الميزان في تفسير القرآن سورة البقرة 47 – 48
18 أبريل,2018
القرآن الكريم, صوتي ومرئي متنوع
1,229 زيارة
تابع
يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47) وَاتَّقُواْ يَوْمًا لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئًا وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ (48)
و أما نشأة البرزخ و ما يدل على حضور النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و الأئمة (عليهم السلام) عند الموت و عند مساءلة القبر و إعانتهم إياه على الشدائد كما سيأتي في قوله تعالى: «و إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به»: النساء – 158، فليس من الشفاعة عند الله في شيء و إنما هو من سبيل التصرفات و الحكومة الموهوبة لهم بإذن الله سبحانه، قال تعالى: «و على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم و نادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم لم يدخلوها و هم يطمعون، إلى أن قال: «و نادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا ما أغنى عنكم جمعكم و ما كنتم تستكبرون، أ هؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم و لا أنتم تحزنون»: الأعراف – 46، 48، 49، و من هذا القبيل من وجه قوله تعالى: «يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه»: إسراء – 71، فوساطة الإمام في الدعوة، و إيتاء الكتاب من قبيل الحكومة الموهوبة فافهم.
فتحصل أن المتحصل من أمر الشفاعة وقوعها في آخر موقف من مواقف يوم القيامة باستيهاب المغفرة بالمنع عن دخول النار، أو إخراج بعض من كان داخلا فيها، باتساع الرحمة أو ظهور الكرامة.
بحث روائي
في أمالي الصدوق، عن الحسين بن خالد عن الرضا عن آبائه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي و من لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله الله شفاعتي ثم قال (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل، قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا (عليه السلام) يا بن رسول الله فما معنى قول الله عز و جل: «و لا يشفعون إلا لمن ارتضى» قال (عليه السلام) لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه.
أقول: قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): إنما شفاعتي، هذا المعنى رواه الفريقان بطرق متعددة عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد مر استفادة معناه من الآيات.
و في تفسير العياشي، عن سماعة بن مهران عن أبي إبراهيم (عليه السلام): في قول الله: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا، قال: يقوم الناس يوم القيامة مقدار أربعين عاما و يؤمر الشمس، فيركب على رءوس العباد، و يلجمهم العرق، و يؤمر الأرض لا تقبل من عرقهم شيئا فيأتون آدم فيستشفعون منه فيدلهم على نوح، و يدلهم نوح على إبراهيم، و يدلهم إبراهيم على موسى، و يدلهم موسى على عيسى، و يدلهم عيسى فيقول: عليكم بمحمد خاتم البشر فيقول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): أنا لها فينطلق حتى يأتي باب الجنة فيدق فيقال له: من هذا؟ و الله أعلم فيقول: محمد، فيقال: افتحوا له فإذا فتح الباب استقبل ربه فخر ساجدا فلا رفع رأسه حتى يقال له: تكلم و سل تعط و اشفع تشفع فيرفع رأسه و يستقبل ربه فيخر ساجدا فيقال له مثلها فيرفع رأسه حتى إنه ليشفع من قد أحرق بالنار فما أحد من الناس يوم القيامة في جميع الأمم أوجه من محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و هو قول الله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا.
أقول: و هذا المعنى مستفيض مروي بالاختصار و التفصيل بطرق متعددة من العامة و الخاصة، و فيها دلالة على كون المقام المحمود في الآية هو مقام الشفاعة، و لا ينافي ذلك كون غيره (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأنبياء، و غيرهم جائز الشفاعة لإمكان كون شفاعتهم فرعا لشفاعته فافتتاحها بيده (صلى الله عليه وآله وسلم).
و في تفسير العياشي، أيضا: عن أحدهما (عليهما السلام): في قوله تعالى: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا، قال: هي الشفاعة.
