تحصل من بحث صاحب الميزان رحمه الله أنه جعل الاَقوال في عالم الذر ثلاثة :
الاَول : نفي وجود عالم الذر ، والقول بأن ما ورد في الآية من إشهاد الناس وإقرارهم بالربوبية ، إنما هو تعبير مجازي عن تكوينهم الذي يهديهم إلى ربهم تعالى. وهو قول عدد من المتأثرين بالفلسفة اليونانية من القدماء ، وبالثقافة الغربية من المتأخرين .
الثاني : أن عالم الذر بمعنى أن الله تعالى استخرج نطف أبناء آدم عليه السلام من ظهره ، ثم من ظهور أبنائه إلى آخر أب ، ثم كونهم بشكل معين وأشهدهم فأقروا ، ثم أعادهم إلى حالتهم الاَولى في ظهر آدم عليه السلام . وقد ذهب إليه بعض المفسرين من السنة والشيعة .
الثالث : أن عالم الذر هو عالم الملكوت والخزائن ، وهو الوجه الذي اختاره صاحب الميزان رحمه الله وأطال في الكلام حوله واختصر في الاِستدلال عليه .
ولكن يرد عليه إشكالات متعددة ، أهمها :
أولاً ، أن عالم الملكوت اسم عام لكل عوالم ملك الله تعالى ، وتفسير عالم الذر به لا يحل المشكلة ، لاَنه يبقى السؤال وارداً : في أي عالم من ملكوت الله تعالى تم خلق الناس وأخذ الميثاق منهم ؟
ثانياً ، أن تفسير عالم الذر بعالم الملكوت تفسير استحساني لا دليل عليه ، وطريقنا إلى معرفة عوالم خلق الله وأفعاله سبحانه وتعالى ، محصور بما أخبرنا به
ثالثاً ، أن عوالم وجود النبي وآله صلى الله عليه وآله ووجود الناس قبل هذا العالم ، وردت فيها أحاديث كثيرة لا يمكن إغفالها في البحث ، كما فعل بعضهم ، ولا نفيها بجرة قلم كما فعل بعضهم ، كما لا يمكن دمجها في عالم واحد كعالم الملكوت أو الخزائن كما فعل صاحب الميزان رحمه الله بل هي عوالم متعددة قد تصل إلى عشرة عوالم ، نذكر منها :
عالم الاَنوار الاَولى ، أو عالم الاَشباح ، وهو أول ظلال أو فيء خلقه الله تعالى من نور عظمته ، وهو نور نبينا وآله صلى الله عليه وعليهم .
عالم الاَظلة ، الذي تم فيه خلق جميع الناس وتعارفهم .
عالم الذر الذي أخذ فيه الميثاق على الناس ، وتدل الاَحاديث على أنه نفس عالم الاَظلة أو مرتبط به بنحو من الاِرتباط .
عالم الطينة التي خلق منها الناس .
وذكرت أحاديث أخرى أن خلق الاَرواح تم قبل خلق الاَجساد .. الخ .
كما ذكرت الآيات والاَحاديث عوالم أخرى مثل قوله تعالى ( هل أتى على الاِنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً ) أي كان في ذلك الحين شيئاً ، ولكنه غير مذكور ، كما ورد في الرواية عن الاِمام الباقر عليه السلام .
وهذه العوالم كلها من عالم الملكوت ومن خزائن ملكه تعالى ، ولكنها ليست نفس عالم الملكوت ولا الخزائن .
وقد تقدم عدد من روايات العوالم الاَربعة الاَولى ، ونورد فيما يلي عدداً آخر ، وبعضها نص على أن عالم الذر هو عالم الاَظلة .
ـ الاَصول الستة عشر ص 15
عباد عن عمرو ، عن أبي حمزة قال : سمعت علي بن الحسين عليه السلام يقول : إن الله
ـ ورواه الكليني في الكافي ج 1 ص 530 ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن الحسين ، عن أبي سعيد العصفوري ، عن عمرو بن ثابت ، عن أبي حمزة . . . . كما في الاَصول الستة عشر .
