الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / شبهات و ردود – المحقق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

شبهات و ردود – المحقق السيد محمد رضا الحسيني الجلالي

الشريعة الاسلامية من معين السنة النبوية بين حماية العلماء و تزييف العلمانيين

القسم التاسع

 

كلمة الختام

فكتاب « تدوين السنّة » لإبراهيم فوزي ، في « عنوانه » ومؤدّاه ، وفي « غرضه » ومؤشّراته ، قد بسطنا ما عليه من الملاحظات ، إذ لم يلتزم باستخدام العنوان بشكل صحيح ، ولا أدّى حقّ العنوان بصورة علمية حياديّة مجرّدة ، بل عرض له منحازاً وبصورة غير موضوعيّة ، ممّا يثير التساؤل حول صحّة النتائج التي توصّل إليها ، كما إنّه لم يتّبع منهج التوثيق المعترف به علميّاً ، فكانت معاملته مع المصادر بشكل قلق يثير الريبة في صحّة منقولاته وتماميّتها . وأمّا هدفه فقد تلخّص في « تزييف الشريعة الإسلامية » و السعي في إيحاء عدم إمكان تطبيقها ، وقد إستولت هذه الروح التزييفيّة على عقل المؤلّف وقلمه ، في كلّ صفحات الكتاب ،

 

فراح يتابع الإشكاليّات على السنّة التي تعتمد عليها الشريعة الإسلامية ، وبينما نجده يعمّم بعض هذه الإشكاليات على السنّة ، لكنّه يخصّ قسم المعاملات من الشريعة بالإستهداف ، فجعلها مركزاً للإشكاليات ، وتبلورت عندها النتيجة التي طلبها من كتابه كلّه ، وهي تزييف الشريعة وإبعادها عن حيّز التطبيق ، وداعياً إلى إستبدالها بالشريعة الغربية الحديثة ، حيث راح يمجّد بها ويزمّر لها بأنّها تتّفق والمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية . ونحن في القسم الآخر من قراءتنا هذه تصدّينا لإشكاليّاته على السنّة ، ففنّدناها و أثبتنا خلوّها من الصحّة والدقّة ، وعدم مطابقتها لواقع الحال في ما تصوّره عن السنّة المعتمدة في الفقه ، وإنّما خلطه في الهجوم على الإسلام بين اُصوله وأحكامه و بين ما توصّل إليه الناس وجعلوه إسلاماً أو تصوّروه أصلا أو حكماً ، وأنّ المفارقات التي قرأها وعدّدها لا تحمل إلاّ على تاريخ المسلمين وليس هو يمسّ الإسلام بشيء ، و إنّما هو صورة خاطئة في أذهان اُولئك الناس كما هو في ذهن المؤلّف ومن لفّ لفّه من العلمانيّين .

 

ثمّ إنّ البدين الثقافي الذي اقترحه المؤلّف لا يمكن أن يكون هو الشريعة الجارية في الحضارة الغربية المعاصرة ، لفراغها و تنافيها مع أبسط القيم والمبادئ البشرية وسقوطها و خروجها عن أبسط قواعد المنطق والعدل ، وإنّ تظاهر الغربيّين بدعوى حقوق الإنسان ، والحرّية ، و المساواة بين البشر ، وبين المرأة والرجل ، ليس إلاّ إعلاناً يستخدمونه ضدّ الأديان والشعوب الشرقية ، لتضحيل ثقافاتهم ، و تفريغهم من شرائعهم و اُصول حضاراتهم المبتنية على التقاليد والأعراف الخاصّة بهم ، ودفعهم إلى التبعية الحضارية للغرب المستهتر بالقيم والمبادئ ، و حقوق الإنسان والرجل والمرأة ، والمعتمد على القوّة و الإكراه و السطو و القهر . إنّ العلمانيّين ـ بمثل ما قام به المؤلّف ـ ليسوا إلاّ أبواقاً مزيّفة مأجورة للدعاية الغربية ،

 

و أيد عميلة للحضارة الغربية في تزييف الإسلام و عقيدته وشريعته ، يقومون بما قام به المستشرقون من قبل باسم الدراسات العلمية والجامعية ، و ما قام به الرتل الخامس من أعمال تخريبية ضدّ الشعوب الاُخرى ، و لكن بلسان عربي ، و بأقلام عربية ، بدعوى صلتهم بالإسلام من خلال دراسة مصادره وتراثه و فكره و شريعته ، و ما هم إلاّ أجانب بُعداء عن هذا الشعب وهذا الدين وهذا التراث . إنّ قراءتنا هذه أثبتت زيف كلّ هذه الدعاوى الباطلة ، بالحياد والتجرّد و معرفة التراث الإسلامي ، بهدف تزييفه و نقده و دراسته! وبعد ، فكيف تمنح جائزة المعرض الدولي للكتاب في مدينة أبي ظبيّ في الأمارات العربية ، لهذا الكتاب الذي يحتوي على هذه الأهداف ويتيح في ضرب السنّة النبويّة وتزييفها بهذه الأساليب؟ ألم يقرأ المشرفون على المعرض الدولي للكتاب في ابو ظبي؟ وكذلك الذين انتخبوا هذا الكتاب للفوز بجائزتها ، هذا الكتاب؟

 

أو لم يقفوا على أهدافه؟ أو أنّهم عرفوا كلّ ذلك لكنّهم قصدوا أن يضربوا به السنّة النبويّة التي هي أساس الإسلام؟ انّ صدور مثل هذا الكتاب في أوساط المسلمين ، وقيام اللا مسؤليين بترويجه ونشره وتشجيع كاتبه بهذا الاُسلوب ممّا يؤكّد على المسلمين لزوم التمسّك بالسنّة الشريفة الثابتة والعَضّ عليها بالنواجذ ، وليعلموا أنّ ما استهدفه الكفّار وعملاؤهم العلمانيون والحكّام السائرون في ركب الغرب وما تهجّموا عليه من تراث أو عقيدة أو عمل أو تاريخ أو رأي ، أو من هاجموه من شخصيّة أو علم أو أثر أو عادة ، فإنّما يهاجمونه لكونه حقّاً وصدقاً ولا يريدون من نفيه إلاّ أن يُحرمونا من خيره وصلاحه وبرّه ، كما يهاجمون قرآننا و سنننا و رسولنا و أئمّتنا وعلمائنا و مجاهدينا فلابدّ أن نحذر دعواهم .
﴿ … وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ  6 .

  • 1. كتاب « تدوين السنّة » تأليف « إبراهيم فوزي » نشر : رياض الريّس للكتب و النشر ـ الطبعة الاُولى ـ كانون الثاني / يناير 1994 ـ لندن .
  • 2. تدوين السنّة الشريفة : 190 ـ 195 .
  • 3. في كتابنا « إجازة الحديث » الذي نعدّه للنشر بعون الله تعالى .
  • 4. لا نخصّ بهذه الكلمة المؤسّسات في العالم الغربي ، بل تعمّ الجامعات في البلدان الإسلاميّة ، والعربية خاصّة ـ في مجملها ـ لكون مناهج دراساتها و مفردات فصولها موافقة للغرب ، حتّى لو اختلفت في السبل والأدوات ، كاللغة ـ مثلا ـ .
  • 5. القران الكريم : سورة النجم ( 53 ) ، الآية : 3 و 4 ، الصفحة : 526 .
  • 6. القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 237 .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...