دفاع عن الحقيقه
تاليف:
الدكتوراحمد الوئلى
معاداه التشيع والافتراء عليه
اسباب هذا الموقف ما هى؟
نماذج من المفتريات المنسوبه للشيعه
النموذج الاول: فريه القول بتحريف القرآن
النموذج الثانى: فريه القول بان جبرئيل(ع) اخطا بنزوله
بالوحىعلىمحمد(ص)
النموذج الثالث: فريه الغلو فى الائمه(ع):
كل متتبع لاحوال الامم والجماعات يدرك بوضوح وينتهى الى قناعه بانه لم يتفق ان تعرضت جهه من الجهات او فئه من الفئات الى الافتراء عليها وتشويه مضامينها فى مختلف ما يتصل بها مثل الشيعه بكل فرقهم وآحادهم احيانا.
لقد تعرضوا لابشع انواع النسب ووصموا بما هم منه براء، ونسب لهم ما هو عند غيرهم، وقد يكون عند من ينسب اليهم نفسه، وسيمر علينا بعض الذى قلناه، ونحاول ان يكون ذكر ذلك بايجاز نظرا لطول القائمه وضخامه الحصيله عبر القرون العديده.
وقد اشبع هذا الموضوع وكتب فيه الكثير، ومن اجل ذلك ستكون الاشاره اليه وجيزه. ولو ان الذين يكتبون عن الشيعه ويقيمونهم يدفعهم لذلك هدف خير او بحث عن الحقائق، لكان فى بعض ما كتبه الشيعه باقلامهم، وما اجابوا به السائلين وردوا به على المغرضين ما يكفى لايضاح الحقائق وتبديد الشبهات، واناره الظلام الذى اريد له ان يغطى تاريخهم، ولكن يبدو ان الامر ابعد ما يكون عن طلب الحقائق، بل هو محاوله مكشوفه لطمس المعالم وتشويه الحقائق ومحاصره التشيع والشيعه، واخراجهم عن الهويه الاسلاميه باى ثمن كان.
وهو مطلب لم يتحقق عبر السنين فى كثير من المحاولات، ولكن القوم ما يزالون مصرين على ذلك وباجماع غريب، تصر عليه بعض الانظمه لامور لا تخفى، وتصر عليه القاعده على اختلاف هذا الاصرار بين مستاجر لذلك، ومضلل نشا فى اجواء غذته بذلك وهو يحسن بها الظن، وماش مع التيار لا يعنيه الفحص عن مثل هذه الامور، ومترب اخذ ذلك تراثا مقدسا يصعب عليه ان يشكك فيه لئلا يوذى ضميره الدينى الذى تربى على اخذ ذلك من المسلمات وهكذا.
اللهم الا قليل ممن استعرضنا ممن حمله دينه وضميره او من ادرك خطر عواقب امثال هذه الامور على الامه الاسلاميه:
فهولاء ارتفعت لهم اصوات على استحياء تدعوا لانصاف الشيعه، وتبذل محاوله لتصحيح هويتهم الاسلاميه فى نظر باقى الفرق الاسلاميه، وذلك عن طريق حمل بعض الاراء التى تنسب للشيعه على افراد او فرق (بادوا)، او ان بعض آراء الشيعه اجتهادات اخطاوا بها وينبغى ان ينصحوا بالاقلاع عنها، ويذهب بعض للدعوه الى السكوت عنهم وتكثيف الحملات الهادئه لامتصاصهم وذلك جمعا للشمل وصيانه للهيكل الاسلامى لئلا (يتصدع).
ولم ار احدا من هولاء فكر فى ان يراجع مخزونه التراثى الذى انصب على معاداه الشيعه وفحص مفرداته ليرى ما اذا كان ما يتبناه سليما ام مجرد هوى، ياخذ صوره دين او عقيده، فكان ما هو عندهم بكل مصادره حقائق مسلمه غير قابله للنقاش، ولا للفحص.
قلت ان هولاء الداعين لانصاف الشيعه هم قليل جدا، لا تلبث اصواتهم ان تتلاشى بالفضاء العريض الطويل، وتذوب امنياتهم ضمن تيار جارف عارم من الدعوه للقضاء على الشيعه وعزلهم عن الحياه بكل ابعادها، كل ذلك فى الوقت الذى نرى فيه اهل السنه بكل تياراتهم يحرصون على ضم فرد واحد الى صفوفهم يبذلون فى ذلك الجهد والمال. ولكنهم يحرصون وباصرار على اخراج ثلاثمائه مليون مسلم شيعى من جسم الامه بمبررات ما انزل اللّه بها من سلطان.
