المراجعات بقلم الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي50
13 نوفمبر,2018
بحوث اسلامية, صوتي ومرئي متنوع
795 زيارة
ش
المراجعة 101 رقم : 10 ربيع الثاني سنة 1330
لم لم يحتج الإمام يوم السقيفة بنصوص الخلافة والوصاية ؟
صرح الحق عن محضه ، والحمد لله رب العالمين ، ولم يبق إلا أمر واحد ،
تنكرت معالمه ، وخفيت أعلامه ، أذكره لك لتميط حجابه ، وتعلن سره ، وهو
أن الإمام لم يحتج – يوم السقيفة على الصديق ومبايعيه – بشئ من نصوص الخلافة
والوصاية التي أنتم عليها عاكفون ، فهل أنتم أعرف بمفادها منه ؟ والسلام .
س
المراجعة 102 رقم : 11 ربيع الثاني سنة 1330
1 – موانع الإمام من الاحتجاج يوم السقيفة .
2 – الإشارة إلى احتجاجه واحتجاج مواليه مع وجود الموانع
1 – الناس كافة يعلمون أن الإمام وسائر أوليائه من بني هاشم وغيرهم ، لم
يشهدوا البيعة ، ولا دخلوا السقيفة يومئذ وكانوا في معزل عنها وعن كل ما كان
فيها ، منصرفين بكلهم إلى خطبهم الفادح بوفاة رسول الله ، وقيامهم بالواجب
من تجهيزه صلى الله عليه وآله ، لا يعنون بغير ذلك ، ما
واروه في ضراحه الأقدس حتى أكمل أهل السقيفة أمرهم
فأبرموا البيعة ، وأحكموا العقد ، وأجمعوا – أخذا بالحزم – على
منع كل قول أو فعل يوهن بيعتهم ، أو يخدش عقدهم ، أو يدخل
التشويش والاضطراب على عامتهم ، فأين كان الإمام عن السقيفة وعن بيعة
الصديق ومبايعيه ليحتج عليهم ؟ وأنى يتسنى الاحتجاج له أو لغيره بعد عقد البيعة
وقد أخذ أولو الأمر والنهي بالحزم ، وأعلن أولو الحول والطول تلك الشدة ، وهل
يتسنى في عصرنا الحاضر لأحد أن يقابل أهل السلطة بما يرفع سلطتهم ، ويلغي
دولتهم ؟ وهل يتركونه وشأنه لو أراد ذلك ؟ هيهات هيهات ، فقس الماضي على
الحاضر ، فالناس ناس والزمان زمان .
على أن عليا لم ير للاحتجاج عليهم يومئذ أثرا إلا الفتنة التي كان يؤثر ضياع
حقه على حصولها في تلك الظروف ، إذ كان يخشى منها على بيضة الاسلام وكلمة
التوحيد ، كما أوضحناه سابقا حيث قلنا : إنه مني في تلك الأيام بما لم يمن به أحد إذ
مثل على جناحيه خطبان فادحان ، الخلافة بنصوصها ووصاياها إلى جانب
تستصرخه وتستفزه بشكوى تدمي الفؤاد ، وحنين يفتت الأكباد ، والفتن
الطاغية إلى جانب آخر تنذره بانتقاض شبه الجزيرة ، وانقلاب العرب ، واجتياح
الاسلام ، وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة ، وقد مردوا على النفاق ، وبمن حولهم
من الأعراب ، وهم منافقون بنص الكتاب ، بل هم أشد كفرا ونفاقا وأجدر أن لا
يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله ، وقد قويت شوكتهم بفقده صلى الله عليه وآله
وسلم ، وأصبح المسلمون بعده كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية ، بين ذئاب
عادية ، ووحوش ضارية ، ومسيلمة الكذاب ، وطليحة بن خويلد الأفاك ،
وسجاح بنت الحرث الدجالة ، وأصحابهم الرعاع الهمج ، قائمون – في محق
الاسلام وسحق المسلمين – على ساق ، والرومان والأكاسرة والقياصرة وغيرهم ،
كانوا للمسلمين بالمرصاد إلى كثير من هذه العناصر الجياشة بكل حنق من محمد وآله
وأصحابه ، وبكل حقد وحسيكة لكلمة الاسلام تريد أن تنقض أساسها
وتستأصل شأفتها ، وأنها لنشيطة في ذلك مسرعة متعجلة ، ترى الأمر قد استتب