ـ الكافي ج 1 ص 442
الحسين ( عن محمد ) بن عبد الله ، بن محمد بن سنان ، عن المفضل ، عن جابر بن يزيد قال : قال لي أبو جعفر عليه السلام : يا جابر إن الله أول ما خلق خلق محمداً صلى الله عليه وآله وعترته الهداة المهتدين ، فكانوا أشباح نور بين يدي الله ، قلت : وما الاَشباح ؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بلا أرواح ، وكان مؤيداً بروح واحدة وهي روح القدس ، فبه كان يعبد الله وعترته ، ولذلك خلقهم حلماء علماء بررة أصفياء ، يعبدون الله بالصلاة والصوم والسجود والتسبيح والتهليل ، ويصلون الصلوات ويحجون ويصومون . انتهى . ورواه البحراني في حلية الاَبرار ج 1 ص 19
ـ علل الشرائع ج 1 ص 208
حدثنا إبراهيم بن هارون الهاشمي قال : حدثنا محمدبن احمد بن أبي الثلج قال : حدثنا عيسى بن مهران قال : حدثنا منذر الشراك قال : حدثنا إسماعيل بن علية قال : أخبرني أسلم بن ميسرة العجلي ، عن أنس بن مالك ، عن معاذ بن جبل : أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إن الله عز وجل خلقني وعلياً وفاطمة والحسن والحسين قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام . قلت فأين كنتم يا رسول الله ؟ قال : قدام العرش نسبح الله تعالى ونحمده ونقدسه ونمجده . قلت : على أي مثال ؟ قال : أشباح نور ، حتى إذا أراد الله عز وجل أن يخلق صورنا صيرنا عمود نور ، ثم قذفنا في صلب آدم ، ثم أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الاَمهات ، ولا يصيبنا نجس الشرك
ـ شرح الاَخبار ج 3 ص 6
صفوان الجمال قال : دخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليه السلام وهو يقرأ هذه الآية: فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم . ثم التفت الي فقال: يا صفوان إن الله تعالى ألهم آدم عليه السلام أن يرمي بطرفه نحو العرش ، فإذا هو بخمسة أشباح من نور يسبحون الله ويقدسونه ، فقال آدم : يا رب من هؤلاء ؟ قال : يا آدم صفوتي من خلقي ، لولاهم ماخلقت الجنة ولاالنار ، خلقت الجنة لهم ولمن والاهم ، والنار لمن عاداهم . لو أن عبداً من عبادي أتى بذنوب كالجبال الرواسي ثم توسل الي بحق هؤلاء لعفوت له .
فلما أن وقع آدم في الخطيئة قال : يا رب بحق هؤلاء الاَشباح اغفر لي ، فأوحى الله عز وجل إليه : إنك توسلت إلي بصفوتي وقد عفوت لك . قال آدم : يا رب بالمغفرة التي غفرت إلا أخبرتني من هم . فأوحى الله إليه : يا آدم هؤلاء خمسة من ولدك ، لعظيم حقهم عندي اشتققت لهم خمسة أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا الاَعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا المحسن وهذا الحسن ، وأنا الاِحسان وهذا الحسين .
ـ شرح الاَخبار ج 3 ص 514
عن عبدالقادر بن أبي صالح ، عن هبة الله بن موسى ، عن هناد بن إبراهيم ، عن
ـ شرح الاَخبار ج 2 ص 500
أحمد بن محمد بن عيسى المصري ، بإسناده عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : لما خلق الله عز وجل آدم ( عليه السلام ) ونفخ فيه من روحه ، نظر آدم ( عليه السلام ) يمنة العرش ، فإذا من النور خمسة أشباح على صورته ركعاً سجداً فقال : يا رب هل خلقت أحداً من البشر قبلي ؟ قال : لا . قال : فمن هؤلاء الذين أراهم على هيئتي وعلى صورتي ؟ قال : هؤلاء خمسة من ولدك ، لولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة ولا النار ولا العرش ولا الكرسي ولا السماء ولا الاَرض ولا الملائكة ولا الاِنس ولا الجن . هؤلاء خمسة اشتققت لهم أسماء من أسمائي ، فأنا المحمود وهذا محمد ، وأنا الاَعلى وهذا علي ، وأنا الفاطر وهذه فاطمة ، وأنا الاِحسان وهذا حسن ، وأنا المحسن وهذا الحسين . . . .
ـ تحف العقول ص 163
. . . بل اشتقاق الحقيقة والمعنى من اسمه تعالى كما جاء في حديث المعراج : إن الله تعالى قال لي : يا محمد اشتققت لك إسماً من أسمائي فأنا المحمود وأنت محمد ، واشتققت لعلي إسماً من أسمائي فأنا الاَعلى وهو علي ، وهكذا فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فكلهم أشباح نور من نوره تعالى جل اسمه .
