آية الله مصباح يزدي دام ظلّه: لا علم لي بقائدٍ أو بعالمٍ يمتاز بمثل ما يمتاز به الإمام القائد الخامنئي حفظه الله، ومن بعده السّيّد العزيز حسن نصر الله!
خلاصة ما أفاضه سماحة آية الله الشّيخ مصباح اليزدي حفظه الله مؤخّراً:
1. إنّ الحوادث والقضايا التي حدثتْ في المنطقة خلال العقود الأخيرة كانت أحداثاً عجيبة، وقّلما تجد لها نظيراً في صدر الإسلام إلى يومنا هذا.
2. إنّ هذه الحوادث التي وقعتْ -خاصّة في أماكن تواجد الّشيعة- لها دلالاتها السّياسيّة والعقائديّة والعسكريّة والدّينيّة.. ولا بدّ لأهل الإختصاص من دراسة جميع هذه الجوانب بكلّ أبعادها بعمق.
3. العبد الفقير يعتقد أنّ الله تعالى قد فتح من خلال هذه الأحداث والظّواهر التي حصلتْ في العقود الأخيرة بابَ الرّحمة الواسعة على المسلمين بشكل عامّ، والشّيعة بشكل خاصّ.
4. إنّ كثيراً من الأمور التي حدثتْ والظّواهر التي برزتْ في بلدنا إيران لا يمكن توجيهها وتفسيرها بشكل علميّ وعاديّ (محض).. بل كانت أحداثاً عظيمة.. فانظروا مثلاً إلى هذا الميل والرّغبة والحبّ من الّشباب والمراهقين، بل مِمّن هم تحت سنّ التّكليف (أيضاً).. أنظروا كم لديهم من العشق للحضور في الجبهة، وللمفاهيم والقيم الإسلاميّة.
5. الحمد لله.. فإنّ إيران تزداد يوماً بعد يوم تطوّراً ببركة هذا اللّطف والعناية الإلهيّة، وآثاره الشّاملة لكلّ المنطقة.
6. إنّ الظّروف التي نعيشها اليوم شبيهة إلى حدٍّ كبير بمعركة بدر في صدر الإسلام.. وبالنّظر إلى الآيات القرآنيّة الشّريفة التي تحدّثتْ ووصفتْ حالَ المسلمين ومدى ضعفهم (وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ).. إلى هذا الحدّ كان المؤمنون ضعفاء، إلى الحدّ الذي جعل النّبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) يتوسّل ويتضرّع ويدعو الله كما نقلتْ لنا الرّوايات ما هذا مضمونه. (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ..).
7. وهنا مسألتان:
الأولى: لم يستعمل الباري عزّ وجلّ وصفَ (أذلّة) بحقّ المؤمنين في القرآن الكريم إلا مرّة واحدة، وهو معركة بدر.
الثّانية: في نظرةٍ (شاملة) لكلّ تاريخ وسيرة النّبيّ الأعظم (صلّى الله عليه وآله) لم نجد هذا الّتضرّع والدّعاء قد صدر منه بتلك الحالات إلا في معركة بدر.
لم يُشاهَد النّبيّ الأعظم صلّى الله عليه وآله في مثل هذه الحالة لا قبل بدر ولا بعدها..
وهذا يدلّ على مدى أهمّيّة التّضرّع والدّعاء والتّوسّل في تحقيق أكبر الانتصارات وتجاوز أعظم المشكلات.
8. يعتقد العبد الفقير أنّنا اليوم نعاني من نقصٍ كبير في هذا الموضوع، أعني التّضرّع واللّجوء إلى ساحة الباري عزّ وجلّ.. أذكر في بداية حركة الإمام الخميني وثورته المباركة، كان شعبنا في إيران كثيرَ التّوسّل والتّضرّع والدّعاء.. أمّا اليوم، فإنّ لدينا نقصاً رهيباً في هذا الأمر.. الغفلة أصبحتْ طاغية.. نعم، لقد أُغْفِلَت المسائل المعنويّة .. لقد بتنا نفتقد أموراً كالدّعاء والتّوسّل والنّذورات والتّضرّعات..ولا أقصد هنا أنْ لا نعتني بالنّعم المادّيّة ولا نأخذ بها، لكنْ ليس على حساب الأمور المعنويّة.