و في تفسير العياشي، أيضا: عن عبيد بن زرارة قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن المؤمن هل له شفاعة؟ قال: نعم فقال له رجل من القوم: هل يحتاج المؤمن إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يومئذ؟ قال: نعم إن للمؤمنين خطايا و ذنوبا و ما من أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ. قال: و سأله رجل عن قول رسول الله: أنا سيد ولد آدم و لا فخر. قال نعم. قال: يأخذ حلقة باب الجنة فيفتحها فيخر ساجدا فيقول الله: ارفع رأسك اشفع تشفع اطلب تعط فيرفع رأسه ثم يخر ساجدا فيقول الله: ارفع رأسك اشفع تشفع و اطلب تعط ثم يرفع رأسه فيشفع فيشفع و يطلب فيعطى.
و في تفسير الفرات،: عن محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا عن بشر بن شريح البصري قال: قلت لمحمد بن علي (عليهما السلام)، أية آية في كتاب الله أرجى؟ قال: فما يقول فيها قومك؟ قلت: يقولون: «يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله». قال: لكنا أهل بيت لا نقول ذلك. قال: قلت: فأي شيء تقولون فيها؟ قال: نقول: و لسوف يعطيك ربك فترضى الشفاعة و الله الشفاعة و الله الشفاعة.
أقول: أما كون قوله تعالى: «عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا» الآية مقام الشفاعة فربما ساعد عليه لفظ الآية أيضا مضافا إلى ما استفاض عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه مقام الشفاعة فإن قوله تعالى: أن يبعثك، يدل على أنه مقام سيناله يوم القيامة.
و قوله محمودا مطلق فهو حمد غير مقيد يدل على وقوعه من جميع الناس من الأولين و الآخرين، و الحمد هو الثناء على الجميل الاختياري ففيه دلالة على وقوع فعل منه (صلى الله عليه وآله وسلم) ينتفع به و يستفيد منه الكل فيحمده عليه، و لذلك قال (عليه السلام) في رواية عبيد بن زرارة السابقة: و ما من أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ الحديث.
و سيجيء بيان هذا المعنى بوجه آخر وجيه.
و أما كون قوله تعالى: و لسوف يعطيك ربك فترضى، أرجى آية في كتاب الله دون قوله تعالى: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا الآية، فإن النهي عن القنوط و إن تكرر ذكره في القرآن الشريف إلا أن قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) حكاية عن إبراهيم (عليه السلام): قال: «و من يقنط من رحمة الله إلا القوم الضالون:» الحجر – 56، و قوله تعالى حكاية عن يعقوب (عليه السلام): «إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون»: يوسف – 87، ناظرتان إلى اليأس و القنوط من الرحمة التكوينية بشهادة المورد.
و أما قوله تعالى: «قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم و أنيبوا إلى ربكم:» الزمر – 54، إلى آخر الآيات فهو و إن كان نهيا عن القنوط من الرحمة التشريعية بقرينة قوله تعالى أسرفوا على أنفسهم الظاهر في كون القنوط في الآية قنوطا من جهة المعصية، و قد عمم سبحانه المغفرة للذنوب جميعا من غير استثناء، و لكنه تعالى ذيله بالأمر بالتوبة و الإسلام و العمل بالإتباع فدلت الآية على أن العبد المسرف على نفسه لا ينبغي له أن يقنط من روح الله ما دام يمكنه اختبار التوبة و الإسلام و العمل الصالح.
و بالجملة فهذه رحمة مقيدة أمر الله تعالى عباده بالتعلق بها، و ليس رجاء الرحمة المقيدة كرجاء الرحمة العامة و الإعطاء، و الإرضاء المطلقين الذين وعدهما الله لرسوله الذي جعله رحمة للعالمين.
ذلك الوعد يطيب نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله تعالى: و لسوف يعطيك ربك فترضى» الآية.
توضيح ذلك: أن الآية في مقام الامتنان و فيها وعد يختص به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يعد الله سبحانه بمثله أحدا من خلقه قط، و لم يقيد الإعطاء بشيء فهو إعطاء مطلق و قد وعد الله ما يشابه ذلك فريقا من عباده في الجنة فقال تعالى: «لهم فيها ما يشاءون عند ربهم:» الشورى – 22، و قال تعالى: «لهم ما يشاءون فيها و لدينا مزيد:» ق – 35، فأفاد أن لهم هناك ما هو فوق مشيتهم، و المشية تتعلق بكل ما يخطر ببال الإنسان من السعادة و الخير، فهناك ما لا يخطر على قلب بشر كما قال تعالى: «فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين:» السجدة – 17، فإذا كان هذا قدر ما أعطاه الله على عباده الذين آمنوا و عملوا الصالحات و هو أمر فوق القدر كما عرفت ذلك فما يعطيه لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقام الامتنان أوسع من ذلك و أعظم فافهم.