ـ كفاية الاَثر ص 70
قال هارون : حدثنا حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي ، قال حدثني أبوالنصر محمد بن مسعود العياشي ، عن يوسف بن المشحت البصري ، قال حدثنا إسحق بن
قال : صدق أبوذر ، صدق والله ، ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر . ثم قال : خلقني الله تبارك وتعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن يخلق آدم بسبعة آلاف عام ، ثم نقلنا إلى صلب آدم ، ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات . فقلت : يا رسول الله فأين كنتم وعلى أي مثال كنتم ؟ قال : كنا أشباحاً من نور تحت العرش نسبح الله تعالى ونمجده . ثم قال : لما عرج بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى ودعني جبرئيل عليه السلام فقلت : حبيبي جبرئيل أفي هذا المقام تفارقني ؟ فقال : يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي .
ثم زج بي في النور ما شاء الله ، فأوحى الله إلي : يا محمد إني اطلعت إلى الاَرض اطلاعة فاخترتك منها فجعلتك نبياً ، ثم اطلعت ثانياً فاخترت منها علياً فجعلته وصيك ووارث علمك والاِمام بعدك ، وأخرج من أصلابكما الذرية الطاهرة والاَئمة المعصومين خزان علمي ، فلولاكم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة ولا الجنة ولا النار . يا
قلنا : بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجباً . فقال عليه السلام : وأعجب من هذا أن قوماً يسمعون مني هذا ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ، ويؤذوني فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي .
ـ بصائر الدرجات ص 83
أحمد بن محمد ويعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبي جميلة ، عن محمد بن الحلبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله مثَّل لي أمتي في الطين وعلمني أسماءهم كلها ، كما علم آدم الاَسماء كلها ، فمر بي أصحاب الرايات فاستغفرت لعلي وشيعته ، إن ربي وعدني في شيعة علي خصلة . قيل يا رسول الله وما هي ؟ قال المغفرة منهم لمن آمن واتقى ، لا يغادر منهم صغيرة ولا كبيرة ، ولهم تبدل السيئات حسنات .
الحسن بن محبوب عن صالح بن سهل عن أبي عبد الله عليه السلام أن بعض قريش قال لرسول الله صلى الله عليه وآله : بأي شيَ سبقت الاَنبياء وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم ؟ قال : إني كنت أول من أقر بربي وأول من أجاب ، حيث أخذ الله ميثاق النبيين وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ، وكنت أنا أول نبي قال بلى ، فسبقتهم بالاِقرار بالله .
حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي بن النعمي ، عن ابن مسكان ، عن عبدالرحيم القصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أمتي عرضت
حدثنا العباس بن معروف ، عن حماد بن عيسى ، عن أبي الجارود ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم وعنده جماعة من أصحابه : اللهم لقني إخواني ، مرتين . فقال من حوله من أصحابه : أما نحن إخوانك يا رسول الله ؟ فقال : لا ، إنكم أصحابي ، وإخواني قوم من آخر الزمان آمنوا بي ولم يروني ، لقد عرفنيهم الله بأسمائهم وأسماء آبائهم من قبل أن يخرجهم من أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم ، لاَحدهم أشد بقية على دينه من خرط القتاد في الليلة الظلماء ، أو كالقابض على جمر الغضا . أولئك مصابيح الدجى ، ينجيهم الله من كل فتنة غبراء مظلمة . انتهى . وروايات البصائر هذه ليس فيها تصريح بعالم الاَظلة أو الاشباح ، لكن يصح حملها عليه بالقرائن .
ـ الاِعتقادات للصدوق ص 26
وقال النبي صلى الله عليه وآله : الاَرواح جنود مجندة ، فما تعارف منها ائتلف ، وما تناكر منها اختلف . وقال الصادق عليه السلام : إن الله آخى بين الاَرواح في الاَظلة قبل أن يخلق الاَبدان بألفي عام ، فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورَّث الاَخ الذي آخا بينهما في الاَظلة ، ولم يورث الاَخ من الولادة . انتهى . ورواه في الفقيه ج 4 ص 352 ورواه في بحار الاَنوار ج 6 ص249 ورواه الصدوق في الخصال ص 169 ، قال :
حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال : حدثنا حمزة بن القاسم العلوي قال : حدثنا محمد بن عبدالله بن عمران البرقي قال : حدثنا محمد بن علي الهمداني ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليهما السلام قالا : لو قد قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله : يقتل الشيخ الزاني ، ويقتل مانع الزكاة ، ويورث الاَخ أخاه في الاَظلة .
