الرئيسية / من / طرائف الحكم / مأساة الزهراء عليها السلام

مأساة الزهراء عليها السلام

وكانت دهشتنا أعظم، ونحن نرى مدى الاهتمام بنشرها وتوزيعها على أنها جهد علمي يكفي لتبرير مقولات البعض، وإسقاط اعتراضات الآخرين. ولا ندري كيف استساغوا بذل هذا الوقت والجهد و… المال!؟ لنشرها، أو الترويج لها عبر وسائل إعلامهم المختلفة.
ولأجل ذلك وغيره – فإننا من ناحيتنا – آثرنا إهمالها، ولم نر ضرورة لصرف الوقت والجهد، لبيان وهنها وسقوطها، وقصورها.
فإن ما حوته هذه الردود من أضاليل، وتلفيقات، وافتراءات، وسوء أدب، وجهل ذريع، ثم ما انفردت به من مجموعة انتقائية من التعابير الجارحة، إن ذلك كله لا يكاد يخفى على منصف ذي قلب قد ألقى السمع وهو شهيد.
وبإهمالنا لها نكون قد فوتنا الفرصة على ذلك البعض الذي كان يراهن على إشغالنا بأمور جانبية – وصرف وقتنا في ” قلت، وقلنا، وأقصد، ولم يفهموا قصدي ” ليبقى ذلك البعض معتصما في برجه العاجي مصورا للناس: أنه مترفع عن هذه الأمور، وأن مشكلتنا ليست معه فقط، وإنما مع كثيرين من الناس، الذين بادروا للانتصار لتلك المقولات مع أنه هو الذي لم يزل يذكي نارها ويؤجج أوارها، في الخفاء تارة، وفي العلن أخرى، تصريحا مرة وتلويحا أخرى، وهو الذي يبذل الأموال الخطيرة

في طباعتها، وتوزيعها – وربما – المكافأة عليها، بعد اطلاعه عليها، وتصويبه لما فيها!!
ومن جهتنا فإن ذلك كله ليس فقط لم يستطع – ولن يستطيع – أن يحقق لهم أهدافهم، بل هو قد زادنا يقينا بأمور ثلاثة:
الأول:
إن كتابنا: ” مأساة الزهراء (ع) شبهات وردود ” هو رد حاسم وقوي على ما طرحه البعض ولا يزال يطرحه… وأنه لا يملك أي رد علمي وموضوعي عليه، ولأجل ذلك، فإننا لم نجد ضرورة لإعادة النظر في أي من مطالب الكتاب.
الثاني:
إننا أصبحنا أكثر اقتناعا بلزوم التصدي لما يطرحه البعض من أمور، حيث تأكد لدينا: أن ثمة إصرارا أكيدا على نشر تلك الأقاويل وترسيخها في العقول والنفوس، الأمر الذي يشكل خطرا أكيدا على كثير من قضايا الدين والعقيدة والإيمان.
الثالث:
إننا قد تأكد لدينا: أنه قد كان من المفروض: أن تطرح أما أعين الناس كل أو جل تلك المقولات لا أن نكتفي بإثارات يسيرة توخينا من خلالها أن يعرف الطرف الآخر: أننا لن نسكت ولن نجامل أحدا حين نجد أنفسنا أمام التكليف الشرعي بالتصدي لأي إخلال بقضايا الإسلام والإيمان.

مراجع الأمة وأعلام المذهب يتصدون:
هذا وإن مراجع الدين وعلماء الأمة الأبرار، لم يسكتوا عن هذا الأمر، وإن اختلفت حالات التصدي، وجهاته وكيفياته، وقد صدرت فتاوى عن عدد من مراجع التقليد، رفضت بعض تلك المقولات حتى اضطر صاحبها إلى بذل محاولاة – لم تكن ناجحة – للتنصل منها تارة وللإجابة والرد عليها تارة أخرى، هذا عدا عن إلماح بعض المراجع في النجف الأشرف إلى ثبات عقائد المذهب أما محاولات التشكيك، التي تتعرض لها (1).
يضاف إلى ذلك، مؤلفات صدرت، وكتابات نشرت تنتقد وتفند، وخطب ومحاضرات ترفض وتندد.. لم تزل تتوالى من قبل كثير من أهل العلم والفكر، من حماة المذهب ورموزه وأعلامه.
وقد لقي كتابنا ” مأساة الزهراء (ع): شبهات وردود ” – كما أسلفنا – ترحيبا واسعا، وكانت له الحظوة لدى المراجع العظام، ولم تزل تصلنا منهم – كتابة ومشافهة – رسائل الثناء والتأييد، والدعاء لنا بالتوفيق والتسديد.