فهذا شأن إعطائه تعالى، و أما شأن رضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فمن المعلوم أن هذا الرضا ليس هو الرضا بما قسم الله، الذي هو زميل لأمر الله.
فإن الله هو المالك الغني على الإطلاق و ليس للعبد إلا الفقر و الحاجة فينبغي أن يرضى بقليل ما يعطيه ربه و كثيره و ينبغي أن يرضى بما قضاه الله في حقه، سره ذلك أو ساءه، فإذا كان هذا هكذا فرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أعلم و أعمل، لا يريد إلا ما يريده الله في حقه، لكن هذا الرضا حيث وضع في مقابل الإعطاء يفيد معنى آخر نظير إغناء الفقير بما يشكو فقده، و إرضاء الجائع بإشباعه فهو الإرضاء بالإعطاء من غير تحديد، و هذا أيضا مما وعد الله ما يشابهه لفريق من عباده.
قال عز من قائل: «إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم و رضوا عنه ذلك لمن خشي ربه:» البينة – 8، و هذا أيضا لموقع الامتنان و الاختصاص يجب أن يكون أمرا فوق ما للمؤمنين و أوسع من ذلك، و قد قال تعالى: في حق رسوله: «بالمؤمنين رءوف رحيم:» التوبة – 128، فصدق رأفته و كيف يرضى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و يطيب نفسه أن يتنعم بنعيم الجنة و يرتاض في رياضه و فريق من المؤمنين متغلغلون في دركات السعير، مسجونون تحت أطباق النار و هم معترفون لله بالربوبية، و لرسوله بالرسالة، و لما جاء به بالصدق، و إنما غلبت عليهم الجهالة، و لعب بهم الشيطان، فاقترفوا معاصي من غير عناد و استكبار.
و الواحد منا إذا راجع ما أسلفه من عمره و نظر إلى ما قصر به في الاستكمال و الارتقاء يلوم نفسه بالتفريط في سعيه و طلبه ثم يلتفت إلى جهالة الشباب و نقص التجارب فربما خمدت نار غضبه و انكسرت سورة ملامته لرحمة ناقصة أودعها الله فطرته، فما ظنك برحمة رب العالمين في موقف ليس فيه إلا جهالة إنسان ضعيف و كرامة النبي الرءوف الرحيم و رحمة أرحم الراحمين.
و قد رأى ما رأى من وبال أمره من لدن نشبت عليه أظفار المنية إلى آخر مواقف يوم القيامة.
و في تفسير القمي،: في قوله تعالى: و لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له الآية، عن أبي العباس المكبر قال: دخل مولى لامرأة علي بن الحسين يقال له: أبو أيمن فقال: يا أبا جعفر تغرون الناس و تقولون: شفاعة محمد، شفاعة محمد فغضب أبو جعفر حتى تربد وجهه، ثم قال: ويحك يا أبا أيمن أ غرك أن عف بطنك و فرجك؟ أما لو قد رأيت أفزاع القيمة لقد احتجت إلى شفاعة محمد، ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار؟ قال: ما من أحد من الأولين و الآخرين إلا و هو محتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة، ثم قال أبو جعفر: إن لرسول الله الشفاعة في أمته، و لنا شفاعة في شيعتنا، و لشيعتنا شفاعة في أهاليهم، ثم قال: و إن المؤمن ليشفع في مثل ربيعة و مضر، و إن المؤمن ليشفع لخادمه و يقول: يا رب حق خدمتي كان يقيني الحر و البرد.
أقول: قوله (عليه السلام): ما من أحد من الأولين و الآخرين إلا و هو محتاج إلى شفاعة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ظاهرة أن هذه الشفاعة العامة غير التي ذكرها بقوله: ويلك فهل يشفع إلا لمن وجبت له النار و قد مر نظير هذا المعنى في رواية العياشي عن عبيد بن زرارة عن الصادق (عليه السلام).
