في ذكر الأوقات والحالات التي يتأكد فيها الدعاء لمولانا الغائب (عليه السلام)
9 نوفمبر,2017
بحوث اسلامية, صوتي ومرئي متنوع
1,886 زيارة
أقاربي، وأنا خائف أن يدركني الموت وليس لي من آنس به، وأرجع إليه.
فقال (عليه السلام) له: إن من إخوانك المؤمنين من هو أقرب نسبا أو سببا وأنسك به خير من أنسك بقريب، ومع هذا فعليك بالدعاء، وأن تقول عقيب كل صلاة: اللهم صل على محمد وآل محمد، اللهم إن الصادق الأمين (عليه السلام) قال: إنك قلت: ” ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته “.
اللهم فصل على محمد وآل محمد، وعجل لوليك الفرج والعافية والنصر، ولا تسؤني في نفسي، ولا في أحد من أحبتي، وإن شئت أن تسميهم واحدا واحدا فافعل وإن شئت متفرقين، وإن شئت مجتمعين.
قال الرجل: والله لقد عشت حتى سئمت الحياة قال أبو محمد هارون بن موسى (رضي الله عنه) أن محمد بن الحسن بن شمون البصري كان يدعو بهذا الدعاء، فعاش مائة وثمان وعشرين سنة في خفض، إلى أن مل الحياة فتركه فمات رحمه الله تعالى.
– وروى أن المجلسي (١) أيضا نقلا عن دعوات الراوندي والمكارم ومصباح الشيخ وجنة الأمان والبلد الأمين بهذا اللفظ روى من دعا بهذا الدعاء عقيب كل فريضة، وواظب على ذلك عاش حتى يمل الحياة.
أقول: قد ذكرنا في المكرمة الثامنة والعشرين من الباب السابق وجه كون هذا الدعاء سؤالا لتعجيل فرج مولانا الحجة (عليه السلام) وبينا ما سنح بالبال من الحجة.
إيضاح
وأما قوله: ” ما ترددت في شئ أنا فاعله ” الخ، فقد ورد مثله في روايات عديدة مروية في أصول الكافي وغيره.
قال الشيخ البهائي (رضي الله عنه) في شرح الأربعين: ما تضمنه هذا الحديث من نسبة التردد إليه سبحانه يحتاج إلى التأويل، وفيه وجوه:
الأول: إن في الكلام إضمارا والتقدير لو جاز علي التردد ما ترددت في شئ كترددي في وفاة المؤمن.الثاني: إنه لما جرت العادة بأن يتردد الشخص في مساءة من يحترمه، ويوقره كالصديق الوفي، والخل الصفي وأن لا يتردد في مساءة من ليس له عنده قدر ولا حرمة، كالعدو والحية والعقرب بل إذا خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد ولا تأمل: صح أن يعبر بالتردد، والتأمل في مساءة الشخص عن توقيره واحترامه، وبعدمهما عن إذلاله واحتقاره.
قوله سبحانه: ما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي في وفاة المؤمن المراد – به والله أعلم – ليس لشئ من مخلوقاتي عندي قدر وحرمة كقدر عبدي المؤمن وحرمته فالكلام من قبيل الاستعارة التمثيلية.
الثالث: إنه قد ورد في الحديث من طرق الخاصة والعامة: إن الله سبحانه يظهر للعبد المؤمن عند الاحتضار من اللطف والكرامة، والبشارة بالجنة ما يزيل عنه كراهة الموت ويوجب رغبته في الانتقال إلى دار القرار، فيقل تأذيه به، ويصير راضيا بنزوله، راغبا في حصوله، فاشتبهت هذه المعاملة، معاملة من يريد أن يؤلم حبيبه لما يتعقبه نفع عظيم، فهو يتردد في أنه كيف يوصل ذلك الألم إليه على وجه يقل تأذيه به، فلا يزال يظهر له ما يرغبه فيما يتعقبه من الله من اللذة الجسمية، والراحة العظيمة، إلى أن يتلقاه بالقبول، ويعده من الغنائم المؤدية إلى إدراك المأمول. انتهى كلامه رفع مقامه.
– ويدل على المقصود أيضا ما روي في كتاب جمال الصالحين عن مولانا الصادق (عليه السلام) أنه قال: إن من حقوقنا على شيعتنا أن يضعوا بعد كل فريضة أيديهم على أذقانهم ويقولوا ثلاث مرات: ” يا رب محمد عجل فرج آل محمد يا رب محمد احفظ غيبة محمد، يا رب محمد، انتقم لابنة محمد (عليها السلام) “. انتهى.
واعلم أنه قد ذكر فضل الدعاء المذكور بالفارسية وقد نقلته إلى العربية.
تتميم: نفعه عميم
إذا عرفت ما يدل على المقصود من الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار (عليهم السلام) فاعلم أن السر في ذلك أن حقيقة العبادة وأصلها وشرط قبولها هو معرفة الإمام، والتولي له فينبغي للمؤمن أن يظهر حقيقة إيمانه وصدق ولايته لمولاه، بعد كل صلاة بالدعاء له ومسألة فرجه من الله عز وجل، حتى تقترن صلاته بما يكون سببا لقبولها ويدل على ذلك ما رويناه في الباب الأول، والخامس ويأتي في الباب الثامن مضافا إلى الروايات الواردة في تفسير قوله تعالى * (اليوم أكملت لكم دينكم) * (١).
وفي قوله تعالى: * (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) * وغيرهما مما يتعسر أو يتعذر جمعها، وضبطها من الأخبار الكثيرة، وكذا الحال في الصوم، والحج، وسائر العبادات ولذا ورد الصلاة على محمد وآله (عليهم السلام) والدعاء لفرج مولانا (عليه السلام) في أيام شهر رمضان ولياليه.
– ويعجبني هنا ذكر حديث شريف مروي في تفسير البرهان (٢) في تفسير قوله تعالى * (أن تقول نفس يا حسرتي على ما فرطت في جنب الله) * (٣) بإسناده عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال: نحن جنب الله، ونحن صفوة الله، ونحن خيرة الله ونحن مستودع مواريث الأنبياء، ونحن أمناء الله عز وجل، ونحن حجج الله، ونحن حبل الله، ونحن رحمة الله على خلقه، ونحن الذين بنا يفتح الله وبنا يختم، ونحن أئمة الهدى، ونحن مصابيح الدجى، ونحن منار الهدى، ونحن العلم المعروف لأهل الدنيا، ونحن السابقون، ونحن الآخرون من تمسك بنا لحق، ومن تخلف عنا غرق، ونحن قادة الغر المحجلين، ونحن حرم الله، ونحن الطريق والصراط المستقيم إلى الله عز وجل، ونحن من نعم الله على خلقه ونحن المنهاج، ونحن معدن النبوة، ونحن موضع الرسالة.
ونحن أصول الدين، وإلينا تختلف الملائكة، ونحن السراج لمن استضاء بنا ونحن السبيل لمن اقتدى بنا، ونحن الهداة إلى الجنة ونحن عرى الإسلام، ونحن السجور، ونحن القناطر، من مضى علينا سبق، ومن تخلف عنا محق، ونحن السنام الأعظم، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة، وبنا تسقون الغيث، ونحن الذين بنا يصرف الله عز وجل عنكم العذاب، فمن أبصرنا وعرف حقنا وأخذ بأمرنا فهو منا وإلينا.
تكميل
وقد اختلج بالبال سر آخر، لتأكد الدعاء في حقه في تلك الحال:
2017-11-09