الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / روح العبادة الآداب المعنوية للعبادات

روح العبادة الآداب المعنوية للعبادات

على المتعلّم مع نهاية هذا الدرس أن:

  1. يبيّن كيف تكون الطمأنينة شرطاً من شروط الصلاة المعنوية.

  2. يستدلّ على أنّ النشاط والبهجة من الشروط الأساسية للصلاة المعنوية.

  3. يوضح أنّ التفهيم من شروط الصلاة المعنوية وكيفية تحقّقه.

 

 

نتابع بيان الآداب المعنوية العامّة للصلاة وفقاً لما أورده إمامنا الخميني قدس سره في كتابه “الآداب المعنوية للصلاة”[1]، ونصل الى الأدب الرابع منها وهو أدب الطمأنينة:

 

أدب الطمأنينة

من الآداب المعنوية الهامّة للعبادات – ولا سيّما التي يطغى فيها طابع الذِّكر كالصلاة – أدب الطمأنينة. وأداء الصلاة أو أي عبادة أخرى بحال الطمأنينة يعني أن يؤدّيها العابد وهو في حالٍ من سكينة القلب واطمئنان البال.

 

وهذا يعني أن يكون قلب الإنسان هادئاً مطمئناً غير مضطربٍ لأي سببٍ من الأسباب، وساكناً غير متزلزلٍ بأي عاملٍ من العوامل. أمّا لماذا يعتبر هذا الأدب في غاية الأهمية وما هي فائدته بالنسبة للعبادة؟

لنجيب عن هذا السؤال علينا أن ندرك أولاً أن القلب هو مركز التأثّر في الإنسان وهو المستهدف من العبادة، فهو المقصود منها وهو الذي تروم العبادة تغييره وتشكيله على صورة العبودية وجعله منفعلاً بها ومتّحداً بحقيقتها. فإذا ما تمّ للقلب هذا الأمر وأصبح عابداً حقيقياً وتمكّنت العبادة منه غدا جميع وجود الإنسان عابداً لله تعالى.

فإن القلب هو أمير البدن وهو مركز الباطن أيضاَ وصورة الباطن تتشكّل بحسب حقيقة القلب وصورته، والجوارح الخارجية للإنسان إنّما تتحرّك بإمرة القلب وبحسبه.

عن أمير المؤمنين علي عليه السلام قال: “…إنّ الله تعالى ما فرض الإيمان على جارحة من جوارح الإنسان إلا وقد وُكِلَتْ بغير ما وُكِلَتْ به الأخرى فمنها قلبه الذي يعقل به

 

ويفقه ويفهم ويحلّ ويعقد ويريد وهو أمير البدن وإمام الجسد الّذي لا تُورَدُ الجوارح ولا تصدر إلّا عن رأيه وأمره ونهيه…”[2].

وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن لنا أن نفهم إحدى علل تكرار العبادات كالصلاة اليومية مثلاً، حيث إن تكرارها وترديد أذكارها وإعادة أورادها يهدف إلى زيادة أثرها في قلب الإنسان وتعميقه فينفعل بها ويتّحد بروح العبادة ويسري هذا الأثر إلى كلّ باطنه ثم إلى أعضائه الخارجية، وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق عليه السلام: “فاجعل قلبك قبلةً للسانك لا تحرّكه إلا بإشارة القلب وموافقة العقل ورضا الإيمان”[3].

فإذا كان هذا هو الواقع فيمكن لنا أن نستنتج أهمّية كون القلب في حالٍ من الطمأنينة عند العبادة، لأن القلب المتزلزل المضطرب لا يمكن له أن ينفعل بالعبادة مهما بلغت وعظمت.

ويمكننا لتوضيح الصورة أن نشبّه القلب المتزلزل بالأرض المهتزّة والمتزلزلة التي نريد أن نشيد فيها بنياناً، فهل يمكننا ذلك في هذه الحال من الاضطراب والاهتزاز؟ أم أن جميع جهود البناء وكلّ الموارد والمواد التي سنستثمرها سوف تذهب سدىً وكأنها هباءٌ منثور؟ إن الحلّ الوحيد لهذه المشكلة يكمن في البحث عن أرضٍ ثابتةٍ صلبةٍ تثمر فيها جهودنا بنياناً مرصوصاً.

