الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )48

مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم ( عليه السلام )48

– وفي البحار ( 1 ) عن دعوات الراوندي عن الحسن بن طريف قال : كتبت إلى أبي
محمد العسكري ( عليه السلام ) أسأله عن القائم إذا قام بم يقضي بين الناس ، وأردت أن أسأله عن
شئ لحمي الربع فأغفلت ذكر الحمى ، فجاء الجواب : سألت عن الإمام ، فإذا قام يقضي بين
الناس بعلمه كقضاء داود لا يسأل البينة ، الخبر .
– وفيه ( 2 ) عن كتاب الغيبة للسيد علي بن عبد الحميد ، بإسناده عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ،
قال : أول ما يبدأ القائم بأنطاكية ، فيستخرج منها التوراة من غار فيه عصا موسى ، وخاتم
سليمان ، قال : وأسعد الناس به أهل الكوفة ، وقال : إنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر
خفي ، حتى إنه يبعث إلى رجل لا يعلم الناس له ذنبا فيقتله ، حتى إن أحدهم يتكلم في بيته
فيخاف أن يشهد عليه الجدار .
أقول : وفي هذا المعنى قلت في أبيات أثبتناها في صدر هذا الكتاب :
بنفسي من يحيي شريعة جده * ويقضي بحكم لم يرمه الأوائل
وفي هذا المعنى أخبار كثيرة ، ثم إن هذا الحديث يدل على أن بدء ظهوره ( عليه السلام ) من
أنطاكية ، والجمع بينه وبين ما روي في البحار ( 1 ) وغيره ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه يخرج من قرية
يقال لها كرعة ، وفي بعض الروايات أنه يخرج من المدينة ، وفي بعضها من مكة ، بتعدد
ظهوراته ، كما تدل عليه الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار .
ويأتي ذكرها في كل مقام بمناسبته .
قرابته من رسول الله ( صلى الله عليه وآله )
تقتضي الدعاء له لأنه من المودة وقد قال الله تعالى : * ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة
في القربى ) * ( 2 ) .
وسيأتي في ذلك زيادة تحقيق في الباب الخامس إن شاء الله تعالى .
– ولما رواه الشيخ الصدوق ( ره ) في الخصال ( 3 ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أربعة أنا الشفيع
لهم يوم القيامة ولو أتوني بذنوب أهل الأرض : معين أهل بيتي ، والقاضي لهم حوائجهم
عندما اضطروا إليه ، والمحب لهم بقلبه ولسانه ، والدافع عنهم بيده عقوبة .
أقول : وقد ورد هذا الحديث بغير هذا الطريق أيضا ويأتي ذكره في الباب الخامس إن شاء
الله تعالى .
قسطه ( عليه السلام )
قد مر معناه ، وبعض ما يدل عليه في ( عدله ) ونزيدك هنا عدة روايات ، لئلا يخلو هذا
العنوان والله تعالى هو المستعان .
– فمنها ما في غاية المرام ( 4 ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على
اختلاف من الناس فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن
السماء وساكن الأرض .
– وفي حديث آخر ( 1 ) فيه عنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : لو لم يبق من الدنيا إلا ليلة واحدة ، لطول الله
تلك الليلة حتى يملك رجل من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي ،
يملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، الخبر .
فإن قلت : هذا الخبر مصرح بأن اسم أبيه اسم أبي النبي ( صلى الله عليه وآله ) وهذا مناف لكون القائم ابن
الإمام حسن العسكري ( عليه السلام ) .
قلت : قد أجاب عن ذلك محمد بن طلحة الشافعي ، وهو من أعيان علماء العامة أولا : بأن
هذا من زيادات زائدة أحد رواة هذا الحديث ، وهو ممن عادته الزيادة في الأحاديث :
ورواية أبي داود والترمذي في صحيحيهما خالية من تلك الزيادة .
وثانيا : لو فرض ورود ذلك احتمل أن يكون اسم أبي مصحف ابني ومثل ذلك كثير
الوقوع .
وثالثا : لو فرض وروده بهذا النحو أول بأن النبي ( صلى الله عليه وآله ) عبر عن الكنية بالاسم وعن الجد
بالأب ، فالمراد بأبيه الحسين ( عليه السلام ) وكنيته أبو عبد الله وهذان التعبيران شائعان في العرف
واللغة . إنتهى كلامه ملخصا .
أقول : ليس المعول في إثبات كون الحجة بن الحسن ( عليه السلام ) هو القائم الموعود على هذا
