الرئيسية / من / الصحة والعافية / الآداب الطبية في الإسلام

الآداب الطبية في الإسلام

حركة التأليف ، وازدهار الطب عند المسلمين :
وكانت العلوم في فترة حركة الترجمة تنضج شيئاً فشيئاً لدى المسلمين ، وبدأت منذ عصر الترجمة حركة التأليف شيئاً فشيئاً ، ونشطت كثيراً في النصف الثاني من القرن الثالث ، وبدأ دور الترجمة بالتراجع والتقلص بنسبة ازدياد النشاط العلمي والتأليفي في البلاد .
ويظهر : أن التأليف الإسلامي قد بدأ من النصف الأول من القرن الثالث ، حيث نجدهم يذكرون بعض المؤلفات لعلي بن ربن الطبري وغيره من الأطباء المسلمين ، الذين عاشوا في القرن الثاني ومطلع القرن الثالث ، هذا . . إن لم نقل : أن الحارث بن كلدة – أول مسلم الف في الطب . . على فرض ثبوت ذلك . . كما أشرنا إليه فيما تقدم . . ( 2 ) .
والمهم هنا هو أننا نلاحظ : أن المسلمين قد عنوا بالطب عناية فائقة ، ونبغ منهم علماء كبار ، وجهابذة أفذاذ أنسوا من كان قبلهم ، ومهدوا السبيل لمن جاء بعدهم ، وعلى أساس نظرياتهم ، وابتكاراتهم ، ومنجزاتهم كانت النهضة الكبرى في القرن العشرين ، أي الرابع الهجري . . فهم وحدهم آباء هذا العلم – كما كانوا آباء غيره من العلوم – في العصر الحديث .
كما أننا نجد : أن بغداد مقر الخلافة العباسية لم تعد هي المركز الطبي الوحيد ، فإن انقسام الدولة الإسلامية إلى ممالك صغيرة مستقلة قد حمل معه ظاهرة تكون مراكز كثيرة للعلوم الطبية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي ، كغزنة ، والقيروان ، ومصر وغيرها ، الأمر الذي هيأ الجو لظهور نوابغ في هذا العلم في مختلف أرجاء الدولة الإسلامية . . ومهد السبيل لتخرج أعداد هائلة من الأطباء من مختلف الاختصاصات . ومن ثم إنتاج أعداد ضخمة جداً من المؤلفات في هذا العلم ، لم يستطع المؤلفون في التراجم والموسوعات حتى إحصاء أسمائها ، مع شدة عنايتهم بذلك ، وإصرارهم عليه . . وعلى مؤلفات المسلمين ، ومنجزاتهم العلمية كانت النهضة الطبية المعاصرة ، كما سنشير إليه . . ونستطيع أن نجمل مظاهر الحضارة الإسلامية في المجال الطبي وأثر المسلمين في النهضة الطبية الكبرى في العناوين والبحوث التالية :
المؤلفات الطبية ، وأثرها في النهضة الأخيرة :
يقول الدكتور فيليب حتى : « في القرن العاشر للميلاد ظهر أطباء مسلمون من المرتبة العالية أغنوا بمؤلفاتهم التراث الطبي في الشرق وفي الغرب ؛ وكان معظم أولئك الأطباء من الفرس إنما كانوا يؤلفون كتبهم باللغة العربية » ( 1 ) .
وعن كتاب القانون لابن سينا يقول : « وقد ترجمه إلى اللاتينية جرارد الكرموني في طليطلة في القرن الثاني عشر ، فاحتل بذلك محل الكتب المدرسية الطبية السابقة ، وظل كتاباً مدرسياً قروناً عديدة .
أما في الشرق فقد ظل كتاب القانون في الطب المرجع الأوحد في
الطب ، إلى أن حل محله الكتب الطبية العصرية التي ظهرت في القرن التاسع عشر » ( 1 ) .
أما محمد الخليلي ، فيقول : إنه قد نشر من كتاب القانون طبعة عربية في روما سنة 1593 م وفي بولاق مصر سنة 1877 م وفي الهند سنة 1323 م .
وظهرت له في أوروبا عدة شروح ، وترجمت أجزاء أخرى منه إلى اللغة الفرنسية والألمانية ، والإنجليزية ، وغيرها من لغات أوروبا ، كما ترجمت إلى التركية ، والفارسية .
وبالجملة : فقد كان القانون من أجلّ الكتب التي تدرس في جامعتي « مونبليه » و « لوفان » إلى أواسط القرن السابع عشر ، كما كان البرنامج الطبي في قينا سنة 1520 م وفي فرنكفورت سنة 1558 م أكثره على القانون ، وعلى المنصوري .
قال العلامة ساربوري في كتابه : تاريخ العلم : كان كتاب القانون ذلك المعلم الطبي العظيم توراة الطب ، أي دستوره المقدس .
وقال الدكتور « ماكس مايرهوف » في كتابه : تراث الإسلام : إن ابن سينا قد جمع في قانونه تراث اليونان إلى اختبار العرب ، فكان أسمى ما بلغه من التنظيم العلمي العربي . ثم قال في موضع آخر : والمرجح أنه لم يوضع في تاريخ الطب كتاب عنى العلماء بدراسته كهذا الكتاب ، أي القانون .
ولكن منذ القرن السابع عشر إلى التاسع عشر وضعت كتب إفرنجية زاحمت القانون في نفوذه ، وإن كان تأثيره لم ينقطع تماماً . . ( 2 ) انتهى .

شاهد أيضاً

الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن المعلومات

تكنولوجيا وأمن معلومات  27/03/2024 الأمان الرقمي للأسرة: كيفية إنشاء خطة عائلية للتعامل مع حوادث أمن ...