الوقت – بعد عدة أيام من الأزمة الأوكرانية، أعلن الکيان الصهيوني أول موقف رسمي له. في هذا الموقف، أعلن مجلس الوزراء الإسرائيلي أنه يريد إنهاء الصراع في أوكرانيا، ومستعد للمساعدة في إنهاء الأزمة كوسيط.
وفي هذا الصدد، زاد رئيس وزراء الكيان الصهيوني من إرسال المساعدات الإنسانية إلى أوكرانيا. وجاء في الأنباء أنه في اتصال هاتفي بين “نفتالي بينيت” و”بوتين”، يوم الأحد الماضي، أثير موقف الكيان الصهيوني للوساطة، لكن “بوتين” رد على هذا الموقف الصهيوني بالسلب، ورفض وساطة الصهاينة.
رفض الصهاينة لطلب الحكومة الأوكرانية
يأتي موقف الوساطة من قبل الكيان الصهيوني في الوقت الذي رفض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، في محادثة هاتفية مع الرئيس الأوكراني اليهودي والموالي للغرب فلاديمير زيلينسكي، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية، طلب الحصول على أسلحة من قبل الکيان الصهيوني. لكنه الآن يحاول تنفيذ المساعدة الإنسانية التي قدمها بينيت قبل أيام قليلة مشروطاً بـ “الضرورة”.
لماذا اختار الصهاينة موقع “الوساطة”؟
حسب المعطيات الميدانية والسياسية ، فإن الکيان الصهيوني حليف استراتيجي للولايات المتحدة، وفي موقع حليف للغرب.
وعليه، يتوقع الغرب من الکيان “دعم أوكرانيا” وإدانة الهجوم العسكري الروسي علی أوكرانيا. لكن لماذا يقدم الصهاينة أنفسهم الآن على أنهم وسطاء من خلال اتخاذ موقف شبه محايد؟
محاولات الصهاينة إعادة تحديد دور لأنفسهم
أحد أسباب موقف “الوساطة” من الصهاينة في الأزمة الأوكرانية، هو الموقف الذي اختاروه لأنفسهم في فترة ما بعد سوريا.
ففي الوقت الذي تخطط فيه الولايات المتحدة لمغادرة المنطقة، يسعى الصهاينة إلى ترسيخ أنفسهم كلاعب رئيسي في منطقة غرب آسيا. وتحركهم في اتجاه تطبيع العلاقات مع الدول العربية يتم بالنهج نفسه، وهم يسعون إلى تشكيل تحالف إقليمي ضد محور المقاومة بقيادتهم هم.
والآن، فإن الأزمة في أوكرانيا في هذا النهج هي أفضل فرصة لهم لتحديد دور لأنفسهم، من شأنه أن يوفر لهم دورًا أكبر في المنطقة من أي وقت مضى.
إن الوساطة في أزمة أوكرانيا، مع روسيا من جهة والغرب والولايات المتحدة من جهة أخرى، هي دور أكبر بکثير مما يستطيع الصهاينة القيام به، لکنهم يحاولون فعل ذلك تعزيزاً لموقعهم في المنطقة.
تجنب التوتر مع روسيا
لا يريد الكيان الصهيوني تصعيد التوتر مع روسيا لسببين. أولاً، إنهم يقومون بعمليات في سوريا، وإذا واجهتهم روسيا، فستغلق الأبواب أمامهم بالكامل في سوريا.
لكن وجودهم مع استراتيجية “الحرب بين الحروب” هو من أولوياتهم الرئيسية، لذا من أجل عدم الإضرار بهذا الموقع، يسعون إلى تعميق العلاقات مع روسيا.
من ناحية أخرى، مع اقتراب الولايات المتحدة من مغادرة منطقة غرب آسيا، فإنهم سيحتاجون إلى روسيا أكثر في المنطقة في المستقبل، والعلاقات المتوترة مع روسيا في المستقبل قد تضعهم في أزمات أكثر خطورةً.
ولذلك، ومن هذا المنظور، فإنهم يسعون أيضًا إلى تفادي التوترات مع الروس من خلال اتخاذ موقف معتدل، حتى لا يفقدوها في مستقبل المنطقة.
الابتعاد عن موقف الغرب والولايات المتحدة
يجب على الصهاينة، بسبب تحالفهم مع الغرب والولايات المتحدة، أن يقفوا منطقيًا في موقفهم، وأن يواجهوا روسيا في هذه المرحلة. لكن الصهاينة قلقون جداً على المستقبل، ولا يريدون أن تتوتر علاقاتهم مع روسيا حتى لا يفقدوا الروس في المستقبل، ولا يريدون اتخاذ موقف ضد روسيا.
وفي هذا السياق، نجد أن مجلس الوزراء الإسرائيلي وفي أول اجتماع رسمي له بعد بدء العمليات الروسية في أوكرانيا، اكتفى بالتعبير عن أمله في إنهاء الأزمة وتهدئة الوضع، ولم يدن الهجوم الروسي بأي شكل من الأشكال.
والآن، إذا وضع الصهاينة أنفسهم في موقع الوسيط، فإنهم يکونوا قد انفصلوا عن موقف الغرب ولم يدينوا روسيا، ولا يتعين عليهم أيضًا إظهار المزيد من الولاء للروس ودعم عملياتهم العسکرية أکثر من ذلك.
إن موقف الصهاينة في إعلانهم عن استعدادهم للتوسط بين روسيا وأوكرانيا، هو في الواقع تمسك قادة الکيان الصهيوني بموقف وسطي للهروب من حلفائهم الغربيين من جهة، وعدم الصدام مع روسيا من جهة أخرى، ومنع تدهور علاقاتهم مع هذا البلد.
هذا الموقف الصهيوني قد يرضي الروس، لكنه بالتأكيد سيغضب أعضاء الناتو والولايات المتحدة، ويجب رؤية عواقبه عندما تنتهي الأزمة الأوكرانية.