وهى مبررات لو كلف الباحثون انفسهم بالبحث عن مداركها او صحه الاستنتاج منها لانتهوا الى انها من العواطف، لا من المدارك والادله، وان الاستنتاج منها قائم على اساس منهار، كما انهم لم ياخذوا بعين الاعتبار ما قد تنتهى اليه هذه الممارسات من نهايات خطره، اقلها دفع هولاء الى احضان دعوات هدامه تكيد للاسلام، وتهيئه مواطىء لاقدام من يهمه تمزيق المسلمين لمصالحه، وبعث الشكوك فى نفوس من يقيم مضامين الاسلام بان الاسلام ليس بدين الوحده، بل هو دين التمزق، هذا بالاضافه الى ما نعتقده بان اللّه تعالى سيحجب عنا رحمته وتوفيقه. وصدق اللّه تعالى اذ يقول: (نسوا اللّه فانساهم انفسهم).
اسباب هذا الموقف ما هى؟
ولا بد ونحن بصدد تشخيص هذه المشكله ان نتساءل كما يتساءل غيرنا عن اسباب وسر هذا الموقف. للاجابه على ذلك سالخص ما عن لى من اسباب، آمل ان تكون كافيه الى حد ما لتعليل ذلك.
فاقول:
1 – منذ ولد التشيع فى عصر الرسول(ص) وعرف به جماعه كانوا يسمون آنذاك بشيعه على(ع) مثل سلمان وابو ذر والمقداد بن الاسود وعماربن ياسر وغير هولاء، ولد محاصرا لان ولادته كانت تقييم لعلىبن ابى طالب، ونتيجه تمييز له عن غيره، وذلك للنصوص والمواقف من الرسول(ص) ازاء على(ع)، ولما جسده على(ع) من انجازات فى خدمه الاسلام والمسلمين.
اما النصوص، فمن الايات عدد يتراوح بين السبعين الى الثلاثمائه آيه من القرآن الكريم، كما ذهب لذلك عبد اللّه بن عباس وجماعه آخرون. تناولت هذه الايات جوانب مما يتصل بعلى(ع) بمفرده مره، ومع غيره مره اخرى، وقد تكفلت كتب اسباب النزول بحصر ذلك، ومن الاحاديث النبويه مئات نص عليها المعنيون بالسنه النبويه الشريفه.
اما مواقف على ففى كتب السير منها كميه تشد اليه القلوب والافكار. كل ذلك استدعى ان يلتف حوله جماعه من الصحابه وفضلوه على غيره، ووقف منهم الاخرون موقفا سلبيا واعتبروهم فرقه معارضه حينما صار الحكم بجانب الفئات الاخرى، وجندوا ضدهم كل ما تجنده الفئات الحاكمه ضد المعارضه عاده.
2 – ولما كانت ديون على بن ابى طالب(ع) ثقيله من ناحيه الدماء القرشيه ابتداء من السرايا وانتهاءا بالحروب الكبيره، والتى كان عددها اعنى السرايا والحروب ثلاثه وثمانين، كان نصيب على(ع) منها الاوفر، ففى واقعه بدر فقط كان نصف القتلى بسيف على(ع) وفى واقعه احد كان عدد من قتل على يديه ثمانيه عشر بالاضافه الى البيوتات العربيه التى وترها على(ع) بسيفه، وهى وان كانت حروب اسلاميه مع جهات كافره اى لم تحدث بسبب وتر خاص او هدف قبلى، وانما هى صراع بين كفر واسلام يقوم به مقاتلون من المسلمين مقابل مقاتلين من الكافرين، ولكن تلك الدماء لم تعصب بالاسلام كجهه معنويه بل اسندت المسووليه عنها الى الرسول(ص) وبيته الخاص، وحمل مسوولياتها الكامله علىبن ابى طالب(ع)، وامتدت هذه المسووليه لتشمل من التف حوله، فتعرض من اجل ذلك شيعه على(ع) الى انتقام يلبس وجوها شتى ابتداء من الدم المسفوك والحق المسلوب والكرامه المهدوره، وانتهاء بسيول من التهم والافتراءات عليهم.
واقل تلك التهم كان لاخراجهم عن حظيره الاسلام، ثم كل ذلك بيد الحكام القرشيين الذين امتد حكمهم مددا طويله، وقل انها عمليه اسقاط على الشيعه جاءتهم من الموتورين.
3 – فى خلال ذلك تبلورت نظريه الشيعه فى الحكم، ومن هو احق به، واتضح الطابع السياسى من هذه الناحيه فشكل صراعا فكريا فى الميدان، نشطت له اقلام الطرفين، وحشدت امكانات الفريقين الفكريه لتكون تيارين متصارعين، احدهما يدافع (تيار الشيعه) وآخر يهاجم (تيار الحاكمين) والقاعده المحكومه التى هى فى الغالب على دين ملوكها وهى الطرف الاقوى، بل لا نسبه بين الوسائل عند الطرفين، وكان من جمله تلك الوسائل الاقلام التى جندت ووقفت بضراوه لشن حرب لا هواده فيها، انعدمت فيها امانه التاريخ، واختفت مسووليه الكلمه، بل وغاب الحرف الكريم، وابدل كل ذلك بسباب لا يقبله النهج المسلم، ولا القلم الشريف، ووصل الامر الى درجه من الاسفاف ياسى لها كل مسلم غيور.