والأمر سيّان بالنسبة للقلب فلكي ينفعل ويتأثّر بالعبادة وتؤتي فيه العبادة أكلها لا بد من أن يكون ساكناً، هادئاً ومطمئناً فينتقل هذا الأثر بالتدريج وعلى أثر تكرار العبادة من القلب إلى الجوارح ويظهر عليها.

 

ومثالٌ على ذلك ترديد الذكر الشريف: “لا إله إلا الله” فإذا قاله إنسانٌ مع سكينةٍ في قلبه وباطمئنانٍ من لبّه وراح يعلّم القلب هذا الذكر الشريف، حينئذ يتعلّمه القلب ويتكلّم به شيئاً فشيئاً ويلهج به، ثم يعقب ذلك أن يتبع اللسان الظاهر القلب في ذكره وينقاد خلفه في ترديده.

أما إذا ردّد الإنسان نفس هذا الذكر الشريف بلا سكونٍ في القلب ولا طمأنينةٍ منه ومع عجلةٍ واضطرابٍ وتشتّتٍ، فلن يحصل منه أيّ تأثيرٍ فيه ولن يتجاوز الذّكر حدّ اللّسان والسمع الظاهريين إلى اللسان والسمع الباطنيين الإنسانيين، ولا تتحقّق حقيقته في باطن القلب، ولا يصير صورةً كماليةً له غير ممكنة الزوال. ومن هنا يتّضح لنا أهمية أدب الطمأنينة في تحقيق العبادات لأهدافها ولا سيّما الصلاة.

 

النشاط والبهجة في العبادة

ومن الآداب القلبية للصلاة وسائر العبادات كما له نتائج حسنةٌ في التكامل الروحي، أن يجتهد الإنسان السالك إلى الله بقدم العبودية في أن تكون عبادته مصحوبةً بنشاطٍ وبهجةٍ في قلبه وفرحٍ وانبساطٍ في خاطره، وأن يحترز احترازاً شديداً من الإتيان بالعبادة مع الكسل وإدبار النفس. لأنه إذا أجبر النفس على العبادة حين الكسل والتعب، فسيحصد آثاراً سيئةً هي عكس المرجوّ من العبادة.

وقد ذكرنا أن الهدف من العبادة هي انفعال قلب الانسان بها وبتبعه باطنه وصيرورة العبودية صورةً باطنية للقلب. فإذا ما أكره إنسانٌ ما نفسه على العبادة فلن يحصل المطلوب. ليس هذا فحسب بل وسيتولّد في نفسه نفورٌ من العبادة وقد ينتج منه في بعض الحالات انصرافٌ تامٌّ عن ذكر الحق وعبادته والعياذ بالله.

والآن نضيف بأن واحدةً من أسرار العبادات ونتائجها المرجوّة هي امتثال القوى الظاهرية والباطنية للإنسان لأحكام القلب وأوامره، وذلك بأن تطيعه وتترك التمرّد والعصيان والأنانية وتذوب إرادتها في إرادته وتتم هزيمة النفس الأمّارة بالسوء فتقوى بالنتيجة إرادة الإنسان. ولكي يحصل هذا الأمر لا بد من أداء العبادة مع بهجةٍ وإقبالٍ

 

ورغبةٍ في نفس العابد، كي تحصل له حالة المحبة والعشق لذكر الحق ولمقام العبودية، ويحصل له الأنس.

وكما أن الأطباء يعتقدون بأن الطعام إذا أكل في حال السرور والبهجة يكون أسرع في الهضم، كذلك فإن الطب الروحي يشترط بأن يتغذّى الإنسان بالأغذية الروحانية في حالٍ من البهجة والاشتياق، محترزاً عن الكسل والتكلّف حتى تظهر آثارها في القلب والباطن أسرع.

 

النشاط والبهجة في الكتاب والسنة

وفي القرآن الكريم إشاراتٌ إلى هذا الأدب، فقد قال تعالى في وصف المنافقين: ﴿ وَلَا يَأتُونَ ٱلصَّلَوٰةَ إِلَّا وَهُم كُسَالَىٰ[4]. وقد فسّرت الآية: ﴿ لَا تَقرَبُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنتُم سُكَٰرَىٰ[5] بأن المراد من سكارى كسالى.

 

وفي الروايات الشريفة إشارةٌ أيضاً إلى هذا الأدب، وهذه بعضها:

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: “يا عليّ إنّ هذا الدّين متين فأوغل فيه برفق ولا تُبَغِّض إلى نفسك عبادة ربّك[6].

وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: “لا تكرهوا إلى أنفسكم العبادة”[7].

وهنا حديثٌ مهمٌّ عن العسكري عليه السلام: “إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودّعوها”[8].

فهذا الحديث يشير إلى الإنسان السالك بأن يعامل نفسه برفقٍ ومداراةٍ فيراعي أحوالها من الفتور والنشاط، فلا يكرهها إذا فترت عن العبادة لينفّرها منها، وأن يقبل عليها إذا نشطت.

 

ونختصر المطلب فنقول على العابد أن لا يحمّل نفسه أكثر من طاقتها وما لا يتناسب مع حالها. بل عليه أن يكون كالطبيب الحاذق فيقيس نبضها ويتعامل معها وفقاً له.

وهذا الأمر يختصّ بالشباب وبحديثي العهد بالسلوك المعنوي أكثر من غيرهم من الذين تجاوزوا مرحلة الشباب أو قطعوا مراتب في السير والسلوك، فهؤلاء حريٌّ بهم أن لا يرخوا العنان لأنفسهم التي قد تكون اعتادت على الكسل والفتور بل عليهم أن يزيدوا من مجاهداتهم لأنفسهم شيئاً فشيئاً حتى ترتاض وتنصاع لأوامر القلب وتقوى إراداتهم الموافقة لإرادة الله تعالى.

وما ورد في الأحاديث الشريفة من الحثّ على العبادة والمواظبة عليها والجدّ والاجتهاد فيها إنّما هو موجّهٌ إلى هؤلاء.

بينما نجد نوعاً مختلفاً من الأحاديث الموجّهة إلى الشباب حول موضوع العبادة، منها ما ورد في حديثٍ لأبي عبد الله عليه السلام حيث قال: “اجتهدت في العبادة وأنا شابٌّ فقال لي أبي يا بنيّ دون ما أراك تصنع فإن الله عزّ وجلّ إذا أحب عبداً رضي منه اليسير”[9].

وأحد الفروق بين الفئتين إنما يرجع إلى تميّز فترة الشباب باستعار نار الشهوة، فما لم يعامل الشباب أنفسهم بالرفق والمداراة ولم يعطوا أنفسهم حقوقها، فربّما يُطلق عنان الشهوات في أنفسهم بسبب التعرّض للضغط والكبت الزائدين.

ولهذا فإن من الأمور التي تساعد الشاب على العبادة بنشاطٍ وعلى السلوك إلى الله تعالى والقرب منه الزواج، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “من تزوّج فقد أحرز نصف دينه”[10].

وليس صحيحاً كبت الإنسان والشاب بالخصوص، لشهوات النفس التي تقتضيها الطبيعة الإنسانية، فعن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: “إن جماعةً من الصحابة كانوا حرّموا على أنفسهم النساء والإفطار بالنهار والنوم بالليل، فأخبرت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرج إلى أصحابه فقال: أترغبون عن النساء؟ إني آتي النساء، وآكل بالنهار، وأنام بالليل، فمن رغب عن سنّتي فليس مني، وأنزل الله: ﴿لَا تُحَرِّمُواْ طَيِّبَٰتِ مَا أَحَلَّ ٱللَّهُ

 

لَكُم وَلَا تَعتَدُواْ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلمُعتَدِينَ ٨٧ وَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ حَلَٰلا طَيِّبا وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي أَنتُم بِهِۦ مُؤمِنُونَ ﴾[11][12].

وإجمالاً فإن الميزان في مراعاة هذا الأدب يكمن في التفات الإنسان إلى أحوال نفسه فيسلك بها بما يناسب قوّتها وضعفها، فإذا كانت قويّةً في العبادات ومقبلةً عليها فعليه أن يجدّ ويجتهد في العبادة. مع ملاحظة الفارق بالنسبة إلى من تجاوز مرحلة الشباب فعليه أن يشمّر عن ساعد الهمّة ويروّض نفسه على العبادة وبالتدريج حتى يحصل له الأنس الذي لا يبدله أصحابه بأيّ شيءٍ من هذا العالم مهما عظمت قيمته.

