ما حدث في الأيام الأخيرة لا يمكن فصله عن الأحداث التي أصابت سوريا، فالدروز هم عرب يشكلوا 3% من سوريا، وكانوا طول العقود الماضية مع الدولة(عندما كانت هناك دولة) ومع المقاومة وضد الكيان الصهيوني، وحتى دروز لبنان والاردن هم مع مقاومة الصهاينة.
وتوجد طائفة منهم يعيشوا في دولة فلسطين وعندما احتلها الكيان الصهيوني أصبحوا جزء من دولة الاحتلال بحكم الامر الواقع، وطبعاً يوجد بهم خونة وضد أهل فلسطين وداعمين للاحتلال، كما هو الحال مع عدد من الفلسطينيين السنة الذين يعملوا مع المحتل وغالبيتهم في السلطة وبعضهم جواسيس مع المحتل(نقول هذا لأن بعض القطعان التكفيرية تكفر وتحل دم الدروز بحجة أنهم مع الكيان المحتل بينما الحقيقة هم يكفرون كل مختلف عنهم من علوية وشيعة ودروز ومسيحيين)
لماذا الدروز تحالفوا مع الصهاينة:
أولا غالبية وجهاء الدروز هم مع سوريا كدولة ولا يتشرفوا بالتعاون مع المحتل،ولكن بعد أحداث الساحل والجرائم التي حدثت ضد العلويين بعد تسليم سلاحهم تشكل رأي أن سلاحنا هو من سيحمينا من أي عصابات تنطلق لتنتهك أعراضنا،وسمحوا بوجود الأمن العام وبوجود للحكومة الجديدة بالسويداء ولكن رفضوا تسليم سلاحهم بحجة حماية أنفسهم،
طبعا هذا جعل الكيان الصهيوني يعرض على بعضهم الحماية واخترق بعضهم، وهم ينتظرون ومعهم يقين أن ما حدث في الساحل سيحدث معنا، وحدث خلاف بين البدو أو الطائفة السنية مع أنصار الهجري وحصلت فتنة، وهي فتنة مفتعلة من الكيان وكانت تحتاج لحكمة في التعامل معها، ولكن للأسف تم إرسال قطعان من التكفيريين وصوروا مقاطع وهم يمسكون بالسكاكين ويهددون بذبح الدروز وعندما وصلوا قاموا بحلق شوارب ولحى كبار السن من الدروز وتصوير ذلك في مقاطع وبثها على أنها نصر وانتقام،وطبعا لم يكتفوا بذلك بل ارتكبوا جرائم والحكومة اعترفت بعد ذلك بوجود تجاوزات كما اعترفت سابقا بوجود جرائم ومجازر حدثت بالساحل!
ما حدث من حلق للشوارب واللحى(والتي تعد مع الدرزي رمز للشرف)كان هو الشرارة التي جعلت الدروز يتحدوا جميعا سواء من لبنان أو الاردن أو الكيان المحتل،بل حتى الذين مع الحكومة مؤيدا لها كالدرزي فيصل القاسم انقلب ضدهم،والنائب اللبناني وئام وهو مع المقاومة وضد الصهاينة طالب بالتوحد والمواجهة،والدروز بالكيان قطعوا الطرقات بالكيان المحتل وهددوا بالخروج من الجيش والعمل بالحكومة إذا لم تحمى طائفتهم،بل انطلق بعضهم واخترق الحدود،
هذه فرصة تاريخية جاءت على طبق من ذهب لحكومة النتن وسببها تصرفات قطعان استفزت الطائفة بحلق وتصوير الشوارب واللحى، فتحرك الكيان مستجيبا لمطالبات دروز الداخل وخوفه يخسر تحالفهم معه،وكذلك ليحسن صورته أمام العالم الغربي بأني أنا أحمي الاقليات من المجازر.
طبعا الدروز هجموا واستعادوا المناطق وتحت حماية جوية من الكيان الصهيوني وقبلت الحكومة بهذا وخرجت من مناطقهم وهذا قرار كارثي جدا على مستقبل سوريا ووحدتها،لأن الاكراد سيفعلوا ذات الأمر وهم كذلك عدد كبير منهم على تحالف مع الكيان وسيدخل لحمايتهم.
ماذا كان مطلوب:
كان مطلوب الآتي:
أولا: أنك كحكومة جديدة تبني جيش من السوريين بعيد عن الاجانب وبعيد عن التكفيريين الذين لديهم جهل بالعقيدة فلا يحترموا شيخ ولا أعراض ويستبيحوا دم بقية الطوائف،فلا يوجد جيش بأي دولة يسمح له باستخدام الجنود للهاتف وتصوير جرائمهم،ولا يوجد أي جيش ينتقم من كبار السن ويستفز الناس في شرفهم بحلق الشوارب واللحى وطلب من بعضهم يعوي كالكلب!
ثانيا:مطلوب تدمج الدروز بالحكومة وتدخل أولادهم بالجيش كوظائف،وتجذب الوجهاء وتعينهم بمناصب وتدفع لهم رواتب وتعمل خدمات في مناطقهم وتمنع بل وتجرم أي خطاب تكفيري لأي فصيل سوري وتعلن عن محاكمة ومعاقبة علنية لمن ارتكب جرائم الساحل حتى تطمن كل الطوائف وتسحب البساط من تحت الكيان الصهيوني وتجعل الناس ولائها للوطن دون خوف، وسيبقى ثلة بسيطة توالي العدو وهؤلاء لن يكون لهم أي تأثير دام أنت أغريت وطمنت القاعدة الشعبية والوجهاء.
ثالثا:قبل أن تهاجم وتكون مكشوف وكونك لديك تحالفات مع دول تقول أنها (كبرى)كتركيا وقطر والسعودية والامارات فأول شيء تعمله تشتري منظومات دفاع جوي،لتحمي مقدراتك من طيران المحتل وليس الهرولة للتطبيع معه وخسارة القاعدة الشعبية التي تعادي المحتل،ولو رفضت تركيا، تتحالف مع روسيا التي لديها قواعد وتطلب منها تشغيل أس400 كما كان النظام السابق يحمي بها مقدرات سوريا لعقود،إذ ما كان الصهاينة يجرأوا لضرب أي هدف للجيش السوري وإلا أسقطتهم منظومة أس 400، وفقط روسيا كانت تسمح بضربات للاهداف الايرانية لأنها ليست ضمن اتفاقية الدفاع المشترك.
الخلاصة أن المحتل الصهيوني حقق نصر مجاني في سوريا بالأمس بسبب تصرفات كارثية، وهذا النصر سيشكل نزعة للانفصال وطلب الحماية من البقية.