و في هذا المعنى روايات أخر روتها العامة و الخاصة، و يدل عليه قوله تعالى: «و لا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق و هم يعلمون:» الزخرف – 86، حيث يفيد أن الملاك في الشفاعة هو الشهادة، فالشهداء هم الشفعاء المالكون للشفاعة، و سيأتي إن شاء الله في قوله تعالى: «و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس و يكون الرسول عليكم شهيدا:» البقرة – 143، أن الأنبياء شهداء و أن محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) شهيد عليهم، فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) شهيد الشهداء فهو شفيع الشفعاء و لو لا شهادة الشهداء لما قام للقيامة أساس.
و في تفسير القمي، أيضا: في قوله تعالى: و لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له. قال (عليه السلام): لا يشفع أحد من أنبياء الله و رسله حتى يأذن الله له إلا رسول الله فإن الله أذن له في الشفاعة قبل يوم القيامة، و الشفاعة له و للأئمة من ولده ثم من بعد ذلك للأنبياء.
و في الخصال،: عن علي (عليه السلام) قال قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ثلاثة يشفعون إلى الله عز و جل فيشفعون: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء.
أقول: الظاهر أن المراد بالشهداء، شهداء معركة القتال كما هو المعروف في لسان الأئمة في الأخبار لا شهداء الأعمال كما هو مصطلح القرآن.
و في الخصال، في حديث الأربعمائة: و قال (عليه السلام): لنا شفاعة و لأهل مودتنا شفاعة.
أقول: و هناك روايات كثيرة في شفاعة سيدة النساء فاطمة (عليها السلام) و شفاعة ذريتها غير الأئمة و شفاعة المؤمنين حتى السقط منهم.
ففي الحديث المعروف عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): تناكحوا تناسلوا فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة و لو بالسقط يقوم محبنطئا على باب الجنة فيقال له: ادخل فيقول: لا حتى يدخل أبواي الحديث.
و في الخصال، عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال: إن للجنة ثمانية أبواب، باب يدخل منه النبيون و الصديقون، و باب يدخل منه الشهداء و الصالحون، و خمسة أبواب يدخل منها شيعتنا و محبونا، فلا أزال واقفا على الصراط أدعو و أقول: رب سلم شيعتي و محبي و أنصاري و من تولاني في دار الدنيا فإذا النداء من بطنان العرش، قد أجيبت دعوتك، و شفعت في شيعتك، و يشفع كل رجل من شيعتي و من تولاني و نصرني و حارب من عاداني بفعل أو قول في سبعين ألفا من جيرانه و أقربائه، و باب يدخل منه سائر المسلمين ممن يشهد أن لا إله إلا الله و لم يكن في قلبه مقدار ذرة من بغضنا أهل البيت.
و في الكافي،: عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رسالته إلى أصحابه قال (عليه السلام): و اعلموا أنه ليس يغني عنكم من الله أحد من خلقه لا ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا من دون ذلك من سره أن ينفعه شفاعة الشافعين عند الله فليطلب إلى الله أن يرضى عنه.
و في تفسير الفرات،: بإسناده عن الصادق (عليه السلام) قال: قال جابر لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك يا بن رسول الله حدثني بحديث في جدتك فاطمة و ساق الحديث يذكر فيه شفاعة فاطمة يوم القيامة إلى أن قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): فوالله لا يبقى في الناس إلا شاك أو كافر أو منافق، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال الله تعالى فما لنا من شافعين و لا صديق حميم فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين، قال أبو جعفر (عليه السلام): هيهات هيهات منعوا ما طلبوا و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه و إنهم لكاذبون.