9. حذار علينا -نحن الرّوحانيّين ورجال الدّين- أن نغفل عن الأمور المعنويّة، فإذا كانت غفلة النّاس عن هذا المجال الحسّاس أمراً غير مقبول، فإنّ غفلة رجال الدّين عن هذا المجال لأعظم وأشنع.
10. إنّ تقوية الأمور المعنويّة من تضرّع وتوسّل ودعاء وبكاء.. يفتح الباب أمام انتصارات أكمل وأفضل وأوسع. والأولى برجال الدّين قبل غيرهم أن لا يغفلوا عن المسائل المعنويّة.
11. أنا العبد الفقير لم أجد ولستُ أعرف أحداً بمثل هذا القائد المعظّم.. فهو من أعظم النّعم الإلهيّة علينا.. نعمة كبرى أنْ توجد لدينا قدوة مثل هذا القائد..
12. وظيفتنا اليوم أن نشكر نعمة وجود الإمام القائد المعظّم الخامنئي حفظه الله، فإنّه شخصيّة قلّما نجد لها نظيراً في تاريخنا.
وعلى الرّغم من الخصائص الكثيرة التي يمتاز بها هذا الإمام القائد مِن بُعْدٍ علميّ وسياسيّ وبصيرة اجتماعيّة ووعي وفراسة إداريّة، وكثير من الخصال المميَّزة التي يعترف بها العدوّ قبل الصّديق..
لكنّني أعتقد أنّ هناك جَنْبَةً عظيمة في شخصيّة الإمام القائد الخامنئي لا يتمّ عادةً التّعرّض لها بل هي مغفولٌ عنها، ألا وهي (روح العبوديّة). فإنّ هذا القائد يتميّز بالخضوع المطلق أمام التّكليف الإلهيّ، ولديه اعتماد كبير على طلب العون والمدد من الغيب الإلهيّ، وتظهر عليه آثار التّوسّلات..
لقد سمعتُ عدّة مرّات أنّ سماحة القائد قد وقع تحت ظروف ضاغطة شديدة، بحيث يفقد فيها حتّى الكبار توازنهم، ولا يستطيعون التّحكم بأنفسهم. هي اختبارات عظيمة وشديدة كان يتعرّض لها سماحته..
فإذا به يتحرّك من طهران وفي منتصف اللّيل من دون علم أحد، قاصداً مسجد جمكران، فيدخل للتّوسّل والتّضرّع والبكاء والصّلاة، بل وحتّى السّجود لساعات..
وبعد هذا التّضرّع يرجع إلى طهران وهو غير قادر على الحديث أو الكلام مع أحد، ويخلد للرّاحة في بيته.. ثمّ بعد ساعات يخرج صباحاً من بيته مبتسماً نشيطاً، ويتابع عمله وكأنّه لم تكن هناك أيّة مشكلة أو عويصة!
13. من الواجب علينا -شكراً لهذه النّعمة وأداءً لحقّها- أن ندعو الله تعالى أن يطيل عمره ويزيد في بركاته، ويبقيه سالماً معافى حتّى ظهور الإمام صاحب الزّمان، ويكون من افضل قادة جند الإمام أرواحنا له الفداء.
14. أعتذر لكثرة الطّلب منكم شكرَ النّعم.. لكنّ دليلي على ذلك هو هذه الآية الشّريفة (لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ). فهذا الشّكر يزيد في بركات هذا السّيّد المجاهد، لذلك أرى من الواجب أن ندعو له وندفع الصّدقات، وأن نقوم بمثل هذه الأعمال كلٌّ بحسب المتيسّر له، حتّى نؤدي شكر هذه النّعمة ونحافظ عليها.
15. وهنا أغتنم الفرصة أيضاً لأتحدّث عن المرتبة التّالية من ذلك القائد المعظّم.. وهو شخص السّيّد العزيز حسن نصر الله، فهو لديه من المتانة والشّجاعة والصّفات الممتازة جداً، بما يجعله شبيه مقام القائد المعظّم.
16. لقد منّ الله عليكم في لبنان وسوريا وسائر دول المنطقة بنعمة وجود السّيّد نصر الله.. لذا نرى من الواجب علينا شكر هذه النّعمة، وأن ندعو دائماً بحفظه، ونتصدّق من أجل سلامته.
17. هذا الشّكر وهذه الأدعية وهذه الصّدقات تزيد آلاف المرات من بركات وجود هذا السّيّد المجاهد العزيز.