 

التفهيم

من الآداب المعنوية في العبادات – وخصوصاً العبادات الذِّكرية – التفهيم، وهو يعني إفهام القلب الأذكار والأوراد وأسرار العبادات وحقائقها، حتى ينفتح لسان القلب بالنطق بها، وهو المطلوب الحقيقي كما أشرنا مراراً في السابق. وهذا الأدب مهمٌّ جداً وخاصّة بالنسبة إلى المبتدئين.

 

ولكن كيف يتمّ ذلك؟

على الإنسان أن يعامل قلبه في بادئ الأمر كما يعامل طفلاً يتولّى مسؤولية تعليمه النطق، فيعلّمه كلاًّ من الأذكار والأوراد والحقائق وأسرار العبادات بغاية الدقّة والعناية، ويفهمه الحقيقة التي أدركها في كلٍّ منها على قدر مرتبته.

فمثلاً إذا لم يكن في مرتبة فهم معاني القرآن والأذكار وأسرار العبادات فعليه أن يفهم قلبه المعنى الإجمالي الذي باستطاعة أيٍّ كان إداركه، وهو أن القرآن كلام الله وأن الأذكار مذكٍّرات بالحق تعالى والعبادات إطاعة لأمر الربّ.

وأما إن كان في مرتبة فهم المعاني الظاهرية الصورية للقرآن والأذكار، فيفهم قلبه بكل عنايةٍ هذه المعاني الصورية من الوعد والوعيد والأمر والنهي وعلم المبدأ والمعاد بالمقدار الذي أدركه.

 

وإن كُشفت له حقيقةٌ من حقائق المعارف، أو كُشف له سرٌّ من أسرار العبادات، فيعلّم القلب ذاك المكشوف بجدًّ واجتهاد. أما النتيجة المرجوّة من أدب التفهيم والتي تعطيه أهمّيته الفائقة فهي أنه بعد مدّةٍ من المواظبة، ينطلق لسان القلب الذي شبّهناه بالطفل المتعلّم للنطق، فيصبح القلب بنفسه ذاكراً ومتذكّراً.

ففي أوّل الأمر كان القلب متعلّماً واللسان الظاهريّ هو أداة المعلّم أي الإنسان صاحب القلب، وكان القلب يتبع الّلسان الظاهري في الذّكر. ولكن عندما يتعلّم القلب الذّكر وينطق لسانه به يصبح الأمر معكوساً، فيكون القلب ذاكراً أوّلاً ويتبعه اللسان الظاهري في الذّكر والحركة.

وهنا نقف عند سرٍّ جديدٍ من أسرار تكرار الأذكار والأدعية ودوام الذّكر والعبادة، وهو انطلاق لسان القلب الذي تأثّر بالعبادة وفهم معانيها. وقد أُشير إلى هذا المعنى في الأحاديث الشريفة كما ورد عن الصادق عليه السلام أن عليّاً عليه السلام قال في بيان بعض آداب قراءة القرآن: “ولكن اقرعوا به قلوبكم القاسية ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة[13]. وأيضاً عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال لأبي أسامة: “يا أبا أسامة َ ارعوا قلوبكم بذكر الله عزَ وجلّ واحذروا النّكْت[14].

وقد قلنا سابقاً أنه ونتيجةً لتكرار العبادات تصبح قوى النفس والقوى الظاهرية مؤتمرةً بأوامر القلب وتابعةً له، وهنا نقول أنه نتيجةً لرعاية أدب التفهيم وبعد مدّةٍ من المواظبة، يصبح اللسان الظاهري تابعاً للسان القلب وناطقاً بنطقه.

وفي الواقع إن هذه النتيجة هي علامةٌ لنجاح الإنسان في تفهيم وتعليم قلبه معاني الأذكار والعبادات. فعندما ينطق لسان القلب يرتفع تعب تعليم الذّكر ومشقّته والملل عن المعلّم ويحصل النشاط والفرح بتحقّق الغاية. وذلك كشأن الإنسان الذي يعلّم طفلاً النطق والكلام، فما دام الطفل لم ينطق، فإن المعلم يكون في تعبٍ وملالة، فإذا انطلق لسان الطفل وأدّى الكلمة التي علّمه إياها ارتفعت ملالة المعلم. فإذا انطلق لسان القلب

 

بالذّكر والحقائق بيسرٍ وسهولةٍ، بلا مشقّة أو مللٍ، ردّدها لسانه الظاهري أيضاً بنشاطٍ وبهجةٍ وفرح. فيكون القلب قائداً واللسان تابعاً له.