وكان حصيله ذلك ان تراكم خزين كبير من الافتراءات على الشيعه، وامتد منذ الايام الاولى حتى الان، بل ربما كان الان اكثر عنفا وضراوه بسبب شريانين دافقين من المال والحقد، يمدان الاقلام ويرفدان النار بالوقود حتى لا تنطفىء، واللّه وحده هو المسوول ان يتولى المسلمين برحمته فينجيهم من هذه النار.
4 – حصلت قناعه تامه فى الساحه الاسلاميه بان الحكم تكرس عند فريق السنه وساعد على هذا التكريس عوامل جغرافيه وعرقيه وعقيديه فى تفصيل طويل لا نريد الالمام به هنا، وانما مجرد اشاره لذلك، ومن الواضح ان يستقطب الحكم كل الطاقات الا النادر، وهذا ما حصل بالفعل، حيث استاثر انصار الحكم بالساحه وابعد عنها الشيعه بمختلف الوسائل، وادت القناعه بتكريس الحكم عند السنه، الى معاداه الشيعه من قبل (الانتهازيين).
5 – عرف عن الفكر والفقه الشيعى تمسكه الحرفى بالنصوص وعدم اخضاعه النص لاعتبارات اخرى كتقييده بالمصلحه، وكاخضاعه لراى المذهب اذا اصطدم براى المذهب، ومودى ذلك ان لا مجال لمن يمد عينيه الى (حصيله) او ان يقفز على مفاد النصوص الى هدف من هذه الاهداف، فى حين اتسع مدلول النص فى الطرف الثانى ليفتح آفاقا امام الطموحات التى تريد لها منفذا لتلج منه لمصلحتها ولو على حساب الدين.
فانكفاء الناس عن الفكر الشيعى لهذا السبب، بالاضافه لاسباب اخرى، ثم تطور الابتعاد عنه الى مهاجمه له تحت ستار الجمود وعدم مسايره روح النص، وهو زعم من ورائه المصلحه، وان غطى بثوب آخر.
واجتمع من وراء هذا التيار رصيد كبير كون تراثا ليس من السهل الخروج عنه، وعمل انصار هذا التراث على مهاجمه ما يعارضه حتى ولو الافتئات على الحقائق.
هذه مجرد امثله ونماذج لعوامل متعدده ادت الى هذه الحصيله الضخمه من الافتراءات على الشيعه، وكان لا بد مع ما ذكرناه من ان يتضاءل نشاط الشيعه الفكرى والاجتماعى بفعل الضربات المتلاحقه على مختلف الاصعده.
فوسائل الاعلام بيد غيرهم من صحافه وكتاب ومذياع مسموع او منظور، ومناهج التعليم هى الاخرى كذلك هجوم على الفكر الشيعى واشاده بالمقابل له، وفرص الحياه مفتوحه امام حمله الفكر السنى ومغلقه امام حمله الفكر الشيعى، بل حتى مع المتعاطفين معهم. اللهم الا نشاط فردى ضئيل هنا وهناك يشكل جهد المقل، ولولا عنايه اللّه تعالى بفكر آل محمد، لذهبت حتى هذه البقيه الباقيه.
6 – ولو قدر للقارىء ان لا يعتبر ما ذكرناه من الاسباب مبررا او معللا لهذا الهجوم المتواصل على الشيعه عبر القرون فلا يبقى الا عامل واحد يتلخص بان محاصره التشيع منذ ايامه الاولى من قبل الحكام، كانت دوافعه سياسيه، تستهدف اقصاءهم باقصاء ائمتهم عن الحكم، وكان لا بد من خلق مبررات كما اشرنا سابقا، ومن اهم تلك المبررات هى المبررات العقائديه، ومع طول الزمن نشا جيل تغذيه وسائل الاعلام والتربيه بغض الشيعه (لانحرافهم عن الدين)، واخذ هذا الجيل يشكل رافدا يتوالد وتتوارثه الاجيال، وهى معتقده بصحه ما ينسب الى الشيعه من انحراف، فيحملها دينها وحرصها على اسلامها ان تقف موقفا سلبيا من الشيعه، خصوصا مع وجود اقلام تواصل الحمله وتمد النار بالوقود تمشيا مع التيار السائد، وحرصا على مصالحها ومكانتها التى ربما تتعرض الى الضياع لو قالت كلمه الحق، وصححت المسار، وربما تعرضت للاخطار لو اقدمت على انصاف الشيعه، وليس موقف اهل الشام من النسائى ببعيد عن الاذهان، عندما سالوه عن المقارنه بين على ومعاويه، فقال:
وهل يصل معاويه الى ان يكون راسا براس مع على، فضلا عن ان يفضل عليه، فوطوه ورضوه حتى مات.