أقول: تمسكه (عليه السلام) بقوله تعالى: فما لنا من شافعين يدل على استشعار دلالة الآيات على وقوع الشفاعة و قد تمسك بها النافون للشفاعة على نفيها و قد اتضح مما قدمناه في قوله تعالى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين وجه دلالتها عليها في الجملة، فلو كان المراد مجرد النفي لكان حق الكلام أن يقال: فما لنا من شفيع و لا صديق حميم، فالإتيان في حيز النفي بصيغة الجمع يدل على وقوع شفاعة من جماعة و عدم نفعها في حقهم، مضافا إلى أن قوله تعالى: فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين بعد قوله: فما لنا من شافعين و لا صديق حميم المسوق للتحسر تمن واقع في حيز التحسر و من المعلوم أن التمني في حيز التحسر إنما يكون بما يتضمن ما فقده و يشتمل على ما تحسر عليه فيكون معنى قولهم: فلو أن لنا كرة معناه يا ليتنا نرد فنكون من المؤمنين حتى ننال الشفاعة من الشافعين كما نالها المؤمنون، فالآية من الآيات الدالة على وقوع الشفاعة.
و في التوحيد،: عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي فأما المحسنون فما عليهم من سبيل، قيل: يا بن رسول الله كيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر، و الله تعالى يقول: و لا يشفعون إلا لمن ارتضى و من ارتكب الكبيرة لا يكون مرتضى؟ فقال (عليه السلام): ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلا ساءه ذلك و ندم عليه، و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كفى بالندم توبة، و قال (صلى الله عليه وآله وسلم) من سرته حسنة و ساءته سيئة فهو مؤمن، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن و لم تجب له الشفاعة و كان ظالما و الله تعالى ذكره يقول: ما للظالمين من حميم و لا شفيع يطاع، فقيل له: يا بن رسول الله و كيف لا يكون مؤمنا من لا يندم على ذنب يرتكبه فقال: ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي و هو يعلم أن سيعاقب عليه إلا ندم على ما ارتكب، و متى ندم كان تائبا مستحقا للشفاعة، و متى لم يندم عليها كان مصرا و المصر لا يغفر له، لأنه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب، و لو كان مؤمنا بالعقوبة لندم و قد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): لا كبيرة مع الاستغفار و لا صغيرة مع الإصرار، و أما قول الله عز و جل: و لا يشفعون إلا لمن ارتضى فإنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه، و الدين الإقرار بالجزاء على الحسنات و السيئات، فمن ارتضى دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة.
أقول: قوله (عليه السلام) و كان ظالما، فيه تعريف الظالم يوم القيامة و إشارة إلى ما عرفه به القرآن حيث يقول: «فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين» الذين يصدون عن سبيل الله و يبغونها عوجا و هم بالآخرة كافرون»: الأعراف – 44 45، و هو الذي لا يعتقد بيوم المجازاة فلا يتأسف على فوت أوامر الله تعالى و لا يسوؤه اقتحام محارمه إما بجحد جميع المعارف الحقة و التعاليم الدينية و إما بالاستهانة لأمرها و عدم الاعتناء بالجزاء و الدين يوم الجزاء و الدين فيكون قوله به استهزاء بأمره و تكذيبا له، و قوله (عليه السلام): فتكون تائبا مستحقا للشفاعة، أي راجعا إلى الله ذا دين مرضي مستحقا للشفاعة، و أما التوبة المصطلحة فهي بنفسها شفيعة منجية، و قوله (عليه السلام): و قد قال النبي لا كبيرة مع الاستغفار، إلخ تمسكه (عليه السلام) به من جهة أن الإصرار و هو عدم الانقباض بالذنب و الندم عليه يخرج الذنب عن شأنه الذي له إلى شأن آخر و هو تكذيب المعاد و الظلم بآيات الله فلا يغفر لأن الذنب إنما يغفر إما بتوبة أو بشفاعة متوقفة على دين مرضي و لا توبة هناك و لا دين مرضيا.
و نظير هذا المعنى واقع في رواية العلل، عن أبي إسحاق الليثي قال: قلت لأبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليهما السلام): يا بن رسول الله أخبرني عن المؤمن المستبصر إذا بلغ في المعرفة و كمل هل يزني؟ قال: اللهم لا، قلت: فيلوط قال اللهم لا، قلت فيسرق؟ قال لا، قلت: فيشرب الخمر؟ قال: لا قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر أو فاحشة من هذه الفواحش؟ قال لا، قلت فيذنب ذنبا؟ قال: نعم و هو مؤمن مذنب مسلم، قلت: ما معنى مسلم؟ قال: المسلم لا يلزمه و لا يصر عليه.