علي بن محمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي بن إبراهيم ، عن علي بن حماد ، عن المفضل قال : قلت لاَبي عبدالله عليه السلام : كيف كنتم حيث كنتم في الاَظلة ؟ فقال : يا مفضل كنا عند ربنا ليس عنده أحد غيرنا ، في ظلة خضراء نسبحه ونقدسه ونهلله ونمجده ، وما من ملك مقرب ولا ذي روح غيرنا ، حتى بدا له في خلق الاَشياء ، فخلق ما شاء كيف شاء من الملائكة وغيرهم ، ثم أنهى علم ذلك إلينا . انتهى . والمقصود بقوله عليه السلام : ثم أنهى علم ذلك إلينا ، شبيه قوله تعالى : وعلم آدم الاَسماء كلها .
ـ الكافي ج 1 ص 436
محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن عبدالله بن محمد الجعفري ، عن أبي جعفر عليه السلام وعن عقبة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن الله خلق ، فخلق ما أحب مما أحب وكان ما أحب أن خلقه من طينة الجنة ، وخلق ما أبغض مما أبغض وكان ما أبغض أن خلقه من طينة النار ، ثم بعثهم في الظلال . فقلت : وأي شيَ الظلال ؟ قال : ألم تر إلى ظلك في الشمس شيء وليس بشيء ، ثم بعث الله فيهم النبيين يدعونهم إلى الاِقرار بالله وهو قوله : ولئن سألتهم من خلقهم ليقولون الله . ثم دعاهم إلا الاِقرار بالنبيين ، فأقر بعضهم وأنكر بعضهم ، ثم دعاهم إلى ولايتنا فأقر بها والله من أحب وأنكرها من أبغض ، وهو قوله : فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل . ثم قال أبو جعفر عليه السلام : كان التكذيب ثَمَّ .انتهى . ورواه في الكافي ج 2 ص 10 عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن صالح بن عقبة ، عن عبدالله بن محمد الجعفي وعقبة ، جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال . . . . ورواه في علل الشرائع ج 1 ص 118 رواه في بصائر الدرجات ص80 ، وفيه ( كان التكذيب ثمت ) .
حدثني علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضال ، عن حفص المؤذن ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها ، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها .
قال : وحدثني الحسن بن محمد ، عن جعفر بن محمد بن مالك الكوفي ، عن القاسم بن الربيع الصحاف ، عن إسماعيل بن مخلد السراج ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: خرجت هذه الرسالة من أبي عبد الله عليه السلام إلى أصحابه :
وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه ، وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمر آخرتكم ويأجركم عليه ..
وعليكم بالدعاء ، فإن المسلمين لم يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه . . . .
فاتقوا الله أيتها العصابة الناجية أن أتم الله لكم ما أعطاكم ، فإنه لا يتم الاَمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم . . . .
واعلموا أنه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأي ولا مقائيس . قد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهلاً لا يسع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى لا رأي ولا مقائيس ، أغناهم الله عن ذلك بما آتاهم من علمه وخصهم به
ـ الاَصول الستة عشر ص 63
جابر قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن تفسير هذه الآية ، عن قول الله عز وجل : وأن لو استقاموا على الطريقة لاَسقيناهم ماء غدقاً ، يعني لو أنهم استقاموا على الولاية في الاَصل تحت الاَظلة ، حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم . لاَسقيناهم ماء غدقاً : يعني لاَسقينا أظلتهم الماء العذب الفرات .
ـ تفسير القمي ج 2 ص 391
أخبرنا أحمد بن إدريس قال : حدثنا أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن القاسم بن سليمان ، عن جابر قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول في هذه الآية : وأن لو استقاموا على الطريقة لاَسقيناهم ماء غدقاً ، يعني من جرى فيه شيء من شرك الشيطان . على الطريقة : يعني على الولاية في الاَصل عند الاَظلة ، حين أخذ الله ميثاق ذرية آدم . انتهى . ونحوه في تفسير نور الثقلين ج 5 ص 438
ـ بصائر الدرجات ص 73
حدثنا أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميره ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن حذيفة بن أسيد الغفار ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما تكاملت النبوة
ـ تفسير العياشي ج 2 ص 126
عن زرارة وحمران ، عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما السلام قالا : إن الله خلق الخلق وهي أظلة ، فأرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وآله فمنهم من آمن به ومنهم من كذبه ، ثم بعثه في الخلق الآخر فآمن به من كان آمن في الاَظلة ، وجحده من جحد به يومئذ ، فقال : ما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل .
