الرئيسية / من / الصحة والعافية / الآداب الطبية في الإسلام

الآداب الطبية في الإسلام

وفي حقل النبات لا بد وأن نذكر هنا ابن البيطار الذي راح يقوم هو بذاته بدارسة النبات في إسبانيا ، وشمال أفريقيا ، ومصر ، وسورية ، وآسيا الصغرى ، وقد ذكر في كتابه 1400 نبتة ، منها مئتان جديدة ، لا عهد للناس بها من قبل ( 3 ) .
وعلى كتاب ابن البيطار المالقي في النبات ، والفريد في بابه كان معول أهل أوروبا في نهضتهم الحديثة ، كما يقوله جرجي زيدان .
كما أنه يقول : إن أسماء العقاقير التي أخذها الإفرنج عن العرب لا تزال عندهم بأسمائها العربية ، أو الفارسية ، أو الهندية ، كما أخذوها عن العربية ( 4 ) .
بل : « إن أعظم العلماء والنباتيين في بولندا يعتمدون في مؤلفاتهم بشكل كامل على مؤلفات ابن سينا ، مثل : شيمون لونج ، عالم النبات البولندي
الكبير . . كما أن البروفسور آنانباج زايا جوفسكي أستاذ جامعة وارشو ، ورئيس اتحاد الشرق الأوسط في بولندا له تحقيقات قيمة حول كتب ابن سينا وخصوصاً النباتات الطبية في كتاب القانون » ( 1 ) .
كما أن گوستاف لوبون يقول : « الرقي الطبي عند العرب كان في فن الجراحة ، وعلائم الأمراض ، وأقرباذين الأدوية أكثر منه في غيره ، وقد اكتشفوا الكثير من المعالجات التي لا تزال متداولة إلى اليوم ، كما ان أكثر الأدوية التي ركبوها لا تزال مستعملة حتى اليوم ، وكذا فإن لهم اكتشافات في كيفية استعمال الأدوية ، وبعضها يعد – غلطاً – من المكتشفات الحديثة . . الخ » ( 2 ) .
وأخيراً . . فإنهم يقولون : أن المسلمين هم أول من أنشأ حوانيت الصيدلة على هذه الصورة ( 3 ) ، كما أن الشيخ الرئيس ابن سينا قد ذكر الكثير من المواد الطبية ، التي لم تكن معروفة للقدماء ، وهي من مكتشفات ابن سينا نفسه ، والقسم المربوط بالنباتات الطبية المستعملة في أمراض الكبد ممتاز جداً ، وهو مطابق تماماً مع الطب اليوم ، كما أن آثار الأدوية في الطب من حيث وظائف الأعضاء وأقرباذين الأدوية صحيحة جداً ( 4 ) .
كما أن الصيدلة تعتمد كثيراً على صناعة الكيمياء ، وقد قطع المسلمون شوطاً كبيراً في هذا المجال ، الأمر الذي مكنهم من اختراع الكثير من الأدوية التي لا تزال مستعملة حتى اليوم .
امتحان الصيدلة :
ولقد كان الصيادلة كثاراً ، وشاع الغش منهم في الأدوية ، فدعت الضرورة إلى امتحانهم ، وإعطاء الإجازات أو المنشورات إلى من تثبت أهليته وأمانته وحرمان الآخرين ، ومنعهم من مزاولة هذه الصنعة .
وقد التفتوا إلى هذا الأمر في وقت مبكر ، أي من زمن المأمون ، الذي كتب اسماً لا يعرف ولا واقع له ، وأرسله إلى الصيادلة ليبتاع منهم ، فكلهم ذكر : أن هذا الدواء عنده ، وأخذ الدواء وأعطاه شيئاً من حانوته ، فصاروا إلى المأمون بأشياء مختلفة ، فمنهم من أتى ببعض البزور ، ومنهم من أتى بقطعة من حجر ، ومنهم من أتى بوبر .