(١) وذلك في بيان صدر عن مكتبة في (قم) لتكذيب ما أعلن في صلاة الجمعة ونشر في بيان، وأذيع عبر إذاعة تابعة للبعض حول تزوير ختمه وإبطال العمل به.
هذا عدا ما وصلنا من رسائل من شخصيات علمية كبيرة تعبر عن اغتباطها بهذا الكتاب، وعن سرورها وإعجابها به ربما نوفق لنشرها في المستقبل.
وحتى لو كنا في محيط لم يجد فيه الآخرون فرصة للتحرك وللتصدي، فإن ذلك يضاعف إحساسنا بالمسؤولية، ويحتم علينا أن نقف ولو بمفردنا للذب عن حقائق المذهب، وقضايا الإيمان والإسلام، ونجد أنفسنا مطالبين أكثر من أي وقت آخر بإنجاز هذا الواجب الشرعي العيني الجازم في نصرة ديننا الحنيف.
يدنا ممدودة للحوار:
وبعد.. فإن كتاب مأساة الزهراء قد جاء بعد أن انتظرنا عدة أشهر، دعونا فيها ذلك البعض للحوار المكتوب، وفي أكثر من رسالة ومع أكثر من رسول، لكنه لم يزل يرفض ويأبى، ونحن لم تزل يدنا ممدودة تطلب ذلك وتصر عليه كحوار علمي وموضوعي، لأنه الوسيلة الأمثل لإحقاق الحق، وتجنيب الساحة المزيد من الإرباك بالطروحات المثيرة للقلق على مفاهيم الناس، وقضاياهم الإيمانية، شرط أن يكون حوارا جديا وموضوعيا، يلتزم الطرفان بشروطه وبنتائجه وآثاره، حين يدار بطريقة واعية تلزم الطرفين ببيان مقاصدهما بدقة، وعدم التنكر لمعاني كلامهما، وفقا لما يفهمه الناس ويتداولونه، ويحتج به بعضهم على بعض.
اعتراضات، ومؤاخذات:
وبعد.. فقد أبلغنا ببعض الاعتراضات ووجهات النظر المختلقة حول كتابنا ” مأساة الزهراء ” وقد رأينا أن نشير إليها أيضا في هذا التقديم، مع إلماحة سريعة إلى موقفنا منها.
لماذا التصدي؟!
قد يتساءل البعض: لماذا لا نسكت كما يسكت الآخرون، فإن ذلك يوفر علينا الكثير من المتاعب والمصاعب، لا سيما وأن ثمة قدرات مادية! وإعلامية! وأمنية!! ورصيدا شعبيا لدى البعض، يمكنه من إلحاق الأذى بجميع أنواعه بمن يقف في وجهه… ويستشهدون لذلك بما جرى على العلامة السيد ياسين الموسوي حفظه الله وغيره من الناس.
ونقول:
1 – إذا كان ثمة تكليف شرعي يوجب التصدي فلا بد من رد السؤال إليهم لنقول لهم: لماذا يسكت الآخرون؟ ولماذا لا يتكلمون كما نتكلم ولا يتصدون كما نتصدى؟! لا سيما وأن الأمور التي هي محل النقاش ليست إلا مفردات دينية محضة، لا علاقة لها بسياسة أو منصب وغير ذلك. كما أن المراجع قد قالوا كلمتهم الداعية إلى عدم السكوت في هذا المجال.
2 – إن التكليف الشرعي – حيث يراد الإلزام بالحجة – هو الحكم وهو الفيصل وليس الخوف من القدرات المادية أو من التعرض للأذى. أو غير ذلك، وقد قال تعالى: * (الذين قال لهم الناس: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم إيمانا، وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل * (1).
3 – لو كان هذا المنطق هو الحاكم ويسمح للناس بالانسحاب من الساحة والاسترخاء، فقد كان المفروض بالأنبياء والأوصياء والمصلحين أن ينسحبوا من ساحات التصدي والمواجهة، لئلا يتعرضوا للأذى، ولأن الآخرين كانوا على مدى التاريخ أكثر استجماعا للقدرات المادية، من إعلامية وغيرها، وأكثر جمعا للناس من حولهم.
تقديس التراث:
ثمة من يتهمنا بتقديس التراث، غثه وسمينه، على قاعدة:
* (إنا وجدنا آباءنا على أمة، وإنا على آثارهم مقتدون – أو مهتدون) * (2).
فمثلا: لماذا تقديس كتاب سليم بن قيس؟!
أليس لأنه وثيقة تراثية؟!
(1) سورة آل عمران: آية 173.
(2) سورة الزخرف: آية: 22 – 23.

شاهد أيضاً

من ديوان السيد حيدر الحلي – السيد حيدر الحلي – ج ١

ولقد حاز على قصب السبق من جراء ذلك في هذا الميدان الطويل الذي جرى فيه ...