حسن لافي:
الجنرال في جيش الاحتلال الإسرائيلي أيال زامير يرى أن المعركة ضد إيران ومحور المقاومة يجب أن يتكامل فيها البعد التكتيكي في المواجهة، مع البعد الإستراتيجي المبني على سياسة النفس الطويل واستمرار المواجهات.
تنتظر “إسرائيل” زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن بفارغ الصبر، فمع أن الحكومة الإسرائيلية تقودها حكومة انتقالية بقيادة رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لابيد، لا يمكنها أن تأخذ قرارات مصيرية بحسب الأعراف السياسية الإسرائيلية، إلا أن هذه الزيارة تكمن أهميتها في أن المستوى العسكري في “إسرائيل” يعدها مصيرية في إعادة ترتيب العلاقة بين الدولة الموقتة “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية من جهة، و”إسرائيل” ودول التطبيع العربي وأميركا من جهة أخرى، كل ذلك في سبيل صياغة إستراتيجية مشتركة شاملة في مواجهة تهديدات إيران سواء على مستوى مشروعها النووي، أو على مستوى قوتها العسكرية المتمثلة في محور المقاومة في المنطقة وزيادة قدراته العسكرية التقليدية المهددة لدولة الاحتلال.
وفي هذا السياق نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بحثاً، وأعاد نشره مركز السياسات والإستراتيجية “هرتسيليا” الإسرائيلي، بعنوان: “المعركة الإقليمية ضد إيران للسيطرة على الشرق الأوسط”، ولا تكمن أهمية البحث في حجم مركزي البحث وتأثيرهما في صناعة قرارات الأمن القومي لكلا البلدين وحسب، بل يكفي أن نعلم أن كاتب البحث هو “أيال زامير” الجنرال في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأحد المرشحين الثلاثة لرئاسة أركان الجيش الإسرائيلي حالياً، والسكرتير العسكري لرئيس مجلس الوزراء الأسبق بنيامين نتنياهو، ونعتقد تالياً أن هذا البحث عبارة عن خريطة طريق مستقبلية سيدور حولها النقاش بين بايدن و”إسرائيل” وسائر دول التطبيع في إطار حلف الناتو الصهيو-عربي الجديد في المنطقة.
يهدف البحث الذي أجراه أيال زامير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، إلى صياغة عقيدة قتالية شاملة للمعركة النشطة والفاعلة والمستمرة التي ستشترك فيها “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية ودول التطبيع العربي، في مواجهة الجمهورية الإسلامية في إيران، ومحور المقاومة في المنطقة، حيث رأى زامير أن المعركة مع إيران ليست معركة “إسرائيل” وحدها، ولكن هي معركة كل دول المنطقة التي تشعر بالتهديد من النفوذ الإيراني، وبالنتيجة يجب أن تكون المعركة ضد إيران معركة كل الإقليم، تتبني إستراتيجية جديدة بامكانها تغيير طريقة التفكير الحالية، وتبني مباديء وطرق عمل مختلفة، تؤدي إلى تطوير عقيدة قتالية إقليمية ضد إيران.
ولا بد من الإشارة إلى أن زامير رأى أن المعركة ضد إيران ومحور المقاومة يجب أن يتكامل فيها البعد التكتيكي في المواجهة من خلال فعل مرن وسريع ومبادر، وقدرة على امتصاص الهجمات، مع البعد الإستراتيجي المبني على سياسة النفس الطويل واستمرار المواجهة الدائم مع إيران ومحور المقاومة.
وضع زامير قوات حرس الثورة الإيراني هدفاً مركزياً للمعركة الإقليمية، فرأى أن القوة المركزية التي يجب التركيز عليها في المعركة المستمرة والطويلة ضد إيران، هي قوات حرس الثورة الإيراني، التي تعد الثقل الأساسي في توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، وتقليص قوة هذا الحرس يؤدي تالياً إلى تراجع هذا النفوذ في المنطقة.
طرح زامير أن المعركة مع إيران تقوم بين محورين، لذلك على الحلف الصهيو-أميركي-تطبيعي، أن يركز جميع الجهد الإقليمي بتعاون جميع الأطراف، وعلى الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها إظهار قوتها وقدرتها على تصدير رسالة ردع جادّة تجاه إيران.
اقترح زامير سبعة محاور يجب أن ترتكز إليها جهود المعركة الإقليمية ضد ايران هي:
– تبني أسلوب المعركة الشاملة ونظرية الصراع الطويل والمستمر، والعمل كتحالف ائتلافي ضد ايران.
– مهاجمة قوات حرس الثورة الإيراني على جميع المستويات العسكرية والأمنية والاقتصادية، لكونه يمثل العمود الفقري للمشروع الإيراني في المنطقة.
– تبني أسلوب العقاب الرادع المباشر والمرن كرد فعل على أي فعل إيراني تجاه دول التحالف الصهيو أميركي تطبيعي.
– التفرقة الإستراتيجية بين مكونات محور المقاومة تحت شعار(فرق تسد) من خلال اللعب على بعض التناقض في مصالح تلك المكونات.
– استخدام الضغط الشامل على النظام في إيران من أجل إضعافه، بحيث تكون تلك الضغوط في معزل عن أي اتفاق يجرى توقيعه بخصوص المشروع النووي الإيراني.
– توسيع إستراتيجية (المعركة بين الحربين) إلى النطاق الإقليمي، من خلال إسقاط التجربة الإسرائيلية على جميع بلدان الإقليم من أجل إضعاف قوة إيران من دون الوصول إلى مستوى الحرب المفتوحة.
– شن حرب أيديولوجية ثقافية في المنطقة، حيث يكون جزء مركزي في المعركة الإقليمية ضد إيران هو على احتلال قلوب الطوائف، والقبائل، والسكان، وخصوصاً الطائفة الشيعية.
حذر زامير من أن تركيز اهتمام المجتمع الدولي على المشروع النووي الإيراني يضر بالجهود الحثيثة للمعركة الإقليمية ضد إيران وقوتها العسكرية التقليدية، فرأى أن النظام الإيراني يستخدم المفاوضات مع الدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأميركية كفخ لحرف انتباه المجتمع الدولي عن طموحاته إلى السيطرة وبسط النفوذ على الإقليم، ومع أن زامير لم يعترض على مبدأ توقيع اتفاقة نووية مع إيران، إلا أنه وضع ضوابط عدة لأي اتفاق نووي مع إيران من قبل الولايات المتحدة الأميركية أهمها اثنان:
الأول: ألا يمنح الاتفاق إيران حرية المناورة في توسيع نفوذها العسكري المتمثّل في محور المقاومة في المنطقة.
والآخر، على أي اتفاق ألا يحرم “إسرائيل” حرية العمل ضد إيران على المستوى العسكري والنووي، في كل ما تراه خطراً على أمنها القومي، من عمليات اغتيال، وتخريب، وسايبر، وغيرها من الأساليب.