لها ، والفرصة – بذهاب النبي إلى الرفيق الأعلى – قد حانت ، فأرادت أن تسخر
الفرصة ، وتنتهز تلك الفوضى قبل أن يعود الاسلام إلى قوة وانتظام ، فوقف علي
بين هذين الخطرين ، فكان من الطبيعي له أن يقدم حقه قربانا لحياة المسلمين ( 1 ) ،
لكنه أراد الاحتفاظ بحقه في الخلافة ، والاحتجاج على من عدل عنه بها على وجه لا
تشق بهما للمسلمين عصا ، ولا تقع بينهم فتنة ينتهزها عدوهم ، فقعد في بيته حتى
أخرجوه كرها بدون قتال ، ولو أسرع إليهم ما تمت له حجة ، ولا سطع لشيعته
برهان ، لكنه جمع فيما فعل بين حفظ الدين والاحتفاظ بحقه من خلافة المسلمين ،
وحين رأى أن حفظ الاسلام ، ورد عادية أعدائه موقوفان في تلك الأيام على الموادعة
والمسالمة ، شق بنفسه طريق الموادعة ، وآثر مسالمة القائمين في الأمر احتفاظا
بالأمة ، واحتياطا على الملة ، وضنا بالدين ، وإيثارا للآجلة على العاجلة ، وقياما
بالواجب شرعا وعقلا من تقديم الأهم – في مقام التعارض – على المهم ، فالظروف
يومئذ لا تسع مقاومة بسيف ، ولا مقارعة بحجة .
2 – ومع ذلك فإنه وبنيه ، والعلماء من مواليه ، كانوا يستعملون الحكمة في
ذكر الوصية ، ونشر النصوص الجلية ، كما لا يخفى على المتتبعين ، والسلام .
ش
المراجعة 103 رقم : 12 ربيع الثاني سنة 1330
البحث عن احتجاجه واحتجاج مواليه
متى كان ذلك من الإمام ؟ ومتى كان ذلك من ذويه ومواليه ؟ أوقفونا على شئ
منه ، والسلام .
س
المراجعة 104 رقم : 15 ربيع الثاني سنة 1330
1 – ثلة من موارد احتجاج الإمام
2 – احتجاج الزهراء عليها السلام
1 – كان الإمام يتحرى السكينة في بث النصوص عليه ، ولا يقارع بها
خصومه احتياطا على الاسلام ، واحتفاظا بريح ( 1 ) المسلمين ، وربما اعتذر عن
سكوته وعدم مطالبته – في تلك الحالة – بحقه فيقول ( 2 ) : ” لا يعاب المرء بتأخير
حقه ، إنما يعاب من أخذ ما ليس له ( 892 ) ” وكان له في نشر النصوص عليه طرق
تجلت الحكمة فيها بأجلى المظاهر ، ألا تراه ما فعل يوم الرحبة إذ جمع الناس فيها أيام
خلافته لذكرى يوم الغدير ، فقال لهم : أنشد الله كل امرئ مسلم سمع
رسول الله صلى الله عليه وآله ، يقول يوم غدير خم ما قال ، إلا قام فشهد بما
سمع ، ولا يقم إلا من رآه ، فقام ثلاثون ، من الصحابة فيهم اثنا عشر بدريا
فشهدوا بما سمعوه من نص الغدير ( 3 ) ” ( 893 ) وهذا غاية ما يتسنى له في تلك
الظروف الحرجة بسبب قتل عثمان ، وقيام الفتنة في البصرة والشام ، ولعمري أنه
قصارى ما يتفق من الاحتجاج يومئذ مع الحكمة في تلك الأوقات ، ويا له مقاما
محمودا بعث نص الغدير من مرقده ، فأنعشه بعد أن كاد ، ومثل – لكل من كان في
الرحبة من تلك الجماهير – موقف النبي ( ص ) يوم خم ، وقد أخذ بيد علي فأشرف
به على مئة ألف أو يزيدون ، من أمته ، فبلغهم أنه وليهم من بعده ،
وبهذا كان نص الغدير أظهر مصاديق السنن المتواترة ، فانظر إلى حكمة
النبي إذ أشاد به على رؤوس تلك الإشهاد وانتبه إلى حكمة الوصي يوم الرحبة إذ
ناشدهم بذلك النشاد ، فأثبت الحق بكل تؤدة اقتضتها الحال ، وكل سكينة كان
الإمام يؤثرها ، وهكذا كانت سيرته في بث العهد إليه ، ونشر النص عليه ، فإنه
إنما كان ينبه الغافلين بأساليب لا توجب ضجة ولا تقتضي نفرة .
