الوقت – سبع سنوات عجاف مرت على الشعب السوري ولا يزال هذا الشعب صامداً في وجه المؤمرات التي تحاك ضد بلده كاشفا بصموده وجبروته الستار عن أقذر المخططات التي كانت تمارسها أجهزة الاستخبارات الغربية على الأراضي السورية بغية تحقيق أهدافها ومصالحها الشخصية على حساب دماء الشعب السوري.
وكون المخابرات الغربية أصبحت عريقة وتملك خبرة كبيرة وتاريخ طويل في تدمير دول بأكملها وتجويع شعوب هذه الدول وارضاخها بالقوة وجعلها دول خانعة تابعة عاجزة عن تقرير مصيرها، لهذه الأسباب وغيرها أصبحت تتبع هذه الأجهزة الاستخباراتية طرق وحيل جديدة ظناً منها أنها تستطيع أن تتخفى وتحمي نفسها من الملاحقة القانونية أو إظهار نفسها بأنها تدعم شعباً ما وفي نفس الوقت تدعم أعداء هذا الشعب وفي بعض الأحيان تخلق جماعات إرهابية وتمولها بالمال والسلاح كما تفعل الولايات المتحدة الأمريكية.
واشنطن تمول الإرهاب
جاءت التقارير التي تم نشرها يوم أمس حول تمويل الإدارات الأمريكية المتعاقبة لجماعات إرهابية في مقدمتها “داعش”، لتؤكد المؤكد وتثبت للقاصي والداني ضلوع الولايات المتحدة ومساهمتها بتأزيم وإشعال الحروب في المنطقة، وأعد التقرير الجديد الذي كشف الستار عن الدور الأمريكي في دعم الإرهاب، خبراء مركز دراسة الفساد والجريمة المنظمة وشبكة البلقان للتحقيقات الصحفية وأظهر التقرير أن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تنفق أكثر من ملياري دولار على شراء أسلحة وتزويد التنظيمات الإرهابية في سوريا التي تطلق عليها اسم “معارضة معتدلة”.
وتسعى واشنطن للعب دور المنقذ الوحيد لأزمات الشعوب فتارة تدعم جهة أو منظمة ما كما تفعل مع الأكراد على اعتبار أنهم غير موجودين على لائحة الإرهاب، وتارة تحارب منظمات أخرى تم الإجماع على تسميتها بـ” الإرهابية” بالظاهر ودعمها في الخفاء كما هو الحال مع “داعش”، ولإخفاء هذا الدعم تقوم واشنطن بخلق قنوات غير مباشرة مع هذه الجماعات، وأبعد من ذلك تقوم الولايات المتحدة بتوريد السلاح لهذه الجماعات وتحرص على أن يكون غير أمريكي في محاولة منها لإخفاء جميع الدلائل على تورطها بهذا الموضوع.
وفي هذا الإطار كشف التقرير المشترك لمركز أبحاث الفساد والجريمة المنظمة (OCCR) ومؤسسة البلقان للتحقيقات الصحفية (BIRN) بأن البنتاغون يستعين بشركات صناعية عسكرية كبيرة وشركات متصلة بالجريمة المنظمة، لتوفير الأسلحة لـ”الثوار السوريين”. وكان البنتاغون يشتري الأسلحة المطلوبة للمعارضة السورية في دول البلقان وأوروبا الشرقية، لكن بعد أن تعذر على هذه الدول سد احتياجات المعارضة السورية من الأسلحة، توجهت وزارة الدفاع الأمريكية إلى مصدّري الأسلحة في كازاخستان وجورجيا وأوكرانيا.
وكشف التقرير معلومات سرية أوضح فيها بأن البنتاغون يشتري الأسلحة المطلوبة للمعارضة السورية عن طريق قيادة العمليات الخاصة (SOCOM) ومؤسسة “بيكاتيني ارسينال“Picatinny Arsenal البحثية والصناعية العسكرية بولاية نيوجيرسي. وتصل الأسلحة من أوروبا إلى حلفاء واشنطن في شمال وجنوب سوريا عن طريق تركيا والأردن والكويت.
ولم يكن يخفى على أحد دعم الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية على مدار السنوات السبع الفائتة، إلا أن التقارير التي تم نشرها خلال اليومين الماضيين أوضحت الصورة أكثر وأكثر، حيث كشفت تقارير استخبارية حديثة ومصادر في الكونغرس الأمريكي أن الأسلحة الأمريكية تنتهي بيد التنظيمات الإرهابية كما أن واشنطن تقود منذ آب عام 2014 تحالفا استعراضيا غير شرعي بزعم محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي أسهم في تمدد التنظيم المتطرف في سوريا والعراق إضافة إلى ارتكابه العديد من المجازر راح ضحيتها المئات من المدنيين الأبرياء واستهدافه البنى التحتية.
وكشف التقرير الذي نشره المركز على موقعه الالكتروني أن شراء الأسلحة بدأ في أيلول 2015 خلال إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما حيث أنفق البنتاغون حتى أيار 2017 أكثر من 700 مليون دولار على شراء البنادق الآلية وقاذفات القنابل اليدوية المضادة للدبابات ومدافع الهاون والذخائر. ووفق العقود سيتم إنفاق ما لا يقل عن 900 مليون دولار بحلول العام 2022 في حين تم تخصيص مبالغ إضافية تقدر بنحو 600 مليون دولار كانت احتسبت في الميزانية أو طالبت بها إدارة الرئيس دونالد ترامب.
وبحسب التقارير الاستخبارية فقد بلغت القيمة الإجمالية للأسلحة التي اشترتها قيادة العمليات الخاصة في بلغاريا والبوسنة والهرسك والتشيك وكازاخستان وبولندا ورومانيا وصربيا وأوكرانيا، 238,5 مليون دولار قبل مايو/أيار 2017. ومن المقرر أيضا شراء أسلحة بقيمة 172 مليون دولار في السنة المالية الجارية، فيما طلب البيت الأبيض تخصيص 412 مليون دولار لهذه الأغراض في ميزانية العام 2018.
الولايات المتحدة تحاول إبعاد التهم عنها
حاولت واشنطن عبر المتحدثة باسم البنتاغون ميشيل بلدانسا، نفي التهم عنها بخصوص التقارير التي نشرتها صحف ألمانية يوم أمس كشفت فيها عن استخدام واشنطن للأراضي الألمانية، لتخزين أو نقل أسلحة مخصصة للمعارضة السورية، وأكدت بلدانسا أن واشنطن تراقب الاستخدام النهائي لهذه الأسلحة.
وكشفت الصحيفة الألمانية يوم الأربعاء الماضي أن واشنطن قامت بتوريد أسلحة وذخيرة لفصائل المعارضة السورية من دول أوروبا الشرقية عبر قاعدة “رامشتاين” الجوية الأمريكية في ألمانيا، وذلك انتهاكا للقوانين الألمانية.
ختاما وبعد كل ما تقدم لا يمكن للولايات المتحدة أن تنفي كل هذه التهم خاصة بعد وجود كل هذه التقارير والإثباتات الدامغة التي أكدت تورطها في دعم الجماعات الإرهابية المسلحة عبر قنوات غير مباشرة أو وصول الأسلحة لهذه الجماعات عن طريق الخطأ كما تدعي واشنطن.