الحديث ، بل المعول على الأخبار الكثيرة المتواترة الناصة المصرحة بذلك التي قدمنا نبذة
منها .
وإنما أوردت هذا الحديث مع أجوبة هذا الفاضل اللبيب لئلا يشتبه الأمر على من
لاحظه ، ولأن يعلم الناظر في هذا الكتاب ما جرى عليه عادة بعض رواتهم من الزيادة في
الأحاديث ، وقد صرح جمع منهم بأن زائدة أحد رواة هذا الحديث ممن ديدنه الزيادة ولكي
تعلم أن كون القائم هو ابن الحسن العسكري من الأمور المسلمة بينهم حتى إن هذا الفاضل
أوجب على نفسه تأويل هذا الحديث على فرض صدوره ، والحمد لله تعالى على إتمام
نوره ، ويعجبني هنا نقل رواية تبصر لها السيد محمد الحميري ( ره ) لأن فيها التصريح بالحجة
ابن الحسن وأنه الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا .
– روى الشيخ الصدوق رحمة الله عليه في كمال الدين ( 1 ) بإسناده عن السيد المذكور
قال : كنت أقول بالغلو وأعتقد غيبة محمد بن الحنفية ، قد ضللت في ذلك زمانا ، فمن الله
علي بالصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) ، وأنقذني به من النار وهداني إلى سواء الصراط ، فسألته
بعدما صح عندي بالدلائل التي شاهدتها منه أنه حجة الله علي وعلى جميع أهل زمانه ،
وأنه الإمام الذي فرض الله طاعته ، وأوجب الاقتداء به فقلت له : يا بن رسول الله ، قد روي لنا
أخبار عن آبائك ( عليهم السلام ) في الغيبة وصحة كونها ، فأخبرني بمن تقع ؟ فقال ( عليه السلام ) : إن الغيبة ستقع
بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الأئمة الهداة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، أولهم أمير
المؤمنين ، وآخرهم القائم بالحق ، بقية الله في الأرض وصاحب الزمان والله لو بقي في غيبته
ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدنيا حتى يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت
جورا وظلما .
قال السيد : فلما سمعت ذلك من مولاي الصادق جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) تبت إلى الله تعالى
ذكره على يديه وقلت قصيدتي التي أولها :
فلما رأيت الناس في الدين قد غووا * تجعفرت باسم الله فيمن تجعفروا
وناديت باسم الله والله أكبر * وأيقنت أن الله يعفو ويغفر
ودنت بدين الله ما كنت دينا * به ونهاني سيد الناس جعفر
فقلت فهبني قد تهودت برهة * وإلا فديني دين من يتنصر
وإني إلى الرحمن من ذاك تائب * وإني قد أسلمت والله أكبر
فلست بغال ما حييت وراجع * إلى ما عليه كنت أخفي وأظهر
ولا قائلا حي برضوى محمد * وإن عاب جهال مقالي فأكثروا
ولكنه ممن مضى لسبيله * على أفضل الحالات يقفى ويخبر
مع الطيبين الطاهرين الأولى لهم * من المصطفى فرع زكي وعنصر
إلى آخر القصيدة وهي طويلة ، وقلت بعد ذلك قصيدة أخرى :
أيا راكبا نحو المدينة جسرة * عذافرة يطوى بها كل سبسب
إذا ما هداك الله عاينت جعفرا * فقل لولي الله وابن المهذب
ألا يا أمين الله وابن أمينه * أتوب إلى الرحمن ثم تأوبي
إليك من الأمر الذي كنت مطنبا * أحارب فيه جاهدا كل معرب
وما كان قولي في ابن خولة مبطنا * معاندة مني لنسل المطيب
ولكن روينا عن وصي محمد * وما كان فيما قال بالمتكذب
بأن ولي الله يفقد لا يرى * سنين كفعل الخائف المترقب
فتقسم أموال الفقيد كأنما * تغيبه بين الصفيح المنصب
فيمكث حينا ثم ينبع نبعة * كنبعة جدي من الأفق كوكب
يسير بنصر الله من بيت ربه * على سؤدد منه وأمر مسبب
يسير إلى أعدائه بلوائه * فيقتلهم قتلا كحران مغضب
فلما روي أن ابن خولة غائب * صرفنا إليه قولنا لم نكذب
وقلنا هو المهدي والقائم الذي * يعيش به من عدله كل مجدب
فإن قلت لا فالحق قولك والذي * أمرت فحتم غير ما متعصب
وأشهد ربي أن قولك حجة * على الناس طرا من مطيع ومذنب
بأن ولي الأمر والقائم الذي * تطلع نفسي نحوه بتطرب
له غيبة لا بد من أن يغيبها * فصلى عليه الله من متغيب
فيمكث حينا ثم يظهر حينه * فيملك من في شرقها والمغرب
بذاك أدين الله سرا وجهرة * ولست وإن عوتبت فيه بمعتب

شاهد أيضاً

الجاهل القاصر والجاهل المقصر

الجاهل القاصر والجاهل المقصر الجاهل القاصر: هو الذي يعتقد جازما أن هذا الفعل الذي يفعله ...