الحديث.
و في الخصال،: بأسانيد عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) قال قال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا كان يوم القيامة تجلى الله عز و جل لعبده المؤمن فيوقفه على ذنوبه ذنبا ذنبا ثم يغفر الله له لا يطلع الله له ملكا مقربا و لا نبيا مرسلا و يستر عليه أن يقف عليه أحد، ثم يقول لسيئاته: كوني حسنات.
و عن صحيح مسلم، مرفوعا إلى أبي ذر قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه و نحوا عنه كبارها فيقال: عملت يوم كذا و كذا و كذا و هو مقر لا ينكر و هو مشفق من الكبائر فيقال: أعطوه مكان كل سيئة حسنة فيقول: إن لي ذنوبا ما أراها هاهنا، قال: و لقد رأيت رسول الله ضحك حتى بدت نواجذه.
و في الأمالي،: عن الصادق (عليه السلام): إذا كان يوم القيامة نشر الله تبارك و تعالى رحمته حتى يطمع إبليس في رحمته.
أقول: و الروايات الثلاث الأخيرة من المطلقات و الأخبار الدالة على وقوع شفاعة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة من طرق أئمة أهل البيت و كذا من طرق أهل السنة و الجماعة بالغة حد التواتر، و هي من حيث المجموع إنما تدل على معنى واحد و هو الشفاعة على المذنبين من أهل الإيمان إما بالتخليص من دخول النار و إما بالإخراج منها بعد الدخول فيها، و المتيقن منها عدم خلود المذنبين من أهل الإيمان في النار و قد عرفت أن القرآن أيضا لا يدل على أزيد من ذلك.
بحث فلسفي
البراهين العقلية و إن قصرت عن إعطاء التفاصيل الواردة كتابا و سنة في المعاد لعدم نيلها المقدمات المتوسطة في الاستنتاج على ما ذكره الشيخ ابن سينا لكنها تنال ما يستقبله الإنسان من كمالاته العقلية و المثالية في صراطي السعادة و الشقاوة بعد مفارقة نفسه بدنه من جهة التجرد العقلي و المثالي الناهض عليهما البرهان.
فالإنسان في بادىء أمره يحصل له من كل فعل يفعله هيئة نفسانية و حال من أحوال السعادة و الشقاوة، و نعني بالسعادة ما هو خير له من حيث إنه إنسان، و بالشقاوة ما يقابل ذلك، ثم تصير تلك الأحوال بتكررها ملكة راسخة، ثم يتحصل منها صورة سعيدة أو شقية للنفس تكون مبدأ لهيئات و صور نفسانية، فإن كانت سعيدة فآثارها وجودية ملائمة للصورة الجديدة، و للنفس التي هي بمنزلة المادة القابلة لها، و إن كانت شقية فآثارها أمور عدمية ترجع بالتحليل إلى الفقدان و الشر، فالنفس السعيدة تلتذ بآثارها بما هي إنسان، و تلتذ بها بما هي إنسان سعيد بالفعل، و النفس الشقية و إن كانت آثارها مستأنسة لها و ملائمة بما أنها مبدأ لها لكنها تتألم بها بما أنها إنسان، هذا بالنسبة إلى النفوس الكاملة في جانب السعادة و الشقاوة، أعني الإنسان السعيد ذاتا و الصالح عملا و الإنسان الشقي ذاتا و الطالح عملا، و أما الناقصة في سعادتها و شقاوتها فالإنسان السعيد ذاتا الشقي فعلا بمعنى أن يكون ذاته ذات صورة سعيدة بالاعتقاد الحق الثابت غير أن في نفسه هيئات شقية ردية من الذنوب و الآثام اكتسبتها حين تعلقها بالبدن الدنيوي و ارتضاعها من ثدي الاختيار، فهي أمور قسرية غير ملائمة لذاته، و قد أقيم البرهان على أن القسر لا يدوم، فهذه النفس سترزق التطهر منها في برزخ أو قيمة على حسب قوة رسوخها في النفس، و كذلك الأمر فيما للنفس الشقية من الهيئات العارضة السعيدة فإنها ستسلب عنها و تزول سريعا أو بطيئا، و أما النفس التي لم تتم لها فعلية السعادة و الشقاوة في الحياة الدنيا حتى فارقت البدن مستضعفة ناقصة فهي من المرجئين لأمر الله عز و جل، فهذا ما يقتضيه البراهين في المجازاة بالثواب و العقاب المقتضية لكونها من لوازم الأعمال و نتائجها، لوجوب رجوع الروابط الوضعية الاعتبارية بالآخرة إلى روابط حقيقية وجودية هذا.
