون.
لقد حدث العكس تماماً.
إن هذا الانجاز هو ما فعله الإمام الحسين (عليه السلام).
إذن هذا المقاتل والمجاهد في سبيل الله والمظلوم، بذلك الشكل وقف بوجه العالم، وسفك دمه وأسرت حرمه، وقد انتصر على العدو من جميع النواحي، إن هذا درس للشعوب.
لذا ينقل عن قادة العالم المعاصر الكبار وحتى أن بعضهم ليسوا مسلمين قولهم إننا تعلمنا طريق النضال من الحسين بن علي (عليه السلام) أيضاً.. أدركوا أن قتلهم ليس دليلاً على انكسارهم، أدركوا أن الانسحاب أمام العدو القوي ظاهرياً يوجب العار.
والعدو مهما كان قوياً إذا كان الجناح المؤمن والفئة المؤمنة بتوكلها على الله، تجاهد العدو توقع به الهزيمة.. فالنصر من نصيب الفئة المؤمنة، وهذا المفهوم أدركه شعبنا.
اليوم هو الوقت المناسب الذي يجب فيه على الشعوب الإسلامية عدم الخوف والتردد أمام هذه القوى الاستكبارية الظاهرية.
إن هذا النضال سيستمر.. بالتأكيد إن شعبنا العظيم استطاع تجاوز الكثير من المشاكل والمعوقات، لقد تجاوزتم معضلات كبيرة وبحمد الله حتى وصلتم إلى هذا المستوى.
إننا شعب عظيم.. ممن نخاف؟ إننا نملك قدرات عظيمة.
شعبنا يملك الاستعداد العلمي، يملك الذخائر المادية، يملك علوماً وثقافة، وفوق كل شيء يملك الإيمان بالإسلام والتوكل على الله.
شعبنا شعب مستقل، يجب أن يعتمد على نفسه، والمسؤولون يجب أن يعتمدوا على الشعب، أن يعتمدوا على طاقاته، لا ينبغي أن تمتد يد الحاجة إلى العدو.
العدو ينتظر من شعب يحمل الإسلام والقرآن أن يبدي الضعف والعجز، يجب أن لا ندع العدو يحصل على هذه الفرصة، أن يتصور أو يشعر أن ضعفاً ما في وسطنا، شبابنا على أهبة الاستعداد.. يوجد في وسطنا قوى علمية، إن روح الابتكار عظيمة لدى شعبنا، إن هذا الشعب يمكنه الوقوف على أقدامه، والعدو لن يساعد المؤمنين بالإسلام بأي شكل.
إنهم أعداء الإسلام، إن كل المسؤولين في الأقسام المختلفة يجب أن ينتبهوا لهذه النقطة، يجب أن نعتمد على ثرواتنا، على علمنا، على استعدادنا، على قدراتنا المادية، على ذخيرتنا التي تحت الأرض، لا أن نسلك طريق الكلام والتفرج، ولكن يجب أن لا نستسلم أو نقهر أمام قدرة العدو.
هذا الشعب ذو أصالة.. شعب عظيم.
يجب أن نبقى كشوكة في عيون الاستكبار والشيطان الأكبر، يجب أن لا نسمح لهم أن يطمعوا بشعبنا وهذا ببركة الإمام الحسين (عليه السلام)، ببركة عاشوراء في أيام محرم وصفر.
يجب أن يقوي شعبنا العزيز روح الحماسة.. روح عاشوراء.. روح عدم الخوف من الأعداء.. روح التوكل على الله.. روح التضحية والجهاد في سبيل الله.
خذوا عونكم من الإمام الحسين (عليه السلام).
إن مجالس العزاء لهذا الأمر.. حيث أن قلوبنا مع الإمام الحسين بن علي (عليه السلام) تقترب من أهداف هذا العظيم، وتتعرف عليها.. نتعلم طريقه ونسلكه.
لا يقولن البعض من ذوي الفهم المنحرف أن معنى طريق الإمام الحسين (عليه السلام) هو أن يقتل كل الشعب.
أي إنسان جاهل يمكنه تصور هذا؟ على الشعب أن يأخذ درساً من الحسين بن علي (عليه السلام)، وهذا يعني أن لا يخاف من العدو.. أن يعتمد على نفسه، أن يعتمد على الله.
ليعلموا أن جبهة العدو مستحكمة وقوية ظاهرياً ولكن قدرته الواقعية ضعيفة.
أوَلم يروا ومنذ انتصار الثورة والأعداء يريدون أن يزيلوا الجمهورية الإسلامية من الوجود، ولكن لم يستطيعوا.
إن هذا يدل على ضعفهم.. وقوتنا، نحن الأقوياء.. لدينا القوة ببركة الإسلام.
نحن نتوكل على الله العظيم ونعتمد عليه، أي قوة الله معنا والعالم لا يمكنه مواجهة مثل هذه القوة.
أتمنى من الله المتعال ببركة الحسين بن علي (عليه السلام) أن يجعلنا من أنصار ذلك العظيم، وأن يحسبنا من طليعة المجاهدين في سبيل الله، وأن ترضى عنا روح إمامنا المقدس، وأن يجعلنا من جنود وأنصار إمام الزمان أرواحنا له الفداء.
الولاية الاخبارية