وفي زمن المعتصم قال الافشين لزكريا الطيفوري : « يا زكريا ضبط هؤلاء الصيادلة عندي أولى ما تقدم فيه ، فامتحنهم ، حتى نعرف الناصح منهم من غيره ، ومن له دين ، ومن لا دين له » .
فامتحنهم الأفشين بمحنة المأمون ، فوقعوا فيما وقعوا فيه أولاً ، فكانت النتيجة أن نفى الأفشين من وقع في الفخ عن العسكر ، ونادى المنادي بنفيهم وبإباحة دم من وجد منهم في عسكره ( 1 ) .
الفصل الثالث :
الطب كمظهر حضاري
دراسة الطب عند المسلمين
لقد كان الأطباء يلقون محاضراتهم الطبية على طلابهم في المستشفيات ( 1 ) بالإضافة إلى مرافقتهم لهم في زياراتهم للمرضى ، حين ممارستهم الطب عملياً . .
وقال ابن أبي أصيبعة : كان أبو الفرج ابن الطيب « يقرئ صناعة الطب في البيمارستان العضدي ويعالج المرضى فيه ، ووجدت شرحه لكتاب جالينوس على اغلوتن ، وقد قرئ عليه ، وعليه الخط بالقراءة في البيمارستان العضدي ، في يوم الخميس الحادي عشر من شهر سنة ست وأربعمائة » ( 2 ) .
وكان إبراهيم بن بكس « يدرس صناعة الطُب في البيمارستان ، العضدي لما بناه عضد الدولة » ( 3 ) .
وكان ابن أبي الحكم يقعد في الإيوان الكبير في البيمارستان ، فكان
جماعة من الأطباء والمشتغلين يأتون إليه ، ويقعدون بين يديه ، ثم تجري مباحث طبية ، ويقرئ التلاميذ ، ولا يزال معهم في اشتغال ومباحثة ونظر في الكتب مقدار ثلاث ساعات ( 1 ) .
ومجلس الرازي لتعليم الطب معروف ومشهور ، فقد كان يجلس في مجلسه ، ودونه التلاميذ ، ودونهم تلاميذهم ، ودونهم تلاميذ آخرون ، وكان يجيء الرجل ، فيصف ما يجد لأول من يلقاه منهم ، فإن كان عنده علم ، وإلا تعداه إلى غيره ، فإن أصابوا وإلا تكلم الرازي في ذلك ( 2 ) .
وأول مدرسة طبية منفصلة عن المستشفى كانت – فيما أعتقد – في سنة 622 ه‍ قال ابن أبي أصيبعة : « . . ولما كان في سنة اثنتين وعشرين وست مئة .
وذلك قبل سفر الشيخ مهذب الدين عبد الرحيم بن علي عند الملك الأشرف وخدمته له ، وقف داره وهي بدمشق عند الصاغة العتيقة ، شرقي سوق المناخلين ، وجعلها مدرسة يدرس فيها من بعده الطب ، ووقف لها ضياعاً وعدة أماكن ، يستغل ما ينصرف في مصالحها وفي جامكية المدرس ، وجامكية المشتغلين بها » ( 3 ) .
امتحان الأطباء :
لقد رأينا : أن المسلمين كانوا يمتحنون الأطباء ، ويعطونهم إجازة لممارسة التطبيب ، وممن كان يمتحن الأطباء في سنة 309 ه‍ ، سنان بن ثابت
في بغداد ( 1 ) ومهذب الدين الدخوار في مصر ( 2 ) ، وابن التلميذ ، المتوفي سنة 560 ببغداد ( 3 ) ويضيف البعض إلى هؤلاء : إبراهيم بن سنان ، وأبا سعيد اليماني ( 4 ) .
وذكر في كتاب : تاريخ البيمارستانات في الإسلام إجازتين في بقيتا في القرن الحادي عشر الهجري ، إحداهما ترتبط بالفصد ، والأخرى ترتبط بالجراحة ( 5 ),

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...