الرئيسية / القرآن الكريم / بيّنات في معرفة القرآن الكريم

بيّنات في معرفة القرآن الكريم

نظرة تفسيريّة موضوعيّة في خصائص القرآن الكريم

 

4- القرآن أحسن الحديث:

قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾[1].

المراد بالحديث هو القول، كما في قوله تعالى: ﴿فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِّثْلِهِ…﴾[2], ﴿فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ[3] والقرآن الكريم هو أحسن القول، لاشتماله على محض الحقّ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وهو كلامه المجيد.

وقوله: ﴿كِتَابًا مُّتَشَابِهًا﴾، أي يشبه بعض أجزائه بعضها الآخر. وهذا غير التشابه الذي في المتشابه المقابل للمحكم، كما في قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ[4], فإنّه صفة بعض آيات الكتاب، والتشابه في هذه الآية صفة لجميع الآيات.

وقوله: ﴿مَّثَانِيَ﴾ جمع مثنيّة، بمعنى المعطوف بعضه على بعضه الآخر، لانعطاف بعض آياته على بعضها الآخر ورجوعه إليه، بياناً وتفسيراً، من غير اختلاف أو تدافع أو تناقض بين آياته: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا﴾[5].

 

 

وقوله: ﴿تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ﴾، بيان صفة الكتاب وأنّه يُحدث توجّهاً إلى ساحة العظمة والكبرياء في نفوس الذين يخشون ربّهم.

وقوله: ﴿ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ﴾، أي تسكن وتطمئنّ جلودهم وقلوبهم إلى ذِكْر الله.

وقوله: ﴿ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء﴾، أي ما يأخذهم من توجّه نحو العظمة والكبرياء بفعل استماعهم للقرآن، هو هدى الله، وهو من باب تعريف الهداية بأحد لوازمها.

 وقوله: ﴿يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء﴾، أي يهدي بهداه من يشاء من عباده، وهو خصوص العبد الذي لم يُبطل استعداده للاهتداء، ولم يُشغل نفسه بالموانع، كالفسق والظلم. فالهداية من فضله تعالى، وليس بموجب فيها مضطر إليها[6].

[1]–  سورة الزمر، الآية 23.

[2]– سورة الطور، الآية 34.

[3]– سورة المرسلات، الآية 50.

[4]– سورة آل عمران، الآية 7.

[5]– سورة النساء، الآية 82.

[6]–  الطباطبائيّ، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج17، ص256-257. (بتصرّف)

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...