وحسبك ما أخرجه أصحاب السنن من حديثه عليه السلام في الوليمة التي
أولمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، في دار عمه شيخ الأبطاح بمكة يوم أنذر
عشيرته الأقربين ، وهو حديث طويل جليل ( 1 ) ، كان الناس ولم يزالوا يعدونه من
أعلام النبوة ، وآيات الاسلام ، لاشتماله على المعجز النبوي بإطعام الجم الغفير
من الزاد اليسير ، وقد جاء في آخره : أن النبي صلى الله عليه وآله ، أخذ
برقبته ، فقال : ” إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيك ، فاسمعوا له وأطيعوا (
894 ) ” وكثيرا ما كان يحدث بأن رسول الله صلى الله عليه وآله ، قال له : “
أنت ولي كل مؤمن بعدي ” ( 895 ) وكم حدث بقوله له : ” أنت مني بمنزلة هارون
من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ” ( 896 ) وكم حدث بقول رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم يوم غدير خم – : ” ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلى .
قال : من كنت وليه فهذا – علي – وليه ” ( 897 ) ( 1 ) إلى كثير من النصوص التي لم
تجحد ، وقد أذاعها بين الثقات الأثبات ، وهذا كل ما يتسنى له في تلك الأوقات ، (
حكمة بالغة فما تغنى النذر ) ويوم الشورى أعذر وأنذر ، ولم يبق من خصائصه
ومناقبه شيئا إلا احتج به ( 898 ) ، وكم احتج أيام خلافته متظلما ، وبث شكواه
على المنبر متألما ، حتى قال : ” أما والله لقد تقمصها فلان ، وأنه ليعلم أن محلي منها
محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلي الطير ، فسدلت دونها
ثوبا ، وطويت عنها كشحا ، وطفقت أن أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر
على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، و ؟ كدح فيها مؤمن
حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أشجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي
الحلق شجى ، أرى تراثي نهبا . . . ” إلى آخر الخطبة ( 899 ) الشقشقية ( 1 ) ، وكم
قال : ” اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم ( 2 ) ، فإنهم قطعوا رحمي ،
وصغروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي ، ثم قالوا : ألا إن في الحق
أن تأخذه وفي الحق أن تتركه . ” ا ؟ . ( 900 ) وقد قال له قائل ( 3 ) : ” إنك على هذا
الأمر يا ابن أبي طالب لحريص ، فقال : بل أنتم والله لأحرص وإنما طلبت حقا لي
وأنتم تحولون بيني وبينه ” ( 901 ) وقال عليه السلام ( 4 ) : ” فوالله ما زلت مدفوعا عن
حقي مستأثرا علي منذ قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله ، حتى يوم الناس
هذا ” ( 902 ) .
وقال عليه السلام مرة : ” لنا حق فإن أعطيناه ، وإلا ركبنا أعجاز الإبل ،
وإن طال السرى ( 5 ) ” ( 903 ) وقال عليه السلام في كتاب كتبه إلى أخيه عقيل ( 6 ) : “
فجزت قريش عني الجوازي ، فقد قطعوا رحمي ، وسلبوني سلطان ابن أمي “
( 904 ) وكم قال عليه السلام ( 7 ) : ” فنظرت فإذا ليس لي معين إلا أهل بيتي ،
فضننت بهم عن الموت ، وأغضيت على القذى ، وشربت على الشجى ، وصبرت
على أخذ الكظم ، وعلى أمر من طعم العلقم ” ( 905 ) .
