الرئيسية / القرآن الكريم / البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

البسملـة – روح الله الموسوي الخميني قدس سره

14 مثلما هو مفتقر إليه في أصل التحقق

ولأن الموجودات لا حيثية من أنفسها ولكونها فانية في المبدأ لذا فإنها وفي نفس الوقت الذي تكون ظهور أسماء الله فهي أنفسها أسماء الله إنها أسماء الله الفعلية.

فناء الظاهر في مبدأ الظهور

ففي نفس الحال الذي يكون فيه نور السموات والأرض ظهور نور الله {الله نور السموات والأرض} يكون أيضاً ظهوره لا أن يكون هو نفسه، لكن العلاقة بين الظاهر ومبدأ الظهور هي أن هذا الظاهر فانٍ في مبرأ الظهور، فهذا الموجود فانٍ في مبدأ بحيث لا يكون له أي شكل من الإستقلال فهذا هو وهذا الظهور هو الفاني فيه ولهذا قال- عز وجل- {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}.

احتمالات “الحمد”

وعلى القول بأن الألف واللام في “الحمد” هي إستغراقية وأن “بسم الله” متعلق بها، فإن كل حمد من أي حامد إنما يتحقق باسم الله، والحامد هو اسمه، وعلى أحد الاعتبارات فالحامد والمحمود واحد ظهور ومظهر: ” أنت كما أثنيت على نفسك أعوذ بك منك”(في مناجاة الشاكرين والراغبين من المناجاة الخمسة عشر للإمام السجاد توضيحات دقيقة لهذا المعنى) فلأن الحامد يكون فانياً في المحمود من هنا يكون وكأنه هو الذي يثني فما من حيثية للغير لكي نقول إنني عليه فهو الذي يثني من باب – الفناء-
وهناك احتمال آخر هو أن لا تكون الألف واللام في “الحمد” للاستغراق، أي أن يكون تكثير فردي للأفراد. إن نفس الطبيعة مجردة عن جميع الخصوصيات هي “الحمد” ليس له تعين بأي نحو كان، وهناك يكون معنى “بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله” الحمد بدون تعيين الحمد المطلق.

وبناء على هذا الاحتمال تصبح محامدنا عكس الاحتمال الأول فلا تكون واقعة له (توضح هذا المعني بدقة مناجاة الذاكرين من المناجاة الخمسة عشر للإمام علي ابن الحسين السجاد عليهما السلام ) فالحمد الذي يقع له هو الذي يفعله بنفسه فالحمد الصادر عن غير حمد محدود متعين وهو – تعالى- غير محدود وحمد المحدود لغير المحدود لا يصبح حمداً، ويكون عكسه ما تقدم قوله من أن الحمد لا يكون إلاّ لله فأنتم تتصورون أنهم يمدحون الخط الحسن لكنهم يمدحون الله لا الخط، تتصورون أنكم تمدحون النور أو تمدحون العالم ولكنه مدح “الله” لا العالم هكذا تقدم القول من أنّ جميع المحامد لله، فكل ما هو حمد من أي حامد صدر يرجع إلى الله لأنه ما من كمال ولا من جمال في العالم سوى كماله وجماله، أما الموجودات فليست بشيء فلو نُزع عنها هذا التجلي لما بقي منها شيء فهي موجودة به.

 


– فيما تقدم – قيل أن جميع الموجودات هي تجليات الله ونوره {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ..} ولو نزع هذا التجلي ما بقي موجود ولكونه تجلي وكون أنّ المدح هو للكمال فلا يقع مدح لغيره – تعالى – إذ لا كمال غير كماله، كماله ظهور كمال ذاته وكماله في مقام الظهور – كمالٌ في مقام الذات، كمالٌ في مقام الصفات. كمالٌ في مقام الظهور،جميع كمالات العالم هي كماله، وفي مقام الظهور كلُّ من يمدح إنما يمدحُ كمالاً، وعليه فكل مدح يقع، يقع له، هكذا هو الأمر وفق الاحتمال الأول.

 

أما في هذا الاحتمال الثاني – وهو احتمال طبعا – فيكون الحمد حمداً مطلقاً لا حمد كل حمد، الحمد المطلق يعني حمداً دون غير ودون قيد، حمداً ليس فيه أي قيد، والحمد الذي يصدر عنا جميعه حمد متعين ولمتعين، إذ لا سبيل لنا إلى الموجود المطلق لكي نحمده، لا ندركه حتى نحمده، أنتم حتى عندما تقولون “الحمد لله” فلا يحصل إدراك تلك “الحقيقة” لكي يكون الحمد له، لذا فكل حمد يقع لا يكون له لمظاهر على العكس مما ورد في الاحتمال الأول حيث كل حمد يقع لا يكون لغيره في حين أن الأمر في الاحتمال الثاني هو أن كل حمد يقع لا يكون له سوى حمده نفسه أي أن يحمد نفسه بنفسه.

 

وعلى هذا فلا يمكن أن يكون “الاسم” في “بسم الله.. الحمد لله ” على نفس المعنى الأول أي أنك أنت اسم وهو اسم والآخر اسم أيضا، هذا اسم الله وظهور المطلق بلا قيد، وعلامة المطلق أن يكون بلا قيد، ظهورٌ من الغيب واسم الغيب، وبذاك الاسم يكون وقوع الحمد أي يحمد بنفسه تلقائيا، الظهور يحمد المظهر، وهذا أيضا قول على نحو الاحتمال، وبالطبع يكون المتعلق باسم الله هنا متعلقا بالحمد فحينا كل مصداق من الحمد وحينا صرف وجود الحمد الذي ليس له أي قيد.

 

مرة تكون جميع المحامد الواقعة لله لا لغيره ومرة أخرى لا يقع أي حمد لله – بمعني الحمد المطلق – أي يكون حمدا محدودا لا حمدا مطلقاً، وعندما يكون معنى “الحمد لله ” ذلك الحمد المطلق غير المقيد بأي قيد، ويقع له بالاسم المناسب له وهذا أيضا احتمال آخر.

كما ذكروا احتمال أن لا تكون البسملة متعلقة بنفس السورة، وقال البعض أنها متعلقة بظهور الوجود فيكون معنى البسملة أن كل شيء يوجد إنما يكون وجوده باسم الله يعني الاسم مبدأ ظهور جميع الموجودات، وهذا الاسم عبارة عن المشيئة التي ورد ذكرها في الحديث الشريف – ” إن خلق المشيئة بنفسها وخلق الأشياء بالمشيئة”(يرويه الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد بسند متصل عن الإمام الصادق عليه السلام (الباب 11 ص 147 – 148 الحديث 19) وقريب منه ما في الباب 55 ص 339 الحديث الثامن بسند متصل عن الصادق عليه السلام أيضا )

شاهد أيضاً

ليلة القدر .. بين اصلاح الماضي و رسم المستقبل

أشار العالم الديني و استاذ الاخلاق الزاهد الفقيد الراحل سماحة آية الله مجتبي طهراني ، ...