ثم إن البراهين قائمة على أن الكمال الوجودي مختلف بحسب مراتب الكمال و النقص و الشدة و الضعف و هو التشكيك خاصة في النور المجرد فلهذه النفوس مراتب مختلفة في القرب و البعد من مبدإ الكمال و منتهاه في سيرها الارتقائي و عودها إلى ما بدأت منها و هي بعضها فوق بعض، و هذه شأن العلل الفاعلية بمعنى ما به و وسائط الفيض، فلبعض النفوس و هي النفوس التامة الكاملة كنفوس الأنبياء (عليهم السلام) و خاصة من هو في أرقى درجات الكمال و الفعلية وساطة في زوال الهيئات الشقية الردية القسرية من نفوس الضعفاء، و من دونهم من السعداء إذا لزمتها قسرا، و هذه هي الشفاعة الخاصة بأصحاب الذنوب.
بحث اجتماعي
الذي تعطيه أصول الاجتماع أن المجتمع الإنساني لا يقدر على حفظ حياته و إدامة وجوده إلا بقوانين موضوعة معتبرة بينهم، لها النظارة في حاله، و الحكومة في أعمال الأفراد و شئونهم، تنشأ عن فطرة المجتمع و غريزة الأفراد المجتمعين بحسب الشرائط الموجودة، فتسير بهدايتها جميع طبقات الاجتماع كل على حسب ما يلائم شأنه و يناسب موقعه فيسير المجتمع بذلك سيرا حثيثا و يتولد بتألف أطرافه و تفاعل متفرقاته العدل الاجتماعي و هي موضوعة على مصالح و منافع مادية يحتاج إليها ارتقاء الاجتماع المادي، و على كمالات معنوية كالأخلاق الحسنة الفاضلة التي يدعو إليها صلاح الاجتماع كالصدق في القول و الوفاء بالعهد و النصح و غير ذلك، و حيث كانت القوانين و الأحكام وضعية غير حقيقية احتاجت إلى تتميم تأثيرها، بوضع أحكام مقررة أخرى في المجازاة لتكون هي الحافظة لحماها عن تعدي الأفراد المتهوسين و تساهل آخرين، و لذلك كلما قويت حكومة أي حكومة كانت على إجراء مقررات الجزاء لم يتوقف المجتمع في سيره و لا ضل سائره عن طريقه و مقصده، و كلما ضعفت اشتد الهرج و المرج في داخله و انحرف عن مسيره فمن التعاليم اللازمة تثبيتها في الاجتماع تلقين أمر الجزاء، و إيجاد الإيمان به في نفوس الأفراد، و من الواجب الاحتراز من أن يدخل في نفوسهم رجاء التخلص عن حكم الجزاء، و تبعة المخالفة و العصيان، بشفاعة أو رشوة أو بشيء من الحيل و الدسائس المهلكة، و لذلك نقموا على الديانة المسيحية ما وقع فيها أن المسيح فدى الناس في معاصيهم بصلبه، فالناس يتكلون عليه في تخليصهم من يد القضاء يوم القيامة و يكون الدين إذ ذاك هادما للإنسانية، مؤخرا للمدنية، راجعا بالإنسان القهقرى كما قيل.