وسأله بعض أصحابه : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟
فقال ( 1 ) : ” يا أخا بني أسد إنك لقلق الوضين ، ترسل في غير سدد ، ولك بعد ذمامة
الصهر وحق المسألة وقد استعلمت فاعلم ، أما الاستبداد علينا بهذا المقام ، ونحن
الأعلون نسبا ، والأشدون برسول الله نوطا ، فإنها كانت أثرة شحت عليها نفوس
قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم لله والمعود إليه يوم القيامة ، ودع عنك
نهبا صيح في حجراته . . . الخطبة ” ( 906 ) وقال عليه السلام ( 2 ) : ” أين الذين
زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا ؟ كذبا علينا وبغيا إن رفعنا الله ووضعهم ،
وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم ، بنا يستعطى الهدى ، ويستجلى
العمى ، إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على
سواهم ، ولا تصلح الولاة من غيرهم . . . الخ ” ( 907 ) . وحسبك قوله في بعض
خطبه ( 3 ) : ” حتى إذا قبض رسول الله صلى الله عليه وآله ، رجع قوم على
الأعقاب ، وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ( 4 ) ، ووصلوا غير الرحم ،
وهجروا السبب الذي أمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رص أساسه ، فبنوه في غير
مواضعه معادن كل خطيئة ، وأبواب كل ضارب في غمرة ، قد ماروا في الحيرة ،
وذهلوا في السكرة ، على سنة من آل فرعون ، من منقطع إلى الدنيا راكن ، أو
مفارق للدين مباين ( 908 ) ” وقوله في خطبة خطبها بعد البيعة له ، وهي من جلائل
خطب النهج ( 5 ) : ” لا يقاس بآل محمد صلى الله عليه وآله ، من هذه الأمة
أحد ، ولا يسوى بهم من جرت نعمتهم عليه أبدا ، هم أساس الدين ، وعماد
اليقين ، إليهم يفئ الغالي ، وبهم يلحق التالي ، ولهم خصائص حق الولاية ،
وفيهم الوصية والوراثة ، الآن إذ رجع الحق إلى أهله ، ونقل إلى منتقله ( 909 ) .
وقوله عليه السلام من خطبة أخرى يعجب فيها من مخالفيه : ” فيا عجبي ! وما لي لا
أعجب من خطأ هذه الفرق على اختلاف حججها في دينها ، لا يقتصون أثر نبي ،
ولا يقتدون بعمل وصي . . . الخطبة ( 1 ) ( 910 ) ” .
2 – وللزهراء عليها السلام حجج بالغة ، وخطبتاها في ذلك سائرتان ،
كان أهل البيت يلزمون أولادهم بحفظهما كما يلزمونهم بحفظ القرآن ، وقد تناولت
أولئك الذين نقلوا البناء عن رص أساسه فبنوه في غير موضعه ، فقالت : ” ويحهم
أنى زحزحوها – أي الخلافة – عن رواسي الرسالة ؟ ! وقواعد النبوة ، ومهبط
الروح الأمين ، الطبن ( 2 ) بأمور الدنيا والدين ، ألا ذلك الخسران المبين ، وما
الذي نقموا من أبي الحسن ؟ نقموا والله منه نكير سفيه ، وشدة وطأته ، ونكال
وقعته ، وتنمره في ذات الله ، وتالله لو تكافأوا ( 3 ) على زمام نبذه إليه رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم ، لاعتقله وسار بهم سيرا سجحا لا يكلم خشاشه ، ولا يتتعتع
راكبه ، ولأوردهم منهلا رويا فضفاضا ( 4 ) تطفح ضفتاه ، ولا يترنم جانباه ،
ولأصدرهم بطانة ( 5 ) ونصح لهم سرا وإعلانا ، غير متحل منهم بطائل إلا بغمر
الناهل ( 1 ) ، وردعة سورة الساغب ( 2 ) ولفتحت عليهم بركات من السماء
والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون ، إلا هلم فاستمع وما عشت أراك
الدهر عجا ، وإن تعجب ، فقد أعجبك الحادث ، إلى أي لجأ لجأوا ؟ وبأي عروة
تمسكوا ، لبئس المولى ولبئس العشير ، بئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله
الذنابا بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون
صنعا إلا أنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ، ويحهم * ( أفمن يهدي
إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف
تحكمون ) * . . . إلى آخر الخطبة ( 3 ) ” ( 911 ) وهي نموذج كلام العترة
الطاهرة في هذا الموضوع ، وعلى هذه فقس ما سواها ، والسلام .
2018-11-13