الرئيسية / صوتي ومرئي متنوع / أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 13

أسرار الصلاة – الجليل الشيخ الجوادي الآملي 13

وممّا ينبّه على أنّ النيّة هي روح العمل وأنّها أصل حاكم عليه هو ما قاله مولانا الصادق عليه السّلام : « ما ضعف بدن عمّا قويت عليه النيّة » « 3 » ، لدلالته على أنّ العمل البدنيّ تابع للقصد القلبيّ وجودا وعدما ، وقوّة وضعفا ، بحيث يدور العمل البدنيّ مدار النيّة في جميع ما أشير إليه ، حتّى أنّ البدن الضعيف يقدر على العمل إذا قويت النيّة ، كما أنّ البدن القويّ يضعف عنه إذا ضعفت النّيّة ،

فالإنسان بنيّته لا ببدنه ، وهذا الحديث من غرر الأحاديث المأثورة عن أهل البيت عليهم السّلام ، لتفسيره حدّ الإنسان بأنّه حيوان ناطق ناو ، إذ لولا النيّة الَّتي هي السرّ المستودع لما بلغ الإنسان نصابه اللازم ، فهو بعد غير بالغ .
والشاهد الآخر على أصالة النيّة : أنّها إذا تحقّقت وقويت تكون الصلاة مناجاة مع اللَّه ، ومعراجا للمصلَّي ، وإذا ضعفت وذهل المصلَّي عنها تفقد تلك الصلاة صبغة النجوى ويصير المصلَّي مستحقّا للويل ، كما قال تعالى * ( « فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ . الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ . الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ . وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ » ) * « 1 » .
إنّ المصلَّي الناوي الذي تكون نيّته خالصة لا يكون جزوعا ولا منوعا ، بل هو ممّن في ماله * ( حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) * « 2 » ، والمصلَّي الساهي الذي تكون نيّته مشوبة بالذهول يرائي ويمنع الماعون ، وكم فرق بينهما ، ومدار الفرق إنّما هو النيّة في الأوّل ، والذهول عنها في الثاني ، لا فعل الصلاة ظاهرا لاستوائها في الحالين ، وسيوافيك تفصيله في الصلات القادمة .

فتبيّن في هذه الصلة أمور :
الأوّل : الفرق بين النيّة بمعنى قصد القربة ، وبين قصد العنوان .

الثاني : اهتمام الدين بالنيّة في الكتاب والسنّة .

الثالث : أصالة النيّة وتبعيّة العمل .

الرابع : تثليث النيّة حسب تثليث مواقف القيامة .

الخامس : صحّة عبادة الخائف والشائق كصحّة عبادة الشاكر والمحبّ .

السادس : الفرق بين البحث الكلاميّ والفقهيّ ، وبين البحث العرفانيّ الناظر إلى سرّ الصلاة .

السابع : طريق الجمع بين أفضليّة أحمز الأعمال ، وبين كون النيّة خيرا من العمل .

الثامن : الفصل بين الإيمان والكفر إنّما هو قلَّة العقل أو زواله .

التاسع : أنّ الإخلاص سرّ إلهيّ يودعه اللَّه في قلب محبوبه .

العاشر : ما هو الفرق بين المخلص – بالكسر – والمخلص – بالفتح – ؟

الحادي عشر : الفرق بين ما هو النيّة بالحمل الأوّليّ ، وما هو النيّة بالحمل الشائع .

الثاني عشر : ضعف البدن وقوّته تابع لضعف النيّة وقوّتها .

ثمّ إنّه ورد في أدعية الافتتاح ، وكذا في اشتراط صحّة العبادة بالولاية ، وهكذا التوسّل بالأولياء وتقديمهم أمام العبادة بأن يقال : « اللهمّ إنّي أتوجّه إليك بمحمّد وآل محمّد ، وأقدّمهم بين يدي صلاتي ، وأتقرّب بهم إليك ، فاجعلني بهم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين . » « 1 » مطالب هامّة يوجب التعرّض لها والبحث عنها والرجوع إليها ، والخوض فيها الخروج عن طور هذه الرسالة ، فلعلّ لها موطنا آخر .

شاهد أيضاً

الزهراء الصديقة الكبرى المثل الأعلى للمرأة المعاصرة / سالم الصباغ‎

أتشرف بأن أقدم لكم نص المحاضرة التي تشرفت بإلقائها يوم 13 / 3 في ندوة ...