المرأة والأسرة في فكر الإمام الخامنئي
4 أبريل,2019
الاسلام والحياة, صوتي ومرئي متنوع
932 زيارة
قضيَّة المرأة في الفكر الإسلاميّ
القضية العالمية للمرأة
إنّ قضية المرأة، والتي ينبغي تسميتها اليوم في العالم “أزمة المرأة“، تُعدّ من أكثر القضايا أهمّية في أيّ مدينة ومجتمع وبلد[1].
إنّ تعبير “أزمة المرأة” يثير العجب. وفي يومنا هذا تُطرح قضية أزمة الماء والهواء، وأزمة المياه، وأزمة الطاقة، وأزمة الاحتباس الحراريّ، كقضايا أساس عند البشرية، ولكن لا يُعدّ أيّ منها كذلك.
إنّ أكثر الأشياء التي تُعد مشاكل أساساً للبشرية ترجع إلى تلك القضايا التي ترتبط بالمعنويات والأخلاق والسلوك الاجتماعيّ للبشر بينهم، ومنها قضية الرجل والمرأة وموقعية المرأة وشأنيّتها في المجتمع، حيث يُعدّ هذا في الحقيقة أزمة. غاية الأمر أنّهم لا يتوجّهون إليها ولا يطرحونها، والسياسات المتسلّطة على العالم لا تعتبرها من شأنها، ولعلّهم يعتبرون أنّ طرح هذه القضية مخالفٌ لتطلّعاتهم من الأساس[2].
أسباب وجوب التصدّي لبحث قضية المرأة
ينبري بعض للقول: ما الداعي لمثل هذه الحركة[3]؟ وما الذي تعوزه المرأة في مجتمعنا؟ من المؤسف أنّ بعض الناس يفكّر بهذا النمط، وهذه نظرة سطحية، فالمرأة في كلّ المجتمعات ـ ومنها مجتمعنا ـ تعاني من الظلم ومن نواقص تفرض عليها.
ولا نعني من النقص الذي نرفضه هو ما يعنيه الغربيون، بل المقصود به قلّة ميادين وفرص التعلّم والمعرفة والتربية والأخلاق والتقدّم وتفتّح الطاقات. (فلا بدَّ من السعي لبحث قضية المرأة للأسباب الآتية):
1- بلوغ المرأة الكمالات المعنويّة والأخلاقيّة والمعرفيَّة:
هذا من أهمّ ما يجب التنقيب عنه وضمانه. فإذا استطاع المجتمع الإسلاميّ تربية المرأة وفقاً للأُسوة الإسلامية، اقتداءً بالزهراء وبزينب، وأن ينشئ نساءً عظيمات قادرات على التأثير على العالم وعلى التاريخ، حينذاك تبلغ المرأة مقامها الحقيقيّ والشامخ. وإذا حصلت هي على نصيبها، الذي فرضه اللّه والشريعة الإلهية للناس جميعاً رجالاً ونساء، من العلم والمعرفة والكمالات المعنوية والاخلاقية، فستكون تربية الأطفال عند ذاك أفضل، وأحضان العائلة أكثر دفئاً ونقاءً، والمجتمع أكثر تقدّماً، ومشاكل الحياة أسهل حلاً، بمعنى أنّ
الرجل والمرأة يذوقان طعم السعادة[4]. لهذه الغاية يجب أن تُبذل الجهود، وهذا هو الهدف المنشود، وليست الغاية والهدف عملية حشد النساء في خندق في مجابهة الرجال أو لإثارة تنافس عدائيّ بينهم. بل إنّ الغاية هي أن تسلك النساء والفتيات المسار نفسه الذي إذا سلكه الرجل يغدو إنساناً عظيماً وكبيراً، ليصبحن هنّ عظيمات أيضاً. وهذا الأمر يسير المنال وقد وقع في الإسلام[5].
2- أهميّة مسألة الأسرة وتأثيرها على المجتمع:
إنّ مسألة الأسرة هي مسألة مهمّة جداً، هي القاعدة الأساس للمجتمع، والخلية الأساس في المجتمع، و(لكن) ليس بمعنى أنّه إذا كانت هذه الخلية سليمة، فإنّ السلامة ستُرى في بقية الأجزاء، أو أنّها إذا فسدت فإن باقي الأجزاء ستفسد بتبعيّتها، بل (بمعنى) أنّها إذا كانت سليمة فإنّ الجسم (سيكون) سالماً، لأنّ الجسم ليس شيئاً آخر غير الخلايا، وكل جهاز هو عبارة عن مجموعة من الخلايا، إذا استطعنا أن نحفظ هذه الخلايا سالمة، فسيكون الجهاز سليماً. المسألة مهمّة إلى هذا الحدّ.
