البعثة .. منشور انسانية لم تحفظه الأمة – جميل ظاهري
17 أبريل,2018
صوتي ومرئي متنوع, طرائف الحكم
761 زيارة
السابع والعشرون من شهر رجب المرجب ذکرى المبعث النبوي الشريف ،ذکرى الانسانية وكرامتها ومنشورها الألهي وبيان أهمية العلم الحق والهدى الصادق وفضل تعلمه ، وتعليمه وتبليغه والعمل به فضلا عن الإيمان به ، ذلك اليوم المبارك الذي علم الله سبحانه وتعالى فيه نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم دين السماحة والأخوة والعدالة والمساواة وهداه المتواصل في كل زمان ومكان ، بشموليته لكل شؤون الحياة الكريمة .
وقد بدأ البارئ المتعال رسالته لخاتم أنبيائه ورسله أن أمره بالقراءة ليقرأ لنا تعاليمه ويعرفنا هداه فقال له : بسم الله الرحمن الرحيم :”اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ، خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ، عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ” العلق (1-5) .
وفي السورة ذاتها ودون أي تأمل نرى سبحانه وتعالى يحذر من طغيان الانسان على أوامره ويقف دون تحقيق هدى رب العالمين ، حيث اشار اليها سبحانه جل وعلا بأنه قد استغنى ، فقال : “كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى ، أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ، إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى ، أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ، عَبْدًا إِذَا صَلَّى …” العلق (6-10) .
الخالق الجبار يعلم جيداً من أن الانسان الذي كان صنيعته وخلقه ورغم انه نفخ فيه من روحه ، سيسعى للاكتفاء بغناه الوجودي بمال ومادة فقط ويستغني عن الحقائق المغذية للروح والتي تضم حقيقة سعادة البشرية والاطمينان لها، وهذا ما حصل ومع كل الآسى والأسف فكان غناه المادي يعميه عن واقع نعيمه الروحي الذي هو حقيقة وجوده وسبب خلقته في العيش بسلام ومودة ومحبة وأخاء عندما خاطب الرسول الاكرم (ص) بقوله تعالى: “ياايها النبي انا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا “- الاحزاب (46) ، ليرسم للبشرية منشور انسانية وهداية عبر تأكيده سبحانه وتعالى على اتمامه ولادة النور بدين الاسلام العظيم ،وبدا خروج البشرية من الظلمات الى النور .
لقد كانت البشرية قبل بعثة خاتم النبيين محمد صلى الله علية وآله وسلم تعيش الضلالة والجهل والشرك والالحاد التام خاصة المجتمعات العربية التي كانت غارقة في الانحطاط ، و تحتاج الى من ينقذها وينتشلها مما هي فيه . فقد كان الجهل فاشياً، والظلم جاثماً، والفوضى ضاربة بأطنابها في كل مكان، حقوق مسلوبة، وأعراض منتهكة، وحياة بغير نظام ولا قانون، ولا تشريع ولا تنظيم، والعادات والأعراف القبلية كانت تسيطر على الأوضاع ، حياة لا أمان فيها ولا استقرار ولا عدالة ولا مساواة ، واعتداء القوي على الضعيف ،كما هو الحال في عصرنا هذا حيث الاستعباد والاستحمار والظلم والطغيان والتمييز كل ذلك من أجل السلطة والحكم بما تشتهيه النفس الامارة بالسوء رغم ما حذر منه البارئ المتعال كما ذكرنا ذلك سلفاً.
فالعنف والحروب تكتسح اليوم العالم العربي لأتفه الأسباب، فتزهق النفوس، ويعتقل الاحرار، وترمل النساء، وييتم الأطفال والدعوة قائمة للعودة الى عبادة الأصنام والأوثان السلطوية والعصبية القلبية كما كان الحال على عهد الجاهلية حيث كان العرب يعيشون سلطة القبيلة وتسلط الأسياد والأقوياء على الفقراء والعبيد، وكان المجتمع المكي مجتمعاً يتكوّن من عدة طبقات متميزة ، ليعود اليوم أحفاد من أسس ذلك النظام الطبقاتي الظالم والحاقد الكرة ويسلطوا سيوفهم على رقاب العباد ليرغموهم على التبعية العمياء لسلطتهم العميلة الذين هم ايضاً ليسوا باصحاب القرار فيها حتى بابسط ما يخصهم .
وقد لاقى الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما لاقى من البلاء والظلم والعنف طيلة حياته الكريمة من الطغمة الطاغية والجاهلة والمنافقة ، في التبشير للدين الاسلامي الحنيف واتمام رسالته السماوية حتى قال (ص):”ما أوذي نبيٌ مثلما أوذيت” لتعم رسالة الانسانية السمحاء ارجاء المعمرة وأخذوا يدخلون فيها أفواجاُ أفواجا الأمر الذي أرعب وأربك جنود الشيطان والنفاق والتزوير والتحريف وعقدوا العزم على أرساء اسس عودة الناس وبحلة الدين الى عصر الوثنية والجاهلية والسلطوية ما أن رحل الرسول الأكرم (ص) من بين جموع المسلمين وصعدت روحه الى عنان السماء ليلتقي الحبيب بالمحبوب ويشكوه ما حل به من أمته العمياء.
ومنذ ذلك العهد وحتى يومنا هذا وأحفاد واتباع أمية الحاقدين حرفوا صرح الدين القويم بوعاظ سلاطينهم وتزوير اعلامهم وتضليل الناس بادعاءاتهم “التمسك بالكتاب والسنة” متجاهلين “حديث الثقلين” ومحاربين وناقمين على كل من يتمسك به وصولاً الى الصراط المستقيم والعدالة السماوية والمساواة الربانية وما أن ينطق الناس بذلك حتى يلاقوا حتفهم في ظلمات السجون وامام محاكمات صورية طائفية كما يجري في البحرين، أو امام استباحة دمائهم واعراضهم بفتاوى ارهابية تكفيرية كما تجري منذ سنين ضد الشعب العراقي المظلوم، والفتنة العالمية القائمة ضد الشعب السوري رأس هرم محور المقاومة والتصدي للغطرسة الصهيونية حتى باتوا يعيثون في بشرها وحجرها الفساد، أو في مواجهة حصار سياسي – اقتصادي – انساني – طبي وغذائي ظالم ضد الشعب اليمني الأبي ليعيش ما عاشه بني هاشم في شعب أبي طالب، أو فتن طائفية خبيثة في لبنان ومصر وغيرها من البلاد الاسلامية بسياسة فرق تسد للصهيونية العالمية ينفذها حكام آل سعود مالاً وأداة؛ وقبل كل ذلك مساعي آل سعود وبني صهيون لإنهاء القضية الأم فلسطين المحتلة بكل الوسائل المتاحة .
2018-04-17