ـ تفسير فرات الكوفي ص 147
فرات قال : حدثني عثمان بن محمد معنعناً : عن أبي خديجة قال قال محمد بن علي عليهما السلام : لو علم الناس متى سمي علي أمير المؤمنين ما اختلف فيه اثنان . قال قلت : متى ؟ قال فقال لي : في الاَظلة حين أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا : بلى . محمد نبيكم ، علي أمير المؤمنين وليكم .
ـ الاِيضاح لابن شاذان ص 106
. . . فوالله ما الحق إلا واضح بين منير ، وما الباطل إلا مظلم كدر ، وقد عرفتم موضعه ومستقره ، إلا أن الميثاق قد تقدم في الاَظلة بالسعادة والشقاوة ، وقد بين الله جل ذكره لنا ذلك بقوله : وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا .
ـ شرح الاَسماء الحسنى ج 1 ص 166
قد عرف النور بأنه الظاهر بذاته المظهر لغيره وهو القدر المشترك بين جميع مراتبه من الضوء وضوء الضوء والظل وظل الظل ، في كل بحسبه وهذا المعنى حق حقيقة الوجود ، إذ كما أنها الموجودة بذاتها وبها توجد المهيات المعدومة بذواتها
ـ ويدل النص التالي على أن حديث عالم الظلال كان معروفاً في حياة النبي صلى الله عليه وآله ثم غاب من بعده كما غابت أحاديث كثيرة في فضائله صلى الله عليه وآله والسبب في ذلك أن هذه الاَحاديث فيها ذكر فضل بني هاشم وبني عبد المطلب وفضل علي وفاطمة والاَئمة الاِثني عشر الموعودين في هذه الاَمة ! وقد عتموا عليها ما استطاعوا ! وما رووه منها من فضائل النبي صلى الله عليه وآله جردوه من فضائل أهل بيته وعترته إلا ما أفلت منها ، وما رواه أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم !
ـ قال في كنز العمال ج 12 ص 427 :
عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : فداك أبي وأمي أين كنت وآدم في الجنة ؟ فتبسم حتى بدت نواجذه ثم قال : كنت في صلبه وركب بي السفينة في صلب أبي نوح ، وقذف بي في صلب أبي إبراهيم ، لم يلتق أبواي قط على سفاح ، لم يزل الله ينقلني من الاَصلاب الحسنة إلى الاَرحام الطاهرة مصفى مهذباً ، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما ، قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالاِسلام عهدي ، ونشر في التوراة والاِنجيل ذكري ، وبين كل نبي صفتي ، تشرق الاَرض بنوري والغمام لوجهي ، وعلمني كتابه ، ورقى بي في سمائه وشق لي اسماً من أسمائه ، فذو العرش محمود وأنا محمد ، ووعدني أن يحبوني بالحوض والكوثر ، وأن يجعلني أول مشفع ، ثم أخرجني من خير قرن لاَمتي وهم الحمادون ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر .
ثــم ســكــنـت الـبـلاد لا بــشــرٌ *أنـــت ولا نــطـفـةٌ ولا عــلــقُ
مــطـهـرٌ تـركـب الـسـفيـن وقـد * ألـجمَ أهـل الضـلالـة الـغـرق
تـُـنـقـل مـن صـلـب إلـى رحـــم * إذا مــضـى عـالـم بـدا طـبـق
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يرحم الله حساناً ! فقال علي بن أبي طالب : وجبت الجنة لحسان ورب الكعبة . كر ، وقال : هذا حديث غريب جداً ، والمحفوظ أن هذه الاَبيات للعباس . انتهى . ولكن نسبة هذه الاَبيات إلى حسان أولى ، فهي تشبه شعره إلى حد كبير ، ولم يعهد في التاريخ شعر للعباس عم النبي ، كما عهد لعمه أبي طالب صلى الله عليه وآله . ورواه في مجمع الزوائد للعباس في ج 8 ص 217 ، وقال : رواه الطبراني وفيهم من لم أعرفهم ، قال :
وعن خريم بن أوس بن جارية بن لام قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال له العباس بن عبدالمطلب : يا رسول الله إني أريد أن أمدحك ، فقال له صلى الله عليه وسلم : هات لا يفضض الله فاك ، فأنشأ يقول :
ثـم هـبـطـت الـبـلاد لا بـشـر * أنــت ولا مـضـغـة ولا عــلــق
بل نـطـفة تركب السفين وقد * ألـجـم نـسـراً وأهـلـه الــغـــرق
