الثمرة الثالثة: في حالات الإمام وكيفياته وعلائمه:
الثمرة الثالثة في حالات الإمام وكيفياته وعلاماته في الكافي عن الحكم بن عتبة(37) قال: دخلت على علي بن الحسين (عليه السلام) يوما فقال: يا حكم هل تدري ما الآية التي كان علي بن أبي طالب (عليه السلام) يعرف قاتله بها ويعرف بها الأمور العظام التي كان يحدث بها الناس.؟ قال الحكم فقلت في نفسي: قد وقعت على علم من علم علي بن الحسين (عليهما السلام) أعلم بذلك تلك الأمور العظام. قال: فقلت: لا والله لا أعلم، ثم قلت الآية تخبرني بها يا بن رسول الله. قال: هو والله قول الله (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي)(38) ولا محدث وكان علي بن أبي طالب (عليه السلام) محدثا. فقال رجل يقال له عبد الله بن زيد كان أخا لعلي لأمه: سبحان الله محدثا ! كأنه ينكر ذلك.
فأقبل عليه أبو جعفر فقال: أما والله إن ابن أمك بعد قد كان يعرف ذلك. قال: فلما قال ذلك سكت الرجل، فقال: هي التي هلك فيها أبو الخطاب فلم يدر ما تأويل المحدث والنبي.(39) وفي البحار عن أبي عبد الله (عليه السلام): كان علي محدثا وكان سلمان محدثا. قيل فما آية المحدث؟ قال: يأتيه ملك فينكت كيت وكيت.(40) (وفيه) عن أبي جعفر (عليه السلام): إن عليا كان محدثا. فخرجت إلى أصحابي فقلت لهم: جئتكم بعجيبة. قالوا: ما هي؟ قلت: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) إنه يقول: كان علي محدثا. قالوا: ما صنعت شيئا، ألا سألته من يحدثه.؟ فرجعت إليه فقلت له: إني حدثت أصحابي بما حدثتني قالوا: ما صنعت شيئا ألا سألته من يحدثه؟ فقال لي: يحدثه ملك. قلت: فنقول إنه نبي. قال: فحرك يده هكذا ثم قال أو كصاحب سليمان أو كصاحب موسى أو كذي القرنين، أوما بلغكم أنه (عليه السلام) قال: وفيكم مثله.(41) في الكافي عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) يقول: لولا أن نزداد لأنفدنا.
قال: قلت: تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله. قال: أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله ثم على الأئمة ثم انتهى الأمر إلينا.(42) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) إن لله تعالى علمين علما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فما أظهر عليه ملائكته ورسله وأنبياءه فقد علمناه، وعلما استأثر به، فإذا بدا لله في شئ منه أعلمنا ذلك وعرض على الأئمة الذين كانوا من قبلنا.(43) وفي البحار عن أبي عبد الله (عليه السلام): إنا لنزداد في الليل والنهار ولو لم نزدد لنفد ما عندنا.(44) (وفيه) عنه (عليه السلام) ليحيى الصنعاني: يا يحيى في ليالي الجمعة لشأن من الشأن. قال: فقلت له: جعلت فداك وما ذلك الشأن؟
قال: يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانكم يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها فتطوف بها أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملأوا وأعطوا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير.(45) وفي الكافي عن سيف التمار: كنا مع أبي عبد الله (عليه السلام) جماعة من الشيعة في الحجر فقال: علينا عين. فالتفتنا يمنة ويسرة فلم نر أحدا فقلنا: ليس علينا عين. فقال: ورب الكعبة ورب البينة – ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر (لأخبرتهما أني أعلم منهما ولأنبأتهما بما ليس في أيديهما، لأن موسى والخضر (عليهما السلام))،(46) أعطيا علم ما كان ولن يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة وقد ورثناه من رسول الله وراثة.(47) (وفيه) عنه (عليه السلام) يقول: إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض ولأعلم ما في الجنة وأعلم ما في النار وأعلم ما كان وأعلم ما يكون.
قال: ثم مكث هنيئة فرأى أن ذلك كبر على من سمعه منه فقال: علمت ذلك من كتاب الله إن الله عز وجل يقول (فيه تبيان كل شئ).(48) وفي البحار عن أبي جعفر (عليه السلام) سئل علي عن علم النبي فقال (عليه السلام): علم النبي علم جميع النبيين وعلم ما كان وما هو كائن إلى قيام الساعة. ثم قال: والذي نفسي بيده إني لأعلم علم النبي وعلم ما كان وعلم ما هو كائن فيما بيني وبين قيام الساعة.(49) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام): والله إني لأعلم ما في السماوات وما في الأرض وما في الجنة والنار وما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة، ثم قال: أعلمه من كتاب الله، أنظر إليه هكذا ثم بسط كفيه ثم قال: إن الله يقول (وأنزلنا إليك الكتاب فيه تبيان كل شئ).
(50) (وفيه) عن مفضل عن الصادق (عليه السلام) قال: يا مفضل هل عرفت محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم أجمعين كنه معرفتهم؟ قال: يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الأعلى. قال: قلت: عرفني يا سيدي؟ قال: يا مفضل تعلم أنهم علموا ما خلق الله عز وجل وذراه وبراه وأنهم كلمة التقوى وخزان السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار، وعلموا كم في السماء من نجم وملك وكم وزان الجبال وكيل ماء البحر وأنهارها وعيونها وما تسقط من ورقة إلا علموها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وهو في علمهم وقد علموا ذلك.