في الأساس، لا يمكن للمجتمع الإسلاميّ أن يتقدّم ما لم ينعم البلد بمؤسسة أسرية سليمة وحيوية ونشيطة. لا إمكان للتقدّم في
المجالات المختلفة، والمجالات الثقافية خاصة، بدون أُسر جيدة، فالأسرة ضرورة، ولا يتناقض ذلك مع القول بأنّه لا يوجد أسرة في الغرب ولكن يوجد تقدّم.
إنّ ما تظهر مؤشّراته بشكل أكبر، يوماً بعد يوم، في خراب مؤسسة الأسرة في الغرب، سوف يلقي بظلاله وآثاره (على الغرب)، لا داعي للاستعجال، فالأحداث العالمية والتاريخية ليست بالأمر الذي تظهر آثاره فوراً وبسرعة، بل تظهر بشكل تدريجيّ، مع أنّه لا تزال تؤثّر حتّى الآن. في الزمن الذي أنتج الغرب هذا التطوّر كانت الأسرة هناك لا تزال محافظة على بنيانها، حتّى مسألة العلاقة بين الجنسين كانت لا تزال مضبوطة من خلال رعاية الأخلاق الجنسية، بالطبع ليس بشكلها الإسلاميّ، وإنّما بأسلوبها الخاصّ.
من لديه اطّلاع على المعارف الغربية، سواء في أوروبا أو في أمريكا، يرى ويشاهد هذا الأمر، حيث كان هناك رعاية للأخلاق بين الجنسين وكان هناك حياء واجتناب للتهم وما شابه. لقد نشأ هذا الفلتان وهذه الإباحية بشكل تدريجيّ، وقد مهّدوا الأرضية لهذا في ذلك الزمن، واليوم وصلوا إلى هذا المستوى. لذلك فإنّ أوضاعهم اليوم ستنتج مستقبلاً مرّاً وصعباً جداً لهم. هذا هو السبب الثاني[6].
3– وجوب الردّ على الاتّهامات الغربيّة:
في هذه الاثنتين والثلاثين عاماً، لطالما كانت مسألة المرأة على رأس لائحة الاعتراض علينا من قبل الأعداء. منذ بداية الثورة، اعترضوا علينا وجعلوها في مستوى الإرهاب ونقض حقوق البشر. يومها لم يكن معلوماً (بالنسبة لهم) كيف سيتعامل المجتمع الإسلاميّ مع جنس النساء. بدأوا بحملتهم: الإسلام ضدّ المرأة، الإسلام هو هكذا وهكذا. وبالطبع فإنّهم لا يزالون مستمرّين في هذا حتّى اليوم.
حسناً، كان علينا أن نواجه وندافع. في المقابل، لا يمكن الاستخفاف بالرأي العامّ العالميّ، فلا يمكن اعتبار الجميع مُغرضين، وليس الكلّ خبيثاً، الخباثة خاصّة بمجموعة معيّنة، من السياسيين وصنّاع السياسة والمخطّطين وأمثالهم، ينبغي لنا أن لا نسمح بأن يصبح عامّة الناس عرضة لهذا التضليل الكبير، لذا ينبغي أن نتصدّى.
علينا أن نذكر أيضاً، أنّ الغرب يتهرّب عمداً من طرح مسألة الأسرة، في جميع الأبحاث التي يجرونها، هناك بحث حول المرأة ولكن لا يوجد أثر لبحث الأسرة. إنّ الأسرة هي نقطة ضعف الغرب. إنّهم يطرحون مسألة المرأة ولكن لا يذكرون حتّى اسم الأسرة، مع أنّ المرأة ليست منفصلة عن الأسرة، وبناءً على هذا، فإنّ التصدّي لهذه المسألة أمر ضروريّ[7].
[1] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة بضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام، في طهران، بحضور جمع من السيدات، بتاريخ 22/05/2011م.
[3] حركة التصدّي والسعي الثقافي لبحث قضية المرأة.
[4] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ويوم المرأة، في طهران – ملعب الحرية الرياضي، بحضور جموع غفيرة من النساء المؤمنات، بتاريخ 19/06/1418ه.ق.
[6] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ويوم المرأة، في طهران – ملعب الحرية الرياضي، بحضور جموع غفيرة من النساء المؤمنات، بتاريخ 19/06/1418ه.ق.
[7] خطاب الإمام الخامنئي دام ظله بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة عليها السلام ويوم المرأة، في طهران – ملعب الحرية الرياضي، بحضور جموع غفيرة من النساء المؤمنات، بتاريخ 19/06/1418ه.ق.
2019-04-04