تـنـقـل مـن صـالب إلى رحم * إذا مـضـى عــالــم بــدا طـبـق
حـتـى احـتـوى بيتك المهيمن * من خندف علياء تحتها النطق
وأنـت لـمـا ولدت أشرقت الأ * رض وضاءت بنورك الاَفـق
فنحن في ذلك الضـياء وفـي * النور سـبل الرشاد نـخـتـــرق
ـ وفي مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 17
وأنـتـمُ الـكـلـمـات الـلاي لـقـنها * جـبــريل آدم عند الذنب إذ تابا
وأنـتـمُ قـبـلـة الـدين التي جعلت * للقاصدين إلى الرحمن محرابا
وقد روى إخواننا السنة أحاديث كثيرة وصححوا عدداً منها تنص على أن خلق النبي ونبوته صلى الله عليه وآله قد تما قبل خلق آدم عليه السلام ولكنها مجردة عن فضل أهل بيته ، ففي مسند أحمد ج 4 ص 127
الكلبي عن عبد الله بن هلال السلمي ، عن عرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته ، وسأنبئكم بأول ذلك : دعوة أبي إبراهيم ، وبشارة عيسى بي ، ورؤيا أمي التي رأت ، وكذلك أمهات النبيين يَرَيْنَ . انتهى . ورواه في مستدرك الحاكم ج 2 ص 418 وص 600 في ص 608 وزاد فيه ( وإن أم رسول الله صلى الله عليه وآله رأت حين وضعته له نورا أضاءت لها قصور الشام ، ثم تلا : يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً . هذا حديث صحيح الاِسناد ولم يخرجاه .
ـ ورواه في مجمع الزوائد ج 8 ص 223 تحت عنوان : باب قدم نبوته صلى الله عليه وآله كما في الحاكم وقال ( رواه أحمد بأسانيد ، والبزار ، والطبراني بنحوه ، وقال : سأحدثكم بتأويل ذلك : دعوة إبراهيم دعا وابعث فيهم رسولاً منهم ، وبشارة عيسى بن مريم قوله ومبشراً برسول يأتي من بعدي إسمه أحمد ، ورؤيا أمي التي رأت في منامها أنها وضعت نوراً أضاءت منه قصور الشام . وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان .
وعن عبدالله بن شقيق عن رجل قال قلت يا رسول الله متى جعلت نبياً ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد . رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح .
وعن ابن عباس قال : قيل يا رسول الله متى كتبت نبياً ؟ قال وآدم بين الروح والجسد. رواه الطبراني في الاَوسط والبزار ، وفيه جابر بن يزيد الجعفي وهو ضعيف.
وعن أبي مريم قال أقبل أعرابي حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خلق من الناس فقال : ألا تعطيني شيئاً أتعلمه واحمله وينفعني ولا يضرك ، فقال الناس مه أجلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوه فإنما يسأل الرجل ليعلم ، فأفرجوا له حتى جلس فقال : أي شيء كان أول نبوتك ؟ قال : أخذ الميثاق كما أخذ من النبيين ، ثم تلا : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ، وبشرى المسيح عيسى بن مريم ، ورأت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام .
فقال الاَعرابي هاه وأدنى منه رأسه وكان في سمعه شيء ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ووراء ذلك . رواه الطبراني ورجاله وثقوا .
ـ وروى أحاديثه في كنز العمال ج 11 ص 409 وقال في مصادرها ( ابن سعد ، حل ـ عن ميسرة الفجر ، ابن سعد ـ عن ابن أبي الجدعاء ، طب ـ عن ابن عباس ) . وقال في هامشه : أخرجه الترمذي كتاب المناقب باب فضل النبي صلى الله عليه وسلم رقم ( 3609 ) وقال : حسن صحيح غريب ص .
ـ وفي ج 11 ص 418 وص 449 وص 450 ، وقال في مصادره ( حم ، طب ، ك ، حل ، هب ـ عن عرباض ابن سارية ) . ( حم وابن سعد ، طب ، ك ، حل هب ـ عن عرباض
ـ ورواها السيوطي عن المصادر المتقدمة وغيرها في الدر المنثور ج 1 ص 139 وج 5 ص 184 وص 207 وج 6 ص 213
وروى إخواننا كذلك أحاديث متعددة عن اختيار الله تعالى لبني هاشم تؤيد هذه الاَحاديث ، وليس هذا مقام الكلام فيها .