الرئيسية / القرآن الكريم / أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

أسوار الأمان في صيانة المجتمع من الإنحراف على ضوء سورة الحجرات

39)

ماذا يعني التبيُّن؟

يبدو أنّه يشمل كلّ أسلوب يؤدّي إلى حالة الوضوح عند الإنسان، ولأنّ الله تعالى قد خاطب عامّة المؤمنين بهذه الكلمة، فإنّ مفهوم التبيُّن يكون عرفياً أيضاً، بمعنى أنّ كلّ ما تطمئنّ إليه نفس الإنسان العادي حتى لا يبقى فيه شك معقول أو ارتياب يعتني به العقلاء – كاف وحجّة عند الله في الموضوعات. فسواء أكانت البينة (شهادة عدلين) أو الشياع المفيد للطمأنينة، أو شهادة الخبراء من خلال مجموعة متراكمة من الشواهد والآثار أو خبر العاقل العادل فإنّه من التبيُّن عند العقلاء.. على أنّ العقلاء لا يعتمدون على بعض هذه الأدلة إذا كانت الظروف المحيطة باعثة للشك الحقيقي، مثلاً: الشياع الذي يُعتقد أنّ منشأه شائعة مغرضة لا يورث طمأنينة في النفس فهو إذاً ليس بحجّة. كما أنّ خبر العادل فيما لا يخفى عند غيره يرتاب فيه العقلاء إذا انفرد به، كما لو أُنبأنا بأنّ الإذاعة الفلانية نشرت هذا الخبر، علماً بأنّها

 

 

لو نشرته لسمع أكثر الناس وتناقلوه.. أو أُخبر برؤية الهلال في ليلة صافية ممّا نعلم أنّه لو رآه هذا العادل لرآه غيره أيضاً، وإذ لم يشهد برؤيته غيره فإنّ العقلاء يشكّون في كلامه. كذلك الحوادث الخطيرة لا يعتمد العقلاء عادة على الخبر الواحد فيها مثل الحروب.. عموماً: حالة التبيُّن تختلف عند العقلاء حسب الموضوعات فلا بدّ من الالتفات إلى ذلك، ولعلّ الحكمة التي سيقت في خاتمة الآية هي محور الحكم فعلينا أن ندور مداره، ونتفكّر كيف نتجنّب الوقوع في الجهالة والندم[1].

 

[1] من هدى القرآن، محمد تقي المدرسي، ج13، ص 377- 397.

شاهد أيضاً

يا فاطمة اشفعي لي في الجنة – بمناسبة وفاة السيدة كريمة أهل البيت

تنبيه قد تقدّم أن الإمام الكاظم (عليه السلام) هو الذي اشترى السيدة تكتم حيث بعث ...