فقلت: يا سيدي قد علمت ذلك وأقررت به وآمنت، قال: نعم يا مفضل نعم يا مكرم نعم يا محبور نعم يا طيب، طبت وطابت لك الجنة ولكل مؤمن بها.(51) في البحار عن أصبغ بن نباتة: كنت جالسا عند أمير المؤمنين (عليه السلام) فأتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين إني لأحبك في السر كما أحبك في العلانية. قال: فنكت أمير المؤمنين (عليه السلام) بعود كان في يده في الأرض ساعة ثم رفع رأسه فقال: كذبت والله ما أعرف وجهك في الوجوه ولا اسمك في الأسماء. قال الأصبغ: فعجبت من ذلك عجبا شديدا فلم أبرح حتى أتاه رجل آخر فقال: والله يا أمير المؤمنين لأحبك في السر كما أحبك في العلانية.
قال: فنكت بعوده ذلك في الأرض طويلا ثم رفع رأسه فقال: صدقت إن طينتنا طينة مرحومة أخذ الله ميثاقها يوم أخذ الميثاق فلا يشذ منها شاذ ولا يدخل فيها دخل إلى يوم القيامة أما إنه فاتخذ للفاقة جلبابا فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الفاقة إلى محبيك أسرع من السيل من أعلى الوادي إلى أسفله.(52) (وفيه) عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن رجلا جاء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو مع أصحابه فسلم عليه ثم قال: أنا والله أحبك وأتولاك. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): ما أنت كما قلت: إن الله خلق الأرواح قبل الأبدان بألفي عام ثم عرض علينا المحب لنا، فوالله ما رأيت روحك فيمن عرض علينا فأين كنت؟ فسكت الرجل عند ذلك ولم يراجعه.
(53) في البحار عنه (عليه السلام): إن الله أكرم وأحكم وأجمل وأعظم وأعدل من أن يحتج بحجة ثم يغيب عنه شيئا من أمورهم.(54) (وفيه) عنه (عليه السلام): من زعم أن الله يحتج بعبده في بلاده ثم يستر عنه جميع ما يحتاج إليه فقد افترى على الله.(55) (وفيه) عنه عن أبيه (عليهما السلام) لجماعة من أصحابه: والله لو أن على أفواههم أوكية لأخبرت كل رجل منهم ما لا يستوحش إلى شئ، ولكن فيكم الإذاعة والله بالغ أمره.(56) (وفيه) عن أبي سعيد الخدري عن رميلة قال: وعكت وعكا شديدا في زمان أمير المؤمنين (عليه السلام) فوجدت من نفسي خفة في يوم الجمعة وقلت: لا أعرف شيئا أفضل من أن أفيض على نفسي من الماء وأصلي خلف أمير المؤمنين (عليه السلام)، ففعلت ثم جئت إلى المسجد فلما صعد أمير المؤمنين (عليه السلام) المنبر عاد علي ذلك الوعك فلما انصرف أمير المؤمنين (عليه السلام) ودخل القصر دخلت معه فقال: يا رميلة رأيتك وأنت متشبك بعضك في بعض. فقلت: نعم وقصصت عليه القصة التي كنت فيها والذي حملني على الرغبة في الصلاة خلفه،
فقال: يا رميلة ليس من مؤمن يمرض إلا مرضنا بمرضه ولا يحزن إلا حزنا بحزنه ولا يدعو إلا أمنا بدعائه ولا يسكت إلا دعونا له. فقلت له: يا أمير المؤمنين جعلني الله فداك هذا لمن معك في القصر أرأيت من كان في أطراف الأرض. قال: يا رميلة ليس يغيب عنا مؤمن في شرق الأرض ولا في غربها.(57) وفي الكافي عن مفضل بن عمر قال: أتينا إلى باب أبي عبد الله (عليه السلام) ونحن نريد الإذن عليه فسمعناه يتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكى فبكينا لبكائه ثم خرج إلينا الغلام فأذن لنا فدخلنا عليه فقلت: أصلحك الله أتيناك ونريد الإذن عليك فسمعناك تتكلم بكلام ليس بالعربية فتوهمنا أنه بالسريانية ثم بكيت فبكينا لبكائك. فقال (عليه السلام): نعم ذكرت إلياس النبي (عليه السلام) وكان من عباد أنبياء بني إسرائيل فقلت كما يقول في سجوده، ثم اندفع فيه بالسريانية.
فلا والله ما رأينا قسا ولا جاثليقا أفصح لهجة منه ثم فسره لنا بالعربية فقال: كان يقول في سجوده أتراك معذبي وقد أظمأت لك هواجري، أتراك معذبي وقد عفرت لك في التراب وجهي، أتراك معذبي وقد اجتنبت لك المعاصي، أتراك معذبي وقد أسهرت لك ليلي، قال: فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك. قال: فقال: إن قلت لا أعذبك ثم عذبتني كان ماذا ألست عبدك وأنت ربي. قال: فأوحى الله إليه أن ارفع رأسك فإني غير معذبك فإني إذا وعدت وعدا وفيت به.(58) وفي البحار عن الثمالي عن علي (عليه السلام): لو ثنيت لي وسادة لحكمت بين أهل القرآن بالقرآن حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل التوراة بالتوراة حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل الإنجيل بالإنجيل حتى يزهر إلى الله ولحكمت بين أهل الزبور بالزبور حتى يزهر إلى الله، ولولا آية في كتاب الله لأنبئنكم بما يكون حتى تقوم الساعة.(59).
|