الرئيسية / القرآن الكريم / الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

الامثال في القران الكريم مصدرا للهداية الالهية

32) الأمثال العربية – محمد رضا المظفة
وكان عبد الرحيم بن نباتة وهو الذي كان يضرب به المثل في خطباء العرب في العهد الإسلامي ، يعترف بأنّه إنّما أخذ ما له من ذوق وفكر وأدب عن الإمام ( عليه السلام ) ، ويقول ـ على ما نقله ابن أبي الحديد في مقدّمته لشرح النهج ـ : حفظت من الخطابة كنزاً لا يزيده الإنفاق إلاّ سعة وكثرة ، حفظت مائة فصل من مواعظ علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
وكان الجاحظ ـ وهو الأديب العارف بالكلام وفنونه ، والذي يعد نابغة في الأدب في أوائل القرن الثالث الهجري ، ويعد كتابه ( البيان والتبيين ) أحد أركان الأدب الأربعة ـ يكرّر في كتابه الإعجاب والثناء على كلام الإمام ( عليه السلام ) .
ويبدو من كلامه انتشار كلمات كثيرة عن الإمام ( عليه السلام ) بين الناس على عهده .
ينقل الجاحظ في الجزء الأوّل من ( البيان والتبيين ) آراء الناس في الثناء على السكوت وذم كثرة الكلام ، فيعلّق عليها يقول : الإسهاب المستقبح هو التكلّف والخطل المتزايد ، ولو كان هذا كما يقولون لكان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس أكثر الناس فيما ذكروا .
وفي نفس الجزء الأوّل ينقل هذه الكلمة المعروفة عن الإمام ( عليه السلام ) : ( قيمة كل امرئ ما يحسنه ) ، ثمّ يثني على هذه الجملة ما يبلغ نصف صفحة الكتاب ويقول : فلو لم نقف من كتابنا هذا إلاّ على هذه الكلمة لوجدناها كافية شافية ، ومجزية مغنية ، بل لوجدناها فاضلة على الكفاية وغير مقصرة عن الغاية ، وكأنّ الله عزّ وجلّ قد ألبسه من الجلالة وغشاه من نور الحكمة على حسب نية صاحبه وتقوى قائله .
وللسيّد الشريف الرضي ( رحمه الله ) جملة معروفة في وصف كلام الإمام ( عليه السلام ) والثناء عليه يقول : كان أمير المؤمنين ( عليه السلام ) مَشْرَعَ الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ، ومنه ظهر مكنونها ، وعنه أخذت قوانينها ، وعلى أمثلته حذا كل قائل خطيب ، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ ، ومع ذلك فقد سبق وقصروا وقد تقدّم وتأخّروا ، لأنّ كلامه ( عليه السلام ) الذي عليه مسحة من العلم الإلهي وفيه عبقة من الكلام النبوي .
وكان ابن أبي الحديد من علماء المعتزلة في القرن السابع الهجري ، أديباً ماهراً وشاعراً بليغاً ، وهو كما نعلم مغرم بكلام الإمام ( عليه السلام ) مكرّراً إعجابه به في كتابه ومقدّمته :
وأمّا الفصاحة : فهو ( عليه السلام ) إمام الفصحاء وسيّد البلغاء ، وفي كلامه قيل : دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق ، ومنه تعلّم الناس الخطابة والكتابة … وحسبك أنّه لم يدوّن لأحد من فصحاء الصحابة العشر ولا نصف العشر ممّا دوّن له ، وكفاك في هذا الباب ما يقوله أبو عثمان الجاحظ في كتاب ( البيان والتبيين ) وفي غيره من كتبه .
وفي الجزء السادس عشر من شرحه عند شرحه رسالة الإمام ( عليه السلام ) إلى ابن عباس بعد مقتل محمّد بن أبي بكر ، واغتصاب مصر بيد أصحاب معاوية ، إذ يكتب إليه إلى البصرة يخبره بالخبر ، يقول : انظر إلى الفصاحة كيف تعطي هذا الرجل قيادها وتملكه زمامها ، وعجب لهذه الألفاظ المنصوبة يتلو بعضها بعضاً كيف تؤاتيه وتطاوعه سلسة سهلة ، تتدفّق من غير تعسّف ولا تكلّف …
فسبحان الله من منح هذا الرجل هذه المزايا النفيسة والخصائص الشريفة ! أن يكون غلام من أبناء عرب مكّة ينشأ بين أهله لم يخالط الحكماء ، وخرج أعرف بالحكمة ودقائق العلوم الإلهية من أفلاطون وأرسطو ، ولم يعاشر أرباب الحكم الخلقية والآداب النفسانية ـ لأنّ قريشاً لم يكن أحد منهم مشهوراً بمثل ذلك ـ وخرج أعرف بهذا الباب من سقراط ، ولم يُرب بين الشجعان ـ لأنّ أهل مكّة كانوا ذوي تجارة ولم يكونوا ذوي حرب ـ وخرج أشجع من كل بشر مشى على الأرض.
قيل لخلف الأحمر : أيّما أشجع : عنبسة وبسطام أم علي بن أبي طالب ؟ فقال : إنّما يذكر عنبسة وبسطام مع البشر والناس ، لا مع من يرتفع عن هذه الطبقة ! فقيل له : فعلى كل حال ؟ قال : والله لو صاح في وجهيهما لماتا قبل أن يحمل عليهما .
وخرج أفصح من سحبان وقُس ، ولم تكن قريش بأفصح العرب ، كان غيرها أفصح منها ، قالوا : أفصح العرب جُرهُمْ وإن لم تكن لهم نباهة .
وخرج أزهد الناس في الدنيا وأعفّهم ، مع أنّ قريشاً ذوو حرص ومحبّة للدنيا ، ولا غرو فيمن كان محمّد ( صلّى الله عليه وآله ) مربيه ومخرجه ، والعناية الإلهية تمدّه وترفده أن يكون منه ما كان .

شاهد أيضاً

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر العربيّ

[ يا أَيُّها الصَّدْرُ الشَّهِيدُ الْبَطَلُ ] – قصيدةٌ من ديوان السّباعيّ الذّهبيّ في الشّعر ...