و أن الإحصاء يدل من أن المتدينين أكثر كذبا و أبعد من العدل من غيرهم و ليس ذلك إلا أنهم يتكلون بحقية دينهم، و ادخار الشفاعة في حقهم ليوم القيامة، فلا يبالون ما يعملون بخلاف غيرهم، فإنهم خلوا و غرائزهم و فطرهم و لم يبطل حكمها بما بطل به في المتدينين فحكمت بقبح التخلف عما يخالف حكم الإنسانية و المدنية الفاضلة.
و بذلك عول جمع من الباحثين في تأويل ما ورد في خصوص الشفاعة في الإسلام و قد نطق به الكتاب و تواترت عليه السنة.
و لعمري لا الإسلام تثبت الشفاعة بالمعنى الذي فسروها به، و لا الشفاعة التي تثبتها تؤثر الأثر الذي زعموه لها، فمن الواجب أن يحصل الباحث في المعارف الدينية و تطبيق ما شرعه الإسلام على هيكل الاجتماع الصالح و المدنية الفاضلة تمام ما رامه الإسلام من الأصول و القوانين المنطبقة على الاجتماع كيفية ذلك التطبيق، ثم يحصل ما هي الشفاعة الموعودة و ما هو محلها و موقعها بين المعارف التي جاء بها.
فيعلم أولا: أن الذي يثبته القرآن من الشفاعة هو أن المؤمنين لا يخلدون في النار يوم القيامة بشرط أن يلاقوا ربهم بالإيمان المرضي و الدين الحق فهو وعد وعده القرآن مشروطا ثم نطق بأن الإيمان من حيث بقائه على خطر عظيم من جهة الذنوب و لا سيما الكبائر و لا سيما الإدمان منها و الإمرار فيها، فهو شفا جرف الهلاك الدائم، و بذلك يتحصل رجاء النجاة و خوف الهلاك، و يسلك نفس المؤمن بين الخوف و الرجاء فيعبد ربه رغبة و رهبة، و يسير في حياته سيرا معتدلا غير منحرف لا إلى خمود القنوط و لا إلى كسل الوثوق.
و ثانيا: أن الإسلام قد وضع من القوانين الاجتماعية من مادياتها و معنوياتها ما يستوعب جميع الحركات و السكنات الفردية و الاجتماعية، ثم اعتبر لكل مادة من موادها ما هو المناسب له من التبعة و الجزاء من دية و حد و تعزير إلى أن ينتهي إلى تحريم مزايا الاجتماع و اللوم و الذم و التقبيح، ثم تحفظ على ذلك بعد تحكيم حكومة أولياء الأمر، بتسليط الكل على الكل بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ثم أحيا ذلك بنفخ روح الدعوة الدينية المضمنة بالإنذار و التبشير بالعقاب و الثواب في الآخرة، و بنى أساس تربيته بتلقين معارف المبدإ و المعاد على هذا الترتيب.
فهذا ما يرومه الإسلام بتعليمه، جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و صدقه التجارب الواقع في عهده و عهد من يليه حتى أثبت به أيدي الولاة في السلطنة الأموية و من شايعهم في استبدادهم و لعبهم بأحكام الدين و إبطالهم الحدود و السياسات الدينية حتى آل الأمر إلى ما آل إليه اليوم و ارتفعت أعلام الحرية و ظهرت المدنية الغربية و لم يبق من الدين بين المسلمين إلا كصبابة في إناء فهذا الضعف البين في سياسة الدين و ارتجاع المسلمين القهقرى هو الموجب لتنزلهم في الفضائل و الفواضل و انحطاطهم في الأخلاق و الآداب الشريفة و انغمارهم في الملاهي و الشهوات و خوضهم في الفواحش و المنكرات، هو الذي أجرأهم على انتهاك كل حرمة و اقتراف كل ما يستشنعه حتى غير المنتحل بالدين لا ما يتخيله المعترض من استناد الفساد إلى بعض المعارف الدينية التي لا غاية لها و فيها إلا سعادة الإنسان في آجله و عاجله و الله المعين، و الإحصاء الذي ذكروها إنما وقع على جمعية المتدينين و ليس عليهم قيم و لا حافظ قوي و على جمعية غير المنتحلين، و التعليم و التربية الاجتماعيان قيمان عليهم حافظان لصلاحهم الاجتماعي فلا يفيد فيما أراده شيئا
2018-04-18