وقد كان الأئمة عليهم السلام يراعون هذا الأدب كما في الحديث أن الصادق عليه السلام كان في صلاته فغشي عليه فلمّا أفاق سُئل عن سببه فقال عليه السلام: “ما زلت أردد هذه الآية حتى سمعتها من قائلها”[15].

إذاً، مراعاة أدب التفهيم يقتضي بتلقين القلب للأذكار، وعدم الاقتصار على الذكر الظاهري فإن الذّكر اللساني رغم أهمّيته – كونه أداةً للتعليم – ولكن الذّكر القلبي هو الأهم، لأن القلب هو محور العبادات. لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأبي ذر: “يا أبا ذر ركعتان مقتصدتان في تفكّر، خيرٌ من قيام ليلةٍ والقلب ساه[16].

 

التمارين

ضع إشارة û أو ü في المكان المناسب:

 

1 – معنى الطمأنينة في الصلاة أن يؤدّيها العابد وهو في حالٍ من سكينة القلب واطمئنان البال 

2 – من العوامل المؤثّرة في طمأنينة القلب كون القلب منصرفاً نحو الانشغالات الدنيوية 

3 – القلب العابد حقيقة لله هو أن يصير جميع وجود الإنسان عابداً متأثّراً بالله تعالى 

4 – القلب هو مركز التأثّر في الإنسان وهو المستهدف من العبادة التي تبغي تشكيله على صورة العبودية وجعله متّحداً بحقيقتها 

5 – إذا أدّيت العبادة مع إقبال قلب ورغبة في نفس العابد فإنّها تكون سبباً لتقوية إرادة الإنسان وعزيمته 

6 – أحد أسرار العبادات هي امتثال القوى الظاهرية والباطنية للإنسان لأحكام القلب وأوامره 

7 – الميزان في مراعاة أدب النشاط والبهجة يكمن في التفات الإنسان إلى أحوال نفسه فيسلك بها بما يناسب قوّتها وضعفها 

8 – أدب التفهيم يعني إفهام القلب الأذكار والأوراد وأسرار العبادات وحقائقها 

9 – مراعاة أدب التفهيم يقتضي تلقين القلب للأذكار، والاقتصار على الذكر الظاهري فقط 

10 – إن علامة نجاح تلقين القلب للأذكار أن ينطلق اللسان الظاهري بالذكر بكلّ يسرٍ وسهولة 

 

المفاهيم الرئيسة

  1. من الآداب المعنوية الهامّة للعبادات أدب الطمأنينة. وأداء الصلاة بحال الطمأنينة يعني أن يؤدّيها العابد وهو في حالٍ من سكينة القلب واطمئنان البال.

  2. القلب هو مركز التأثّر في الإنسان وهو المستهدف من العبادة وهو أمير البدن والجوارح الخارجية للإنسان إنّما تتحرّك بإمرته.

  3. أحد أسرار العبادات هي امتثال القوى الظاهرية والباطنية للإنسان لأحكام القلب وأوامره، وذلك بأن تطيعه وتترك التمرّد والعصيان والأنانية وتذوب إرادتها في إرادته وتتم هزيمة النفس الأمّارة بالسوء فتقوى بالنتيجة إرادة الإنسان. ولكي يحصل هذا الأمر لا بد من أداء العبادة مع بهجةٍ وإقبالٍ ورغبةٍ في نفس العابد.

  4. الميزان في مراعاة أدب النشاط والبهجة يكمن في التفات الإنسان إلى أحوال نفسه فيسلك بها بما يناسب قوّتها وضعفها، فإذا كانت قويّةً في العبادات ومقبلةً عليها فعليه أن يجدّ ويجتهد في العبادة. مع ملاحظة الفارق بالنسبة إلى من تجاوز مرحلة الشباب فعليه أن يشمّر عن ساعد الهمّة ويروّض نفسه على العبادة.

  5. من الآداب المعنوية في العبادات أدب التفهيم، وهو يعني إفهام القلب الأذكار والأوراد وأسرار العبادات وحقائقها، حتى ينفتح لسان القلب بالنطق بها، وهذا الأدب مهمٌّ جداً وخاصّة بالنسبة إلى المبتدئين.

  6. مراعاة أدب التفهيم يقتضي بتلقين القلب للأذكار، وعدم الاقتصار على الذكر الظاهري فإن الذّكر اللساني رغم أهمّيته – كونه أداةً للتعليم – ولكن الذّكر القلبي هو الأهم، لأن القلب هو محور العبادات. وعلامة نجاح هذا التلقين أن ينطلق اللسان الظاهري بالذكر بكل يسرٍ.

 

للمطالعة

الذكر التام

إنَّ ذكر الحق والتذكّر لذاته المقدّس من صفات القلب، وإنّ القلب إذا تذكّر ترتبت عليه ـ القلب ـ جميع الفوائد المذكورة للذكر، ولكن الأفضل أن يعقب الذكر القلبي، الذكر اللساني. وإن أفضل وأكمل مراتب الذكر كافّة هو الذكر الساري في نشآت مراتب الإنسانية، والجاري على ظاهر الإنسان وباطنه، سرّه وعلنه.

فيكون الحق سبحانه مشهوداً في سرّ الوجود، وتكون الصورة الباطنية للقلب والروح، صورة تذكّر المحبوب. ويطغى على الأعمال القلبية والقالبية – الظاهرية – التذكّر لله سبحانه. وتنفتح الأقاليم السبع الظاهرية، والممالك الباطنية، على ذكر الحق، وتتسخّر لتذكّر الجميل المطلق. بل لو أنّ حقيقة الذكر تحوّلت إلى صورة باطنية للقلب، وانفتحت مملكة القلب على يديهالذكر لجرى حكمه في كل الممالك والأقاليم – القوى الجسمية الظاهرية والباطنية – ولكانت حركة وسكون العين واللسان واليد والرجل، وأفعال كل القوى والجوارح مع ذكر الحق.

ولم تقم – القوى الظاهرية والباطنية في جسم الإنسان – بإنجاز ما يخالف الوظائف الشرعية المقررة. فتكون حركاتها وسكناتها مبدوّة ومختومة بذكر الحق، وتَنْفُذُ ﴿ بِسمِ ٱللَّهِ مَجرىٰهَا وَمُرسَىٰهَا ﴾[17] في جميع أطراف المملكة ـ جسم الإنسان بما فيه القوى الظاهرية والباطنية[18].

 

[1]  راجع الإمام الخميني، الآداب المعنوية للصلاة، المقالة الأولى.

[2]  العلّامة المجلسي، بجار الأنوار، ج66، ص74. وعن محمّد بن سنان عن بعض أصحاب عن الإمام الصادق عليه السلام: “قال سمعته يقول لرجل اعلم يا فلان إنّ منزلة القلب من الجسد بمنزلة الإمام من النّاس الواجب الطّاعة عليهم ألا ترى أنَ جميع جوارح الجسد شرط للقلب وتراجِمة له مُؤَدّية عنه، الأذنان والعينان والأنف واليدان والرّجلان والفرج، فإنّ القلب إذا همَ بالنَظر فتح الرَجل عينيه، وإذا همَ بالاستماع حرَك أذنيه وفتح‏ مسامعه فسمع، وإذا همَ القلب بالشّم استنشق بأنفه فأدَّى تلك الرّائحة إلى القلب، وإذا همَ بالنّطق تكلّم باللّسان، وإذا همَ بالحركة سعت الرجلان، وإذا همَ بالشّهوة تحرَك الذّكر، فهذه كلُها مؤدّية عن القلب بالتّحريك وكذا ينبغي للإمام أن يطاع للأمر منه” العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج58، ص250.

[3]  الميرزا النوري، مستدرك‏ الوسائل،ج5،ص397.

[4]  سورة التوبة، الآية 54.

[5]  سورة النساء، الآية 43.

[6]  الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص87.

[7]  م. ن، ص86.

[8]  العلّامة المجلسي، بحار الأنوار، ج67، ص60.

[9]  الشيخ الكليني، الكافي، ج2، ص87.

[10]  م. ن، ج5، ص328.

[11]  سورة المائدة، الآيتان 87 – 88.

[12]  الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج20، ص22.

[13]  الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج6، ص207.

[14]  الشيخ الكليني، الكافي، ج8، ص167.

[15]  الشيخ البهائي العاملي، مفتاح الفلاح، ص372، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات – بيروت – لبنان، لا.ت، لا.ط.

[16]  الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج4، ص74.

[17]  سورة هود، الآية 41.

[18]  الإمام الخميني، الأربعون حديثاً، الحَديث الثَامِن عشرَ: الذّكر.

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...